الثلاثاء 18 يونيو 2024

بين الجامعة والعاصمة

مقالات15-12-2022 | 21:23

شهور قليلة، وتتخرج أول دفعة من الجامعة الألمانية التكنولوجية وهى أول جامعة بدأت العمل بالعاصمة الإدارية الجديدة، التى تضم عدة جامعات خاصة، لذلك ارتبطت واقترنت فى ذهنى العلاقة بين البناء والعلم أى بين الاثنين الجامعة والعاصمة؟ 

منذ ثلاث سنوات وأكثر قليلا  ذهبت  لاول مرة الى مقر الجامعة  الألمانية بالعاصمة الإدارية وكانت الاساسيات متوفرة وتم الانتهاء منها سواء من قاعات أومعامل، وكان اللقاء مع مجموعة الطلاب والطالبات الذين قبلوا بالمنح الدراسية وغيرها بالجامعة الالمانية التكنولوجية ، وكانت المنطقة مازالت تحت الانشاء  ولكن الان اختلف الوضع واصبحت صور الابراج  المرتفعة التى تقع خلف الجامعة الالمانية  مباشرة مكتملة والاعمال النهائية على وشك الانتهاء مابين التاريخين والمكانين تطورت امور كثيرة وزرت جامعات أخرى  واصبح المكان شبه مألوف لدى  فكلاهما مرتبط بالاخر.
 فى الاسبوع الماضى ذهبت لحضور معرض تدريبي لطلاب  الدفعات النهائية قبل التخرج  والذى سيتم بعد شهور قليلة من الجامعة  الالمانية التكنولوجية   ،وهى النسخة الثانية الدولية من الجامعة الالمانية الام  الاولى بالقاهرة الجديدة المعرض الذى يتم لاول مرة بالعاصمة الادارية حضرته ٥٠ شركة حضوريا اى بعلم الوصول واخريات اون لاين ،، وتراوحت التخصصات  للشركات بين قطاعات مختلفة من قطاع  الاتصالات الى التصنيع  وغيره، ووجدت شبابا  يبعث على التفاؤل  الحقيقى يبحث عن فرصة وامل  خاصة وقد تبقى له ايام  معدودات بلغة العصر السريعة جدا او الكورسات التدريبية  العملية  بلغة العلم الاكاديمى لكى تستوفي الساعات الدراسية وتتخرج اول دفعة التى حضرت استقبالهم بنفس المكان وكانه اول امس فقط!.

المكان بالجامعة اصبح مكتملا، لم يصبح تحت التجهيز كما المرة السابقة وإنما حرم جامعى متكامل تماما مثلما اصبحت العاصمة الادارية، والتى تخطو خطوات سريعة للغاية فى الانشاءات والطرق  وكل زيارة لى بها اجد الجديد.

السفير السابق لألمانيا بالقاهرة جورج لوى وهو الان  رئيس مجلس الامناء للجامعة قال لى إنه اصبح مندهش وفخور للغاية بحجم التنمية الذى يحدث حوله، ومدى التطور والتقدم ايضا الذى تشهده الجامعة كذلك ، ثم سألنى كيف هو الامر  لك الان ؟فقلت له  عمل رائع فى الانجاز  يدعو للفرح  والفخر ايضا ثم التفت الى  د اشرف منصور رئيس مجلس امناء الجامعة  فوجدته  يسلم على الطلاب ويدير حوارا معهم لانه يعرفهم عن قرب وربما  واحدا واحدا !
فقال لى  هذا الانجاز وهذا التقدم لم يكن يتم لولا الاصرار  وثقة الجميع  مصريين والالمان. بالقدرة على النجاح ،،والان الجامعة الام تضيف الجديد. افتتاح مستشفى وكلية الطب. وهو ما اراه منجزًا عظيم الاستفادة لمصر والمانيا  خاصة وان سمعة الطالب المصرى بالطب اصبحت تجوب اوروبا كلها.  فالجامعة الالمانية الجديدة تقدم بتخصصات تطبيقية فى  مجالات التصميم والتكنولوجيا الحيوية والصيدلة  والهندسة بتخصصاتها التطبيقية لذلك قررت المانيا والجامعة الجديدة تخصيص ٢٠ منحة  للصناعة المصرية بمعنى انها ليست منحا  طلابية فى مرحلة ما قبل البكالوريوس كما جرى العرف وانما هى خطوة جديدة واراها وجديرة بالاهتمام لان مانحتاجه  الان هو ان تنتبه الصناعة  إلى أهمية التطوير وحل مشاكلها، وربطها مع العلم التطبيقى الاكاديمى لحل المشكلات   فالتطور يحدث  حينما تذهب الصناعة او الشركات والمؤسسات  الى الجامعات لحل مشاكلها  سواء الفنية او حتى الادارية  وهذا ما قامت على نهضته الصناعة الالمانية بل والعالم كله بل ان الجامعة هنا يمكن ان تقدم الدعم للصناعة الالمانية ومشاكلها كما قال لى د اشرف منصور لان الجامعة جزء من المنظومة المتكاملة لربط الصناعة بالتعليم والعلم    واذكر هنا انه منذ ٤ سنوات قرأت حوارا اجراه المتميز زميلى مصباح قطب مع د المنسى العالم المصرى فى الالكترونيات  بكندا، وصناعة رقائق الميكروشبس  فى العالم كله، وهو احد من اصحاب  الفضل فى نهضة هذا التخصص الدقيق  وفى تطوير شركة  انتل  العالمية وكيف جاء الى مصر لانشاء مصنع بالاسماعيلية  لهذه الرقائق قبل ثلاث عقود فقط وعن  العراقيل  التى حدثت وانتظار الاوامر من اعلى طبعا انتهى المشروع الى لاشىء  وذهب الى دول اخرى  وضاعت فرص على مصر كثيرة ؟!
 

