فى حياة كل شخص تمر الكثير من المواقف الغريبة وأحياناً الطريفة، التى يفضل الاحتفاظ بها لنفسه، ولكن قد يحين الوقت للاعتراف بها، ويستعيد الفنانون ذكرياتهم من آن لآخر، ويفتشون فى خزائن أسرارهم للبوح ببعض تفاصيل حياتهم فى الماضى، وقد سجل الكثير من نجوم الزمن الجميل اعترافاتهم عن أخطاء ارتكبوها عبر الصحف والمجلات، فكتب بعضهم المقالات، وآخرون نشروا يومياتهم أو مذكراتهم، فلم يخجلوا من مصارحة الجمهور بكل تفاصيل حياتهم، وتنوعت هذه الاعترافات بين نزوات المراهقة، أو بعض التصرفات ندموا عليها.
«الكواكب» تستعرض أبرز اعترافات نجوم زمان، والفرق بينها وبين اعترافات نجوم الزمن الحالى.. وذلك من خلال السطور التالية...
وابور الجاز
البداية مع الفنان الراحل عمر الشريف الذى اعترف بأنه تسبب ذات يوم وهو صبى فى إشعال حريق بالمطبخ، وأراد أن يتهرب من هذه الجريمة فألقاها على خادم يكرهه، مما تسبب فى طرد الخادم. وقال الشريف فى أحد حواراته الصحفية: كنت فى صباى أمارس أنواعاً عديدة من الرياضة، وكنت أعود إلى البيت جائعاً من أثر المجهود الكبير الذى أبذله، فأتجه مباشرة للثلاجة. وتابع: عدت ذات مرة فلم أجد شيئاً آكله فى الثلاجة وهدانى تفكيرى إلى أن أعد طعاماً بنفسى، وحاولت أن أشعل البوتاجاز، ولكنى فشلت، ولمحت (وابور الجاز) فأحضرته وصببت فوقه كمية من السبرتو، وأشعلت عود ثقاب، ولكنى فوجئت بوابور الغاز يشتعل كله والنار تمتد إلى السبرتو الذى تساقط فوق المنضدة». وختم حديثه قائلاً: «جمعت أمى الخدم جميعاً وأصرت على أن تعرف الفاعل، وكنت أحقد على خادم منهم كان يضايقنى دائماً ويهمل طلباتى فاقتربت من أمى وهمست فى أذنها بأنه هو الفاعل واقتنعت أمى وطردته رغم إنكاره الجريمة وتأكيده على براءته.
حصالة النقود
موقف آخر للفنان الراحل عمر الشريف، الذى تميز عن غيره بالصراحة والشجاعة والجرأة فى التعامل مع جميع وسائل الإعلام، فيحكى بأنه سبق وسرق شقيقته من قبل، وذلك عندما كان طالباً بكلية «فيكتوريا»، ولديه مجموعة من الأصدقاء عرض عليهم الخروج لقضاء سهرة فى أحد الفنادق؛ لتناول الطعام والرقص، وبالفعل بعد طلب العشاء كانت المفاجأة الصادمة عندما وضع الشريف يده فى جيبه فلم يجد ما يكفى من النقود، وتحجج بأنه سيخرج لإجراء مكالمة ثم عاد للمنزل، وكان ذلك فى تمام الواحدة صباحاً، فلم يجرؤ أن يوقظ والده ليطلب منه نقوداً وهو بهذه الحالة، وتذكر أن شقيقته تحتفظ بحصالة نقود داخل دولابها، ودخل وأخذ الحصالة ثم عاد لأصدقائه الذين كانوا يبحثون عنه، وفى الطريق أخرج ما فى الحصالة من نقود. ونادى على «الجرسون» وطلب منه الحساب وكان 28 جنيهاً وبعض القروش، فدفع وسط حالة من الدهشة لباقى أفراد الشلة، ثم عاد للمنزل وفى الصباح اكتشفت أخته السرقة، وحرم بعدها من المصروف لمدة شهرين، وأعلن توبته من هذا الفعل.
