رحّب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في تعقيب له خلال جلسة "فرص وآفاق التمويل الدولية" من فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر الاقتصادي مصر-2022، بممثلي المؤسسات الدولية والقطاع الخاص المتواجدين بالجلسة، قائلًا: «أود أن أوضح شيئًا مهما للغاية، هو أنه كان هناك دائمًا انطباع راسخ حول أن الحكومة هي من يمكنها فقط الحصول على التمويل الأجنبي من خلال الاقتراض الميسر أو حتى القروض الخارجية، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الدولة المصرية تساعد القطاع الخاص في الحصول على قروض بشروط ميسرة من مؤسسات تمويل دولية عند دخوله في مشروعات كبرى تطرحها الدولة».
وأضاف في هذا السياق، أن مشروع "بنبان للطاقة الشمسية"، على سبيل المثال، عندما طرح كمشروع استراتيجي للدولة، مكّن العديد من شركات القطاع الخاص، من خلال الدعم المقدم من الدولة، من التفاوض مع مؤسسات تمويل دولية من أجل الحصول على تمويل ميسر تستطيع من خلاله تنفيذ هذا المشروع.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: «أقول هذا الكلام لأننا بالأمس، خلال العرض، تطرقنا إلى أن رؤيتنا كدولة خلال الفترة المقبلة هو التوسع في تنفيذ المشروعات القومية الكبرى من خلال توسيع المشاركة مع القطاع الخاص»، لافتًا إلى أن الدولة لا تستطيع التوقف عن تنفيذ المشروعات القومية لأن البلاد تحتاج إليها، لكنها تسعى لأن يكون القطاع الخاص شريكا لها في هذه المشروعات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه توجد قطاعات محددة ستكون أولوية أولى بالنسبة للدولة المصرية خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء) هو أحد القطاعات المهمة للشراكة مع القطاع الخاص، ومشيرًا في هذا الإطار إلى أنه تم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الإطارية مع العديد من التحالفات حتى يتم تنفيذ هذه المشروعات، والتي سينفذها القطاع الخاص، حيث تدعمه الحكومة من خلال هذه المشروعات على الاتفاق مع مؤسسات التمويل الدولية من أجل الحصول على تمويلات ميسرة يمكن من خلالها تنفيذ هذه المشروعات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه من بين القطاعات المهمة التي تمنحها الحكومة أولوية خلال المرحلة المقبلة، هو قطاع تحلية المياه ومعالجة المياه وهو يمثل بُعدا استراتيجيا، مضيفا: «كلنا نعلم تحدي المياه بالنسبة لمصر، والدولة المصرية تعتزم التوسع بقوة في هذه المشروعات، كما تولي الدولة أهمية لمشروعات النقل الكبرى، ومنها النقل الجماعي بشكل خاص، حيث أعلنا ترحيبنا بمشاركة القطاع الخاص في تنفيذ خطوط أو المشاركة مع الدولة في تنفيذ خطوط النقل الجماعي الكبيرة».
وتطرق كذلك إلى مشروعات الموانئ الجافة، التي يتم تنفيذها بالفعل بمشاركة القطاع الخاص بالأساس، وكذلك مشروعات الموانئ البحرية، حيث تم بالفعل التوقيع على شراكات مع القطاع الخاص لتشغيل وإدارة هذه الموانئ، فضلا عن مشروعات الصناعات الكبرى، مثل البتروكيماويات، والصناعات التكنولوجية المتقدمة.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة على اتم الاستعداد لمشاركة القطاع الخاص في هذه القطاعات سالفة الذكر، ومساعدته في التفاوض مع المؤسسات الدولية للحصول على تمويلات ميسرة حتى يستطيع تمويل هذه المشروعات.
