السبت 23 نوفمبر 2024

مقالات

فلسفة الحكم.. وبناء الدولة «9»

  • 31-10-2022 | 22:31
طباعة

عانت مصر على مدار 50 عاماً من افتقاد النخبة المسئولة للوعى والفهم.. لتشخيص الواقع.. وإدراك متطلبات العبور من الفجوة التي تعانى منها البلاد.. لذلك واجه الرئيس السيسي تحديات غير مسبوقة.. ولم يستسلم لها.. ولكن كان ومازال مختلفاً واستثنائياً.. لذلك لما أدار عملاً خلاقاً على مدار 8 سنوات ومازال يتابع بنفسه ويتفقد على أرض الواقع.. ويعقد اللقاءات مع المسئولين في الدولة من كافة المجالات والقطاعات.. لذلك حقق نجاحات لم يسبقه إليها غيره.. وأضاف مدرسة جديدة لإدارة وبناء الدول.. لا تستسلم للمعوقات.. ولا تعرف الراحة والإجازات ولا تكتفي بسياسات واستراتيجيات ومتابعتها عن بعد.. ولكن كان ومازال دائماً في قلب ملحمة البناء والتنمية.. يتابع ميدانياً ويتفقد على أرض الواقع.. ويقف على تفاصيل كل صغيرة وكبيرة.. وقرار وطني شريف حاضر وجاهز بما يحقق مصلحة الوطن.

لا شك أن الحروب والصراعات التي خاضتها مصر وسنوات المواجهة مع الإرهاب نالت من قدراتها.. وأدت إلى تفاقم التحديات وبالتالي زيادة الفجوة بين تطبيق الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية والإصلاحية.. ومدى القبول الشعبي والجماهيري بها.

الحروب التي فرضت على مصر.. وأيضاً موجات الإرهاب المتلاحقة.. وتأثيراتها على القدرات الاقتصادية المصرية ضاعفت مخاوف صناع القرار، حيث أدت نتائج وتأثيرات هذه الحروب إلى زيادة وتفاقم المعاناة والتحديات والفقر والعوز.. وبالتالي ابتعاد الرؤى الإصلاحية ثم جاءت موجات الإرهاب التي أثقلت كاهل وقدرات الدولة اقتصادياً لتشكل ضغطاً جديداً وعائقاً في غياب الرؤى الإصلاحية والحلول الجذرية.. وموجات الإرهاب المتلاحقة بدأت مع ظهور جماعة الإخوان والتي شكلت فيروساً وآفة خبيثة في جسد الأمة المصرية منذ عام 1928 على يد حسن البنا وبدعم من المخابرات الإنجليزية.. وبدأت محاولات استهداف الدولة المصرية بأشكال مختلفة من خلال ممارسات للجماعة من تضليل وخداع ومتاجرة بالدين وأكاذيب وتشكيك وتزييف وعى المواطنين تحت شعارات دينية وبث الفتنة بين مكونات المجتمع المصري.. والسعي لتغيير هوية الدولة المصرية.. وقيم شعبها.

حالة التشكيك والإحباط التي عمل على ترسيخها تنظيم الإخوان الإرهابي على مدار أكثر من 80 عاماً.. كانت أحد المعوقات والتحديات التي واجهت الدولة المصرية.. وشكلت حالة من تزييف الوعى لدى قطاع من المصريين.. خاصة أن الجماعة الإرهابية نشطت بكثافة في الأوساط الشعبية في المناطق البسيطة والفئات الأكثر احتياجاً.. من خلال توظيف المساعدات مثل الزيت والسكر لتحقيق استقطاب وأهداف سياسية.. وساعتها لم يكن وعى وإدراك الدولة حاضراً بالشكل المطلوب أو حالت بعض المواءمات السياسية دون المواجهة الحاسمة مع الإخوان المجرمين حتى تمادى التنظيم الإرهابي ليصل إلى الفئات الطلابية والجامعات والنقابات.. في ظل بناء وعى مزيف لدى هذه القطاعات.. ومحاولة استغلال حال الفقر والعوز في شكل إنساني مزعوم.. وهو في الحقيقة توظيف سياسي لصالح أجندة التمكين من مفاصل هذا الوطن وبالتالي تحقيق أهداف الأطراف الخارجية التي تمول وترعى وتدعم وتصدر التعليمات لتنظيم الإخوان الإرهابي.