السوار الذهبى
وتروى الفنانة الراحلة مديحة يسرى موقفاً مشابهاً قائلة: كنت ألهو بسوار والدتى الذهبى أثناء غيابها، فلما حضرت لم أستطع وضعه فى مكانه بالدولاب وأخفيته فى حقيبتى الصغيرة حتى تأتى الفرصة لوضعه فى مكانه، يشاء سوء الطالع أن أنسى هذه الحقيبة فى الترام فى اليوم التالى، وتفقدت والدتى سوارها الثمين ولم تجده، وسألتنى عنه فكذبت عليها وقلت إنى لا أعلم عنه شيئاً فاتهمت فى الحال خادمنا العجوز بسرقته. وأضافت مديحة يسرى: وصل الأمر إلى البوليس الذى فتش منزل الخادم فعثر فيه على أشياء بسيطة مسروقة من بيتنا واُعتبرت قرائن كافية، فأحال القضية إلى النيابة والقضاء الذى حكم بحبس الخادم شهراً، وقضى المسكين مدة الحبس وخرج دون أن نرى وجهه، ولكننى كنت أشعر دائماً بوخز شديد فى ضميرى بسبب الكذبة التى ارتكبتها فى صغرى، حتى التقيت به بعد سنوات فكفرت عما فعلته بأن أجزلت له العطاء، وألحقته بعمل جيد ظل فيه سعيداً حتى مات، رحمه الله وغفر لى كذبتى.
زملاء الفصل
كما أدلت الفنانة صباح باعترافاتها حول جريمة ارتكبتها وهى طالبة بالمدرسة، وقالت: كنت من هواة جمع الصور، واستبدت بى هذه الهواية، حتى دفعتنى للسرقة للحصول على الصور بأى وسيلة لأحتفظ بها فى درجى الخاص، حتى أننى كنت أسرق الصور النادرة من أى مكان، سواء المنزل أو غيره، دون أن يشعر بى أحد. وتابعت الشحرورة فى اعترافاتها: من أطرف السرقات التى ارتكبتها حين كنت طالبة، وطلبت إحدى المعلمات أن نجمع صوراً للسيد المسيح والسيدة مريم العذراء، وأنه ستقام مسابقة تفوز فيها صاحبة أفضل مجموعة صور بجائزة، فبدأت أجمع هذه الصور.
وأوضحت: لم تعجبنى مجموعة الصور التى جمعتها ولم أكن راضية أو مقتنعة بها، وذات يوم تظاهرت بالمرض ولم أغادر الفصل فى فسحة المدرسة، وعندما خرجت كل تلميذات الفصل انتهزت الفرصة وتجولت بين كل الأدراج لأجمع ما يعجبنى من الصور وأضمها إلى مجموعتى، وفى اليوم التالى قامت ضجة كبيرة فى المدرسة؛ بسبب الصور المسروقة دون أن يصل أحد إلى اللصة التى سرقتها.
ليلة الزفاف
كما اعترفت الفنانة والمطربة حورية حسن، بأنها أطلقت النار على عريسها ليلة الزفاف، وتروى كواليس الواقعة قائلة: انتقلنا أنا ووالدتى بعد طلاقها إلى بيت مستقل فى طنطا تحت رعاية رجل كبير من أسرة الوالدة، ووفقاً للعادات والتقاليد أن يختار رجال الأسرة العريس لكل فتاة، وعليها الموافقة وقبول هذا الاختيار.
وأضافت حورية: ذات يوم طرق بابنا، وفوجئت بشاب فى العشرينيات ويرتدى جلباباً، وإلى جواره شيخ عائلتنا.
وأشارت حورية حسن إلى أن هذا الشاب كان جارها فى المنطقة وكان دائماً يحاول مغازلتها، بينما كانت تنفر منه، ومع تسريع شيخ العائلة بإجراءات الزواج، ورفضها له، فكرت فى البحث عن حل وهو شراء مسدس، وفى ليلة الزفاف، عندما رأت العريس، وحاول الاقتراب منها أطلقت عليه الرصاص، وصرخ الجميع، فهربت إلى القاهرة، ولحقت بها والدتها، وبعد 10 سنوات عرف أقاربها مكانها، وطمأنها أحدهم بأن الرصاصات التى أطلقتها طاشت، ولم تصب العريس المزعوم.
