الخميس 25 ابريل 2024

هيئة تغير المناخ الدولية تزف خبرا سارا

الغيرات المناخية

أخبار25-3-2023 | 10:33

دار الهلال

التغيرات المناخية "قضية مصيرية عالمية".. هذه العبارة التي أثبتت صحتها حتى الآن؛ نظرا للتداعيات والآثار السلبية للتغيرات المناخية، وفي ظل التحديات والصورة القاتمة لمستقبل كوكب الأرض نتيجة تلك الآثار المتوقعة للتغيرات المناخية على مختلف القطاعات، يأتي التقرير التجميعي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ليقدم بصيصا من الأمل، ويسلط الضوء على المسارات اللازم إتباعها؛ لتجنب هذه المخاطر المتزايدة ويحدد الإجراءات المتاحة بسهولة، وفي بعض الحالات عالية الفعالية من حيث التكلفة التي يمكن اتخاذها الآن لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتوسيع نطاق إزالة الكربون وبناء المرونة، وبينما يتم إغلاق نافذة معالجة أزمة المناخ بسرعة، تؤكد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه لا يزال بإمكاننا تأمين مستقبل آمن للأجيال الحالية والقادمة.

ورصدت وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت أهم ملامح التقرير والتساؤلات التي يجيب عنها، والنتائج التي يتضمنها.. وفي هذا الصدد، أكد الدكتور سمير طنطاوي استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة وعضو الهيئة للدولية المعنية بتغير المناخ - في تصريحات خاصة - أن التقرير التجميعي السادس للهيئة يقدم أحدث المعلومات والمعرفة الخاصة بموضوع التغيرات المناخية ويلقي الضوء على مستجدات جديدة طرأت منذ إصدار التقرير التجميعي الخامس الذي صدر عام 2014، مشيرا إلى أنه بعد اعتماد التقرير من صانعي السياسات سيتم تقديمه إلى مؤتمر الأمم المتحدة في الدورة القادمة التي ستعقد في بالإمارات من خلال المراجعة الأولية للتقارير الخاصة بالمساهمات الوطنية التي ستعقد خلال cop 28، أو المراجعة الأولى لمساهمات الدول لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في إطار اتفاق باريس للمناخ.
وقال طنطاوي إن الهيئة الحكومية الدولية هي الذراع العلمي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية، حيث يُوكل لها القيام بالبحوث وتحديث علوم التغيرات المناخية.. مضيفا أنه تم خلال اجتماع المندوبين بالدورة رقم 58 للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية مؤخرا بمدينة أنترليكن بسويسرا مراجعة التقرير التجميعي السادس للهيئة، بالإضافة إلى عدد من التقارير التي أصدرتها الهيئة، وقد تأخر هذا الاجتماع لمدة عام بسبب جائحة "كورونا"، وبسبب تعديلات في فريق العمل القائم بإعداد التقارير خاصة التقرير الخاص بصانعي السياسات، ونظرا لأنه مقدم لمجموعة من السياسيين ومتخذي القرار يتم كتابته بطريقة علمية متعمقة من خلال ثلاث مجموعات رئيسية مجموعة العمل الأولى بخصوص علوم تغير المناخ ومجموعة العمل الثانية بشان التهديد والهشاشة والتكيف ومجموعة العمل الثالثة بشأن التخفيف. 
وتابع قائلا "تأتي أهمية التقرير في أنه يُعد مرجعا رئيسيا يؤسس عليه في كافة المحافل المعنية بالتغيرات المناخية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية وهذا التقرير هو نتاج بحوث علماء المناخ على مدار ثماني سنوات منذ اتفاق باريس للمناخ عام 2015 بالاعتماد على النتائج التي توصل إليها 234 عالمًا في العلوم الفيزيائية لتغير المناخ، و270 عالمًا في الآثار والتكيف والتأثر بتغير المناخ، و278 عالماً في مجال التخفيف من آثار تغير المناخ".
ولفت طنطاوي إلى أن التقرير يشتمل على عدد من التقارير منها التقرير الخاص عن "ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي إلى 1.5°م"، والصادر في أكتوبر 2018، ومخرجات مجموعة العمل الأولى للهيئة تحت عنوان "أساس العلوم الفيزيائية"آ والصادر في 9 أغسطس 2021، والتقرير الخاص "التغيرات المناخية والأراضي" والصادر في أغسطس 2019، والتقرير الخاص "المحيط والغلاف الجليدي في مناخ متغير" والصادر في سبتمبر 2019، ومخرجات مجموعة العمل الثانية للهيئة تحت عنوان "التأثيرات، والتهديد، والهشاشة" والصادر في 28 فبراير 2022، ومخرجات مجموعة العمل الثالثة للهيئة تحت عنوان "تخفيف التغيرات المناخية" والصادر في 4 أبريل 2022، والملخص التجميعي "ملخص صانعي السياسات" والصادر في 20 مارس 2023.
وأوضح أن التقرير قدم فيما يقرب من 8000 صفحة العواقب المدمرة لارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم، ومنها علي سبيل المثال لا الحصر تدمير المنازل وفقدان سبل العيش وتشتت المجتمعات والتصحر والجفاف وتدهور التربة والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والهجرات الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى المخاطر المتزايدة الخطورة والتي لا رجعة فيها.
وأشار طنطاوي إلى أن الخبر السار هو أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وجدت أنه مع الدعم الكافي يمكن لحلول التكيف التي أثبتت جدواها والمتاحة بسهولة أن تبني القدرة على الصمود في وجه مخاطر المناخ، وتحقق في الوقت نفسه فوائد أوسع للتنمية المستدامة وفي الكثير من الحالات يمكن لنظم التكيف القائم على الحلول الطبيعية أن تساعد المجتمعات على التكيف مع الآثار التي تدمر حياتهم وسبل عيشهم بالفعل، مع حماية التنوع البيولوجي وتحسين النتائج الصحية وتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الفوائد الاقتصادية وتعزيز عزل الكربون، كما يمكن تنفيذ العديد من تدابير التكيف القائمة على الحلول الطبيعية - بما في ذلك الحماية والاستعادة والإدارة المستدامة للنظم الإيكولوجية، فضلاً عن الممارسات الزراعية الأكثر استدامة مثل دمج الأشجار في الأراضي الزراعية وزيادة تنوع المحاصيل - بتكاليف منخفضة نسبيًا اليوم.
وبيّن أن التعاون الهادف مع الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية يعد أمرًا بالغ الأهمية لنجاح هذا النهج، كما هو الحال مع ضمان تصميم استراتيجيات وخطط التكيف القائمة على الحلول الطبيعية لمراعاة كيفية تأثير ارتفاع درجة الحرارة العالمية في المستقبل على النظم البيئية.