استخدام قوى الشر الدولية سلاح الدين وإلباسه لجماعة الإخوان الإرهابية.. كان أمراً مخططاً وممنهجاً في ظل ميل المصريين إلى الدين.. بشكل لا حدود له.. وبالتالي نجح الإخوان من خلال التجارة بالدين في خداع قطاع من المصريين وصولاً إلى أحداث 25 يناير 2011.. فقد ظن البعض أن الجماعة الإرهابية هي نموذج للوسطية والوطنية.. لكن رويداً.. رويداً اكتشفت هذه القطاعات الشعبية حقيقة الإخوان.. وأنهم مجرد جماعة تتاجر بالدين تسعى لهدم وتقسيم الوطن.. وإسقاط الدولة تحقيقاً لأهداف خارجية، وتمكين الإخوان من مفاصل الدولة المصرية ثم يكون مصير هذا الشعب السحل والقتل أو أن يكون أسيراً لجماعة إرهابية لا تعرف سوى السمع والطاعة والأهل والعشيرة لذلك سارع المصريون في 30 يونيو 2013 إلى عزل وإسقاط نظام الإخوان الذى تولى حكم مصر في ظل توقف الزمن وغياب الوعى ونجاح مخطط الإخوان على مدار العقود الماضية في خداع المصريين.

ما حدث في يناير 2011 لم يكن على الإطلاق تغييراً ولكنه كان بكل ما تحمله الكلمة تدميراً وإجهازاً على ما تبقى من الدولة.. فقد عمقت جراح الوطن.. وفاقمت أزماته وتحدياته.. وربما يكون ما حدث هو نتيجة طبيعية لتوظيف الأزمات والأزمة العميقة للدولة المصرية وحالة الاحتقان الشعبي التي تم البناء عليها من الإعلام والدراما خاصة الإعلام الخاص الذى وظف للتمهيد ما حدث.. وكان مدعوماً خارجياً بسخاء وهو ما ساهم في تزييف وعي قطاع كبير من المصريين.

يناير 2011 كانت توظيفاً حقيقياً لنتائج التحديات والمعاناة والأزمة العميقة للدولة استغلتها الدول المعادية وأذنابها من الخونة والمرتزقة والعملاء والطابور الخامس بقيادة جماعة الإخوان المتحالفة مع أجهزة المخابرات المعادية لمصر في محاولة إسقاط الدولة المصرية وإيصالها إلى دولة فاشلة ثم تقسيمها وتشريد المصريين بحيث لا تقوم لها قائمة ولا تشكل أي وزن في المعادلة الإقليمية لصالح قوى وأطراف إقليمية أخرى تم إسناد الإشراف على مشروع الشرق الأوسط الجديد لها وحاولت تنفيذ أطماعها وأوهامها.. وقوى إقليمية أخرى سعت لتنفيذ مخططاتها ومشروعاتها الخبيثة وصفقاتها خاصة على حساب سيناء وفصلها عن الجسد المصري وهناك من روج لهذا المخطط.. وكان الهدف إقامة دولة فلسطينية على امتداد غزة في سيناء.. لكن عقيدة جيش مصر العظيم والشريف وقادته العظماء وأيضاً عقيدة المصريين التي تقدس الأرض والعرض حالت دون تنفيذ هذه المخططات.

30 يونيو 2013 أعظم ثورات العصر الحديث عندما أدرك المصريون حقيقة الجماعة الإرهابية وخيانتها للوطن والشعب انتفض الشعب.. معلناً عزل نظام الإخوان الفاشي واحتمى بجيشه العظيم الذى لم يتأخر أو يتردد لحظة في حماية إرادة المصريين لذلك يكره الإخوان وأسيادهم من رعاة وداعمي المؤامرة على مصر ثورة 30 يونيو لأنها أجهضت المؤامرة.. وعطلت المخطط وأنقذت مصر من الضياع والتقسيم بل وأنقذت المنطقة العربية من خطر الإسقاط والتقسيم.

