الخميس 16 مايو 2024

بسبب سوء الاختيار .. بيوتنا مهددة بالانهيار !

28-8-2017 | 14:37

كتبت : سمر عيد

هل أصبحنا بحاجة لإعادة النظر فى اختياراتنا لشريك الحياة؟ سؤال يفرض نفسه بعد أن احتلت مصر المركز الأول عالمياً فى نسب الطلاق، الأمر الذى بات ينذر بكارثة اجتماعية تهدد كيان الأسر المصرية والتى كانت دوما مثالا للترابط والاستقرار..

فما الأسباب والدوافع لتغير الحال؟ وقبل الدخول فى مؤسسة الزواج هل من سبيل لتجنب أبغض الحلال؟

فى البداية تقول ناهد مدكور - 25 سنة - مطلقة: أنتمى لأسرة ثرية، وأحببت شابا من نفس المستوى الاجتماعي، فوافق أهلى على زواجنا وأقمنا فرحا كبيرا، لكن ما أن جمعتنا أربعة جدران حتى سقطت الأقنعة لأكتشف شخصا آخر لم أعرفه، رجل لا يتحمل المسئولية ويطالبنى أن أعامله كما تعامله أمه، ما دفعنى للطاق بعدستة أشهر فقط، أعترف أننى أخطأت لأننى لم أدقق فى اختيارى بقدر اهتمامى بالتكافؤ المادى والاجتماعي، وها أنا أدفع ثمن اختيارى فبعد أن أصبحت مطلقة لم يعد أمامى سوى الارتباط بمطلق أو أرمل.

وتقول نيفن رشدي، مدرسة بإحدى المدارس الخاصة: تعرفت على زميل لى بالعمل لكن مستواه الاقتصادى منخفض ويسكن فى منطقة شعبية بينما أقطن فى منطقة راقية وأسرتى معظم أفرادها فى مناصب عليا، ورغم الفارق الكبير بيننا إلا أن المشاعر الحلوة جمعتنا لتتحول لحب جارف أرغم أسرتينا على قبول زواجنا، لكن للأسف لم ينجح هذا الحب فى إذابة الفوارق الطبقية، حيث بدأ ينتقد ملابسي، عطري، وأسلوب مزاحى مع زملائي، وأصبح يغار على بشكل جنونى ويراقبنى حتى وأنا بجانبه فى البيت، ما دفعنى إلى طلب الطلاق.

إذا كانت العواطف سببا فى الاختيار الخاطئ فى العديد من الحالات فالسبب مختلف مع «س.ع » فقد دفعها خوفها من العنوسة إلى الارتباط برجل سبق له الزواج ولديه طفلة، لكنها سرعان ما أدركت حجم الجرم الذى ارتكبته فى حق نفسها، حيث اكتشفت أنانيته وبخله، بعد إنجابها منه، وعندما طلبت الطاق وافق على الرحب بشرط دفع مبلغ مادى كبير، لتجد نفسها مسئولة عن طفلة تخلى عنها والدها.

مكاتب التسوية

بعد الاستماع إلى عدد من السيدات اللائى مررن بتجارب زواج باءت بالفشل حاولنا التعرف من المختصن عن الأسباب التى تدفع النساء للجوء إلى ساحات القضاء خاصة بعد أن شهدت أروقتها 14 مليون حالة طاق، فتقول د. ليلى محمد أبو عقل، وكيل وزارة العدل وعضو المجلس القومى للمرأة ببنى سويف: من خال ملاحظتى لأغلبية الحالات التى تأتى إلينا كشكاوى أجد أن هناك خلا ما فى الاختيار منذ البداية أو موافقة على شيء من شأنه أن يهدم كيان الأسرة كقبول الفتاة للزواج من شاب يسكن فى بيت العائلة ما يعرضها لتدخلاتهم فى حياتها وأبنائها فيما بعد، كما يعد زواج القاصرات من أكثر الحالات المؤدية لطلب الطاق، حيث يقوم الأب بتزوير شهادة مياد للفتاة كى يزوجها رغم عدم نضجها فتحدث مشكلات كثيرة تسفر عن رفع دعاوى خلع أو طلاق.

