الأربعاء 29 مايو 2024

خيري شلبي.. صاحب «الوتد» الذي أخطأته نوبل

9-9-2017 | 12:51

تحل اليوم ذكرى رحيل الكاتب الروائي الكبير خيري شلبي، الموسوعي  الفذ، الذي أثّر في الرواية المصرية المعاصرة بإبداعه الدائم للأشكال الحديثة في البناء الروائي.

رحل عن عالمنا في 9 سبتمبر عام 2011، عن عمرٍ يناهز 73 عامًا، بعد رحلةٍ من العطاء الأدبي تقلّد خلالها منصب نصير المهمّشين، وكاتب الفقراء والطبقات المطحونة.

وشلبي، الذي نشأ في أسرةٍ ميسورة الحال في إحدى قرى كفر الشيخ "قرية شباس"، يعترف بأن تلك البيئة الريفية كان لها فضلًا كبيرًا في تكوين ذائقته الروائية، حيث كانت "مندرة بيتهم"  تجمع المثقفين من أصدقاء والده.

وكانت روايات "ألف ليلة وليلة"، وروايات “جورجي زيدان” عن تاريخ الإسلام، وصياغات ” المنفلوطي” للروايات المترجمة، ومغامرات ” أرسين لوبين”  تُروى يوميًا في صالون والده الثقافي الصغير الذي شكّل موهبته فيما بعد في فن الحكي الذي تميّز فيه ببراعة.

كما مثّل عشقه  للقاهرة الفاطمية بحواريها وأزقّتها حافزًا للكتابة، فكان لا يمل من السير فيها أو التحدث عنها، حيث كتب عنها روايته الجميلة "رحلات الطرشجي الحلوجي".

وخيري شلبي، الذي تحدث عن هموم القرية وترجم مشكلاتها في رواياته، فبرع في الكتابة عنها إلى الحد الذي دفع الأديب نجيب محفوظ  ذات مرة حين سُئل “لماذا لا يكتب عن القرية؟”، فكان جوابه: "كيف أكتب عن القرية ولدينا خيرى شلبي؟”.

وقد عاش الكاتب الكبير طفولة متناقضة، حيث ولد لأمٍ شركسية الأصل وأبٍ من أسرةٍ كانت  ثرية من طبقة الفلاحين، ولم يتبقّ من ميراثها سوى قطعة أرض صغيرة، فخرج  للحياة متقلدًا عدة مهن، ومنها صبي الكواء، كما عمل في النجارة، وفي مضمار الفواعلية، وهو ما أكسبه خبرة حياتيه ظهرت في أعماله الروائية التي تخطّت الـ 70 ما بين الرواية، والقصة، والبورتريه الأدبي.

وتحولت بعض هذه الأعمال الأدبية إلى أعمال تليفزيونية وسينمائية مثل وكالة عطية التي صُنّفت كأفضل رواية عربية عام 1993 ، ثم الوتد، والكومي، والسنيورة، والأوباش، والشطار، والعراوي، وموال البيات والنوم، وثلاثية الأمالي، وبغلة العرش، ولحس العتب، ومنامات عم أحمد السماك، وموت عباءة، وبطن البقرة.

وبالرغم من  أنه لم يكن منشغلًا بالتكريمات والجوائز بقدر اهتمامه بالبسطاء من أبطال رواياته، فقد حصل "شلبي" على العديد من الجوائز والتكريمات لعل أبرزها حصوله على جائزة أفضل رواية عربية عن رواية "وكالة عطية" 1993، والجائزة الأولى لاتحاد الكتاب للتفوق عام 2002، وجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن رواية وكالة عطية 2003.

كما حصل على جائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن رواية “صهاريج اللؤلؤ” 2002، كما رشحته مؤسسة "إمباسادورز" الكندية للحصول على جائزة نوبل للآداب، وتُرجمت معظم رواياته إلى الروسية، والصينية، والإنجليزية، والفرنسية، والأوردية، والعبرية والإيطالية، وقُدمت عنه عدة رسائل للماجستير والدكتوراه في جامعات القاهرة، وطنطا، والرياض، وأكسفورد، وإحدى الجامعات الألمانية.

عُرف عن خيري شلبي طقوسه الغريبة في الكتابة، حيث كان يفضل أجواء المقابر ليبدع فيها، وقادته الصدفة -كما روت ابنته "ريم"-  للكتابة في المدافن حين تعطّلت سيارته في طريق صلاح سالم في منطقة المقابر، وحتي أصلح العطل، كان قد قرّر أن تكون المدافن مقره شبه الدائم للكتابة، فكان يغيب شهورًا عن بيته، و لايذهب إلّا قليلًا للاطمئنان على أسرته التي تحمّلت ذلك الطبع الذي لازمه حتى قبل وفاته بعدة سنوات قليلة.

والذي لا يعرفه الكثير عن خيري شلبي -كما تقرّر ابنته " إيمان"-  أنه كان يحب أكل البط، والحمام المحشو بالفريك، والملوخية بالفراخ، وكشك الألماظية، وساعده في الاستمرار في حب هذه الأكلات زوجته، لأنها قريبته من القرية نفسها، وطبّاخة ماهرة أيضًا.