الجمعة 17 مايو 2024

أمين «الجامعات الإسلامية»: اللغة العربية هي وعاء الفكر والثقافة والحضارة

رابطة الجامعات الإسلامية

دين ودنيا14-3-2023 | 12:03

دار الهلال

 قال الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية الدكتور أسامة العبد، إن اللغة العربية هي وعاء الفكر والعلم والثقافة والحضارة والتاريخ والمستقبل، والنهوض بها والحفاظ عليها حفاظ على التاريخ والهوية والمستقبل، مشيرا إلى إن الأمم والشعوب الواعية تهتم بلغاتها الحية وتعتنى بها عناية فائقة، وتتعهدها بالرعاية والتطوير عن طريق تحديثها والنظر بإمعان في تفاصيل دقائقها ودراسة معطياتها ودلالاتها بما يكفل صونها.

جاء ذلك في كلمة أمين عام الرابطة خلال المؤتمر الذي تنظمه كلية الدراسات الإسلامية بنين بجامعة الأزهر اليوم  تحت عنوان: "اللغة الأم والانتماء الوطني"، بحضور وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني، ورئيس جامعة الأزهر الدكتور سلامة داود، والأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية الدكتور أسامة العبد، ونائب رئيس جامعة الأزهر الدكتور محمود صديق.

وأضاف العبد أن هذا المؤتمر الذي يعقد بكلية عتيدة في جامعة عريقة هي معقل العلم والعلماء والثقافة والبيان والتبيان هو مناسبة فريدة لنحتفي بـ"لغتنا الأم" أعظم اللغات ثروة وأكثرها أصواتا وأغناها في المقاطع والحروف والتعبيرات، والتي اختلطت في زمن الفتوحات الإسلامية بلغات أخرى في بلاد فارس والهند وإفريقيا والأندلس لكنها احتفظت دائما بفصاحتها وكيانها، ولم تكتف بذلك بل تسيدت على كل اللغات التي كانت سائدة في تلك الأمصار.

وأكد أن هذه اللغة ظلت حية طوال العهود التاريخية، حيث أنتجت تراثا واسعًا ومخزونا ثقافيا وحضارياً بديعًا، فتهافت عليها الغرب لمكوناتها الثقافية والحضارية ومخزونها اللغوي ودورها في صنع التاريخ والحضارة، وكم من كتب غربية قد ترجمت عن العربية وكان لها تأثيرها الثقافي والعلمي على الحضارة الغربية في كل المجالات وعلى كافة المستويات العلمية والثقافية والاجتماعية والإنسانية بوجه عام. 

وشدد العبد أن اللغة هي الطريق الأول لزرع بذرة الوطنية في نفوس المواطنين، وهي الحصن الذي تستطيع به الدولة أن تحفظ قيم الولاء والانتماء ومواجهة التيارات التي تزعزع مفهوم الوطنية.. موضحا أن الانتماء للوطن مقرون باللغة؛ لأن اللغة هي الوطن الروحي الذي نحمله معنا أينما يممنا وجهتنا والوطنية واللغة وجهان لعملة واحدة، ينمي بعضه بعضا، فاللغة هي أداة المعرفة والفكر، وتحافظ على الهوية في كافة المجالات.

وقال إن اللغة العربية امتلكت مجموعة من الحقول الصياغية المعبرة عن الهوية الثقافية للمجتمع العربي، أي أنها صيغ ثقافية بالدرجة الأولى لها طبيعتها التراكمية القادرة على ملاحقة الحاضر بكل قفزاته الحضارية والثقافية.. مؤكدا إننا بخدمة اللغة العربية نخدم الدين، فالقرآن نزل بها، والحديث الشريف والعبادات تُؤدى بها.

وأكد العبد أنه ينبغي على وزارة التعليم والثقافة والأزهر، غرس قيمة اللغة العربية عبر مناهجها واستخدام اللغة الفصحى بدلا من العامية نطقا وكتابة والتحذير من خطر نسيان الأبناء لغتهم الأصيلة، والتوجه إلى اللغات الأخرى التي لا تمثل وطنيتهم ولا ثقافتهم ولا دينهم ولا فكرهم، فإن في ذلك حماية لمعنى الوطنية في نفوسهم، فالانتماء للوطن يكسب الإنسان الرضا عن نفسه، كما يكسبه احترام الآخرين ومن الواجب غرس حب الوطن في نفوس شبابنا، وتعزيز ذلك في نفس كل مواطن؛ ليتفاعل مع قضايا الوطن وحمايته من المنغصات كالإرهاب وغيره.

وقال إنه إذا كان هذا المحفل الكبير يضم العلماء والمتخصصين الذين يُشار إليهم بالبنان فإن ذلك يضع على عاتقنا جميعا مسئولية البحث عن التحديات التي تواجه لغتنا العربية في عالمنا الحاضر في ظل التطورات العالمية على كافة الأصعدة، مؤكدا أنه علينا جميعا تحديد تلك التحديات بدقة والانطلاق نحو تذليل تلك الصعاب التي تواجه هويتنا اللغوية ولغتنا الأم.

وأضاف العبد: "إننا في رابطة الجامعات الإسلامية نحرص كل الحرص على أن نولي قضية اللغة العربية والدفاع عنها والزود عن حياضها جل اهتمامنا ونحس إيمانيًا بأهمية نهضتها والحفاظ عليها ودرء الأخطار والمخاطر المحدقة بها ونعمل جادين من خلال لجنة النهوض باللغة العربية في الرابطة والتي تضم مجموعة من علماء العربية وخبرائها للدراسة والبحث في واقع اللغة العربية وأسباب ترديها والتمكين لها واقتراح الخطط والبرامج المحققة لذلك".

وأردف أن عمل اللجنة ليس قاصرًا على النهوض باللغة العربية على مستوى مصر وحدها أو المنطقة العربية خاصة، بل إن الرابطة تشعر بمسئوليتها تجاه اللغة العربية في الأقطار التي توجد بها الجامعات الأعضاء بالرابطة، وهذه الجامعات تزيد على المئتي جامعة في مختلف القارات. 

وأكد العبد أن لغة القرآن هي لغة رابطة بين الماضي والحاضر والمستقبل، يقول الله تعالى: "قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَج لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" سورة الزمر - الآية 28 . لذلك يجب أن يتصدر هذا المعنى أولويات العمل لدى كل أبناء الأمة الإسلامية وشعوبها وهيئاتها ومؤسساتها وجامعاتها؛ لأن النهوض باللغة الأم ليس مسألة ثقافية ولا مسألة تربوية أو تعليمية فحسب، وإنما هي مسألة تتعلق بالدين والعقيدة والهوية في المقام الأول، بالإضافة إلى أنها مسألة تتعلق بالأمن القومي والاستقرار والمصير.