أكدت وزارة الأوقاف أنه على جميع المسلمين إعداد النفس لاستقبال ليلة القدر المباركة، فهي أعظم ما اختص الله (عز وجل) به الأمة المحمدية، فهي تاج الليالي، ودُرَّة الأزمان، تغمر الكون بضيائها، وتعمر القلوب بحبها، وتتفرد بالأجر العظيم والخير العميم، حيث جعلها الحق سبحانه أفضل من ألف شهر، عبادةً وقُربًا، وثوابًا وأجرًا.
وأوضحت الوزارة في بيان اليوم، ضرورة الحرص في هذه الليلة على قيام الليل، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، وأن نستقبلها بالعفو والصفح والتسامح، وتجاوز الخلافات؛ فإن الشقاق يجلب الشرور ويمحق البركات، مشيرة إلى خروج النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ (اختلفا وتنازعا)، فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): (إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (ألا أخبرُكُم بأفضلَ من دَرجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدَقةِ؟ قالوا: بلَى، قال: صلاحُ ذاتِ البينِ؛ فإنَّ فسادَ ذاتِ البينِ هيَ الحالِقةُ)، ويقول (عليه الصلاة والسلام): (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ، هِيَ الحَالِقَةُ، لا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشِّعرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الجنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنبِّئكُمْ بِمَا يُثبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ).
وقالت الوزارة إن ليلة القدر هي ليلة الشرف والعز والكرامة، فقد أنزل الله تعالى فيها خير كتبه على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلوات ربي وسلامه عليه)، وهي الليلة المباركة، التي يقدِّر الله تعالى فيها أعمال العباد وآجالهم وأرزاقهم، ومن مظاهر بركتها أن الله (عز وجل) يغفر لمن قامها إيمانًا واحتسابًا، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، لذلك فإن المحروم هو من حُرم بركتها وفضلها، يقول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ).
وأضافت أن من بركات ليلة القدر نزول الملائكة فيها وفي مقدمتهم الأمين جبريل (عليه السلام)، لتمتلئ الأرض نورًا وسكينة، حيث يقول سبحانه: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (المَلائِكَةُ تِلْكَ اللَّيْلَة أَكْثَرُ فِي الأَرْضِ مِنْ عَدَدِ الحَصَى)، وهي ليلة السلام والأمان من بدايتها حتى مطلع الفجر، فيقول سبحانه: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، وفي ذلك دعوة لنشر السلام في الأرض في هذه الليلة المباركة وغيرها من الليالي، حتى يعم الخير، ويتحقق الاستقرار، والإخاء بين بني الإنسان.
ولفتت الوزارة إلى أن ليلة القدر هي ليلة العفو الإلهي، فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي الله عنها) أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَدْعُو؟ قَالَ: (تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي).
وأكدت الوزارة أنه إذا كنا نتعرض لرحمة الله تعالى في هذه الليالي المباركة، فعلينا أن نتراحم فيما بيننا، فمن لا يَرحم لا يُرحَم، والراحمون يرحمهم الرحمن، والتراحم سلوك وعمل؛ يستوجب التعاون والتكافل، وأن يأخذ قوينا بيد ضعيفنا، وغنينا بيد فقيرنا، موقنين بأن ما أنفق من خير فإن الله (عز وجل) سيخلفه ويضاعفه، حيث يقول الحق سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
وأشارت الوزارة إلى أن ما أحوجنا إلى اغتنام ما بقي من شهر رمضان عبادة واجتهادًا ونفعًا للناس؛ التماسًا لليلة القدر، وطمعًا في ثوابها؛ فإنها تُكسب من أحياها قدرًا عظيمًا، وتزيده شرفًا عند الله تعالى، وما أجمل أن نتخذ من تلك الليلة المباركة عهدًا جديدًا لتجديد التوبة ولزوم الاستغفار، وتقويم النفس، وحملها على فعل الخيرات، وترك المنكرات، حيث يقول الحق سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ}، ويقول سبحانه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.