الأربعاء 26 يونيو 2024

تونس تترقب دعوة قيس سعيد لتنصيب مجلس النواب ومناقشة قضايا ذات أبعاد إقليمية ودولية

قيس سعيد

عرب وعالم28-2-2023 | 12:46

دار الهلال

تترتقب تونس، تنصيب مجلس نوابها وانطلاق جلسته الافتتاحية بدعوة من الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال الأيام الجارية، والتي ستلقي بآثارها على كافة المستويات داخليا وإقليميا ودوليا في توقيت دقيق يشهده العالم.

ويعد انعقاد مجلس النواب التونسي، بمثابة اللبنة الأولى والأهم التي ترتكز علي دستور 25 يوليو، والتي ستتولى التشريع وتعزز الأمن والاستقرار والحريات العامة في البلاد، كما سيناقش البرلمان مجموعة من القضايا الهامة ذات الأبعاد المتعددة، منها الأوضاع الاقتصادية والهجرة غير الشرعية وغيرها من الموضوعات التي تاتي في توقيت هام تعاصره تونس ويرتبط بمجريات الأمور إقليميا ودوليا.

وقال رئيس تحرير جريدة الشروق التونسية نجم الدين العكاري- في حديثه مع مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في تونس- "إن وجود البرلمان التونسي وبداية عمله سيحقق نوعا من الاستقرار السياسي والاجتماعي من خلال التشريعات التي سيصدرها في مختلف المجالات".. مضيفا "أن انطلاق عمل البرلمان التونسي الجديد، يمثل آخر نقطة في الأجندة السياسية التي وضعها الرئيس التونسي، والتي شملت وضع الدستور والقانون الانتخابي وتنظيم الانتخابات التشريعية.

وأشار إلى ما ينص عليه الدستور التونسي حول توقيت انعقاد البرلمان، لافتا إلى أن البرلمان من المقرر أن يجتمع في أجل اقصاه 12 مارس المقبل وذلك عقب أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، يوم /السبت/ الماضي.

وأوضح أن البرلمان التونسي سينتخب رئيسه ونائبيه واللجان المختلفة، إضافة إلى إعلان الشغور في مقاعد دوائر الخارج التي لم تسجل ترشيحات، لافتا إلى أن البرلمان التونسي سيتولى إصدار القوانين التي يقترحها النواب أو التي تعرضها عليه السلطة التنفيذية، وذلك من خلال الصلاحيات المرصودة لأعضائه في الدستور.

بدوره، أوضح نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية ماهر الجديدي، أنه مع تنصيب مجلس النواب بدعوة من الرئيس التونسي تنتهي حالة الاستثناء وتدخل البلاد في مرحلة بناء المؤسسات بصورة دائمة، ويعتبر البرلمان في صدارة تلك المؤسسات، مضيفا أن البرلمان سيلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة في البلاد.

وتوقع الجديدي، انعقاد مجلس النواب مع مطلع شهر مارس، حيث أنه من المقرر أن يدعو الرئيس التونسي إلى انعقاد المجلس، ويعقب ذلك في اليوم التالي الجلسة الافتتاحية للبرلمان، مشيرا إلى التونسي إلى أنه سيتم تحديد القواعد المعمول بها؛ لتسيير الجلسة الافتتاحية، والتي ستنعقد برئاسة أكبر النواب سنا وينوبه كل من أصغر النواب سنا من الإناث والذكور، وذلك وفقاً للتقاليد الدستورية.

وأشار إلى أن تونس منذ 25 يوليو 2021 تعيش حالة التدابير الاستثنائية وتسيير شؤونها يأتي بناء على الأمر 117 لعام 2021 الذي يمكن رئيس الجمهورية من التشريع بموجب المراسيم، كما نص دستور 25 يوليو 2022 في فصله 139 على أن يتواصل العمل في المجال التشريعي بذلك إلى حين تولي مجلس نواب الشعب وظائفه بعد انتخاب أعضائه، متوقعا أن الرئيس سعيد سيعجل بالدعوة إلى انعقاد مجلس النواب؛ لتجاوز الحالة الاستثنائية في البلاد.

وأوضح أنه بعد أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية في 25 فبراير سيتولى رئيس الجمهورية دعوة مجلس نواب الشعب للانعقاد خلال أجل دستوري أقصاه 15 يوما، مشيرا إلى أن القانون التونسي في الفصل 71 يعطي لرئيس الجمهورية أجلًا أقصاه 15 يوما من تاريخ إعلان الهيئة العليا المستقلة للنتائج النهائية للانتخابات التشريعية للدعوة إلى انعقاد مجلس النواب.

ولفت إلى أن النتائج النهائية لانتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب، والتي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية تشير إلى أن عدد المرشحين الذين خاضوا العملية الانتخابية بلغ 1055 مترشحا في 154 دائرة انتخابية فردية من أصل 161 دائرة انتخابية، إذا لم يتم تسجيل أي ترشح بـ 7 دوائر انتخابية بالخارج، وفاز في في الدورة الأولي للانتخابات 23 مترشحا، وشملت الدورة الثانية من انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب 131 دائرة انتخابية وفاز131 مترشحا وبذلك يكون أعضاء مجلس نواب الشعب 154 عضوا.

وأوضح أن مجلس النواب المنتخب سيتولى بعد تنصيبه ضبط نظامه الداخلي وتشكيل لجانه ثم ينطلق في اعماله النيابية، ولعل أهم هذه الأعمال النظر في مشاريع ومقترحات القوانين المتعلقة بالبناء الدستوري الجديد الذي جاء به دستور 25 يوليو 2022 والمشروعات المتعلقة بالحياة والحريات العامة.