وفيما يلي أهم عشر نتائج رئيسية أشار إليها التقرير: 
1- أدى الاحترار العالمي الناجم عن النشاط البشري إلى ارتفاع حرارة الكوكب إلى 1.1 درجة مئوية وتغييرات في مناخ الأرض لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية الحديث، فبالفعل، مع ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.1 درجة مئوية، فإن التغييرات في النظام المناخي التي لم يسبق لها مثيل على مدى قرون وآلاف السنين تحدث الآن في كل منطقة من مناطق العالم من ارتفاع مستويات سطح البحر إلى الظواهر الجوية الأكثر تطرفًا إلى الذوبان السريع لجليد البحر والقطبين.
2- تأثيرات المناخ على الناس والنظم الإيكولوجية هي أكثر انتشارًا وشدة مما كان متوقعًا وسوف تتصاعد المخاطر المستقبلية بسرعة مع كل جزء من درجة الاحترار.
3- يمكن لتدابير التكيف أن تبني المرونة بشكل فعال، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من التمويل لتوسيع نطاق الحلول.
4- بعض التأثيرات المناخية شديدة بالفعل بحيث لا يمكن التكيف معها، مما يؤدي إلى خسائر وأضرار بالفعل يكافح الأشخاص المعرضون للخطر بشدة والنظم البيئية في جميع أنحاء العالم للتكيف مع تأثيرات تغير المناخ.
5- تصل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية إلى ذروتها قبل عام 2025 في مسارات تتوافق مع 1.5 درجة مئوية، حيث وجدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن هناك احتمالًا بنسبة تزيد عن 50% أن يصل ارتفاع درجة الحرارة العالمية أو يتجاوز 1.5 درجة مئوية بين 2021 و2040 عبر السيناريوهات المدروسة وتحت مسار انبعاثات عالية، فعلى وجه التحديد قد يتخطى العالم هذه العتبة في وقت أقرب بين عامي 2018 و2037.
6- يجب على العالم أن يبتعد بسرعة عن حرق الوقود الأحفوري - السبب الأول لأزمة المناخ في المسارات التي تحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية مع عدم وجود تجاوز أو تجاوز محدود - يمكن فقط انبعاث 510 "جيجا" طن من ثاني أكسيد الكربون الصافي قبل أن تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الحياد الكربوني بحلول 2050 ومع ذلك، فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المستقبلية من البنية التحتية الحالية والمخطط لها للوقود الأحفوري وحدها يمكن أن تتجاوز هذا الحد بمقدار 340 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون لتصل إلى 850 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون.
7- نحن بحاجة أيضًا إلى تحولات عاجلة على مستوى النظام لتأمين مستقبل خالٍ من الصفر ومقاوم للمناخ في حين أن التقليل السريع لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الوقود الأحفوري يثبت أنه أمر بالغ الأهمية في مكافحة أزمة المناخ، ويجب أن تكون هذه التخفيضات مصحوبة بجهود لتسريع التغييرات التحويلية عبر توليد الطاقة المتجددة وخفض انبعاثات المباني والصناعة والنقل والزراعة وتعظيم استخدامات الغابات والأراضي الأخرى.
8- إزالة الكربون ضرورية الآن للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، حيث أن إزالة الكربون بشكل عميق عبر جميع الأنظمة مع بناء المرونة لن يكون كافياً لتحقيق أهداف المناخ العالمية، حيث توصلت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن جميع المسارات التي تحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية - بدون تجاوز أو تجاوز محدود - تعتمد على كمية معينة من إزالة الكربون تشمل كلاً من الحلول الطبيعية مثل عزل الكربون وتخزينه في الأشجار والتربة، فضلاً عن المزيد من التقنيات الناشئة التي تسحب ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء.