أردت آن أذكر هذا الشعب بحقيقة تنظيم الإخوان الإرهابي وما اقترفته أيادي الجماعة الآثمة من جرائم وخيانة في حق الوطن لكنها أيضاً يقينا فقد شكلت جرائم الإخوان سواء الإرهاب أو حملات التشكيك والخداع والتحريض والتشويه والأكاذيب والمتاجرة بالدين وبث الفتنة بين المصريين.. والعمل والوقيعة والفرقة وتغيير الهوية المصرية.. تحديات خطيرة على الدولة المصرية على مدار 80 عاماً وصلت ذروتها في 2011 وحتى بعد نجاح ثورة 30 يونيو العظيمة وإلى وقتنا هذا تحاول الجماعة الإرهابية بشتى وسائل الأكاذيب والشائعات والتحريض والشغب إلى الإضرار بالدولة المصرية أو النفاذ إلى عقول المصريين مرة أخرى من خلال الوعى المزيف.

يناير 2011 لم تكن على الإطلاق تغييراً ولكنها تدمير مباشر لكل مقدرات ومقومات الدولة المصرية خاصة في آثارها وتداعياتها على المستوى الاقتصادي والسياسي والإقليمي والدولي فعلى المستوى الاقتصادي فاقمت التحديات والأزمات المصرية ولم تضع حلولاً ولكنها شكلت إضافة إلى قائمة التبعات أمام الإصلاح والحلول الجذرية.. فقد خسر الاقتصاد المصري بفعل الفوضى والانفلات وعدم الاستقرار والمظاهرات الفئوية وتوقف عجلة الإنتاج والعمل ما يقرب من 477 مليار دولار وعلى المستوى السياسي زادت حدة الخلاف والشتات والانقسام في المشهد المصري وعلى المستوى الإقليمي والدولي تراجع الدور المصري إلى حد غير مسبوق في ظل صعود قوى إقليمية أخرى عدائية لديها أجندات وأطماع وأوهام ووجدت الفرصة فيما حدث في يناير 2011 للتمدد وتهديد الأمن القومي المصري ولم تجد إثيوبيا فرصة ثمينة أكثر من أحداث يناير 2011 لتطلق بناء سد النهضة في ظل غياب الدولة المصرية وانشغالها بسبب أحداثها وظروفها الداخلية وتراجع قدراتها وتأثيرها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

إذن خسائر مصر من أحداث يناير 2011 يصعب حصرها من فرط قسوتها وسلبياتها ووصف التدمير وليس التغيير هو مصطلح معبر تماماً عن الحالة التي وصلت إليها مصر من تردٍ وانهيار وربما سقوط.

هناك أخطاء وكوارث ارتكبتها الشعوب في حق أوطانها بسبب غياب الوعى الحقيقي والفهم الصحيح.. وكادت مصر تدفع ثمناً باهظاً يصل إلى حد الضياع بسبب غياب الوعى والفهم لمتطلبات التغيير والإصلاح الحقيقي الذى يستوجب تشاركية الشعب نفسه مع القيادة والحكومة في اتخاذ إجراءات وحلول جذرية للبناء والإصلاح وليس الاستجابة لدعاوى الهدم والتدمير.. لذلك ربما تكون الشعوب نفسها وبأشكال كثيرة هي السبب الرئيسي فيما تلقاه من معاناة وأزمات عميقة.. ولعل ما حدث مع بلدان عربية كثيرة منذ أوائل هذا القرن الحالي يدعونا أن نشير إلى أخطاء الشعوب في استجابتها لدعاوى الهدم والتحريض والوعود البراقة التي لا أساس لها على أرض الواقع مثل الديمقراطية والحرية والازدهار.. وكل هذه الوعود تحولت بعد ضياع الدولة وشعوبها إلى سراب وأوهام وكل ما حدث في العراق وسوريا وليبيا وغيرها من الدول التي عانت ومازالت من ويلات الفوضى والانقسام والتشرذم جراء تمكن الأعداء والإرهاب من مفاصل الدول وزيادة فجوة الصراعات بين فئات الشعب الواحد.. و التي تصل أحياناً إلى الاقتتال أو القتال في صفوف أعداء الوطن.

لبنان أيضاً مثل واضح لنتائج وتداعيات عدم الاستقرار فلم ينتبه الشعب إلى نتائج اتساع هوة الخلافات السياسية والطائفية أو المظاهرات والاحتجاجات حتى وقعت الطامة والكارثة من خلال انهيار اقتصادي أدى إلى نفاد الرصيد الدولاري في البنوك وضياع إيداعات المواطنين فيها من الدولار.. لذلك فهذه هي النتيجة والتكلفة الطبيعية لحالة عدم الاستقرار وهو ما يجب ان يكون درساً حاضراً أمام الشعوب الأخرى وأيضا تتعلم الشعوب نفسها من أخطائها.