وتتابع: كما أن نسب نجاح مكاتب تسوية النزاعات الأسرية بالمحاكم فى الإصاح بن طرفى الزواج وإقلاعهما عن فكرة الانفصال فى حالة طلب الخلع لا تتعدى 5%، وعادة ما يقتصر دورها على تأخيره ليس أكثر، فوصول الزوجين إلى المحكمة يعنى استنفاذ كل الوسائل للصلح، وكثيرا ما ترسل هذه المكاتب إلى الزوج طلب استدعاء لكنه فى الغالب لا يحضر وتحرك الزوجة دعوى الخلع أو الطلاق للضرر.

ظاهرة جديدة

أما د. هالة منصور أستاذة علم الاجتماع فتشير إلى سبب مختلف وراء ارتفاع نسب الط اق وتقول: هناك فتيات قررن الط اق قبل الزواج لأنهن لا يحتجن من الرجل سوى أن يتخلصن من لقب عانس والانفصال عن أسرهن والعيش بحرية أكثر، ومعظم هؤلاء الفتيات يعملن فى مهن مرموقة، لذا لا يحتجن رجلا فى حياتهن بل يردن طفلا وحرية، أما من طُلقت بعد زواج دام 20 عاما فلا شك أنها تحملت الكثير من أجل تربية أبنائها، وأن تغيرات طرأت على أحد الطرفن جعلته يرفض الاستمرار مع الآخر.

وعن الأبعاد النفسية المترتبة على الطل اق يقول د. أحمد على مصطفى، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية: تختلف الأضرار الناجمة عن الطلاق وفقاً لتبعات الزواج، ففى حال حدوثه قبل الإنجاب تقتصر آثاره على حالة من القلق والاكتئاب بسبب سوء الاختيار، لكن مع مرور الوقت تتحول التجربة لدرس يستفاد منه حال الزواج الثاني، أما إذا أنتج الزواج أبناء فتتفاقم تبعات الطلاق خاصة على المرأة والتى يصعب عليها تكرار التجربة خوفا على أبنائها ما يشعرها بالاكتئاب والوحدة فينعكس ذلك اجتماعيا ونفسيا، ومن ثم تكون المرأة دائما هى الطرف الخاسر فى الطلاق.

***

الطلاق بالأرقام

أرقام مفزعة وإحصائيات محبطة سجلها جهاز التعبئة العامة والإحصاء ورصدتها الأمم المتحدة عن ارتفاع معدلات الطلاق فى مصر، حيث كشف الجهاز العام للتعبئة العامة والإحصاء عن حدوث حالة طلاق كل أربع دقائق بمصر، وتأتى أعلى نسب الطلاق بين الذكور فى الفئة العمرية من 20 إلى 34 عاما حيث بلغت %49،7 ، بينما كانت أقل نسبة طلاق بين الذكور فى الفئة العمرية أقل من 20 عاما حيث سجلت 0،4 %، وارتفعت نسبة الطلاق بين الذكور فى الفئات العمرية من 35 إلى 49 ومن 50 إلى 64 عاما حيث بلغت نسبة الطلاق بين تلك الفئة إلى 50 %.، فيما سجلت الدراسة أعلى نسبة طلاق بين الإناث فى الفئة العمرية من 20 إلى 34 عاما حيث بلغت 60،7 %، بينما كانت أقل نسبة طلاق بين الإناث فى الفئة العمرية 65 فأكثر حيث بلغت 0،6 %.، كما ارتفعت نسبة الطلاق بين الذكور ذوى المستوى التعليمى المتدنى حيث بلغت 40 %، بينما ارتفعت نسب حالات الطلاق بين الإناث اللائى لم يحصلن على أى قدر من التعليم إلى 34 %، وتقل بين الذكور والإناث الحاصلين على مؤهل فوق الجامعى وهى الماجستير والدكتوراه.