بقلم – فريدة الشوباشى
يتباري بعض نشطاء المنظمات الحقوقية في قذف كل من ينتقدهم أو يحاول فك رموز خطابهم الداعي إلي تقويض الدولة، في اتهام هؤلاء بأن عقليتهم، المريضة،هي عقلية «مؤامرة» لا وجود لها إلا في خيالهم المتوقف عند ستينيات القرن الماضي..وأغرب ما في هذا الموقف الاستعلائي علي الأغلبية الساحقة من الشعب، هو تجاهل هؤلاء لحقوق الإنسان الثابتة وأولها حقه في العيش الكريم والذي تضمنه العدالة الاجتماعية وحدها..
بعد ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١ ، طفت علي سطح الحياة وجوه، قدم بعضها من خارج الوطن وبدأ عزف الأوركسترا علي وتر «قمع» الدولة لمواطنيها ومن ثم، وجب تفتيت هذه الدولة القمعية، ولا بأس من تقسيمها إلي كيانات صغيرة يستحيل عليها ممارسة القمع !!! وردا علي الادعاء بتخيل وجود مؤامرة، فقد أعفانا المتآمرون من عناء البحث والتحليل وقالها في ثمانينيات القرن الماضي وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر والذي وصفه الراحل العظيم أحمد بهاء الدين، بـ «الصهيوني الحقير»، قال كيسنجر: إن أكبر ضمان لبقاء إسرائيل في المنطقة العربية. هو تفتيت المنطقة إلي دويلات عرقية وطائفية !!! وأكدت ذلك وزيرة خارجية جورج بوش، كوندليزا رايس عندما «بشرتنا.»بالشرق الأوسط الكبير».!!ولن أحيل المتشككين في وجود مؤامرة علي الوطن العربي عامة ومصر علي وجه الخصوص، إلي الدور البريطاني المدمر باختراع دولة طائفية بامتياز في قلب العالم العربي، هي إسرائيل، لضمان «عدم تمدد مصر شرقا» ولإشعال نيران الطائفية الكريهة عندما استكملت الأمبراطورية مخططها الشيطاني بإنشاء جماعة» الإخوان المسلمين» ..بعد ٢٥ يناير بدأ المخطط يؤتي ثماره السامة، في ليبيا وسوريا والعراق، وذلك بالتوازي مع تنفيذ جمعيات حقوق الإنسان للمخطط المرسوم، لأن مصر هي «الجائزة الكبري» كما كشف العديد من المسئولين ،لا سيما الأمريكيين..قامت ثورة يناير في الأساس لتطبيق مطالبها، عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية ..لكن سرعان ما حاولت منظمات حقوق الإنسان جذب ـ وليس كلها بالطبع ـ المواطن إلي أرضيات أخري وكان المطلب الأول والأساسي، هو تفكيك الدولة المصرية بتجريدها من أسباب قوتها ومنعتها وحصانتها وعزتها، أي من جيشها الساهر علي حماية حدودها، بل وكيانها، علي مدي سبعة آلاف سنة..واتفق مندوبو القوي الخارجية المعادية، علي إثارة المواطنين البسطاء ضد الجيش بدعوي معارضة «حكم العسكر» المنافي للديمقراطية !؟..وامتد العداء حتي ثورة يوليو بكل ما حققته، ليس لمصر فحسب، بل لكل الوطن العربي وشعوب العالم الثالث..وكذلك جنحت هذه المنظمات علي تشويه أكثر القيم نبلا، مثل «الحرية»، فاعتبرت أن الحرية هي الفوضي، أي حرية تدمير منشآت الدولة والعدوان علي مؤسساتها، واعتبار ذلك ممارسة للحرية وفي نفس الوقت تنكر علي الشرطة الدفاع عن ممتلكات المواطنين وعن أفرادها..باختصار، لم تبادر هذه المنظمات المشبوهة، بإقامة مشروع صغير للتخفيف من وطأة البطالة، ولا هي فتحت فصولا لمحو الأمية، بل انصب نشاطها علي محاولة تفكيك الدولة وهو ما ازداد بوتيرة مسعورة، بعد ثورة يونيه، التي مزقت مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، وبدأت الكفة تميل باتجاه الحفاظ علي الأوطان في الدول العربية التي عانت الأمرين، منذ بدأ التدخل الخارجي يتم بأدوات داخلية،لا سيما في فترة حكم الإخوان، والذين كانوا ضالعين في المخطط تحت ستار أنهم،»بتوع ربنا !»، وقد اكتشف الكثيرون خدعة هذه المنظمات وهم يرون كيف تجلت مظاهر ثرائهم الفاحش أحيانا، من ركوب التوك توك، إلي السيارات الفاخرة جدا..وفي هذا المجال يتسأل الناس، ماذا عن قضية الـ «٢٥٠» والتي تسرب أنها تتعلق بالذين تلقوا مبالغ كبيرة، وأحيانا طائلة، للترويج لمخطط تفكيك الدولة والتحريض خاصة ضد الجيش، والمناداة بالتصالح مع الإرهابيين واعتبارهم «معارضة». ما هو السر في تقاعس الدولة عن كشف هؤلاء ومساءلتهم عن جرائمهم تجاه الوطن ؟ ممن تخاف الدولة فلا تقدم هؤلاء للرأي العام المصري وكذلك للمحاكمة..واللافت للنظر أيضا أن أيا من هذه المنظمات، لم يوجه، ولو مرة واحدة، عتابا «رقيقا» للتنظيمات التي تفجر وتدمر وتقتل بوحشية، المواطنين وأفراد جيشنا وشرطتنا..ولن أقول، إنها لم، ولن تجرؤ علي مجرد إشارة إلى سجل حقوق الإنسان «المشرف» للولايات المتحدة الأمريكية في أبو غريب وجوانتنامو، وأهم ما فى الموضوع أن تواصل القيادة طريق البناء والإصلاح وإرساء العدالة الاجتماعية، التي وحدها ستغلق ملف منظمات حقوق الإنسان الممولة من الخارج، فليس معروفا عن الدول المُمولة أنها «فاعلة خير» بل كل ما عانيناه ونعاني منه كان ولا يزال مسطورا في كتابهم