الحقيقة أننا أمام فلسفة حكم مختلفة واستثنائية وعبقرية أيضاً في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ 2014 فالرئيس السيسي لم يخف أي حقيقة عن المصريين.. صارحهم بكل صدق عن حجم التحديات التي تواجه الدولة المصرية وتشكل لها أزمة عميقة.. ولم يجامل الرئيس أو يجمل أو يزين أوضاعاً صعبة.. بل كان صريحاً إلى أقصى حد ولم يبع الوهم لشعبه.. ولم يقل أن كل شيء جميل والأوضاع مثالية.. هذا ليس طبع أو فكر أو رؤية أو عقيدة الرئيس السيسي.. شرح وعرض أمام المصريين كل التحديات والصعاب والأزمات والمعوقات التي تواجه الدولة.. لكنه في النهاية كان مبشراً ولكن بشرط ان يكون الجميع على قلب رجل واحد في بناء الوطن وتجاوز التحديات وعبور الأزمات.. فالقيادة والحكومة لن تستطيع بمفردها ولكن الدولة جميعا تستطيع قيادة وحكومة وشعباً في مسئولية تشاركية لبناء الوطن فالتحديات كانت أكبر من طاقة أي رئيس أو حكومة احتاجت وعى وفهم وعمل وصبر وتحمل وثقة الشعب.. الرئيس السيسي لم يخدع أحداً قال إن العمل شاق والطريق صعب لكن احنا مع بعض نقدر ونستطيع وهذا حدث بالفعل.. خاصة بعد أن قرر الرئيس السيسي اتخاذ قرار الإصلاح في نوفمبر ٢٠١٦ استشعاراً بأن تحديات مصر لا تحتمل التأخير.. وثقة في وعى وفهم والتفاف المصريين واعتماداً على رصيده الوافر من الحب والتقدير والثقة والشعبية الكاسحة.. لذلك حقق الإصلاح الشامل نجاحات فاقت أى توقعات في الداخل والخارج وأصبح نموذجاً يحتذى به في الدول المتطلعة للإصلاح والبناء.

الحقيقة أن الرئيس السيسي في حديثه خلال افتتاح المؤتمر الاقتصادي أكد على أمر مهم.. وحقيقة مؤكدة «الناس عاوزه تغيير» لكن نفس هؤلاء الناس لا يدركون تكلفة التغيير.. والثمن الباهظ له.. ويظنون أن من سيتولى بعد التغيير لديه المفتاح السحري أن يغير الواقع ويقضى على الأزمات بمفرده.. والحقيقة أن هذا فهم خاطئ.. لان الإصلاح والبناء والتنمية تتطلب وجود معادلة ثلاثية مهمة هي القائد صاحب الرؤية الذى يمتلك شجاعة القرار وفضيلته وأيضاً الحكومة القادرة على تنفيذ هذه الرؤية وقبل ذلك الشعب الذى يتحلى بالوعى الحقيقي والفهم الصحيح والإدراك لحتمية الإصلاح وقدرته على التغيير.. وبدون وعى وقبول الشعب لن يكون هناك مجال للإصلاح وستظل الأزمات والتحديات عالقة تتحرك للأسوأ وتتفاقم في كل يوم تأخير وتعطيل.

الحقيقة المهمة أيضاً ا ن تنظيم الإخوان الإرهابي والذى شكل أحد معوقات البناء والإصلاح في الدولة المصرية لم يكن يوماً أميناً أو شريفاً أو صادقاً أو مخلصاً بل انتهج عقيدة التشكيك والكذب والتحريض ولم يكن لديه أي فكرة أو أدنى معرفة وعلم بكيفية إدارة دولة في حجم مصر رغم أن الجماعة تكالبت وتصارعت وماتت على مدار العقود الماضية على الوصول إلى السلطة في مصر وعندما جاءت إليها فشلت بشكل ذريع.. لأنها تريد السلطة ولا تعرف إدارة دولة.. فهى تريد ولا تعرف.. لذلك كان الفشل هو النتيجة الحتمية لممارسات وعقيدة هذا التنظيم الإرهابي الذى لم يكن أيضاً أميناً على مصر و الـ100 مليون مصري.. فالدولة وإدارتها أمر مختلف لا يقدر عليه اللئام والجهلاء والخونة والمرضى بالسلطة دون علم أو خبرة أو دراية.