بدلة رقص
وأكدت الفنانة الراحلة سامية جمال أن أول بدلة رقص ارتدتها كانت مستعملة، وذلك عندما التحقت بفرقة بديعة مصابنى، وأرادت تحقيق حلمها بتقديم رقصة منفردة أسوة بالراقصات الشهيرات، وبعد محاولات عديدة، وافقت مصابنى على الأمر، ولم يبقَ أمامها أى عقبة سوى الحصول على بدلة رقص خاصة بها. وأشارت سامية جمال إلى أن ثمن البدلة الجديدة فى ذلك الوقت كان 20 جنيهاً ولم تكن تملك مثل هذا المبلغ الذى اعتبرته وقتها ضخماً، حيث كان راتبها لا يتجاوز 3 جنيهات تكفى احتياجاتها الأساسية. وواصلت حديثها قائلة: اقترحت صديقة لى أن أشترى بدلة رقص قديمة من إحدى الراقصات الشهيرات، وذهبت أنا وهى إلى الراقصة فوافقت أن تبيع لى إحدى بدلها القديمة، وأدفع لها جزءاً من الثمن الذى اتفقنا عليه، والباقى أدفعه فى نهاية الشهر.
شهادة ميلاد
وروى الفنان الراحل يوسف وهبى فى مذكراته العديد من المواقف الطريفة والاعترافات المثيرة، ومنها لعبه القمار، وإنفاقه الكثير من الأموال خلال هذه اللعبة، بالإضافة إلى اعترافه بتزوير شهادة ميلاده، وذلك حيث كان يقضى الصيف فى أوروبا.
وكان السماح بالسفر إلى الخارج عسيراً، لكنه مباح لمن تجاوز الستين، وكان عمره وقتها ثمانية وخمسين، فنصحه بعض الأصدقاء أن يستخرج بدل فاقد، من شهادة ميلاده مضافاً إليها سنتان، وبالفعل نفذ الفكرة ونجحت بفضل خمسة جنيهات أعطاها للموظف المختص.
الفلوس والسرطان
عاش الفنان أنور وجدى، حياة مدقعة بالفقر، لذلك كان دائماً لديه رغبة بشأن جمع المال، وأن يصبح من الأثرياء حتى ولو كان ذلك على حساب صحته، وحسب ما نشر من معلومات عنه، أنه فى بداية مشواره الفنى، قادته الصدفة للتواجد أمام أحد المطاعم، ووقف دقائق مغمضاً عينيه، وهو يشتم رائحة الدجاج، وعندما فتح عينيه وجد نفسه أمام أحد المخرجين، الذى أعطاه بعض الجنيهات تمكنه من شراء الطعام. ودخل أنور وجدى، إلى الاستديو، وحكى لزملائه الواقعة، ومدى تلذذه بالطعام، والنقود التى حصل عليها، الأمر الذى دعاه إلى أن يرفع يديه إلى السماء ويقول: يا رب إدينى فلوس كتير، وخد منى الصحة، وهى الدعوة التى تحققت بعد سنوات، فى ذروة نجاحه، وثرائه الفاحش، أُصيب بمرض السرطان، الذى لم يجد له علاجاً، ومن أجل ذلك سافر إلى الخارج، إلا أنه رحل بسبب معاناته مع المرض، وفقدانه البصر عام 1955، ليعود لأرض الوطن فى صندوق خشبى، تاركاً ثروته التى وقع عليها نزاع بين ورثته لعدم إنجابه.
