السبت 20 ابريل 2024

سمير وميكي

مقالات2-8-2022 | 22:58

دبرت قروشى الثلاث لمجلة (سمير) بغلافها ورسومات قصصها المبهجة من ثلاث سندوتشات جبنة بيضاء أعشقها فى الفسحة بعد الحصة الرابعة مكتفيًا بكوب الشاى وهاكل فى البيت .

أستكين فى طراوة ضحى خريف بداية الدراسة وفترتى مسائية، أضطجع على الكنبة آمنا فى سكون شقتنا وإنشغالها  الصباحى، أغرق فى الصفحا ، أعاند غيظ بائع الجرائد الصبى الأسمر الحافى بجلبابه الصعيدى الباهت على اللحم والتقاطه  عظم شغفى الأسبوعى بمجلتي الأطفال (الأخرى ميكى).

يستمتع بحسرة فشل جمع قروشي لكثير الأعداد

- كان فيها حكايات جميلة ومعها هدية لعبة ذكاء ورقية

عرفت بعد كثير بأميته وعجز ظروفه عن ذكاء تعليمه، يلقنه متعهد الجرائد مانشيت خبر جريدة يومية، يسرسع مهرولا فى الشوارع والحوارى المبكرة يلقط رزقه وتشفى بريق نصر اقتناصه قروشى، ينتقم من مقدرتى على قراءة ما يعجز إلا عن بيعه.

••

قبيل متعة الشفطة الأخيرة لكوب الشاى المضبوط، اُنتزعت بغتة بعنف من يدى وعينى

••

دون التفات أسمع أنين تمزيقها كسابقتها تتكور بغل تطير أعلى  سور الشرفة منفرطة فى الهواء يتفرق  دمها على تراب   الشارع يدهسها البشر والدواب والعربات.

- برضه بتقرأ المجلة •• عاوز تسقط فى المدرسة؟

مستميتة لحصارى معصوب العين فى ساقية الكتب المدرسية  أواصل نجاحى المتسلل لمفاجأتى حتى السادسة الابتدائية وأمتحان القبول الإعدادى، والتى عايشها سابقى أبناء أهلنا  طويلا وتركت بعضهم فيها .

••

وفزعى فى الصف الرابع بجراءة قراءة كتب خامسة وسادسة وغواية امتحانهما معا.. أسبق عمرى  بعام.

 ••

لولا تفاجأ غيرة المقترح المنفذ من الطفل الطامح للسحاب يجب ما حققه من كسيح إنجازه .

••

انقهرت بجهالة صبايا.. ليس بعجز مقاومتى.. ولا الرسومات الملونة ولا الهدية التى تفنن فى تركيبها.. ولا عرقلة حلم جمعها مجلدات كأدباء سهرات الراديو  وأمانى خيال مكتباتهم.

ما قهرنى.. استحالة إكمال خواتيم القصة التى زاحمت أبطالها على مهلى لأصل نهايتها .

••

آلمنى تعثر حفيدتى بمدرستها الأجنبية 

تواصلنا الكتابى فى وسائل الاتصال عبر الحدود، استثمر جينات شغفها بالحكايات أهديها (مجلد ميكى بالعربى) يجاور مجلدات غربية بشاير مكتبتها الخاصة ونعومة سحبها لضبط حروف الإملاء لتفهم وتستمتع.

••

محت لمعة بريق بهجة عينيها كل عذابات تمزيق أعدادى القديمة، نقرأ معًا عديدها فى المجلد الجديد

••

2

صفاء

جفلت بألم وفزع صبايا.. هبطت كفها الصغير  بثقلها على برعم غصنى.. تلاصقنى جلوس الأرض حول تورتة عيد ميلاد توازن ارتكاز يسراها ترفع جسدها ترتد بظهرها للخلف تركن ببراءة على الحائط .

تفضحها غشومية لمعة غضب "ننى عينيها" لملامة كذب المتحلقين المتابعين بفضول تشفى طفولى.

•••

لملمت ساقى غارقا فى خجل حساسية منطقة بواكير استكشافى والعيون النهمة.. وتجنب إحراجها وجراءة مواجهتها الكبار  

- إيدى راحت غلط .. ما أقصدش!