 ولذلك نرحب الان بالمؤسسات الجامعية كما قال د سليم عبد الناظر رئيس الجامعة التونسى الاصل فما نحتاجه فى  المنطقة العربية  ومصر  هى الركيزة هو التعليم المتطور واضفت من عندي بل التعليم الحقيقى واتاحته وخاصة التعليم ما بعد الجامعى  لان التعليم الجامعى اصبح الان هو الحد الادنى فى التنمية عالميا وليس كما نردد لدينا الان وهو التعليم المتوسط  أوشهادة الدبلوم كما يردد ويحاول  البعض ويطالب الدولة بدعمه والتوسع به، فنحرم مصر من ميزة نسبية من قوتها الناعمة وهم الشباب المؤهل جيدا؟!

المفارقة  أن أكبر نسبة من البطالة  فى مصر هى من خريجى هذا القطاع إى خريجى التعليم  المتوسط طبقا للإحصاء الاخير للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء لذلك المطالبة بالتوسع به  هو ضد حتى الاحصائيات.

ولذلك فخطوة توفير  عدد  ٢٠منحة للصناعة  كبداية من الجامعة  بالمانيا ومصر وتتراوح مابين   ودرجات علمية فى الماجستير أوالدكتوراه  لقطاع العاملين واكرر العاملين  بالصناعة أوالشركات  هى خطوة هامة للغاية  لتوطين ربط العلم بالصناعة لحل مشاكلها  الحقيقية.

  لذلك اقترح  على جامعاتنا الحكومية التكنولوجية الجديدة ان تنتبه لهذه الخطوة  ولاهميتها  ولايمنع من التقليد للفكرة واقتباسها فلا تقدم بدون حل المشاكل التطبيقية فى قطاع الاعمال وهذا لن يتم بالفهلوة وانما بالتخطيط وبناء جسور والتعاون مع  الجامعات والبحث العلمى فهو المؤهل لذلك .

  خاصة واننى شاهدت بالمعرض الذى تجولت به عدة ساعات  انه بجانب الشركات الكبرى والدولية فهناك  شركات  اخرى وصناعات مصرية وليدة  توقفت امامها  وتحاورت مع  شبابها خاصة اننى   استعمل هذه المنتجات المصرية لانها جيدة للغاية  لاسيما  فى مجال  صناعة الكريمات والزيوت ،ومواد التجميل والعناية بالنظافة  واراها صناعة  واعدة حتى للتصدير ،ويمكن ان نتميز بها للغاية مثلما نتميز فى زراعة الورود وتصديرها او الملابس الداخلية والتى اقتربنا من ان نكون فى المراتب الاولى عالميا مع قطاع المنسوجات المنزلية .

