الجمعة 26 ابريل 2024

من كنوز أوراق صحفى قديم .. «عدسة عم رضا مصطفى»

مقالات23-8-2022 | 18:51

(ودارت الأيام •• بصوت أم كلثوم)

ليلة 6 رمضان 1402 .. 28-6-1982 
•••
فى العتمة تسلل عن يسارى فجأة على طرفى حذائه.. بخفة قط وصمت قنص نمر وانحناء وسيطرة مقاتل  على كاميرته وعدستها الممتدة، يرتقى السلالم الحجرية لمدخل بيت محمد بك أبو الدهب (والى مصر73-1775 ) وبابه الخشبى الضخم المغلق .. يثبت هنيهة خلف سور برحة الباب فى زاوية رؤية مناسبة للغارق فى نومة على قاعدة الجلوس اليمنى .. وعينه على العدسة .
و(تراك) واحدة (صوت الذراع لسحب الفيلم يلتقط المشهد وتغلق الكاميرا فتحتها)، ويكمل هابطا السلالم الحجرية للجانب الآخر ذائباً فى زحام سهرة رمضان منطقة الحسين والأزهر. 
••
قتلنى الفضول صاعدًا ببرائتى منتصب القائمة أمعن النظر حريصًا فى الظلام .. أمامى مساعد (صول شرطة) كبيرالسن بأفروله الصيفى الكاكى، غارقًا فى نومه على القاعدة بالكاد تستوعب جل رأسه -أسفلها بوريه غطائها- وحتى جزعه، يحشر يسراه مثنية بين جسده والحائط التى يسند عليها يمناه مرفوعه يكونان مثلث متساوى الأضلاع (كرقم 7 بالإنجليزية)  تنتهى بسواد جوربه وحذائه اللامع .
-أخر جيل الرواد السابق أمناء الشرطة الحاليين-
لم يخطر ببالنا فى نومه الأمان.. مسدسه
الشخصى .. من يجرؤ على اللمس؟
••
خمنت قضاء نهار قيظ صيف صيامه فى خدمته بالمنطقة الزاخرة بالمسئولين والأوناش والفنيين والعسكريين لتطويرها وتبديل أحجار المسجد الحسينى العريضة بأسمنت تضيف متر ونصف فى عمق كل الحوائط وترميم القبة وإعادة تركيبها وإقامة كوبرى مشاة معدنى بين بيت أبو الدهب ومشيخة الأزهر.  
لولا استضافة المخرج السينمائى يوسف شاهين (مسيحى قبطى مصرى) فى برنامج (موعد على الإفطار) بإذاعة الشرق الأوسط قبل المغرب بساعة وسألوه عن الكوبرى فانفعل بألفاظ جارحه على من أخفى واجهات الأزهر وأبو الدهب والمشيخة والحسين. 
وتم قطع الإرسال، لكنه نزع ورقة توت الحكومة فتوالت تصريحات المسئولين بإعادة النظر وتم نقل الكوبرى ليصبح بين طرف قصر الغورى وشارع الصاغة  .
ونفذ نفق بين الأزهر والحسين بمواسير محطات مياه ضخمة كانت تستخدم  فى تطوير مرافق مصر بعد نصر أكتوبر 1973، وتم التنفيذ بسرعة وازداد توافد المسئولين رغم الحر والصيام.
وكان الله فى عون مثل هذا الصول الذى أنهكه الصيام وبالكاد أفطر وصلى العشاء والتروايح ولديه خدمة تالية قبل السحور، ووجد أن الأمر لا يستحق تعب زحام المواصلات لساعة نوم فى البيت فاستثمر سويعاته فى نومته كجنين ببطن أمه فى المتاح وسط زحام وضجيج الميدان متسترًا بالظلام عن أعين ضباطه.
••
كنت قريب العهد بخدمتى العسكرية ومارست كل صنوف نوم الإنهاك فى كل الأماكن والأوضاع والظروف.. والمأمورية التالية لأكون جاهزاً دائما أشفقت عليه.. أهرول خلف عم رضا 
يأخذنى حماس إيقاظه أو انتظاره أكلمه وأكتب عنه  
