الثلاثاء 11 يونيو 2024

مصر تحاصر إمارة الإرهاب من داخل الأمم المتحدة

24-9-2017 | 21:37

أن يبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى لقاءاته فى مدينة نيويورك بالشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية الإمارات ورئيس وفد بلاده فى الدورة ٧٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة، والأمير خالد بن سلمان سفير السعودية لدى واشنطن فهذه إشارة ذات مغزى أن التنسيق بين دول الرباعى العربى “مصر والسعودية والإمارات والبحرين” الداعمين لمكافحة الإرهاب الممول من قطر يسير وفق آليات منتظمة، وإن الرباعى ينسقون فيما بينهم لفضح إمارة الإرهاب “قطر سابقا” داخل الأمم المتحدة التى تحاول بشتى الطرق الهروب من الاتهامات المثبتة عليها، حتى وإن كان بزيادة الأموال التى تنفقها لتجميل وجهها القبيح.

من ضمن المحاولات القطرية ذلك المؤتمر الذى نظمه الأحد الماضى بنيويورك معهد بروكنجز الممول من المخابرات القطرية، تحت عنوان “أمريكا والعالم الإسلامى”، والذى حضره تميم بن حمد وشهد مشاركة العديد من العناصر الإرهابية والشخصيات الممولة من قطر مثل باسم يوسف، وعبدالموجود الدرديرى، لكنه كالعادة فشل فى تبيض وجه الإمارة الأسود، خاصة أنه لم يحظ بأى تغطية إعلامية إلا من الإعلام القطرى والتركى فقط.

مصر حضرت إلى نيويورك هذه المرة للمشاركة فى الدورة ٧٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة وفى جعبتها العديد من الملفات والأطروحات والرؤى المصرية لحل المشاكل الإقليمية والدولية أيضا اتصالا بعضوية مصر فى مجلس الأمن، لكن كان حصار الإرهاب القطرى فى الأولوية، لما يمثله من تهديد ليس فقط للأمن المصرى وإنما لأمن المنطقة بل والعالم كله، خاصة بعدما ثبت للجميع تورط الدوحة فى تمويل منظمات إرهابية تمثل مصدر خطورة على الغرب، وهى الحقيقة التى بدأت تعيها جيدا الولايات المتحدة وأوربا مما سهل من تحركات الرباعى العربى وعلى رأسهم مصر.

الرئيس السيسى كان تحذيره من الإرهاب القطرى واضحا للجميع، خاصة خلال لقائه الاثنين الماضى فى نيويورك مع مجموعة من الشخصيات المؤثرة بالمجتمع الأمريكي، والتى تضم عدداً من الوزراء والمسئولين والعسكريين السابقين، بالإضافة إلى قيادات مراكز الأبحاث والمنظمات اليهودية ودوائر الفكر بالولايات المتحدة الأمريكية، حينما أكد لهم أن مصر تخوض حرباً ضد الإرهاب والتطرف على مدار السنوات الماضية، وأن تلك الحرب لا يمكن مقارنتها بالحرب النظامية، ولكن يجب أن يتعامل معها المجتمع الدولى بمنهج شامل يتضمن أربع ركائز تشمل مواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون تمييز، والتعامل مع مختلف أبعاد الإرهاب كالتمويل والتسليح والدعم السياسى والأيديولوجي، والعمل على الحد من قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد المقاتلين، والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية فى المنطقة.

الرئيس أكد أيضا أنه قد حان الوقت للتصدى بفعّالية للأطراف الداعمة للإرهاب ودفعها لتحمل مسئولياتها، وأنه على قطر إظهار رغبتها فى عدم الإضرار بمصالح الدول العربية وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وذلك من خلال التجاوب مع مطالب الدول العربية الأربع.

