الأربعاء 26 يونيو 2024

مدارسنا.. سمك لبن تمر هندي

25-7-2017 | 09:57

تحقيق: شيماء أبو النصر

"سمك.. لبن.. تمر هندى" عبارة تصف حال التعليم المصرى الذى تعددت أنظمته سواء حكومى أو خاص، تجريبى عادى أو متميز أو أجنبى وبكل لغات العالم فى آلاف المدارس المتعددة لكن بلا خطة واحدة أو منظومة متكاملة، لتكون النتيجة جيلا فاقد الهوية فى سوق عمل يبحث عن خريجين أكفاء فلا يجد إلا شهادات لا تساوى ما أنفق على أصحابها طوال سنوات الدراسة.

وفى محاولة من "حواء" لرصد تعدد الأنظمة التعليمية المختلفة وأثر ذلك على الأجيال التى ستدير مستقبل مصر توجهنا للمتخصصين فى التربية ومناهج التعليم لنعرف الخلل وطريق العلاج.

فى البداية يقول د. محمود الناقة، أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس: الهدف الرئيسى للتعليم فى أى مجتمع تكوين شخصية ذات هوية محددة، لكن فى مصر الأمر مختلف، فهناك تعدد غير طبيعى فى أنظمة التعليم واختلاف محتواها ونوع ملكيتها وتبعيتها ما بين حكومى وتجريبى وخاص والتعليم الأجنبى والأزهرى، بل إن وزارة التربية والتعليم أعلنت مؤخرا عن بدء الدراسة بالمدارس اليابانية هذا العام، هذا غير الجامعات بأنواعها المصرية والأمريكية والكندية والألمانية وغيرها، وأؤكد أنه لا توجد دولة فى العالم فيها أنظمة تعليمية خاصة بدول أخرى سوى مصر، فكثرة الأنظمة الدولية تخفى وراءها أغراضا مفسدة للعملية التعليمية لتكون النتيجة مواطن مفتقد الهوية حائرا بين أرض ولد ويحيا على ترابها ويعتبر لغتها هى اللغة الثانية فى اهتماماته، وآخر تعلم لغتها ويتمنى أن يسافر إليها.

وطالب د. محمود بمظلة قومية للتعليم بجميع أشكاله, فما يعرف بإدراة التعليم الخاص لا يقتصر دورها فى الحديث عن تحديد المصروفات التى لا تلتزم بها المدارس الخاصة من الأساس بل يتعدى لاتخاذ قرارات حاسمة من شأنها إنعاش العملية التعليمية، لافتا إلى ضرورة إحداث ثورة جذرية فى التعليم بعيدا عن المؤتمرات فاقدة المحتوى والتى ينتهى آثارها بمجرد انعقادها خارجة بتوصيات غير ملزمة لأى جهة .

التعليم للأغنياء فقط

ويؤكد د. على الشخيبى، أستاذ التربية بجامعة عين شمس أن أى نظام تعليمى غير واضح الأهداف يصبح هدما لشخصية المتعلم، ونقل التجارب الناجحة إلى مصر لا يعنى نجاحها، وأضاف: يخضع نظام التعليم فى مصر إلى مجموعة من المستشارين ليسوا بالكفاءة المطلوبة، ومن الضرورى الاستعانة بخبراء التعليم أصحاب الخبرة والأفكار الخلاقة التى تراعى طبيعة المجتمع وتبحث عن وحدته وليس شرذمته، فهناك أكثر من 90 % من مدارس اللغات التى تشرف عليها الدولة مثل النيل واليابانية للأغنياء والقادرين فقط، ويقتصر الالتحاق بها على أبناء المسئولين أو من خلال الوساطة والمحسوبية، وتشهد بذلك مئات الحالات التى تقدمت لها، واجتاز التلاميذ المقابلات الشخصية، والاختبارات التحريرية، فى حين هزمتهم المحسوبيات، بينما المدارس الحكومية لا يوجد تفكير مستمر فى تطويرها، والنتيجة ملايين من التلاميذ والطلاب سنويا لا يجيد معظمهم القراءة والكتابة، وما نتيجة الدبلومات الفنية هذا العام ببعيد، فنسبة النجاح لم تتجاوز 54 %، وهؤلاء جميعهم من أبناء المدارس الحكومية رغم أنها كانت فى السنوات الماضية أفضل من أى مدرسة خاصة، وكان الطالب يتحرج أن يظهر دراسته فى الأخيرة باعتباره من الفاشلين الذين لم يستطيعوا الحصول على درجات عالية، فاضطروا إلى اللجوء إلى التعليم الخاص، فضلا عن ظاهرة الدروس الخصوصية التى تجسد مأساة التعليم المصرى سواء كان حكوميا أو خاصا، فالطلاب هجروا الفصول الدراسية، وذهبوا إلى المراكز التعليمية.

ويضيف د.الشخيبى: يقضى خريجو المدارس الحكومية والأزهرية نحو 16 عاما فى مراحل التعليم المختلفة، وعندما يذهبون لسوق العمل يجدون أن غالبية الوظائف الجيدة تضع شرط إتقان اللغة الإنجليزية ما يشعره بالدونية والغضب والحقد على أقرانه من خريجى مدارس اللغات لأنهم أكثر تأهلا منه، وفى الوقت نفسه لا ذنب له حيث واصل رحلة التعليم من البداية حتى النهاية، وكثير منهم يكونون على درجة من التفوق والنجاح المتواصل لذا لابد من البحث عن حلول منطقية وعملية لهذه الإشكالية .

    الاكثر قراءة