في البند العاشر لتشخيص الوضع الاقتصادي وأسباب الأزمة العميقة التي عانت منها مصر على مدار 50 عاماً.. تحدث الرئيس السيسي عن قضية مهمة للغاية نستطيع من خلالها استدعاء الماضي والحاضر وما حدث في دولاب العمل والإدارة بالدولة.. فقد واجهت مصر تحديات كبيرة سواء في ترهل الجهاز الإداري للدولة وعدم كفاءته وقدرته على مواكبة وتنفيذ الإصلاح والبناء حيث عانى من التكدس والتضخم وافتقاد عنصر الكفاءة والجدارة في الاختيار.. لذلك كانت مهمة هيكلة مؤسسات الدولة أمراً مهماً في عهد الرئيس السيسي وضرورة أن تقف هذه المؤسسات على أرض صلبة لأنه لا مناص من الاعتماد عليها في البناء والإصلاح والتنمية لذلك نتوقف طويلاً عند البند التاسع الذى قاله الرئيس «غياب الوعى والفهم لدى النخبة المسئولة لتشخيص ما نحن فيه وكذلك إدراك متطلبات العبور للفجوة التي تعانى منها البلاد» ـ في الخمسة عقود السابقةـ ودعوني أشرح بعض الأساسيات والمبادئ والرؤى التي اتبعها الرئيس السيسي في فلسفة حكمه وفي طريقة إدارته للدولة المصرية التي أطلقت منذ أن تولى السيسي أكبر مشروع في تاريخ الدولة المصرية للبناء والتنمية المرتكز على الإصلاح الحقيقي كالتالي:

أولاً: أن الرئيس السيسي ابتعد تماماً عن أساليب وطرق الإدارة التقليدية التي اتبعها رؤساء مصر السابقون خاصة النمطية والتقليدية والبيروقراطية وتبنى بشجاعة القرار ودراسته والإسراع في تنفيذه في أقل وقت وأقل تكلفة وبأعلى جودة تحت شعارات أن مصر تأخرت كثيراً وانها في حالة سباق مع الزمن.

ثانياً: الرئيس السيسي لم يعمل بنفس طريقة سابقيه في الإدارة بوضع الاستراتيجيات والمتابعة والمراجعة، ولكن الرئيس السيسي ينزل بنفسه إلى ميادين ومواقع العمل والإنتاج ويطمئن على سير العمل وأنه طبقاً لأعلى المواصفات والمعايير وضرورة الالتزام بالتوقيتات المحددة لذلك فهذا واقع نراه على الأرض حتى في أيام الجمعة والإجازات الرسمية يتابع الرئيس بنفسه.

ثالثاً: الرئيس السيسي في الأيام العادية يعقد لقاءات يومية مع الوزراء والمسئولين بحضور رئيس الوزراء لمتابعة كل القضايا والملفات والمشروعات، ويطمئن على كل صغيرة وكبيرة ويصدر التوجيهات، ولا يقتصر دوره فقط على المتابعة عن بعد أو التليفون لكن متابعة ميدانية، ومتابعة واتخاذ قرار في لقاءات يومية مباشرة مع المسئولين في الدولة عن كافة الملفات وهو على دراية وإلمام واطلاع مستمر ويومي على كل ما يدور في الدولة.

رابعاً: الرئيس السيسي يولى اهتماماً كبيراً بكل تفاصيل رؤية البناء المصرية التي تنفذ في كل ربوع البلاد، لذلك ما تحقق على مدار السنوات الماضية نتاج 25 ألف ساعة عمل يومية أو على الأقل 10 ساعات عمل يومياً بحد أدنى، وهو جهد غير مسبوق لم نعهده في أى رئيس كان يكتفي بإصدار الاستراتيجيات والسياسات والتوجيهات والتفرغ للراحة والاستجمام والجلوس في المنزل لأوقات طويلة، فالرئيس السيسي لم يعرف الإجازات أو الراحة، ويميل إلى العمل المستمر، والمتابعة بمختلف أنواعها.

