ناقشت الدراما الرمضانية العديد من القضايا، لا سيما تلك الخاصة بالمرأة المصرية، حيث عرضت الشاشات عدداً من الأعمال التى تناولت نماذج للمرأة القوية التى لا تستسلم مهما كانت القوة التى تواجهها، بل تطالب بحقها ورفع الظلم عنها، وقد جسدت الدراما الرمضانية هذا العام عدداً من النماذج النسائية الإيجابية التى نجدهن حولنا، واللاتى تدافع كل منهن عن قضيتها بكل قوتها.. نستعرض فى التحقيق التالى تلك الأعمال وكيف كان رد الفعل تجاهها، ورأى عدد من مصادرنا حولها ومدى تقديمها بشكل واقعى بعيد عن المبالغة...
الهرشة السابعة
كان مسلسل «الهرشة السابعة» من أهم المسلسلات التى عرضت قضايا متنوعة للمرأة، فخلال أحداثه عرض قصتين مختلفتين ما بين نادين وآدم «أمينة خليل ومحمد شاهين»، وسلمى وشريف «أسماء جلال وعلى قاسم»، وعرض المسلسل الكثير من المشاكل فى حياتهم، حيث تزوجت نادين عن حب ولكن حياتها مع آدم انتهت بالطلاق، وهنا كان عرض مشكلة من مشاكل المرأة وهى تحملها مسئولية أطفالها بمفردها، وعدم تحمل الزوج معها ذلك، وأيضاً اكتئاب ما بعد الولادة، وهو الأمر المهم الذى يغفل عنه الكثيرون، وكذلك ضرورة عمل المرأة ودوره فى تحسين حياتها، فلم تجد نادين نفسها أو تتحسن حالتها النفسية إلا عندما وجدت عملاً يناسبها، وأيضاً طرح المسلسل فكرة «المساكنة» من خلال علاقة سلمى وشريف، وهو الأمر الذى يرفضه مجتمعنا العربى، وأيضاً عرض قضية زواج المرأة فى سن كبيرة من خلال علاقة فيفى «حنان سليمان» التى أحبها طبيبها النفسى، ووافق ابنها آدم على زواجهما من خلال طرح قضية زواج المرأة على أنه حق من حقوقها.
ستهم
يعتبر مسلسل «ستهم» للنجمة روجينا، من أهم المسلسلات التى اهتمت بقضايا المرأة فى السباق الرمضانى، وهو مأخوذ عن قصة حقيقية عن المرأة التى خلعت جلدها وارتدت ثوب الرجال بعد وفاة زوجها حتى لا تكون مطمعاً لأى رجل فى سوق العمل، وامتهنت مهن الرجال الصعبة حتى تكسب عيشها بالحلال، وأيضاً تطرق العمل إلى قضية ميراث المرأة من خلال الصراع بين ستهم، وشقيقها رماح «جهاد سعد»، الذى يرفض أن يعطيها حقها فى ميراثها، ويحاول قتلها عند مطالبتها به، إلى جانب طرحه للعديد من المشاكل المهمة.
عملة نادرة
قدمت الفنانة نيللى كريم أيضاً مسلسلاً مهماً جداً فى السباق الرمضانى الماضى، والذى اهتم بقضية مهمة جداً من قضايا المرأة، وهى عدم توريث المرأة فى الصعيد، وإبطال حقها حتى فى المطالبة به تحت بند أنها إمرأة لا تورث.. فمن شرع هذا الحق؟!، فنجد نادرة «نيللى كريم» الصعيدية التى لا تستسلم لهذه العادات والتقاليد الخاطئة وتخوض الكثير من الصراعات للمطالبة بحقها فى ميراثها.
حضرة العمدة
قدمت الفنانة روبى دوراً من أروع أدوارها فى مسلسل «حضرة العمدة» الذى يطرح سؤال: ماذا سيحدث إن تولت المرأة منصب العمدة؟
بالفعل هذا ما حدث وتولت صفية الفارس «روبى» منصب العمدة فى بلدها، ومن حينها وهى لا تدخر جهداً فى حل مشاكل كثيرة متعلقة بالمرأة، ومن أهم القضايا التى ناقشها العمل كانت قضية ختان الإناث والتوعية بخطورة هذه العملية على الإناث، وأن الدين حرمها، والقانون يعاقب عليها، وأن هناك نصوصاً دستورية تعاقب الطبيب ما إن قام بذلك، وأيضاً قضية زواج القاصرات تحت السن، وكثرة الإنجاب.
