استطاع علماء آثار أن يحلّوا لغزًا يتعلَّق بامرأة عاشت قبل 31 ألف عام، بعدما تم اكتشاف جمجمتها مدفونة داخل كهف في ملاديش؛ وهي قرية فيما يعرف الآن بجمهورية التشيك، عام 1988، بعدما أرخ الباحثون الجمجمة منذ نحو 31000 عام، مصنفين صاحبها وقتها بأنه «ذكر».
لكن دراسة جديدة توصلت إلى أنهم كانوا مخطئين بشأن جنس الشخص الذي يرجع إلى العصر الحجري.
فبعد أكثر من 140 عامًا، صحَّح الباحثون هذا الخطأ، وكشفوا أن ما يسمى بجمجمة ملاديش 1 تنتمي إلى أنثى تبلغ من العمر 17 عامًا، عاشت خلال العصر «Aurignacian» العصر الحجر القديم، وهو جزء من العصر الحجري القديم الأعلى (نحو 43000 إلى 26000 سنة).
ونشر الفريق نتائجه كجزء من كتاب جديد على الإنترنت، بعنوان «نهج الطب الشرعي لوجه جمجمة ملاديش1»؛ يوضح بالتفصيل كيف أعاد العلماء تصنيف جنس أحد أقدم أنواع الإنسان العاقل الموجود في أوروبا.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قال خبير الرسومات البرازيلي أحد المؤلفين المشاركين في الكتاب، سيسيرو مورايس: «عندما تم تحليل الجمجمة بشكل فردي، أشارت الملامح إلى أنها لذكر، لكن عندما قارنت دراسات لاحقة الجمجمة مع غيرها الموجودة في الموقع، أشارت الأدلة إلى أنها لأنثى».
ونظرًا لأن الفك السفلي كان مفقودًا، نظر مورايس إلى البيانات الموجودة لفك الإنسان في العصر الحديث للمساعدة بملء الفراغات التي قد يبدو عليها هذا الشخص.
وأفاد بأنه «كان علينا إعادة بناء الجمجمة، ولهذا استخدمنا بيانات إحصائية عن المتوسط والإسقاطات المستخرجة من نحو 200 مسح مقطعي للإنسان الحديث ومن الحفريات الأثرية التي تنتمي إلى مجموعات سكانية مختلفة، بما في ذلك الأوروبيون والأفارقة والآسيويون، وهذا سمح لنا بإبراز المناطق المفقودة من الوجه البشري».
وأوضح أنه بمجرد حصوله على صورة رقمية كاملة للجمجمة استخدم «سلسلة من علامات سماكة الأنسجة الرخوة التي انتشرت عبرها، إذ تخبر هذه العلامات بشكل تقريبي حدود الجلد في بعض مناطق الوجه».
وقال: «على الرغم من أن هذه العلامات تأتي من بيانات إحصائية مستخرجة من أفراد أحياء، فإنها لا تغطي الوجه بالكامل، ولا تشير إلى حجم الأنف والفم والعينين».
كما استخدم الباحثون إسقاطًا للخطوط المقابلة لحدود الأنسجة الرخوة والبنى العظمية لإنشاء تقريب للوجه.
ومن أجل المساعدة في استكمال البيانات، استورد الباحثون صورًا مقطعية لأشخاص أحياء وشوهوا العظام والأنسجة الرخوة من الأشعة المقطعية لتتناسب مع تقريب وجه أحفورة «ملاديش 1»، كما قاموا بتشويه صورتين بالأشعة المقطعية، إحداهما لرجل والأخرى لامرأة، وتقارب الاثنان إلى نتيجة مشابهة جدًا.
وبالنسبة إلى الكتاب، ابتكر مورايس تقريبين رقميين لما قد يبدو عليه الفرد آنذاك. لكنه أخطأ في جانب الحذر عندما يتعلق الأمر بتعبيرات وجه الشخص، حيث قال: «لقد اخترنا خلق الوجه المحايد بالتقاليد، إذ اعتدنا على تقديم الأعمال للمتخصصين»، مبينًا أنه «سيكون الاتجاه الآن هو تقديم نهجين للأعمال؛ أحدهما أكثر علمية وبألوان بسيطة كالرمادي مع عيون مغلقة ومن دون شعر. والآخر أكثر ذاتية، حيث يكون وجهًا ملونًا بشعر».
وإضافةً إلى الجمجمة، تم العثور على عناصر أخرى بموقع الدفن في العصر الحجري أثناء الحفر الأصلي، بما في ذلك القطع الأثرية الحجرية والعظام والعديد من الأسنان. ومع ذلك، لا يُعرف سوى القليل عن الشابة التي دُفنت هناك.