أكدت مختصتان في مجالي أدب وحقوق الطفل، أن انشغال الآباء في الآونة الأخيرة؛ يعد السبب الرئيس وراء تراجع تقليد سرد القصص قبل النوم، إلا أنهما أكدتا أهمية تلك القصة كـ"بلسم شافٍ" للطفل يؤثر على نفسيته ويخلق علاقة عاطفية قوية مع والديه، كما يمنحه الإحساس بالأمان.
جاء ذلك خلال جلسة«هل نشهد تراجعاً لتقليد سرد القصص قبل النوم؟»، التي أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ16 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، بمشاركة الكاتبة روخسانا خان، وخبيرة حقوق الطفل آمال الهنقاري، وأدارتها د. لمياء توفيق.
وقالت الكاتبة الكندية من أصل باكستاني، روخسانا خان، الفائزة بجائزة عالمية في مجال السرد القصصي، إن القصص تُعد من الأشياء التي تُسعد الأطفال في كل الأوقات، لكن ما نلاحظه في الآونة الأخيرة هو أن الآباء باتوا مشغولين أكثر من أي وقت مضى، لذلك فهم يُحضرون الألعاب لكنهم لا يتقاسمون مع أطفالهم القصص الثقافية والحكايات الشعبية التي تقدّم للأطفال الحكمة اللازمة لتشكيلهم في بداية حياتهم.
وأضافت: «هناك بعض القصص التي تحكي عن صراعات لأميرٍ وأميرة، وبالتالي فإن الطفل يمر مع الحكاية بكل هذه الأوقات الصعبة حتى يصل إلى المسار الصحيح في النهاية، وهنا تظهر أهمية القصص في ترسيخ القيم الإيجابية».
وأكدت روخسانا خان، أن بدون القصص يضيع الأطفال، لذلك علينا ضبط التوقيت وتخصيصه للأطفال وسط انشغالاتنا المستمرة، لاسيما وأن القصص تهدئ الطفل وتخفف عن عقله وذهنه وتؤكد له أن كل شيء على ما يرام في هذا العام، مشددة على أن القصص مهمة جداً لأنها تساعد الأطفال على التنفس بعمق والتفاعل بسهولة مع الوالدين.
وعن آلية سرد الحكاية، قالت: "يجب أن نفكر كآباء من منظور الطفل، وبالتالي لابد من تقديم الحكاية بأسلوب بسيط قابل للفهم، لأنها وسيلتهم للوصول إلى العالم من حولهم واكتساب اللغة والتفاعل مع الوالدين؛ بل والتنبؤ بما سيحدث في القصة، وهو ما ينمّي التفكير لديهم»
زبدورها، قالت آمال الهنقاري، خبيرة حقوق الأطفال من دولة ليبيا، إن الحكاية مرتبطة بذهن الأطفال والكبار، وقد كنا صغاراً وتوّاقين للحكاية؛ فحكاية ما قبل النوم هي بلسم شافٍ للطفل، خاصةً إذا اعتاد عليها لأنها مصدر طمأنينة ومحبة بينه وبين والديه، إذا حرصا على إعطاء وقت لأطفالهما.
وأضافت: «طبيعة الطفل تميل إلى الحنين إلى حضن أمه، وخصوصاً لو كان بجانبه رواية جميلة ممتعة، فحينها سيكون هذا العمل أحد العوامل المؤثرة في نفسه، ومن هنا تبرز أهمية حكاية ما قبل النوم.»
وشرحت أن اختيار الأب أو الأم للقصة دائماً ما يكون مرتبطا بقيمة يرغبان في غرسها بالطفل، مع ترك مجال لخياله للتفكير، خاصة إذا كانت تروى بطريقة مشوقة مثل تغيير نبرة الصوت تماشياً مع الأحداث والشخصيات. وحينما تُقدّم القصة بهذا الشكل تكون من القلب إلى القلب وتصل بسرعة ويكون تأثيرها جيداً ومتكاملا.
وأشارت «الهنقاري» إلى أنه في ظل كل ما يحيط بالأطفال من انشغال الآباء وتأثير للتكنولوجيا، أصبحنا غرباء إلى حد ما داخل بيوتنا؛ لكن عندما يكسر الأب أو الأم هذا الفراغ باحتواء الأطفال عبر تقديم حكاية لطيفة سواءً من التراث أو عصرية، فهذا يضيف معلومة وقيمة للطفل ويعزز الارتباط الأسري بين الطفل ووالديه، وخاصةً في سنوات عمره الأولى.