كامل العدد
فى إطار كوميدى ناقشت النجمة دينا الشربينى قضايا الزواج المبكر للمرأة، والطلاق، وتحمُّل المرأة المسؤلية الكاملة بمفردها، موجهة رسالة للفتيات أن عليهن التفكير جيداً قبل أخذ خطوة الزواج، وأن يقدمن على هذه الخطوة فى سن مناسبة، ولا ضرورة للاستعجال فى ذلك.
مذكرات زوج
ما بين المرأة الصارمة والزوج غير السعيد فى حياته معها، ناقش المسلسل قضية عمل المرأة وكيفية الحفاظ على بيتها وأسرتها، ونبه إلى ضرورة ألا تخلط المرأة بين عملها وحياتها الزوجية، وأن تحافظ على هويتها كامرأة، ولا تكون صارمة مع زوجها.
جعفر العمدة
ناقش مسلسل «جعفر العمدة» قضية تعدد الزوجات، وكم هو أمر مهين بالنسبة للمرأة، وأن الرجل مهما حاول فلن يعدل بينهن.
تحت الوصاية
على الرغم من تعرض مسلسل «تحت الوصاية» للنجمة منى زكى للانتقادات حين طرح البوستر الرسمى الأول له، إلا أنه يعد أكثر مسلسل واقعى عبر عن قضايا المرأة من خلال طرحه لقضية مهمة جداً، وهى قضية «وصاية الأم على أطفالها»، خصوصاً بعد وفاة زوجها، فقالت حنان (منى زكي): «أنتوا مستصغرني؟!» فى تعجب منها.. لماذا يرفض القانون منح الأم حق الوصاية على أطفالها، بل ومنحها إلى جد الأطفال، وهو من يقرر ما المناسب أو غير المناسب للإنفاق على الأطفال.. فهل من الطبيعى هذا، فمن يعرف احتياجات الأولاد غير الأم، وأيضاً طرح المسلسل قضية عمل المرأة والظلم الذى تتعرض له من المجتمع فى سوق العمل.
حول تلك القضايا التى تهتم بمشاكل المرأة، والتى ناقشتها الأعمال الدرامية فى السباق الرمضانى الماضى، تحدث إلينا عدد من الفنانين والصناع والنقاد، موضحين إلى أى مدى استطاعت دراما رمضان التطرق إلى تلك المنطقة، وهل كانت المعالجة الدرامية واقعية أم بها شىء من المبالغة.. فماذا قالوا؟
تقول النجمة نانسى صلاح: قدمت دور نجاة فى مسلسل «ستهم»، وهو من أكثر الشخصيات التى شعرت بسعادة كبيرة جداً حين قدمتها، بسبب أنى شعرت بها، وأنها امرأة مغلوبة على أمرها، وأحببت الشخصية الصعيدية، خصوصاً أن أصولى من الصعيد، وتحديداً فى سوهاج، إلى جانب أن العمل ناقش العديد من قضايا المرأة، مثل المرأة الطيبة التى لا تستطيع أن تدافع عن حقوقها، أى المغلوبة على أمرها، والتى تشقى من أجل العمل، والتى تغرَّب أولادها عنها، والتى لم تأخذ حقوقها بسبب إخوتها الرجال، وكثرة الإنجاب، فالمرأة المصرية مثلما يقال (ست شقيانة) ويجب أن تكرم، ومسلسل «ستهم» حصل على نسب مشاهدة عالية بسبب سيدات مصر، فكلهن شاهدنه، وكل واحدة منهن رأت نفسها به.
أما الفنانة نشوى مصطفى، فتقول: أعجبنى مسلسل «تحت الوصاية»، منى زكى فنانة عالمية، فقد أعجبت جداً بها وبالمسلسل، خاصة أنها قدمت دور سيدة مصرية واقعية تشبه سيدات مصر، بعيداً عن التمثيل، فحين ترى العمل لن تشعر للحظة بأن هذا مسلسل، بل هو أمر واقع، حتى الأطفال مثلوا بطريقة مبدعة، إلى جانب مناقشته قضية مهمة جداً، وهى قضية وصاية الأم على أطفالها.. وطرح سؤالاً مهماً: لماذا لا تمتلك الأم حق الوصاية على أطفالها؟.
