الجمعة 26 ابريل 2024

«انتحار دولى»

مقالات6-8-2022 | 21:34

ما سر التهور و«الاستبياع» العالمى.. هل فقد العالم صوابه، وتخلص من عقله، هل فقد بوصلة الحكمة والحوار، هل انساق وراء وساوس الشيطان نحو الصراعات والحروب، واعتنق الاستفزاز كمنهج وأسلوب حياة، وهل يتجه إلى الانتحار الدولى، فالإصرار الغريب على إشعال المزيد من الحرائق فى مناطق كثيرة فى العالم يطرح الكثير من التساؤلات فلم تفتؤ الحرب «الروسية ـ الأوكرانية» أن تتصاعد، حتى بدا فى الأفق شبح أزمة جديدة بين الصين وتايوان.. وأمريكا طرف أصيل فى الأزمتين وربما تنظر خلف ستار، ثم تعتدى إسرائيل على غزة، ناهيك عن «كورونا» وجدرى القرود.

وثورة التغير المناخى التى اشتعلت كالبركان.. وهى من صنع الكبار فى العالم، تدفع ثمنها «الشعوب» الغنية والفقيرة، وصولاً إلى تهديدات للبشر من أزمات طاحنة فى الأمن الغذائى، واحتياجات الشعوب فإلى أين يذهب العالم، ولماذا يصر على خنق نفسه وتعليق رقبته فى حبال المشانق ومقصلة الإعدام هل هى المصالح والأطماع والنفوذ والهيمنة، أم أنه العقاب الإلهى المرتقب لما اقترفت أيادى البشر من آثام ومخالفة الفطرة التى فطر الله الناس عليها.. هل يفكر الإنسان فى العودة إلى الله، لأن نهاية العناد هلاك وسوء المصير.

إشعال ذاتى للصراعات.. وتفاقم كارثى للأزمات.. وعجز عن التنبؤ بالتوقعات.. فهل نحن أمام عالم قرر الانتحار بعد أن ماتت الحكمة.. اختفى الحوار 

لست درويشاً، أو رجل دين أو متصوفاً مجرد عبد من عباد الله، لكنها الفطرة التى خلق الله الناس عليها.. لنقول إن هناك خللاً جسيماً وخطيراً فى العالم. تسبب فى هذا الخلل والأزمات والتهديدات فالكون يدار بقدرة المولى عز وجل الذى سخر للإنسان كل شىء طبقاً لمعايير ومقاييس ونظام وقوانين.. لكن هذا الإنسان لم يلتزم بها وعمل على خرقها والابتعاد عنها بممارسات وسلوكيات وسياسات تسببت فى حالة الاختلال والأزمات والكوارث والتهديدات التى تحاصر العالم الآن.

أيضاً لست فيلسوفاً أو منظراً.. ولكن أرى بعين الإنسان المتابع والقارئ لمجريات الأحداث.. فدعونا نتفق أن هذا الخلل والاختلال هو من صنع الإنسان الذى عمل على إيذاء نفسه وإلحاق الضرر بحياته وتهديد وجوده فقد كرمه المولى عز وجل ووهبه العقل والحكمة.. لكنه أخطأ وسار فى فلك الشيطان الذى أصبح الآن يدير العالم بعد أن استسلم الإنسان لوساوسه وغوايته.. فأصبح يحصد أشواك الخطر والهلاك، استباح كل شىء.. مارس كل صنوف الإجرام.. والانفلات الأخلاقى، أضر بالطبيعة التى هيأها له المولى سبحانه وتعالى.. فبتنا نعانى من تغير مناخى يهدد وجودنا، وأطماع ومخططات ومؤامرات وحسابات تدفع دولاً لإشعال هذا العالم.. بصراعات طاحنة وقاسية يدفع ثمنها الإنسان من حياته وغذائه وأمنه واستقراره ووجوده.

وحتى تتضح الرؤية، خالف الإنسان الفطرة التى فطره الله عليها، فغرق فى المتع والنزوات والشذوذ والمثلية، والعلاقات غير الشرعية والجرائم والقتل وسفك الدماء وسرقة الشعوب ونهب الثروات، والحروب المدمرة، لم يتفرغ لعبادته، ولكنه تمادى فى التجاوز والانحراف.

علينا أن نقرأ دفتر أحوال الأحداث والصراعات فى العالم، فالإنسان أصبح فى مأزق حقيقى يواجه فيه الفناء فى أى لحظة، لمجرد خطأ بشرى أو قرار أو ضغطة «زر» ربما تأتى بسبب الإحساس بالفشل فى الصراع الدامى بين معسكرى أمريكا والغرب من ناحية والصين وروسيا من ناحية أخرى فلا مجال بالنسبة للمعسكرين للفشل، لذلك قد تتطور الأمور.. ويلجأ من اعتقد أنه فشل إلى الاختيار والخيار الصعب والقاتل وهو السلاح النووى الذى صنعه الإنسان بنفسه ليهدد وجوده ومستقبله.

