75 عاما مرت على نكبة فلسطين، وميلاد «جنة شياطين»، كل فصل في تاريخ الشعب الفلسطيني يروي قصص اغتيال البراءة، وكل سردية تكشف عن تفاصيل الخسة، وجرائم ترتكب على رءوس الأشهاد، وسط صمت عالمي، وإدانات عربية، بل دول كبرى تساند المحتل الغاصب، لم تكتف بصك الميلاد الذي منحه آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى «ليونيل دي روتشيلد» أحد قيادات اليهود في بريطانيا عام 1917، ليكون شهادة ميلاد لـ«جنة شياطين».
احتلت معظم أراضي فلسطين من جانب الصهاينة بدعم من «الانتداب البريطاني»، وطرد ما يقرب من مليون فلسطيني خرجوا إلى عدة بلدان مجاورة، وكانوا يشكلون آنذاك ما يقرب نصف تعداد الشعب الفلسطيني، لتبدأ أولى مآسي الشعب المكلوم، وتبدأ عصابات الصهاينة في بناء «جنة شياطين» بعد ارتكاب عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وتم هدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية.
وللمرة الأولي أحيت الأمم المتحدة الإثنين الماضي في مقرها بنيويورك ذكرى نكبة الفلسطينيين، التي بدأت في 15مايو 1948 عقب إعلان قيام دولة الاحتلال، ولا يزال الصهاينة مصرون على اغتيال الحقيقة، وإعادة صياغة التاريخ وفق للسردية العبرية والتي تقول إن الفلسطينيين غادروا قراهم طوعا خلال المعارك، رافضة حقيقة ارتكابها مجازر، وتروج أن قيام دولة الاحتلال كان وفق مبدأ «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» معتمد على مبدأ الترويج للأكاذيب والتزييف الذي يمكنه أن يقضي على الحقيقة.
احذروا «جنة شياطين» من ارتكب مجازر «اللد و دير ياسين وبحر البقر و جنين».. وغيرها لا يعرف إلي السلام سبيل، الذي يطلق الرصاص علي إيمان حجو التي لم يتجاوز عمرها شهور، ويغتال محمد الدرة دون وازع من ضمير لا يعرف سوي الطريق لتصويب الرصاص من أجل سرقة الأوطان، الأخطر هو تسويق «جنة شياطين» كونها قلب الديمقراطية النابض في الشرق الأوسط علي حد وصف «أورسولا فون دير لاين» رئيسة المفوضية الأوربية! عن أي ديمقراطية تتحدثين؟!
تصريحات رئيسة المفوضية الأوربية جاءت في سياق الاحتفال بمرور 75 عاما علي ميلاد «جنة شياطين» دون أي نظرة على شعب فلسطين الذي يعاني القتل والتشريد من أرضه، بل ويذبح عليها دون أنين، علينا الصمت حينما تهان مقدستنا الإسلامية والمسيحية، علينا أن نقبل بضياع القدس!
علي العرب تحمل ألاعيب سياسة حكومة «جنة شياطين» و تأجيج الصراع وقتل الفلسطينيين للتغطية علي قضية فساد وإعادة توجيه وحشد قوى مجتمع «جنة شياطين» لقتل النساء والأطفال العزل، تلك هي مشاهد الديمقراطية النابضة في الشرق الأوسط يا سيدتي.. هنا في تلك المنطقة البائسة من العالم يقتل المواطن الفلسطيني علي الهواء، وسط صمت الجبناء المهرولين، دعيني أذكرك بحادث استشهاد محمد الدرة في 30 سبتمبر عام 2000، انتفاضة الأقصى الثانية كانت فى بدايتها بعد دخول «شارون» رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بجنوده للمسجد الأقصى، كانت تلك الشرارة التى أدت لاندلاع الانتفاضة.. يوم الحادث كان الأب وابنه فى طريقهما لشراء سيارة، وخلال عودتهما فى شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة حاوطهما صوت الرصاص من كل اتجاه، ليحتميا ببرميل إسمنتي علّه يقيهما من الطلقات، لكن جسد الابن تحول إلى مصفاة، هل تلك هي الديمقراطية النابضة بـ«الحياة» يا سيدتي!
ولا تزال صورة الزميلة شيرين أبوعاقلة مراسلة قناة الجزيرة ماثلة في الذهن بعد أن استهدفها جيش الاحتلال بالرغم من ارتدائها لسترة الصحافة في موقع الحدث، ولم تحاسب حكومة «جنة شياطين» على فعلتها وجرائمها.
إن سردية الدم والاغتيالات التي صنعها قتلة الأطفال تحتاج إلى آلاف الصفحات لروايتها، إن حق الشعب الفلسطيني في عودة أراضيه لن يسقط، لأن هناك شعبا ينبض بالحياة، وتاريخًا يكتب بدماء الشهداء.