ويقول الناقد الفنى أحمد سعد الدين: لدينا ما يقرب من خمسة أو ستة مسلسلات تهتم بقضايا المرأة، مثل نيللى كريم التى تحدثت فى مسلسل (عملة نادرة) عن قضايا الميراث ومنعه عنها، والسيطرة عليها، وأيضاً ورجينا فى مسلسل (ستهم)، والكاتب ناصر عبدالرحمن فى الأصل صعيدى، ويعرف خبايا الصعيد وعاداته، ولذلك كتب المسلسل بطريقة احترافية وعالج قضاياه بشكل جيد جداً، وأيضاً مسلسل (تحت الوصاية) لمنى زكى، الذى تحدث عن المرأة الأرملة، وكيف عليها أن تعرف حقوقها والمطالبة بها، وهذا المسلسل قوى جداً، والسيناريو متماسك بشكل كبير.
أما الناقدة ماجدة موريس فتوضح من جانبها: هناك أكثر من عمل تكلم عن قضايا المرأة وأيضاً حياتها فى الزواج، مثل (الهرشة السابعة)، و(مذكرات زواج)، و(علاقة مشروعة)، ولو أن لديّ ملاحظة عليها وأنها قدمت حياة الأزواج والمرأة فى جانب معين أو مستوى مادى معين، أى فى حالة اجتماعية جيدة ومستوى حياة جيد، ولكن (مذكرات زوج) تعرض لقضية عدم التفاهم بين الأزواج، والذى ناقش تحقق المرأة فى العمل، وهل عليها أن تكون فى البيت مثل العمل، أى أن تكون مديرة على زوجها والأولاد، وهذا خلق نوعاً من عدم التفاهم بينهما، فعلى المرأة ألا تفقد وظيفتها فى المنزل، وهذه قضية مهمة جداً».
مضيفة: (الهرشة السابعة) ناقش قضية ضرورة عمل المرأة، فهى تركت عملها حتى تهتم بالأطفال، حتى شعر الرجل أنه الأهم، وحرمها من حقوقها، وأيضاً ناقش قضية المساكنة، وهو الأمر الذى يرفضه المجتمع، ومسلسل (علاقة مشروعة)، الذى ناقش قضية الخيانة الزوجية، وأن على الرجل أن يحافظ على أسرته، وألا يكون ضعيفاً أمام أهوائه.
من جانبها تقول المخرجة رباب حسين: أعجبت جداً بمسلسل (تحت الوصاية) وأُعجبت بالواقعية والمصداقية الموجودة به، والقضية المهمة جداً التى ناقشها، حتى إنه ناقش الظلم الذى تتعرض له المرأة فى سوق العمل، وقضية وصاية الأم على أطفالها، وأتمنى أن يتمكن هذا المسلسل من تعديل قانون الوصاية مثلما عدل قديماً فيلم (أريد حلاً) قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة، وأيضاً مسلسل (جعفر العمدة)، الذى طرح قضية الخلع.. فهل من الممكن أن تخلع المرأة زوجها دون علمه، فإذا كان ذلك يحدث فعلاً.. فهذا يدل على أن هناك خللاً.
ويقول الكاتب والمؤرخ الفنى محمد شوقى: أرى أن معظم الأعمال الدرامية فى هذا السباق تتحدث عن قضايا المرأة، ومن أهم المسلسلات من وجهة نظرى مسلسل (عملة نادرة)، الذى طرح فكرة كيف للمرأة الضعيفة المسكينة أن تقف أمام جبابرة فى القوة وفى المال والعصبية وفى التقاليد، خاصة فى الصعيد، وهذا فى حد ذاته عملة نادرة، والعملة النادرة هنا هى المرأة الضعيفة التى تدافع عن حقوقها وحق أولادها وحق زوجها الذى قُتل فى طريقة مشوقة.
وأضاف: على الأجانب الآخر نجد مسلسل (تحت الوصاية) للنجمة منى زكى، والذى تدور أحداثه حول منح الوصاية للجد رغم وجود الأم، وهنا طرح العديد من الأسئلة القانونية لماذا لم تأخذ الأم حق الوصاية على أولادها، وهذا المسلسل أثار حالة واسعة من الجدل، وهذا هدف مهم جداً من أهداف المسلسل، فهو مسلسل واقعى وهذا شىء يؤكد أن المرأة تستطيع أن تقوم بأى شىء، فهى استطاعت أن تقود مركباً فى وسط البحر بين مجموعة كبيرة من الرجال، وأنا أرى أنهما أفضل عملين فى مناقشة قضايا المرأة، هذا العام، ومن أهم الأعمال الدرامية التى تناولت قضايا المرأة بشكل فنى مكتمل، وأيضاً ندى موسى قدمت دوراً جميلاً جداً، وهو دور الطبيبة التى رفضت الجهل والظلم، وهذان المسلسلان يستحقان الإشادة من المجلس القومى للمرأة.