وسط أجواء روحانية تعود لشهر رمضان الكريم، اكتظ المسجد الحسيني بوسط العاصمة الأردنية عمان بالمصلين في صلاتي العشاء والتراويح، راجين المولى عز وجل أن يبلغهم فضل ليلة القدر والتي تعد خير من ألف شهر.
في خشوع وخضوع للمولى - عز وجل - أدى المصلين صلاة العشاء، قبل أن ينخرطون في صفوفهم لأداء صلاة التراويح في نهايات الشهر الفضيل وسط دعوات بأن يكون شهر رمضان شاهدا لهم وليس عليهم، فيما قاموا بالصلوات على رسول الله سيدنا الخلق محمد صلى عليهم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كبيرا.
الإصلاحات التي تقوم بها وزارة الأوقاف عبر إدارة ترميم المساجد، لم تعرقل أداء المصلين لصلاتهم وحرصهم على التواجد مبكرا قبل أن يمتلئ المسجد عن بكرة أبيه ، فيما حرصت إدارة المسجد على توفير كافة سبل الراحة للمصلين على مدار الشهر الكريم.
شيوخ وشباب وأطفال، هم ضيوف بيت من بيوت الله في الأردن يتضرعون إلى المولى عز وجل لقبول صيامهم وصلاتهم وقيامهم خلال شهر رمضان الفضيل، في حين يبادر البعض بتقديم مياه الشرب للمصلين خلال صلاة العشاء والتراويح.
أردنيون وجنسيات أخرى من بينهم مصريون، يأتون يوميا في شهر رمضان من أجل أداء الصلاة بالمسجد الحسيني باعتباره أبرز معالم العاصمة عمان القديمة بوسط البلاد، فيما يقول مصلون مصريون إنهم يأتون هنا لأنهم يشعرون بأجواء رمضانية روحانية ربما تعشرهم بأجواء رمضان بالقاهرة.
أحد المصلين ويدعى طلعت هاشم هو يعمل في الأردن منذ قرابة 25 عاما، في تصريح لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، عقب أداء صلاة التراويح، أن المسجد الحسيني هو قبلة المصريين هنا في عمان.
ويتذكر طلعت حينما جاء إلى عمان للعمل، أن نقطة التقاء بزملائهم ومعارفهم الذين يعملون في الأردن كانت باحات المسجد الحسيني، مشيرا إلى أن هذا المسجد يمثل نقطة ينطلق منها العاملين المصريين الجدد باعتباره معلم لا يمكن أن تنسه أو لا تصل إليه حينما يتم تحديده كموقع للقاء مع الأخرين للانطلاق نحو مناطق أخرى في العاصمة عمان.
وأضاف طلعت أن هناك أجواء خارج وداخل المسجد تشعرك بروحانيات دينية حيث يقول القائمين على شئونه والمتابعين أن هذا المسجد "الحسيني" احتضنن كبار رجال الدين الأردنيين والعرب وخصوصا المصريين من بينهم الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد صديق المنشاوي.
وفي ليلة القدر، تبدأ الروحانيات الرمضانية مع بداية صلاة المغرب حتى صلاة الفجر حيث يتم صلاة العشاء و التراويح والتسابيح مع تقديم وجبات سحور للمصلين، وقراءة القرآن والأدعية والابتهالات الدينية، فيما يؤذن لصلاة الفجر وسط أجواء تتضرع لله ودعوات من قلوب خاشعة ترجعو رحمة الله وفضله في هذه الليلة المباركة،في حين تقام أنشطة وفعاليات من دروس دينية واستقبال الأسئلة والاستفسارات الدينية.
وبالحجر الأبيض الذي يميز المباني في الأردن، بني المسجد الحسيني بعمان ، فيما زينت الواجهة بمكعبات الفسيفساء الملونة، والأرابيسك الخشبي في داخل المسجد، وفناء كبير مزخرف بنقوش إسلامية جميلة تعود إلى العصور القديمة، فيما تقوم الدولة الأردنية بعمل كافة أشكال الصيانة للمسجد بين الحين والأخر.
ويعد المسجد الحسيني من أقدم مساجد العاصمة الأردنية، حيث أسسه الأمير عبد الله الأول بن الحسين سنة 1923 وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الشريف حسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى في الجزيرة العربية وبلاد الشام.
ويبلغ طول المسجد الحسيني 58.5 متراً وعرضه 12.5 متراً، وله رواق أمامي ورواقان جانبيان وفي الوسط ساحة سماوية ومئذنتان ترتفع اليمنى 70 متراً واليسرى 35 متراً.
ويعتبر المسجد الحسيني الكبير أول مشروع عمراني أقيم في عمان، وسبق بناؤه بناء قصر رغدان سنة 1924، وانتهى العمل فيه سنة 1927.
والمسجد الحسيني مبني فوق أنقاض المسجد الأموي القديم، وقد أورد كلاً من الجغرافي أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي في كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" وياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان"، وصفاً للمسجد الأموي القديم. ويمكن إجمال وصف المسجد الأموي القديم بأنه كان يتألف من صحن تحيط به من الجهات الثلاثة سقائف محمولة على أعمدة، ثم بيت للصلاة سقفه محمول على أعمدة أيضاً؛ تتجه عمودياً نحو حائط القبلة.
استخدم في بناء المسجد الحسيني الكبير الخلطة الإسمنتية، والتي اقتصرت استخدامها أول الأمر في بناء المئذنة الشرقية ذات الخوذة الحجرية، والتي دمّرت في زلزال 1927، فتم إستبدالها بالخوذة الخشبية.
وفي الأربعينات من القرن العشرين، تم توسيع صحن المسجد وأقيمت في وسطه ميضأة، كما أضيفت المئذنة الغربية بارتفاع طابقين مشابهة للمئذنة الشرقية، ولكنها ذات خوذة حجرية، فيما أُجريت أعمال إصلاحات وتجديدات واسعة في العامين 1986، 1987، وحاليا يتم أيضا توسعات بالمسجد لم تنته بعد ولكنها لم تعرقل أداء المصلين لشعائرهم.