9- يجب أن يزداد تمويل المناخ للتخفيف والتكيف زيادة كبيرة في هذا العقد، حيث وجدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن تدفقات التمويل العام والخاص للوقود الأحفوري اليوم تفوق بكثير تلك الموجهة نحو التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه، وفي حين أن التمويل السنوي العام والخاص للمناخ قد ارتفع بنسبة تزيد عن 60٪ منذ تقرير التقييم الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لا يزال هناك الكثير من المطلوب لتحقيق أهداف تغير المناخ العالمي، على سبيل المثال سيحتاج تمويل المناخ إلى زيادة ما بين 3 و 6 مرات بحلول عام 2030 لتحقيق أهداف التخفيف وحدها.
10- سيؤدي تغير المناخ - بالإضافة إلى الجهود الجماعية للتكيف معه والتخفيف منه - إلى تفاقم عدم المساواة إذا فشلنا في ضمان انتقال عادل، حيث أن تأثيرات تغير المناخ تؤثر بشكل أكبر على المجتمعات الفقيرة والمهمشة تاريخيًا يعيش حاليا ما بين 3.3 مليار و 3.6 مليار شخص في بلدان شديدة التأثر بتأثيرات المناخ، حيث تتركز النقاط الساخنة العالمية في القطب الشمالي وأمريكا الوسطى والجنوبية والدول الجزرية الصغيرة النامية وجنوب آسيا والكثير من جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا، لا تؤدي النزاعات والتفاوتات القائمة وتحديات التنمية في العديد من البلدان في هذه المناطق - كالفقر ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة - إلى زيادة الحساسية لمخاطر المناخ فحسب بل تحد أيضًا من قدرة المجتمعات على التكيف.
ولحسن الحظ تحدد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في تقريرها، مجموعة من التدابير التي يمكن أن تدعم انتقالًا عادلًا وتساعد على ضمان عدم تخلف أحد عن الركب بينما يتجه العالم نحو مستقبل خالٍ من الانبعاثات ومقاوم للمناخ، وإعادة تشكيل برامج الحماية الاجتماعية - مثل التحويلات النقدية وبرامج الأشغال العامة وشبكات الأمان الاجتماعي - لتشمل التكيف، على سبيل المثال يمكن أن تقلل من تعرض المجتمعات لمجموعة واسعة من التأثيرات المناخية المستقبلية مع تعزيز العدالة والإنصاف، فهذه البرامج فعالة بشكل خاص عندما تقترن بجهود لتوسيع الوصول إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ونوه التقرير بأنه يمكن لواضعي السياسات تصميم استراتيجيات التخفيف من أجل توزيع أفضل لتكاليف وفوائد الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويمكن للحكومات أن تجمع الجهود للتخلص التدريجي من توليد الكهرباء باستخدام الفحم مع برامج إعادة التدريب على الوظائف المدعومة التي تدعم العمال في تطوير المهارات اللازمة لتأمين وظائف جديدة عالية الجودة، و ستلعب عمليات صنع القرار الشاملة والشفافة والتشاركية دورًا مركزيًا في ضمان انتقال عادل من خلال تدابير التخفيف والتكيف، وبشكل أكثر تحديدًا يمكن أن تساعد هذه التدابير في تنمية ثقة الجمهور وتعميق الدعم العام للعمل المناخي التحويلي وتجنب العواقب غير المقصودة.

Dr.Randa
Dr.Radwa