فى اعتقادى أن الشتاء القادم سيكون على عكس الطبيعة، ليس بسبب موجات الصقيع أو البرد والجليد، بل سيكون ساخناً ملتهباً فى أوجاعه وآلامه وأزماته وصراعاته، فالقارة الأوروبية باتت على مشارف الخطر.. بعد شبه انقطاع الغاز الروسى عن معظم دولها، وبات البحث عن حلول لاستعواض الغاز الروسى أمراً صعباً، وربما تكون محاولات وقرار الاتحاد الأوروبى بتخفيض استخدام الغاز بنسبة 15% غير مجدية، أو محاولات البحث عن مصادر أخرى غير كافية، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة ربما تزيد من حدة الصراع أو تؤدى إلى تغيير السياسات وإذابة العناد والاستسلام للأمر الواقع.

السؤال المهم الذى أعيد طرحه.. من السبب؟ فيما آلت إليه أحوال العالم؟ نعم إنه الإنسان، ومن وراء إشعال العالم وكأن هناك من يمسك بـ«ريموتاً» الإشعال لتتسع رقعة الحريق.. وتمتد إلى مساحات أخرى فى العالم لتضييق مساحات التحرك لسد احتياجات البشر من غذاء وطاقة وحبوب وغلال، وبتجميد سلاسل الإمداد والتوريد إذا ما اشتعلت الحرب بين الصين وتايوان وتدخلت أطراف أخرى مثل أمريكا، والسبب فى ذلك زيارة نانسى بيلوسى رئيسة مجلس النواب الأمريكى «لتايوان».. فقد غادرت بيلوسى، وأشعلت من خلفها الحرائق بين الصين وتايوان وتجاوزت الأمور مرحلة حصار الجزيرة التايوانية وتطويقها أو اختراق مجالها الجوى بأكثر من 12 مقاتلة أو إجراء مناورات بالذخيرة الحية لتصل إلى مرحلة إطلاق صواريخ.

وكأن العالم ليس لديه ما يكفيه من أزمات وأوجاع وصراعات وحروب، لنشعل حرباً وصراعاً جديداً ليس بين الصين وتايوان فحسب، ولكن بين أمريكا والصين وربما تتحمل تايوان مثل أوكرانيا آثار وتداعيات الصراع مع مجرد دعم أمريكى للجزيرة التايوانية التى لن تقوى بطبيعة الحال على مواجهة «التنين الصينى»، لكن هنا نرى من أشعل الحرب بين الطرفين.. وذهب واكتفى بالإشعال، وربما يكتفى بالدعم بعد فوات الأوان سواء على تايوان أو العالم.. وهنا لا أتحدث عن مخطئ أو صاحب حق ولكن أتحدث عن من المتسبب فى إشعال الحرائق، قد يفلت زمام الأمور، لكن فى كل الأحوال على العالم أن يستعد وينتظر مصيره وأزمات قد تطفو على السطح.

لا أدرى من المستفيد من إشعال العالم، ولماذا وما هى أهدافه، وما سر الإصرار على ذلك سواء على المدى القريب أو البعيد، ولكن أعيد السؤال لماذا كانت وكيف جاءت الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، ولماذا الإصرار على استفزاز الروس بتهديد أمنهم وتماسكهم الداخلى، ولماذا محاولة الاقتراب من الداخل الروسى بتصدير ثورات أوروبا الشرقية أو حتى الربيع العربى، واختراق العقل الروسى وإدارته لمحاولة التحريك من الداخل بما يهدد التماسك والوجود دون عناء أو حروب، وهو ما جعل موسكو تتحرك بسرعة وتبادر لوأد الخطر قبل قدومه، وقبل أن يصل إلى فناء المنزل بتنفيذ عملية عسكرية فى أوكرانيا يعتبرها البعض مستنقعاً للروس.. رغم أنها زادتهم قوة لكثرة الأوراق التى فى أيديهم سواء أوراق النفط والغاز، أو الورقة العسكرية أو ورقة السلاح النووى، أو الورقة الخاصة بـ«الفيتو» فى مجلس الأمن، ويمارس «الدب الروسى» ضغوطه العسكرية على الأوكران بعد أن حول بلادهم إلى كومة تراب وأطلال، أو ورقة الغاز التى توجع الجانب الأوروبى وتزيده آلاماً وأزمات.

هل سيبقى وضع الأزمة الروسية ـ الأوكرانية محلك سر.. لا جديد فى حلول سياسية تنهى الأزمة وترحم هذا العالم، على ما يبدو ذلك فإن الحل لا يزال بعيداً، لا أحد يريد التنازل.. الإصرار على الموقف لم يتغير، الجميع يخشى مغبة الفشل، الجميع يتوجع دون صراخ فى لعبة تكسير وطحن العظام، لكن على ما يبدو أيضاً أن هناك أزمات وحروباً فى الأفق فالأزمة «الصينية ـ التايوانية» تتصاعد والسبب والمتسبب معروف.. فهل هناك من يتحرك من تلقاء نفسه وبعفوية وعنترية أم هناك منهج ومخطط يدار لمزيد من الإشعال لكن لا أدرى ما هى الأهداف، هل هى معركة النفوذ والصعود، واستباق التوقعات بإجهاض الطموح الصينى- الروسى مبكراً أم أنها معركة ترسيخ النفوذ والهيمنة.. فى اعتقادى أن الجزء الأول من السؤال هو الأقرب هناك طرف لا يريد أن ينافسه أو يناطحه أحد، يريد استمرار الانفراد بالهيمنة فالمؤشرات والتوقعات والتقارير ومراكز الأبحاث تشير إلى صعود قوى دولية جديدة إلى سطح هرم العالم، بحلول عام 2030.. لذلك نشطت آلة الأفعال من الصين وروسيا والتى لا تقتصر على بكين وموسكو فى تأثيراتها وتداعياتها الخطيرة، ولكن الواضح أن حجر الأزمات مع هذه القوى الكبرى يصطاد عشرات العصافير خاصة التداعيات الاقتصادية وقسوتها على الدول الناشئة والنامية ويسعى من ورائها مخطط الإشعال والمؤامرة إلى دفع الشعوب للتحرك من الداخل وهدم دولها، إذن المخطط والمشعل ضرب عشرات العصافير بحجر واحد على حد تفكيره وتخطيطه ويبقى قوة إرادة ووعى الشعوب واجتهاد الدول والحكومات فى إيجاد الرؤى والمعالجات للتقليل من هذه الآثار والتداعيات.

السؤال المهم الذى الذى يبحث عن إجابة هل هناك تقارير وكتابات تشير إلى أن جائحة «كورونا» مخلقة وتأتى فى إطار الحروب البيولوجية، وطفت على السطح حالة من التراشق وتبادل الاتهامات بين المعسكرين المتصارعين الآن، لذلك هل يمكن أن نقول إن المتسبب فى أزمتى روسيا ـ وأوكرانيا والصين وتايوان، هو من يقف وراء نشر فيروس «كورونا».. سؤال مهم جداً.

قضية أخرى باتت تنذر بعواقب وخيمة، هى قضية التغير المناخى التى أحدثت خللاً فى العالم لنرى حرائق وموت فيلة وكائنات تحدث التوازن البيولوجى، وعواصف وبراكين وسيولاً وأمطاراً فى غير أوانها، ولهيب الحر.. والحقيقة أن المسئولية فى رقبة الكبار من الدول الصناعية الكبرى التى ظلمت الدول النامية خاصة الأفريقية وتسببت فى إيجاد خطر داهم بات من أخطر التحديات والتهديدات التى تتعلق بأمن واستقرار العالم بل ووجوده.

ما زالت اللعنات والدعوات التى ترفعها شعوب الدول التى سقطت فى ربيع الخراب العربى تتواصل ضد من تآمر وتسبب فى قتل وتخوين وإرهاب وتفكيك هذه الدول وجيوشها وإشاعة الخراب والدمار والفوضى والانفلات.. والسؤال من الذى أوهم وخدع وزيف وعى الشعوب وحرضها على تدمير وهدم بلدانها، وماذا جنت الشعوب من وراء هذه الأوهام، هل حصدت الحرية والديمقراطية والازدهار، أم الضياع.. والخراب والإرهاب والقتل ومعسكرات اللاجئين أو الغرق فى البحار والمحيطات، وهل تعود هذه الدول إلى سيرتها وطبيعتها الأولى.. وكم تحتاج من مئات المليارات من الدولارات لتعود إلى نفس ما كانت عليه قبل ثورات الخراب العربى، هل أدركت الشعوب التى كانت مغيبة قذارة وخيانة المتاجرين بالدين والمرتزقة والمجندين لحساب أعداء هذه الدول وهل من ورط أوكرانيا وتايوان، ونشر كورونا واستفاد من بيع السلاح واللقاحات هو نفسه من كان وراء ربيع الخراب العربى، سؤال مهم أطرحه على القراء، ليدركوا خطورة غياب وتزييف الوعى.