•••

هادىء سرحان

لا يشاركنا الذهاب والعودة من المدرسة .. ولا لعب الفسحة ولا مقاسمة سندوتشات الجبنة والحلاوة .. يتوهمون طمسه وبهتانه وبه لا يعبأون

وهو الهارب ذعرًا من شجاراتهم  

- مش راجل!

••

إلا عند مسائل الرياضيات الصعبة.. أسرعنا حلًا بهدوء يطغى علينا حضوره.. يبرق وجهه تلمع عيناه ببريق نصر وتعالى تمايز أحلام تفرد مستقبله بحرصه.

اشمعنى؟

بيفهم ازاى ؟

بيذاكر إزاى ؟

•••

لا يعاكسنى.. ويهتم بزائرتنا الأسبوعية من مدرسة راهبات  تشاركنا حصة أسبوعية لمسائل لا تفهم حلها.. بليدة.. تأتيها قريبتها المسئولة بالمدرسة، تتدلل بيننا، وتتيه بزى مدرستها المميز عن مرايلنا المدرسية الموحدة (تيل نادية) تناغش المشاغبين بشقاوة روحها .

يتوتر يوم ظهورها، تدور عينيه وراء حركتها يقاوم خجل إحجام تواصلها، يركن إلى رسائل شطارته قد تدفعها لكلامه فيحادثها معززًا

يسعى لتفرد كل اختيارته، يعافها إذا تكررت عند أحد .

لا يتركه أشرارنا هو أحسن مننا فى إيه؟ والزن على أذنها تجهضوا انبهارها

وهو لا يدرى قلقا إلا إقبالها حينًا وإحجامها أحيانا، ونسخر، نتراشق همزات شياطين لا يدريها. 

تمنيت أن يقف معى يكلمنى.. نتزامل فى المرواح متلازمين نصف المسافة.. يكشف أسراره.. مذاكرته.. حل المسائل المعقدة.. من أن ياتى بمعلوماته وطرائف الإذاعة المدرسية يتلوها بثقة وخفة دم.. يخبو بريقه بعدها يدخر طاقاته لحلم قادم يراه ويثق به.

•••

أحرض عليه مدرس النشاط يطالبه بكتب مكتبة الفصل وقد تسلمها أول العام لنستعيرها منه فشحن حقيبته الجلدية بها عائدًا لبيته جزلا لم يجد حرجا من وضعها على كتفه كعمال التراحيل وجاء فى اليوم التالى دونها.. هدده بتحمل ثمن كل كتاب غائب من مصروفه الزهيد يحرمه من سندوتش وكوب شاى كنتين الفسحة حتى نهاية العام.

ووجد كل الكتب فى صندوق المكتبة الخشبية التى تسلم مفتاحها فقد أعادها فرادى فور قراءتهم، ولم يطلب أحد الاستعارة رغم توضيحه وتكراره وتمنى أن يبدلهم بالجديد.

وأضاف منشرحاً بحرصه على توفير مصروفه لشراء مجلتى سمير وميكى وجريدة أخبار اليوم كل سبت ليأخذ منها فقرات وأخبار الإذاعة المدرسية

 ويتنبه فخرًا لوعد المدرس أن يأتيه بكتب له وحده.

•••

أتشفى قلقه بخروج المتفوقين فى الرسم يكملوا لوحاتهم الطبيعية فى فضاء سطوح الدور الأخير، يخرج أقصى ما فى موهبته ليلحق بهم ويسبقهم عائدا بلوحة غيوم خريف بيضاء على أرضية سماء زرقاء تشيد بها مدرسة الرسم.

••

اليوم فستان جديد جاءت به خالتى من سفرتها تحفة وصففت شعرى الأصفر الذهبى كشعر أمى المنصورية، ليكون (قصة شادية) فى فيلم السينما دون عتمة زى المدرسة.. كادت تطير بى وبالوانى المبهجة

- داخلة يا بنت على سن حرجة، وهتتلفى وتجننى الشبان.. قمر يا قلبى خمسة وخميسة.

•••

ولا حد واخد باله.. الألفة المستغنى لا يرى إلا نورهان (ملكة النور) ودلع تفاخرها من أصلها التركى لجدة أمها.

••

- لماذا لا يصبح رجلًا خشنًا!