خامساً: الرئيس تحدث عن تدخله السريع والشجاع والحكيم في حل المعوقات التي واجهت الكثير من الوزراء وتطلبت وضع حلول فورية لمشاكل في مختلف الوزارات لذلك يحرص يومياً على عقد لقاءات متعددة مع الوزراء في مختلف الملفات لحل وإزالة المعوقات بشكل فورى.. في ظل حالة التردد والتعلثم التي انتابت بعض المسئولين، لكن الرئيس السيسي القائد الذى امتلك شجاعة وفضيلة القرار وسرعته لم يتردد لحظة في تحقيق مصلحة الوطن وخط فلسفة حكم جديدة تعتمد على الشجاعة والمتابعة الميدانية، والدورية، والعمل على مدار اليوم والحرص على الاطلاع على كل صغيرة وكبيرة.

الرئيس السيسي أيضاً في فلسفة حكمه رفض أن يعطل البناء للتفرغ من أجل مواجهة الإرهاب، ورفض أيضاً العمل بشكل متوالِ في خطة البناء والتنمية والتقدم على مدار ٨ سنوات، بمعنى أن العمل في تزامن وتوقيت واحد في كل المجالات والقطاعات ليسير التطوير والتحديث والبناء والإصلاح جنباً إلى جنب، بالإضافة إلى أن الرئيس السيسي حقق العدالة الجغرافية بمعنى أن البناء والتنمية والإصلاح والتطوير لم يستهدف القاهرة والجيزة والإسكندرية فحسب ولكن دارت رحاها ومازالت في كل ربوع البلاد، في كل المحافظات المصرية وتوهجت في المحافظات التي عانت التجاهل والتهميش على مدار عقود مثل الصعيد وبعض محافظات الدلتا والمحافظات النائية والحدودية، وجسدت المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التي أطلقت مشروع القرن تنمية وتطوير الريف المصري قمة العدالة الجغرافية فقد وصلت عوائد الإصلاح والتنمية إلى المصريين في قرى ونجوع الريف المصري لما يقرب من 60 مليون مواطن مصري، لقد مضى عهد التجاهل والتهميش وأعاد الرئيس السيسى للإنسان المصري اعتباره وكرامته والعدالة التي كان يفتقدها وما أعظم هدف «الحياة الكريمة» التي يعمل من أجلها الرئيس السيسي لصالح كل مواطن مصري في كل ربوع الوطن.

الرئيس السيسي لم يعتمد على استشاريين ومساعدين في وضع سياسات واستراتيجيات، باشر العمل والبناء بنفسه وشخصياً بكافة ومختلف الأساليب، سواء المتابعة الميدانية أو المتابعة الدورية أو عقد اللقاءات مع الوزراء والمسئولين في الدولة في مختلف القطاعات والمجالات للوقوف على كل التفاصيل للاطمئنان وإصدار التوجيهات باتخاذ قرارات معينة أو تعديلات.. الرئيس السيسي أدرك أن مصر لا تحتاج أساليب عمل تقليدية أو نمطية، أدرك أن مشروعه وهدفه هو بناء مصر وتخليصها من المعاناة والأزمات والتحديات التي تواجه البلاد والعباد، فمهد كل شيء أمام هذا البناء الذى هو مشروعه وصاحب رؤيته وأيضاً المتابع على مدار الساعة لكافة تفاصيل تنفيذه في كل جهاز إداري كان يحتاج إلى إصلاح حقيقي، ومؤسسات دولة تطلبت الأخذ بيديها بالتطوير والهيكلة تدريجياً كما قال الرئيس الذى لم يعول على أحد ليقوم بدوره بل قام بعشرات الأدوار الإضافية.. مهد الطريق أمام الوزراء الذين يجدون أمامهم مشاكل وعراقيل وعقبات، ومازال الرئيس السيسي يواجه مثل هذه التحديات، ويقوم بحلها بنفسه وهو ما قاله خلال معرض وملتقى الصناعة السبت الماضي لقد ورث الرئيس مؤسسات وجهازاً إدارياً وكوادر وأجواء ترسخت على مدار عقود، وتأثيرات بتداعيات يناير 2011، لذلك كل هذه التحديات كانت في حاجة إلى قائد وطني شريف شجاع وجريء وجسور لديه شجاعة وفضيلة القرار لا يخشى في مصلحة مصر وشعبها إلا الله- عز وجل- لذلك كان أمام خطة بناء الدولة وتنفيذ الإصلاح مشاكل جمة وعميقة فلك أن تتخيل عدم قدرة مسئول أو وزير على اتخاذ قرار، أو تعطيل القرار أو موظف غير قادر على مواكبة التطور ومازال يعيش في بيئة البيروقراطية والروتين والتعقيد، وجهاز إداري يعانى من أمراض وآفات كثيرة، كل هذه التحديات تجاوزها الرئيس السيسي لأسباب تتعلق في حكمته وتكوينه ووطنيته وإخلاصه وشرفه وشجاعته وإيماناً منه أن مصر تأخرت وتعطلت وطالما أن هذا الأمر يحقق مصلحة مصر وشعبها فلا يحتاج إلى تأخير أو تعطيل.