ينصحنى.. هوه غرقان نوم .. ولن يتفهم وقد يغضب أو يخشى رؤسائه والاحتمال الكبير ألا تنشره المجلة. 
- طب أحنا عملنا ده ليه؟
- لقطة لا تترك .. وعملت اللى عليا والقرار لمسئولينا.   
-يا عم رضا!
••
نكمل سهرتنا وقد منع ضابط المرور دخول سيارتنا لزحام السرادقات الدينية والفنيه والندوات .. فعوضنا الله بالصورة
(جايين للموالد يا أبا ••من الريف والبنادر)
••
فيها شكر وتقدير للكادحين بإخلاص وصمت.. لكن رؤساؤنا تحسبوا ضيق الشرطة أو مجازاته .
••
وسعدت وانا أصفى أوراقى القديمة (40 سنة) أن أجدنى أحتفظت بالصورة (استراحة محارب)
••
وعم رضا مصطفى (مواليد 1939- عمل فى أخبار اليوم 56-1996).. أحد علامات التصوير الصحفى بأخباراليوم ومصر.
صاحبنى فى أول موضوعاتى الميدانية عن منطقة الهرم، يوجهنى بخفة دم لخبرات جديدة وإعجابه سرعة التقاطى فأفشي سرى لباقى المصورين، وكلما رافقت أحدهم أجده متحمسا ويعاملنى بتقدير، فأعرف أن عم رضا قال عنى خيرًا.
يومها نبه السائق (والكلام لكى يا جارة)
وقد زاحمتنا سيارة عاشقين 
-أنت اللى تأخذ بالك .. هو مش فى حالته الطبيعية 
(أباشر منذها دورى المهنى قائدا مسئولا متابعا المصور والسائق والطريق وغيره)
••
مر يومًا (1979) جوار فندق سميراميس وقت تجهيز  قاعدة تمثال ميدان سيمون بوليفار (محرر أمريكا الجنوبية  1830)، ووجد  شاب صعيدى من عمال التراحيل معفر بالتراب بعمامة كبيرة وسروال دمور وحافى القدمين جالس على القاعدة (حاطط رجل على رجل) فصوره .
- دول اللى يستحقوا التمثال
••
يطلبنى تليفونيا ألقاه بين قسمى التصوير والرياضى بآخر ساعة، على كفيه ثلاث لقطات للخطيب نجم النادى الأهلى فى الثمانينات (رئيسه الحالى) يستقبل الكرة ويطلقها ويحرز هدفًا، لتنشر فى ملحق آخر ساعه الرياضى.
(يفترش نجيلة أطراف الملعب بكاميرات وأفلام تقليدية - ليست بسرعة الديجيتال حاليا - ويلتقط الحدث )
- أنت أول واحد يشوفها!
••
فى تنصيب أستاذنا وجدى قنديل رئيسًا لتحرير المجلة، بحضور أستاذنا موسي صبرى رئيس مجلس الإدارة، وإلقاء زميلنا رضا الشناوى قصيدة، وكنا لم نعين وحققنا إنجازات طيبة  
- أستاذ موسى: يا أستاذ وجدى 
لحظه هنا وقفة 
سهير - عجاج –ع لى السيد، فى التعيين بقى لجنة رأفة (يقصد زميلتى سهير الحسينى - وصلت لمنصب نائب رئيس تحرير آخر ساعة) وأسامة عجاج (وصل مدير تحرير الأخبار)
وهاص الزملاء 
وكان عم رضا يصور متوسطًا مناضد الحفل وخشى عدم السماع.. فاعترض بخفة دم
- قول تانى أنا ما سمعتش.
ليتكرر الأمر ويعرف موسي صبرى بأمرنا وتعيينا 14-10-1981
(تنصيب حسنى مبارك عقب مقتل السادات )
••
الله يرحمك يا عم رضا
السيرة أطول من العمر
•••
مقترح 
ابنا عم رضا (مصطفى وأحمد) مصوران صحفيان محترفان، ماذا لو استعانا بأرشيف صور أخبار اليوم  واختيار الصور المميزة فى تراث والدهما وتنفيذ معرض صور خاص فى قاعة بأخبار اليوم ودعوة عامة، ثم يعرض فى نقابة الصحفيين ودار الأوبرا لتذكير الشباب بالإبداع.

Dr.Randa
Dr.Radwa