وأضاف: «هنا قد يسأل سائل، ما هي الاستفادة التي ستحققها الدولة من وراء ذلك، والإجابة هي أن الدولة ستستفيد عندما تحصل الشركات على التمويل بفترات سماح طويلة الأجل وفائدة قليلة نسبيًا، حيث يتم تسديدها على مدى زمني طويل، وهذا كله يساعد الدولة في أنه عند إقامة المشروع ستكون تكلفة تشغيله أقل. وأوضح رئيس الوزراء، أن معظم دول العالم تأثرت بالتحديات العالمية الراهنة، ولكن كل دولة لها خصوصيتها في التعامل مع هذه التحديات، فهناك عدة دول أعلنت عن ان سياستها في التعامل مع هذه الأزمة ستكون إبقاء الوضع على ما هو عليه وتلبية الاحتياجات الاساسية لمواطنيها من المأكل والمشرب وإعانتهم على دفع الفواتير، وهذه دول مستقرة، لكن مصر التي تعتبر دولة شابة ولديها عدد كبير من السكان، تحتاج سنويا إلى توفير ما يقرب من مليون فرصة عمل جديدة، أي تحتاج إلى خلق فرص عمل جديدة تتواءم مع عدد الخريجين الشباب ودخولهم سوق العمل بشكل سنوي، وإلا في المقابل سوف تزداد معدلات البطالة».
وفي هذا الصدد، أشار رئيس الوزراء، إلى الجهود المبذولة على مدار الفترة السابقة، من أجل التوسع في الاستثمارات العامة والإنفاق العام؛ بهدف زيادة معدلات التشغيل، في ظل فترة كانت تعاني الدولة فيها من اضطرابات شديدة، وبالتالي كان من الظلم أن يتم تحميل القطاع الخاص مسئولية عملية التمويل، خاصة وأن القطاع الخاص متخوف من القدوم في أي توسع في ظل تلك الاضطرابات السياسية والاقتصادية، ومن ثم لم يكن هناك بديل عن دخول الدولة المصرية بمؤسساتها حتى تقوم بتوفير التمويل اللازم للمشروعات القومية.
وتطرق مدبولي إلى حديث رئيس الجمهورية بالأمس خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بشأن تمتع البلاد الان باستقرار سياسي وأمني، إلا أننا في حاجة للمزيد فيما يخص البعد الاقتصادي، والذي ما زال يشغل حيزا من تفكير الدولة المصرية، موضحا أنه في حالة أن القطاع الخاص لديه القدرة على توفير المليون فرصة عمل، فإن الدولة ستدعم القطاع الخاص بجميع صور الدعم، في سبيل تحقيق هدفنا لتوفير مليون فرصة عمل سنويا.
وأضاف: بالطبع هذا سيحتاج إلى وقت، ولذا الدولة مستمرة في مشروعاتها، إلى جانب زيادة الشراكة مع القطاع الخاص، وسنطلب من مؤسسات التمويل الدولية التمويلات الميسرة التي تساعدنا على إنجاح هذه المشروعات، مؤكدا أن الدولة حريصة كل الحرص على قيام القطاع الخاص بدور أكبر حتى نعبر هذه الفترة. وتعقيباً على اجتماعات كل من وزراء التخطيط والتعاون الدولي والمالية مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مؤخرا، في ضوء الأزمة العالمية الموجودة، فقد أعرب رئيس الوزراء عن أنه بدا خلال هذه الاجتماعات توجه العديد من كبار المسؤولين في دول العالم الغربي والمتقدم خلال الفترة القادمة إلى زيادة الاستثمار الحكومي، والاستثمار العام في الاقتصاد، لأن القطاع الخاص لن يستطيع تمويل أعمال التنمية وحده في ظل الازمة العالمية.
وجدد التأكيد على أن الدولة المصرية حريصة على تعظيم دور القطاع الخاص، وانه من المستهدف زيادة استثمارات القطاع الخاص بشكل متسارع في خلال الـ 3 -4 سنوات القادمة، وأن يعود لوضع القيادة في عملية التنمية والاستثمار، وأن دورنا كدولة هو العمل على توفير الدعم والعمل سوياً في هذه المشروعات بكل الوسائل الممكنة ومنها توفير التمويل الميسر من خلال الشراكة مع القطاع الخاص والاستعانة بمؤسسات التمويل الدولية، للحصول على فرص تمويل ميسر؛ لتنفيذ هذه المشروعات التي تفيد المواطن المصري والدولة المصرية.