الحقيقة كما قلت أن الرئيس السيسي ورث تركة ثقيلة من التحديات على مدار 50 عاماً من أبرزها غياب الوعى والفهم لدى النخبة المسئولة لتشخيص ما نحن فيه، وكذلك إدراك متطلبات العبور للفجوة التي تعانى منها البلاد.. لك أن تتخيل أن المسئولين المنوط بهم البناء والإصلاح ومواجهة الأزمات والتحديات يعانون من أزمات ومشاكل في الوعى والفهم وتشخيص الوضع الذى تعيش فيه الدولة والحاجة والمتطلبات اللازمة لعبور الفجوة التي تعانى منها البلاد.. إذن كيف يمكن تحقيق النجاح في هذا الوضع، لذلك تحمل الرئيس السيسي الحمل الكبير، وبذل الجهد الوفير، والتصدي لكل المعوقات، وإعداد وتهيئة وتفهيم هؤلاء المسئولين أو النخب المسئولة منهم نجد رئيساً مثل السيسي يعمل يومياً على مدار أكثر من 10ساعات وبمعدل 25 ألف ساعة عمل في ٧ سنوات كان الرؤساء في الماضي نراهم في كثير من الأحيان في المؤتمرات والمناسبات أو لزوم التصوير أحياناً، لكن الرئيس السيسي عمل بروح المقاتل لبناء وطنه، ولم يستسلم لأى تحديات حتى في مؤسسات الدولة نفسها وكوادرها وحكومتها ومسئوليها، فالفكرة مترسخة في عقله، والرؤية واضحة لديه لذلك كانت لديه فلسفة حكم خلاقة حققت لمصر الكثير من النجاحات والإنجازات وصنعت الفارق في مسيرتها.

لم تكن النخب المسئولة هي فقط الغائبة.. لكن أيضاً على مدار 50 عاماً كانت النخب السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية والدينية شبه غائبة أيضاً سواء جلست وأقامت في أبراج عاجية لا تدرك طبيعة التحديات واحتياجات بناء الوطن.. أو عانت من النرجسية والاغتراب، والمزايدات والتنظير والفذلكات.. دون وجود عمق أو فهم عميق أو دراية أو اطلاع بالأحوال المصرية.. لكن الاكتفاء بالتعالي والمتاجرة بالبسطاء أو الارتكاز إلى النضال المزعوم والمزيف والكرتوني من أجل دغدغة المشاعر واللعب على أوتار الاسترزاق من خلال التنجيم عبر ارتداء عباءات المعارضة لكنها في النهاية كانت «سبوبة».

الحقيقة أن مصر واجهت تحديات هائلة أدت إلى أزمتها العميقة على مدار 50 عاماً.. وأستطيع القول إن الرفض وعدم القبول الشعبي، والخوف من ردود الأفعال الجماهيرية، وغياب القاعدة الفكرية والسياسية والثقافية والإعلامية والمجتمعية والدينية، وكذلك غياب الوعى والفهم عن النخبة المسئولة، كل هذه التحديات التي ورثتها (مصرـ  السيسي) جعل لتجربة الـ ٨ سنوات طعماً وبريقاً مختلفين فهي استثناء وعبقرية في كل معطيات وتحديات وأزمات غير مسبوقة بل وتهديدات ومخاطر لكن الرؤية والبطل والقرار هنا هو البطل، وأيضاً الرهان على قبول الشعب.. صنع الفارق.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة