الخميس 20 يونيو 2024

الإعلام فى قفص الاتهام

27-7-2017 | 16:02

بقلم – حمدى الكنيسى

فى لقائه مع وزراء الإعلام العرب، الذين شاركوا فى اجتماعات جامعة الدول العربية، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى الأهمية القصوى للدور الذى يقوم به الإعلام فى تشكيل الوعى الحقيقى للشعوب العربية التى تواجه تحديات وتهديدات صارخة، لا سيما فى ضوء الظروف الإقليمية المعقدة غير المسبوقة، التى تمر بها منطقتنا، وليس خافياً على أحد أن حديث الرئيس عن الدور المحورى للإعلام ينطوى على قدر من الاتهام لأنه بشكل أو بآخر لا يواجه الوعى الزائف الذى تعمل على تشكيله قوى الدول المعادية لأمتنا والراعية- علنا- للإرهاب.

ويبدو أنه لسوء حظ الإعلام- وقد دخل فعلاً قفص الاتهام- جاءته ضربة أخرى وجهها له الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الذى قال بصريح العبارة «إن منابر الإعلام صارت جزءاً من الأزمات العربية بدلا من حلها، مما يشوه صورة الإعلام بكل روافده بالرغم من أنه كان أحياناً لاعباً فاعلاً وقطباً مؤثراً فى الأحداث الجسام»!.

ولعله من تحصيل الحاصل أن نقول إن أصابع الاتهام تتجه مباشرة إلى قنوات قطر وتركيا التى تشن حملات إعلامية متواصلة بالأخبار الكاذبة المضللة، والحوارات الساخنة مع من باعوا ضمائرهم، وتخلوا عن وطنيتهم، وخانوا عروبتهم، وهم مستعدون دائماً لتشويه الحقائق، وتدعيم كل ما يشق الصف الوطنى والصف العربى من تنظيمات إرهابية، وفصائل معارضة بمسميات مختلفة، والمعروف أن من أولئك المتحدثين فى تلك القنوات ولهذه الأهداف من صدرت ضدهم أحكام فى مصر.. وتنتظرهم سجونها مهما طال هروبهم.

لكن إعلامنا المصرى وجد نفسه أيضاً داخل قفص الاتهام حيث انزلق بعض الإعلاميين إلى مستنقع الإثارة بالأخبار غير الدقيقة والحوارات الصاخبة، بتصور خاطئ أن ذلك المنهج يحقق لهم انتشاراً وجماهيرية وطريقاً إلى الإعلانات وما تدره عليهم وعلى القناة التى يعملون بها من مكاسب معروفة، وكانت النتيجة- كما نعلم- نوعاً من الوقيعة بين «ثورة يناير» و«ثورة يونيو» بالرغم من تكاملهما، وقد أدى ذلك الصخب الإعلامى إلى حالات من الانشقاق فى الشارع بل داخل الأسرة ذاتها، هذا إلى جانب تجاوز القيم والمبادئ الأخلاقية والمهنية خاصة فى برامج «التوك شو» التى فقدت الكثير من قيمتها وشعبيتها، ويضاف إلى قائمة اتهامات الإعلام المصرى ما يرتكبه أحياناً من تعتيم على أكبر الإنجازات التى تحققها مصر بالرغم من أشرس المؤامرات التى تتعرض لها ولا يتوقف عن تدبيرها أعداء الداخل والخارج، كما أن القائمة السوداء تضم ما ارتكبه بعض الإعلاميين من أخطاء بلغت حد الخطايا عندما كادوا يدمرون علاقات مصر بدول شقيقة ودول صديقة.

المؤكد أنه عندما يستعيد الإعلام المصرى توازنه بفضل المنظومة الإعلامية الجديدة التى نص عليها دستور ٢٠١٤ (وفى المقدمة منها نقابة الإعلاميين، ونقابة الصحفيين، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام)، سوف يخرج من قفص الاتهام ويقوم بدوره الوطنى والعربى ليس فقط بالتصدى الواعى للقنوات والإذاعات المغرضة والمعادية، بل باجتذاب الجماهير العربية واكتساب ثقتها، كما أنه يضرب المثل فى الأداء المهنى الوطنى العربى للقنوات والإذاعات والصحف التى تنطلق من الدول العربية الشقيقة التى تشترك مع مصر فى رفض ومقاطعة «الدولة المارقة» قطر، وبذلك نرى وجهاً آخر للإعلام العربى وهو يخرج من قفص الاتهام ويمارس دوره المحورى لصالح القضايا العربية وهذا ما أكد عليه مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

“ميثاق الشرف الإعلامى”.

فى اجتماعهم بالقاهرة، أكد أكثر من وزير إعلام عربى أهمية ميثاق الشرف الإعلامى العربى، ولعل «ميثاق الشرف الإعلامى» الذى أوشكت «نقابة الإعلاميين» على إطلاقه يكون دافعاً وأساساً لصدور «ميثاق شرف إعلامى عربى» يتفق مع الظروف والتطورات المتسارعة بآثارها ونتائجها التى تكاد تهدد الأمة العربية، ومن الأهمية بمكان أن يتم ذلك فى أسرع وقت على أن يلتزم به وزراء الإعلام العرب، ولا يكون مجرد أوراق تدخل الأدراج مثل البيانات العديدة التى فقدت قيمتها عندما فقدت فعاليتها بإهمالها وعدم ترجمتها عملياً وصارت مجرد عبارات براقة للاستهلاك المحلى العربى لا أكثر!

«قالها نزار قبانى»

كأنه كان يتحدث عن الإعلام الذى دخل قفص الاتهام بأخطائه الجسام قال الشاعر الراحل الكبير:

«أنعى لكم يا أصدقائى اللغة القديمة

والكتب القديمة

أنعى لكم كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة

ومفردات القهر والهجاء والشتيمة»