السؤال المهم أيضاً وبلغة شعبية، من يلعب فى عداد هذا العالم؟، الأمور تتفاقم وتتطور إلى الأسوأ، فإسرائيل تمارس الإجرام وتعتدى على غزة بترسانة أسلحتها الفتاكة.. ومصر تسعى بكل جهد لإنهاء الأزمة التى من شأنها أن تتسبب فى إشعال المنطقة.

لعبة المصالح والنفوذ هى من تحكم العالم فليس هناك من يفكر فى أمن وسلم إقليمى ودولى أو أمن واستقرار العالم، لكن الكبار يفكرون فى مصالحهم، فى عالم تحكمه لغة القوة، فأحاديث الحرية والديمقراطية والسلام والاستقرار بالنسبة للكبار هى للاستهلاك الدولى، مجرد شعارات تستدعى فى توقيتها الذى يحقق مصالح هذه الأطراف، لكن يبقى السؤال أيضاً ماذا نحن فاعلون، أقصد باقى العالم من الدول الناشئة، والنامية.. هل تنتظر مصيرها، هل يكون لديهم موقف ثائر ضد أطراف الصراع، بتشكيل عالم مختلف أشبه إلى عدم الانحياز ولكن أكثر جرأة من اللا موقف إلى موقف متكتل يمتلك إرادة المقاطعة والسير فى طريق مختلف، فهل يتقارب هؤلاء ويحدثون حالة من التوازن تعيد للعالم بعض هدوئه وأمنه أم أن تداعيات صراع الكبار واقعة لا محالة ولا يمكن اتخاذ مواقف، أو ربما يكون الأفضل البحث عن بدائل وحلول تشاركية مع نفس الدول المتضررة أو حلول داخلية من استدعاء التفكير خارج الصندوق سواء بالاعتماد على الذات أو تقليل نسب الاعتماد على الخارج رغم صعوبة هذا الحل فى عالم يعتمد على بعضه البعض فى توفير احتياجاته.

الحقيقة أن صوت العقل والحكمة غائب، ولا يشعر به العالم، لذلك تظل الحلول أو الآمال المعلقة على إنهاء الأزمات والعودة إلى الحوار بعيدة وصعبة المنال، لكن الجميع لابد أن يعمل وفق حسابات وإجراءات استباقية تعتقد أن الأزمة مستمرة، وأن هناك أزمات جديدة قادمة.

فى كل الأحوال.. الإنسان تسبب فى تهديد نفسه، والإضرار بها، رفض الامتثال لقوانين الكون الإلهية، ومارس العبث والعناد والآن يدفع ثمن الأخطاء الجسيمة.
من الناحية النظرية والسياسية نحن بعيدون عن آتون الصراع، لكن لا محالة متأثرون من تداعيات الصراعات والأزمات خاصة على الصعيد الاقتصادى وتأثير مسيرة البناء والتنمية.. فى نفس الوقت لدينا فرص قوية يغلفها مناخ الصدق والشرف والثوابت النبيلة التى أبعدت الدولة المصرية عن شبح الصراعات الضارية وحتى إن فرضت عليها إلا أنها عبرتها دون خسائر تذكر وهى قادرة على تجاوز التحديات العالقة التى تشكل تهديداً لأمنها، لكن مصر دولة قوية وقادرة فى إطار إقليمى شديد الاضطراب إلا أن حالة الأمن والاستقرار السياسى التى تشهدها تجعلها أرض الفرص..

ولأن مصر أرض الطيبين، والشرفاء ولديها قيادة سياسية وطنية امتلكت زمام الحكمة والرؤية والشرف وحافظت على هذا الوطن رغم العواصف والأعاصير الكثيرة التى واجهت مسيرتها خلال السنوات الماضية لذلك ويقيناً فإن قوة الداخل كما قلت فى مقالات كثيرة سابقة هى سر قوة ومكانة الخارج، سواء على الصعيدين الدولى والإقليمى.. فإذا كان العالم يزداد توتراً، وتتصاعد صراعاته، ويقدم على صراعات طاحنة وأزمات مزمنة سوف تستمر طويلاً إلا أن مصر نجحت خلال السنوات السابقة فى بناء شبكة علاقات دولية قوية ترتكز على الشراكة والتعاون والمصالح والاحترام المتبادل بفضل قوة الداخل ونجاح التجربة المصرية وعودة الدور والثقل المصرى وتنامى قدرات الدولة المصرية.

