الإثنين 20 مايو 2024

أولياء الله الصالحين (1 -30)| أبو الحجاج الأقصري

مسجد أبو الحجاج الأقصري

ثقافة23-3-2023 | 19:28

عبدالله مسعد

تعتبر مصر حاضنة آل بيت النبوة وأولياء الله الصالحين، وقد بوركت بوجودهم حيث تأتي من منطلق دعوة السيدة زينب الشهيرة لأهل مصر لترحيبهم بقدومها قائلة: "أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجًا ومن كل ضيق فرجًا".

ونستعرض خلال أيام شهر رمضان المبارك عدد من هؤلاء الأولياء وفترة إقامتهم في مصر، ونستعرض اليوم: أبو الحجاج الأقصري.

هو يوسف بن عبد الرحيم بن عيسى الزاهد، الذي استقر في الأقصر وكان ينتمي إلى أسرة كريمة ميسورة الحال عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير في الدولة العباسية، وينتهى نسبه إلى سيدنا الحسين بن على رضى الله عنهما، وقد ولد الشيخ في أوائل القرن السادس الهجري بمدينة بغداد، في عهد الخليفة العباسي المقتفى لأمر الله، حيث ترك أبو الحجاج الأقصري العمل الرسمي وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية والتقى فيها أعلام الصوفية خاصة من أصحاب الطريقتين الشاذلية والرفاعية.

وتتلمذ أبو الحجاج وتتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولى، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه، ثم عاد أبو الحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائي، وأقام واستقر بالأقصر، حتى وفاته في عهد الملك الصالح نجم الدين الأيوبي عن 90 عامًا، وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وترك أبو الحجاج تراثا علميا، ومن أشهره منظومته الشعرية في علم التوحيد وتقع في 99 بابا، وتشتمل على 1233 بيتا، وتوفى الشيخ بالأقصر عام 642هـ، ويقال أنه كان كثير الاعتكاف والانعزال بمعبد الأقصر، ولهذا السبب أقام مسجده بقلب معبد الأقصر.

ولقب أبو الحجاج جاء لقيامه بسقي حجاج بيت الله الحرام أثناء تجمعهم في مدينة قوص شمال الأقصر، فأطلق عليه أولًا ساقي الحجاج وبعدها سيد الحجاج، وبمرور الزمن أصبح أبا الحجاج

ويعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 658هـ، الموافق 1286م، وقد بنى بساحة معبد الأقصر على نسق المساجد الفاطمية القديمة، ليزاحم تماثيل رمسيس الثانى أحد أعظم الملوك الرعامسة، الذى ينسب إليه إنشاء معبد الأقصر، ويقف شاهدًا على 3 حضارات إنسانية، حيث يخترق بطابعه الإسلامى بهو معبد الأقصر الذى يحتوى على الكثير من مظاهر الحضارة الفرعونية من أعمدة وتماثيل ونقوش ورسومات لا تزال حية على جدران المعبد، والذى يضم أيضا بالإضافة إلى المسجد بقايا كنيسة قبطية قديمة طمرت تحت مبنى المسجد الذى يرتفع فوق سطح أرض المعبد بأكثر من 10 أمتار، وكان قد تم تسجيل مسجد أبو الحجاج الأقصرى، ‏كأثر‏ ‏إسلامى ‏فى 21 يونيو 2007، وهو عبارة عن ساحة مربعة الشكل، مغطاة بقبو ومدخله الرئيسى يقع بالجهة الغربية جرت له عمارات كثيرة فى العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية والحديثة، وهو مشيد على الجهة الشمالية الشرقية لمعبد الأقصر، ويبلغ ارتفاع مدخله 12 مترًا، ويخلو من الزخارف الهندسية والنباتية واللوحات الخطية المعروفة فى العمارة الإسلامية.

ومنذ القدم ظهرت عند المصريين القدماء فكرة الولي الذي يمثل الآلهة المحلية التي يلجأ إليها الناس لتوصيل رغباتهم إلى إله الدولة الرسمي، سواء رع في الدولة القديمة أو آمون في الدولة الحديثة، وتطور الأمر مع دخول الإسلام إلى أضرحة الأولياء.

وعلى الرغم من ازدحام القاهرة بالمنشآت الحكومية، والوزارات، خاصة منطقة وسط البلد، إلا أنها ما زالت تحتفظ بعدد كبير من الأضرحة التى يتبارك بها المصريين، وهذه الأضرحة كانت موجودة قبل بناء القاهرة الخديوية على يد الخديوى إسماعيل، فربطت بين حقبة الدولة الإسلامية والقاهرة الحديثة التى أراد الخديوى بنائها على الطراز الأوربى لتباهى عواصم العالم الأكثر تمدن ورقى.

على الرغم من رغبة الخديوى انذاك فى بناء القاهرة من جديد على غرار العاصمة الفرنسية باريس، إلا أن المصريين استطاعوا الحفاظ على أضرحة أولياء الله الصالحين، والتى سميت مناطق نسبة لهم، فوسط الحداثة تجد ضريح لأحد المشايخ، وإن كان لا يذكره كل أهالى المنطقة المحيطة به.

هناك أضرحة مشهورة فى القاهرة يعلمها الجميع مثل ضريح سيدنا الحسين، والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وغيرهم، ولكن هناك أضرحة أخرى تنتشر فى شوارع وسط البلد لم يعرفها الكثير ولكن أهالى المنطقة المجاورة لها يقيمون لبعضها الموالد ويتباركون بالمكان ويزورنه.