لم يغب عن تفكيرى طوال الزيارة  الطويلة بالجامعة  التجول بالعاصمة اختياريا منى وبمفردى ورصدت حركة العمران الضخمة بالعاصمة الادارية والتغيرات السريعة بها ، وكان اول تغير هو فى الاستقبال وبعدم طلب قطع تذكرة الدخول والعبور  للعاصمةالادارية مثل المرات السابقة    وللحقيقة كان هذه التذكرة ورسوم العبور  من الاشياء التى لم تستضغيها نفسى ابدا  فى البداية ،،خاصة انها ليست طريق وخدمات  طرق وانما مدينة بالدولة  وتوسع عمراني ضخم ورائع فى شرق العاصمة  القاهرة فلماذا ندفع رسوم لدخولها ؟!
 بل كان  ذلك  الاجراء يمثل حاجزا نفسيًا بداخلى  تجاه العاصمة، وسور نقيمه بايدينا، وحسنا ان تم الغاء هذا الحاجز النفسى مع العاصمة قبل ان يكون حاجزا ماديا لذلك عبرت الطريق متفائلة جدا. 

وللحقيقة وجدت الانشاءات على قدم وساق حتى ان الشكل تغير ايضا عن عدة شهور مضت حينما كنت هناك لحضور مؤتمرا تعليميًا نعم مازالت الجامعات هى الاساس الاول   فى الجذب والعمران للمكان، ولكن وحركة الاسكان والاقامة مازالت  محدودة للغاية، ولكن بما انى من سكان القاهرة الجديدة اعلم الوقت الذى تأخذه المدن الجديدة لتعميرها بالبشر  خاصة ان العاصمة على اطراف التجمع والشروق  لذلك ستعمر سريعا  وربما لو فتحت الابواب اكثر لجذب ولفئات اجتماعية اوسع ومختلفة ،فهذا سيساهم فى سرعة للانتقال والتعمير خاصة مع وجود المونوريل وهذه المرة قررت فى طريق العودة  من العاصمة الادارية ان اسير معه  او بمحاذاته حتى التجمع وبدون الفهلوة المرورية المعتادة فكانت العودة اسهل كثيرا خاصة فى عدم وجود لافتات ارشادية وهى ظاهرة تستحق الدراسة فى مصر اننا لانكمل  العمل ابدا فى شبكة الطرق العظيمة باللوحات الارشادية  حتى القديم منها  مما لايساعد على الوصول الامن والسريع الى اى مكان حتى داخل القاهرة الجديدة نفسها  فمثلا يضعوا لافتات باسماء لانعرفها  كسكان قدامى ولا يكتب الرحاب مثلا ؟! مع انها هى المعروفة اولا. 

وكذلك  ضرورة اعادة الدراسة العلمية الهندسية  لتحديد السرعات على الطرق الجديدة او بعد توسيعها  وهو امر  يفتقد المعقولية الان  مثل غياب اشارات المرور ونستعيض عنها بوضع الكاميرات  وزرعها على كل ناصية ؟!

الحقيقة أن مايهم المواطن من الانشاءات هو وجود الطريق الأمن  والسرعات المنطقية وليست سرعة السلحفاة فتكون السرعة على كوبرى اكتوبر المنعدم الحركة اصلا مثل السرعة فى  شارع التسعين او الدائرى الذى يوصل للعاصمة  ؟!مما يزيد من زمن الرحلة عكس الفائدة من الطرق الجديدة وهذا له اثاره ايضا على ارتفاع التلوث والبيئة وزيادة استهلاك البنزين والتكلفة فالمطلوب هو وجود اشارات مرور واماكن وكبارى  كهربائية لعبور مشاه مثل التى تم عملها وانجازها فى مصر الجديدة والاهم وجود أرصفة للسير وعبور المشاة، او الوقوف عليها ولوحات ارشادية لكل مكان فى مصر وليس فقط لوحات لتحديد سرعة ربما غير منطقية احيانا كثيرة.

وهذه الاساسيات والتفاصيل هي التي تساعد ايضا على جذب السياحة والمعيشة فى المدن الجديدة التى تجذب الآن السائح واجناس مختلفة، لأن السائح يبحث عن الطريق والرصيف الآمن لعبوره وهو مايوفره التعاون بين مختلف القطاعات والشركات وبين الجامعات للتدريب وحل المشاكل ومنها الطرق، وهو ما بدأت به المقال ويتبقى حلم لى أن يكون لدينا تفكير مستقبلى قائم على العلم  فثروة مصر الحقيقية، ونهوضها هو فى البشر وحسن إعدادهم.

الجامعة الأمريكية في العاصمة الإدارية