شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد في فعاليات يوم التراث القبطي الثامن، تحت عنوان: التراث القبطي وقضايا التسامح والتعايش والذي تنظمه مكتبة الإسكندرية من خلال مركز الدراسات القبطية، بالتعاون مع مركز الطفل للحضارة والإبداع بمصر الجديدة، وبحضور د. أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، وعدد من المتحدثين من الهيئات والمؤسسات المهتمة بقضايا التسامح والتعايش.
وقال الأمين العام في كلمته، إن هذا اللقاء يناقش موضوعًا من الأهمية بمكان؛ حيث إن تناول مثل هذه الموضوعات من أوجب الواجبات، بل هو ضرورة دينية وفريضة حياتية، مضيفًا أن قضية التراث قضية جوهرية، والحديث عنها له أهميته في هذه الآونة سيّما مع تنامي هذه النظرات المتشددة والمتطرفة تجاه التراث بشكل عام، والتراث الديني بشكل خاص، حيث يأتي هذا العنوان ليضع التراث في موضعه الذي يستحقه وبالصورة التي ينبغي أن يتعامل الناس من خلالها مع هذا التراث.
أضاف عياد أن التراث الديني أو التراث الإنساني بشكل عام لم يكن أبدًا في يوم من الأيام فزاعة أو بابًا من أبواب التطرف ولا بوابة للعنف، لكن قد تحدث بعض الأحداث أو تقع بعض الأمور أو المشكلات ومرد ذلك إلى قراءة خاطئة أو فهم غير سديد أو استجابة لهوى شخصي أو غير ذلك من الأمور؛ مشيرًا إلى أن الشرائع السماوية أوجبت النظر في هذا التراث وجعلت ذلك فريضة دينية.
أوضح عيَّاد أن التراث يضم حضارات متعددة الرؤى متنوعة الأفكار متشابكة القضايا، وأوجد هذه المدارس الفكرية التي أيدت التنوع الفكري وارتضت بالتعايش السلمي رغم تعدد المذاهب والفرق والأديان والمعتقدات، مضيفًا أنه بالنظر في عصور الحضارة الإسلامية في أزهى عصورها نجد أن التسامح هو السمة الغالبة مع احترام الخصوصية لكل صاحب مذهب أو معتقد أو وجهة فكرية.
وأضاف الأمين العام أن هذا اللقاء نتاج فعاليات صدرت عن أكاديمية بحثية وقلعة علمية هي مكتبة الإسكندرية، والتي ينظر إليها أنها ذات إرث حضاري ضارب بأعماقه في جذور التاريخ، مؤكدًا أن قضايا الواقع لابد أن تستند إلى قضايا الماضي أي جذور التراث باعتبار أن هذا التراث هو الذي يمكن أن يسهم في معالجة قضايا الواقع ومشكلات المجتمع شريطة أن يكون وفق أساس علمي، حيث لا يمكن قراءته أو الاستفادة منه إلا من خلال العلم والعلماء.
وأكد عياد أن مقر الاحتفالية وهو مركز الطفل للحضارة والإبداع يمثل إيجابية مهمة لأن البناء والإعداد للغد لا يتحقق إلا بهذا النشء الذي ينبغي أن نبدأ به باعتباره الحاضر والرؤية الاستراتيجية للمستقبل الذي يحمل هموم الأمة وقضاياها متى كان فاهمًا لتراث الأمة وتعامل معه وفق أساس علمي وحجج رشيدة.
وختم عياد كلمته بالتأكيد على دور المؤسسات العلمية والتعليمية والبحثية والدينية في المسؤولية الجماعية، حيث أن البناء لا يتحقق إلا بهذه المسؤولية الجماعية، مشيرًا إلى دور وجهود الأزهر الشريف في التأكيد على أهمية التعايش السلمي من خلال العديد من الفعاليات والمؤتمرات والوثائق التي صدرت عن الأزهر الشريف، مؤكدًا أن الأزهرُ الشريفُ أدرك أهمية فقه التعايش السلمي وأثره في بناء الدول والأوطان، من أجل ترسيخِ الفهم الوسطي لتعاليم الإسلام، والعملِ على تعزيزه في العصر الحديث، ففي ختام مؤتمر السلام العالمي بحضور البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والذي انعقد في القاهرة في غرة شعبان من عام 1438هـ الموافق شهر إبريل 2017م، قال فضيلة الإمام الأكبر: "وفى القُرآن الكريم الذى يَتلوه المسلمون صباحَ مساء نقرأ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾، كما نقرأ في باب التعارف والتراحم قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾.
ولفت إلى أنه لا يَزالُ الأزهرُ يسعى من أجلِ التعاون في مجال الدعوَةِ إلى ترسيخ فلسفة العَيْش المُشتَرَك وإحياء منهجِ الحوار، واحتِرام عقائد الآخرين، والعملِ معًا في مجالِ المُتفق عليه بين المؤمنينَ بالأديان، وهو كثيرٌ وكثيرٌ، فهو يحمل قيم السلام والتعايش المشترك والحوار بين الجميع، حيث جعل الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر حفظه الله التعايش السلمي وقبول الآخر بين الشعوب في صدارة اهتماماته والتي تُرجمت في العديد من المؤتمرات الدولية التي عقدها الأزهر الشريف للحوار بين أتباع الأديان المختلفة أو شارك فيها فضيلة الإمام، وكذلك بيت العائلة المصرية.