ربما تكون رسالة لنا جميعًا أن ننتبه، أن نعود إلى ربنا نذكره، نسبحه، نبتهل إليه، نعتذر عن انشغالنا بدنيانا، والابتعاد عن كل ما يذكرنا بالعودة إليه، ولكن بصيص الأمل ما زال حاضرًا يرسل إلينا وميضًا ما بين لحظة وأخرى، فرب العالمين هو القادر، ومن سواه يمكنه أن يدبر لنا أمورنا ويصلح لنا أحوالنا، ويذهب عنا كل الأحزان.
حساب النفس هو المأوى والاعتراف بالذنب والتكفير عنه هو السبيل الوحيد لعبور تلك الأزمة، بل وكل الأزمات ، كم مرت على مصر العظيمة شدائد كادت أن تدمر كل مساحات الأمل البعيد ، كم تألمت مصر ثم احتضنت آلامها في صبر دون شكوى أو جزع، فلنستحضر كل معاني الإيمان الحقيقي المصحوب بحسن التوكل على الله حق توكله، وعلينا أن نعترف بأن الحياة جرفتنا بعيدًا، وسولت لنا أنفسنا في لحظة طيش بأننا نحن من نمتلك مفاتيحها ، الحل مازال يشير بأصابعه إلينا ، يدفع بنا دفعًا إلى اللجوء لحسابات الخالق فهو القادر عليها وحده ، علينا أن نعلم حق اليقين بأن الله لم يخلقنا ليعذبنا ، ولكن العيب فينا نحن من جرفتنا كل التيارات ورفعت بنا الأمواج عن أرضنا التي نحيا عليها ظانين بأننا قد أصبحنا المتحكمين في كل أمور حياتنا بما فيها أرزاقنا!
نشكو ونصرخ تلك الضائقة التي قد نراها نكبة كبرى، نشكو لبعضنا البعض وننسى من يتحكم بكل الكون ، نبتعد عن الخالق ونلجأ إلى المخلوق ، نضحك على بلوانا ونسخر منها وهذا نهجنا الذي اعتدناه لكي نخفف عن أنفسنا وهذا شيء يخفف عنا ، ولكن إلى متى سنبقى هكذا ؟ ، مازال هناك من يتاجر بضعفنا ، يحلم بكسرنا ، يخطط للقضاء علينا ، إنها حرب علينا ، فلا يجب أن نستهين بها ، العودة ثم العودة إلى الطريق المستقيم ، فالله لن يغير واقعنا إلا إذا بدأنا في إصلاح أنفسنا .
لنا عتاب على من يعيش في رغد من العيش ويقف بين صفوف البسطاء يشكو وينتحب ، بربك كيف تفعل هذا ؟ وقد أمرك الله أن تتحدث عن نعمه وتشكره بدلًا من الاختباء خلف رداء غير ردائك ، تدعي أشياءً لا تظهر عليك علاماتها ، لا تترجمها أساليب حياتك ، سيدي لسنا أغبياء ، لاتستهن بنا بعد الآن فنحن نكشف كذبك من هيئتك التي تطل بها علينا كل يوم ، نحن نسمع ونرى ونميز مانراه مهما قلت ومهما فعلت ، حتى وإن أقسمت لنا بكل كتب الله السماوية لسنا بمصدقينك ، فبهتانك يتحدث بكل اللغات ، نوجه إليك اعتراضنا ، ونذكرك بقول رسولنا الكريم: «فليقل خيرًا أو ليصمت».