••

كيف أتأكد من صدقهم أو كذبهم

أتلصص عليه فى الحمامات.. لم أره يوما يعملها مثلهم عند  أسوار المدرسة.

اقتحم بيته مساء الجمعة يستحم مثلنا وأراه

••

عقل عيال

جلست ملاصقة له من بداية حفلنا  أتفرس ملامحه، عينيه، وقد حضر دون ملابس المدرسة ببدلة بنية قطيفة وقميص أصفر براق جعله أكثر حلاوة، وتهادت نيران شموع الميلاد ولابد وأن أرتد للخلف، وبرقت الفكرة فجأة لا مجال لارتكازى إلا فسحة ساقية.. ويجفل.

ترقبته.. يزيحنى، يخمشنى، يلكمنى، يسبنىً.

•••

صمت ولم يجاوب سماجة أحد الكبار بضحكة ماجنة.. العفريتة دى عاوزه منك إيه؟

 أحمر وجهه ورمقه بكراهية 

••

يضحكون.. كاذبون كاذبات.. أستحلف لهم، أجر شكلهم فى التراويح أبهدلهم وأفضحهم

••

 وأعرض فى الخروج عن لومى عتابى مشاغبتى. غادرنا صامتًا

•••

يستوقفني أحد الكبار منذرًا ناصحًا

- أنت عارفى إنه كان ممكن يموت أو يغمى عليه

رددت بجراءة

كان هيفوق ويبص حواليه يستكشف المكان والناس ويشوف تسريحتى وفستانى؟

••

3

المسألة 35

خشخشة فتح صفحات جديدة ورزع الكراسات وسحب الكتب وصرير الأقلام يعقبه صمت وهمهمةً أمتعاض (المسألة دى مش ماشية.. الأرقام مش مضبوطة.. دى غير المعادلة اللى درسناها؟ دا درس جديد لسه هيتشرح؟

-غلب حماركم !

يتحاشى عنف عينى وثقتى   

- أنا صح

وتسرعه

- دى الخيابة اللى بتيجى على غفلة !

ورفع ذراعه هابطا بأقصى قوة جلدة عقابه القاسية، ولم أجربها من قبل على فخذى العارى من شورت حصة التربية الرياضية .

-أنا صح

تحمر عينيه وتبرق غضبا مستفزًا من إصرارى  

- أنا صح

تركوا مسائلهم مستمتعين بصراع الفشل والعقاب .

واجهنى كارها وتحداني خاطفا كتابى ينظر متسرعا يندفع يشير بشيء فى الصفحة ثم يصمت.

يعيد القراءة وببطء يخط بالقلم تحت الأرقام، يدقق فى التفاصيل يراجع دقة كلمات السؤال.

يبدأ الفهم المتأخر يجذب كراستى بشدة ويفتح صفحة جديدة يرتب الأرقام ويرفع رأسه مفجوعا فجأة (كيف التقطها دون الاستعانة بى ؟

- كيف لم ينبهونا فى إرشادات التدريس  ؟

ولدغه عقرب السادية.. كله يسيب اللى فى إيده ويحل مسألة 35

وجاوبه الصمت المعناد

••

-طب اسمعوا

يشرح، يستهلك أوراق كراسي فى رسومات وأرقام ويعتصر أناقتها بكفه يرفعها ليروها.

أضمر تبديلها بأحدث وإعادة كتابة واجباتى

••

 أترصد عجزهم    

يهمس الأشقى.. يا عم ولا يهمكم عمرها ما هتيجى فى الامتحان.. بيفرحوا الشطار.. وإحنا مستغنيين عن درجتها 

المهم ننجح ونطلع سنة جديدة

••

استعرض الكتاب المدرسي 34 احتمال تقليدى لتدريبات مسألة (الحساب -الرياضيات )، أسبقهم مطمئنا بتعثرهم وبطئهم وأحل مسألة 35 عكس المعادلة، بتلذذ تفردها للأذكياء أدفعها للتصحيح منتشيا    .

لم يتروى، يتنمر إحساسي بحقى، مستهينا لسعات العقاب

••

أصبح حقى المتبع معاقبة كل البلداء.. ورأيت أن تفردى  ونعيق بوم غبائهم ..أقوى ازدراء.