اختبار الحساب
وخلال فترة الامتحانات، اعترفت الفنانة شادية، بأنها طوال حياتها تكره مادة الحساب، ولذلك تتذكر دائماً ما حدث لها وهى فى الصف الرابع الابتدائى، قائلة: كنت أغبى التلميذات فى الصف الرابع، وكان معنا طالبة تحسبها وهى طايرة. وتابعت شادية: فى امتحانات الشهادة الابتدائية توقعت رسوبى فى الحساب ودخلت الامتحان وأنا أقدم رجل وأؤخر أخرى، ولكنى فرحت عندما وجدت زميلتى البريمو فى الحساب تجلس إلى جوارى، قلت لنفسى جالك الفرج، وأضافت: بدأت أتظاهر بأنى أقرأ الأسئلة واستغرق فى الحل وعينى تختلس النظرات لورقة زميلتى التى كانت متعاونة معى وأخذت تقرب الورقة نحوى، وبالفعل أجبت عن الأسئلة وخرجت وأنا واثقة فى النجاح». ولكن شادية أكدت أن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن، حيث حدث ما لم تتوقعه ورسبت فى مادة الحساب بالذات، ومن يومها قررت ألا تغش مرة أخرى.
الدجل والامتحانات
وأكد الفنان فريد الأطرش، الذى كان طالباً بمدرسة «الخرنفش» أنه كان تلميذاً مجتهداً مؤدباً لطيف الحديث ولم يرسب أبداً، إلا أنه كان يؤمن بالدجل ويثق فى الدجالين، فكان يطوف عليهم قبل الامتحانات ليقرؤوا له الكف ويتنبؤوا له بالنتيجة، وكانت هذه النبوءات تشد من أزره، وتقوى ثقته بنفسه وأمله فى النجاح.
أحكام المجتمع
يرى الناقد الفنى طارق الشناوى أن المجتمع هو العامل الأبرز فى التعامل مع أخطاء واعترافات الفنانين، فقديماً كان المجتمع متسامحاً لأقصى حد، يغفر للفنانين بعض الأخطاء فى تفاصيل حياتهم، أما الآن فالمجتمع أصبح قاسياً للغاية فى أحكامه الأخلاقية والاجتماعية، وتحديداً على فئة الفنانين.
وأضاف الشناوى قائلاً: المجتمع فى النهاية وفى هذا التوقيت قديماً كان يهمه فقط العمل الإبداعى أو الفنى بعيداً عن الحياة الشخصية للفنان، فلم يكن يهتم بطعام الفنان أو شرابه أو تصرفاته الشخصية، أو أسلوب حياته، أما الآن فالموضوع اختلف تماماً، والفنان نفسه أصبح يفكر ألف مرة قبل أن يدلى باعتراف أو تصريح لأنه يعلم جيداً أن المجتمع لن يرحم.
وختم الشناوى حديثه قائلاً: الفنانون قديماً لم تكن لديهم أية مشكلات فى الحديث عن مواقفهم الشخصية أو الطريفة عبر الصحافة، وهو ما انعكس على قوة الصحافة وتأثيرها والذى ارتبط برد فعل المجتمع فيما بعد، أما الآن فتجد جميع الممثلات يرفعن شعار لا للمايوه، لا للقبلات، لأن المجتمع لم يكن يحكم بهذه القسوة من قبل.
صحافة الفضائح
وأكد الناقد الفنى محمود قاسم أنه لا يوجد فرق بين زمان والوقت الحاضر فى مسألة تناول اعترافات الفنانين، لاسيما أن أغلب ما كان يكتب فى الصحافة وقتها فى هذا الصدد يندرج تحت بند «صحافة الفضيحة» ولا يعتد بها بالنسبة للمؤرخين لأن الفنان وقتها كل ما كان يهمه هو نشر صورته وأخباره فقط، وهو نفس الحال بالنسبة لتناول فكرة المذكرات، التى انتشرت مؤخراً.
وأضاف قاسم أن وسائل الإعلام قديما كانت محدودة وعدد الصحف أو المجلات أو القنوات التليفزيونية كان قليلاً، فكان الاهتمام بهذه الأخبار كبيراً فى محاولة لجذب الانتباه أو الفرقعة من أجل المبيعات، لافتاً إلى أنه فى الوقت الراهن انتشرت بعض البرامج التى تعتمد فقط على الإثارة، ولا يوجد تعامل مع عقل الفنان أو المخرج أو مناقشته فى تفاصيل العمل الفنى إلا ما ندر، وبالتالى فالاختلاف كان فقط فى طبيعة الوسيلة، والزمن.