قوة الداخل واستمرارها وقابليتها للتطور والتنامى ترتكز فى الأساس على فكرة الحوار الوطنى الذى يجمع كافة الأطياف الوطنية على طاولة واحدة يناقشون عليها أحوال وملفات وقضايا وتحديات الوطن بكل شفافية ونوايا طيبة هدفها المصلحة العامة المصرية، وعودة فريق 30 يونيو يشير إلى الداخل المصرى، وعدم قدرة الجماعات والتنظيمات الإرهابية والعميلة وداعميها من الخارج على اختراق هذه الجبهة الصلبة، الأمر الثانى المهم حالة الوعى الحقيقى التى ترسخت فى العقل المصرى وأصبح المواطن فى حالة انتباه لمحاولات التشويه والتشكيك والتحريض والتحريك، فقد امتلك القدرة على التفرقة بين الصالح والطالح، بين الغث والسمين بين النوايا الوطنية الطيبة، والأفكار الهدامة الخبيثة.

الوعى الحقيقى لا يأتى إلا من خلال فهم صحيح، وإداك شامل لكل أبعاد القضايا والموضوعات، لذلك فالمواطن أصبحت لديه قاعدة من المعلومات والحقائق والبيانات عن كل شىء، أتيحت له بمصداقية وشفافية عالية وبالتالى فإن جميع محاولات التحريض والتشكيك والتحريك باءت بالفشل.

مصر تتحرك من خلال فكر وطنى خالص يستهدف توحيد المصريين وجهودهم فى بناء هذا الوطن، فالسمة الغالبة الآن بعد أن اطمأنت واستقرت الدولة المصرية هى جمع هذا الشعب على هدف واحد هو مصلحة مصر لذلك نرى «الحوار الوطنى»، و«التحالف الوطنى» للعمل الأهلى التنموى والذى يعد إضافة قوية لمنظومة وشبكة الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً، وأتمنى أن تكون جميع تحركاتنا ورؤانا فى هذا الإطار خاصة فى التعامل مع الأزمات، وعلى كل من يرى فى نفسه القدرة على المساهمة بالرؤى والأفكار والعمل الجماعى واستنهاض إرادة الجميع والعمل بروح الفريق الواحد عليه أن يتقدم، ولا ننتظر الحكومة تطلبنا، ولينتشر هذا المبدأ فى كل أرجاء مصر فى القرى والنجوع والمدن ومجتمعات رجال المال والأعمال والمؤسسات نستطيع معاً أن نحشد قوانا من أجل أن نساهم فى مواجهة أزماتنا بالتعاون مع الدولة والحكومة، فالحوار الوطنى والتحالف الوطنى ألهمنا الفكرة والرؤية، لابد أن نجتمع على مصلحة هذا الوطن حتى نعبر تداعيات الأزمة العالمية، وليشعر كل منا بالمسئولية ويفجر طاقات العطاء والتجرد وإنكار الذات فالوطن، يخص الجميع وبدونه فلا معنى للحياة.

نعم الأزمة الاقتصادية التى جاءت من تداعيات الحرب الروسية ـ الأوكرانية شديدة الوطأة وقاسية وطاحنة، لكن الدولة تتحرك فى اتجاهات عدة صحيحة، لتخفيف حدة الأزمة، وإيجاد البدائل، وتحقيق الاكتفاء أو تخفيض نسبة الاعتماد على الخارج، وعلينا أن نتحمل ولا ننتظر الرهان على مساعدة الآخرين فإذا كانت مواردنا محدودة، فطاقاتنا وإرادتنا بلا حدود.

لدينا ميزات نسبية وإن قلت الموارد، فنحن نحظى بوطن آمن ومستقر وقوى وقادر فى ظل آتون الصراعات والحروب والأزمات الحالية والمنتظرة وهو ما يمنحنا فرصة العمل والإبداع والعصف الذهنى لتحويل الأزمة إلى طاقة نور مع قوة الوعى والفهم والاصطفاف الوطنى نستطيع أن نتجاوز كل التحديات.

والسؤال الآن ما سر حالة الاستبياع العالمى والرهانات الخاسرة والإصرار على إشعال الصراعات، فأستطيع القول إننا أمام عالم مستفز فقد صوابه، وأطلق العنان لمزيد من الصراعات والمواجهات التى تنذر بالويل والثبور والكوارث والأزمات لتنفيذ أهداف الشيطان، لكن بلد الطيبين المحفوظة بأمر ربها دائماً تستطيع أن تعبر الصعاب، وتقهر المستحيل، لأنها أرض الأطهار والشرفاء.

Dr.Randa
Dr.Radwa