ولفت إلى أن من أهم هذه النصوص ما يتعلق بمراجعة القانون الانتخابي وقانون هيئة الانتخابات وقانون الجماعات المحلية، مشيراً إلى أن مراجعة تلك النصوص يندرج في اطار ملائمة النصوص التشريعية مع الأحكام الدستورية الجديدة وبناء لبنات الجمهورية الثالثة.

وتابع: "أن سن القوانين ذات العلاقة بالانتخابات في الفترة القادمة في آجال معقولة سيمكن هيئة الانتخابات من اتخاذ النصوص الترتيبية اللازمة من اجل ضمان تنظيم وادارة الاستحقاقات القادمة في أفضل الظروف".

وأكمل: "أن تونس اليوم مقبلة على استحقاقات انتخابية هامة أولها الانتخابات البلدية مرورا بانتظار اعضاء مجالس الجهات ومجالس الأقاليم وصولا الى انتخاب اعضاء مجلس الأقاليم والجهات الذي يمثل غرفة ثانية لممارسة الوظيفة التشريعية، هذا فضلا عن استحقاق الانتخابات الرئاسية التي سيتم أجراؤها في 2024".

وبدوره، أكد رئيس تحرير جريدة (الصباح) التونسية سفيان رجب، أن مهمة المجلس النيابي القادم حساسة جداً خاصة فيما يتعلق بالوضع الداخلي والجانب الإقليمي، منوها إلي أن الهجرة غير الشرعية أصبحت تمثل اشكالا سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا كبيرا لتونس .

وتابع: "أن قضية الهجرة غير الشرعية وضعت تونس بين خيارات تتعلق بالمصلحة العليا للوطن وللشعب وبين الواجب والحق الإنساني وما يوجد بينهما "خيط هش جدا" لافتا إلى أن انعقاد مجلس النواب التونسي سيعزز الأمن والاستقرار والديمقراطية مع التركيز على القوانين والتشريعات التي تستحقها البلاد اليوم في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية تتطلب الإصلاحات.

وأوضح أن انعقاد مجلس النواب يأتي توقيت غير معهود بالنسبة للتونسيين في ظل ما يعتبره الرئيس التونسي حربا ضد الفساد والمحاسبة وتتبع من أخطأ في حق الوطن وتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي واستهدف تغيير نظام الحكم، مشيرا إلى أهمية انعقاد مجلس النواب، وأن يعي نواب الشعب جيدا ما ينتظرهم من ملفات ومن عمل ومن قوانين يجب النظر فيها بكل دقة مع التأكيد على وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، لافتا إلى أن هذا الشعب التونسي أنتخب أعضاء هذا المجلس بصفة فردية وغير حزبية بما يحمل كل منهم مسؤولية لن تكون هينة.

وقال:"إن المهمة تبدو صعبة جدا أمام نواب البرلمان والذين يجب أن يضعوا مصلحة تونس نصب أعينهم وما تتطلبه من قوانين وتشريعات تستهدف الإصلاح.. لتلك الأسباب فإن عودة الحياة للسلطة التشريعية تأتي في توقيت حساس تمر به البلاد على كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية".

وأضاف "ننتظر المرسوم الرئاسي لدعوة مجلس النواب التونسي إلي الانعقاد ليفتح قصر (باردو) مجددا أمام السلطة التشريعية لتقوم بمهامها بعد أكثر من سنة ونصف من الغلق أثر تعليق عمل المجلس النيابي السابق" لافتا إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية كشفت عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية بعد النظر في الطعون وبالتالي أصبحت التركيبة الاسمية لنواب مجلس الشعب معلومة الآن، ومن المقرر أن ينتصب مجلس النواب عقب دعوة الرئيس التونسي قيس سعيد" إلي انعقاده خلال الأيام المقبلة".

من ناحيتها، أشارت المحللة السياسية التونسية آسيا العتروس إلى أن مجلس النواب الذي سينعقد خلال الأيام المقبلة سيتولى مهامه في مرحلة هامة تمر بها البلاد وأمامه ملفات معقدة لا تقبل مزيد التأجيل. 

وقالت:"نحن في انتظار أن يدعو الرئيس التونسي قيس سعيد الى انعقاد البرلمان، فقد بدأ العد التنازلي لتدشين أشغال المجلس الجديد وفقا لأحكام الفصل 71 من دستور 25 يوليو، حيث يتعين أن يكون انطلاق الجلسات في أجل أقصاه خمسة عشرة يوما من إعلان النتائج النهائية للإنتخابات التشريعية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات "السبت" الماضي بعد استيفاء الطعون".

وتابعت: "أننا في هذه المرحلة إزاء مشهد جديد و سلطة تشريعية تم انتخابها باعتماد قانون الأفراد و ليس القائمات و سيتعين انتظار اكتمال العملية لفهم وقراءة الخارطة البرلمانية الجديدة و سير اللجان و تحالفات الكتل بالنظر الى غياب الأحزاب في هذه العملية الانتخابية". 

وقالت:"إن نواب مجلس الشعب سيكون من حقهم عرض مقترحات القوانين شرط تقديمها من قبل عشرة منهم على الأقل على ألا تتضمن فصولا مخلة بالتوازنات المالية للدولة" لافتا إلى أن أولويات مجلس النواب ستتداخل بين سن النظام الداخلي و تعديل القانون الانتخابي وسد الشغور في دوائر انتخابية في الخارج وإعادة النظر في المراسيم الرئاسية وقانون المحكمة الدستورية ولمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية وجميعها موضوعات وقضايا هامة للغاية.