كتب : أحمد فيصل
عمل الدكتور محمد عبد المطلب على مدار خمسة وثلاثين عامًا في المجال الأكاديمي، وتدرج فيه منذ تعيينه مدرسًا بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب، جامعة عين شمس عام ١٩٧٩، حتى أصبح أستاذًا للنقد والبلاغة عام ١٩٩٠، ورئيسًا لقسم اللغة العربية عام ٢٠٠٠ .
وقد أنجز د. عبد المطلب خلال مسيرته العلمية الحافلة نحو ثلاثين كتابًا والعديد من البحوث والمقالات المنشورة في المجلات العربية، التي تناول فيها التراث والحداثة في الشعر والنقد والبلاغة واللغة والثقافة، فهو أحد أعمدة النقد المصرية المهمّة.
"الهلال اليوم" التقت د. عبد المطلب فى حوار، متحدثًا عن تجربته العلمية والإبداعية ورؤيته للحراك الثقافي ونتاجه الحالي وتأثيره على المجتمع.. فإلى نص الحوار
قلت من قبل إن "رواج الرواية" كذبة، فكيف تفسّر تحوّل كثير من الشعراء إلى الرواية، وحتى النقّاد مثلك ومثل دكتور جابر عصفور وغيركما؟
السبب في تصدّر الرواية المشهد هو تعاظم ارتباطها بمجاليْ السينما والتليفزيون، كما أن الرواية غدت تعطى شهرة أكبر وأوسع، كما باتت تسهم في ثراء مادىَ للمؤلّف بانتقالها إلى الشاشة، فضلا عن موضة "تسليع الرواية" في هذا العصر، فأصبحت الرواية تتعرّض لعمليات "تلميع" طوال الوقت، من حفلات توقيع، إلى دعاية كبيرة، وأشياء أخرى كثيرة، أضف إلى ذلك كونها غدت تتسع لنزوع الشباب إلى التمرّد على كل شيء، الأخلاق، والدولة، والدين، واللغة، ففي حين أننا نجد الشعر مازال محافظًا على التقاليد والأخلاق، نجد الرواية ملاذً الشباب المتمرّد، لا لشيء إلّا للتمرّد ذاته.
الشيخ الشعراوي، ونزار قباني، هما الأكثر مبيعًا مقارنةً بغيرهما على مدى أعوام - على حد قولك - هل ترى أن لذلك علاقةً بطبيعة مزاج الشعب المصري؟
المسألة مرتبطة بالسياق التاريخى، فنزار كان يغرّد وحيدًا دون منافس في عصره، ولو ظهر الآن لما وجدت إصداراته نفس قدر التوزيع، والشعراوى حصل على شهرة لم يحصل عليها أحد من الدعاة الإسلاميين، لكونه ظهر في فترة إحباط سياسي وفكري شائكة.
كيف ترى الأدباء الشباب؟
أرى أن شعراء العامية أفضل من شعراء الفصحى حاليًا، والقصيدة العمودية عادت لتتصدّر المشهد الشعري من جديد، في حين أن شعر "الومضة" المنتشر مؤخّرًا لا يُعد أكثر من خواطر ولا يرقى لمستوى الشعر الحقيقى، والشباب على كل حال يواجهون مشكلة في النشر، ولولا المؤسّسات الحكومية لما وجدوا المتُنفّس لنشر كتاباتهم.
أصبح الخطاب الديني ومسألة تجديده مثار اهتمامٍ من أوساطٍ مختلفة في الآونة خصوصًا بعد الانتباه إلى تأثيره في دفع أو إفشال الدولة؟ فما دور الثقافة والمثقف فى تقديرم خلال هذا السياق؟
مصادر الدين لدينا واضحةٌ، القرآن الكريم، والسُنّة، ولا يمكن تغيير أي منهما، المطلوب هو التجديد في فهم وتأويل الرؤى الدينية، ولكن على يد أهل التخصّص وليس كل من هَب ودَب، فالنُخبة يتصوّرون أنهم يفهمون في كل شيء، والقاعدة القديمة تقول إن من يفهم في كل شيء لا يفهم في أي شيء، ولست أعنى بأهل التخصّص رجال الدين فقط، فالأستاذ رجائي عطيّة مثلا من أفضل من يكتبون المقالات في الخطاب الديني دون أن تكون له صلة بمؤسسة دينية، ولكنه يكتب عن دراية ومعرفة، فأدونيس مثلا قد تحدّث من قبل عن ضرورة التخلّص من فكرة "الوحي" الدينية، فهل تصف هذا بتجديد أم تدمير للخطاب الديني من أساسه؟ أمّا عن دور الثقافة، فلا شك أن الثقافة أحد أهم أدوات شعبنا في مواجهة محاولات إسقاط أو إفشال الدولة.