بخلاف محاصرة الإرهاب القطرى وملف المصالحة والسلام وإقامة الدولة الفلسطينية الذى ناقشه فى لقاء محمود عباس أبومازن أو لقاء نتنياهو كانت أجندة مصر حافلة فى نيويورك سواء فى اللقاءات الثنائية التى عقدها الرئيس السيسى مع قادة وزعماء دول العالم أو اللقاءات مع مؤسسات وشخصيات أمريكية بارزة، كفرصة لتوضيح الوضع الحالى الذى تسير عليه مصر، حيث تطرق الرئيس فى لقاءاته إلى الخطوات التى تتخذها مصر على صعيد التنمية الاقتصادية، مؤكداً أن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى لم يكن ممكناً دون تفهم الشعب المصرى لأهمية اتخاذ قرارات صعبة لعلاج المشكلات الاقتصادية المزمنة، وأن برنامج الإصلاح الاقتصادى بدأ يؤتى ثماره والاحتياطى من النقد الأجنبى وصل إلى المعدلات التى كان عليها قبل عام ٢٠١١، كما استعرض الرئيس فى لقاءاته الإجراءات التى تم اتخاذها لتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، فضلاً عن المشروعات القومية التى تنفذها الدولة، لاسيما فى مجالات البنية الأساسية، وكذا العاصمة الإدارية والمدن الجديدة الجارى إنشاؤها فى مختلف أنحاء مصر.

وفيما يتعلق بمسيرة التحول الديمقراطى وأوضاع حقوق الإنسان فى مصر، أشار الرئيس إلى أن مصر أصبح لديها الآن إطاراً دستورياً واضحاً ينظم العلاقة بين سلطات الدولة ويعطى صلاحيات واسعة لمجلس النواب المنتخب، فما تحقق يمثل خطوات ملموسة على صعيد التحول الديمقراطي فى منطقة الشرق الأوسط، كما أكد الرئيس أهمية أن تتفهم الدول الغربية هذه الحقائق وألا تحكم على الأمور بمنظور غربي، فمصر حريصة على احترام وتعزيز حقوق الإنسان، وأنه لا يجب اختزالها فى الحقوق السياسية فقط، بل التعامل معه بمنظور شامل يتضمن أيضاً الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مثل توفير الحق فى التعليم والصحة والإسكان والعمل.

 وعلى الصعيد الإقليمي، تناول الرئيس رؤية مصر القائمة على أهمية الحفاظ على الدولة الوطنية ودعم المؤسسات الوطنية بما يمكنها من الاضطلاع بمسئولياتها فى حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، مشيراً فى هذا الإطار إلى أهمية الحفاظ على وحدة الدولة الليبية ودعم الجيش الوطنى الليبى وصون مقدرات شعبها، فضلاً عن ضرورة الحفاظ على وحدة أراضى الدولة السورية، كما أكد أهمية تجنب تفتيت الدول فى الشرق الأوسط، أخذاً فى الاعتبار ما يمكن أن يؤدى إليه ذلك من المزيد من الصراعات والأزمات.

وتطرق الرئيس إلى الجهود التى تبذلها مصر لإحياء عملية السلام، مؤكداً دعم مصر لجميع الجهود والمبادرات الدولية الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة لهذه القضية وفقاً للمرجعيات الدولية المتعارف عليها، والوصول إلى حل عادل وشامل لهذ القضية من شأنه أن يوفر واقعاً جديداً بالمنطقة ويساهم فى تحقيق الاستقرار والتنمية، مؤكدا فى الوقت ذاته أن مصر بذلت على مدار الفترة الماضية جهوداً كبيرة مع الإخوة الفلسطينيين فى الضفة الغربية وقطاع غزة من أجل تقريب وجهات النظر ورأب الصدع الفلسطينى سعياً لتحقيق المصالحة الفلسطينية وعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة. ولفت الرئيس إلى أن تحقيق السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى لا يمكن فرضه من الخارج، بل يجب أن ينبع عن قناعة وإرادة حقيقية من الجانبين، وما تبذله مصر من جهود يأتى فى إطار توفير البيئة المواتية للتوصل إلى تسوية عادلة بين الجانبين. 

كما رد الرئيس على أسئلة حول أوضاع الجمعيات الأهلية فى مصر عقب إقرار القانون الجديد ذات الصلة، حيث أوضح أن الحكومة تعتبر الجمعيات الأهلية شريكاً مهماً فى مسيرة التنمية وتدعم دورها، وأن مجلس النواب اعتمد قانوناً لتقنين أوضاعها فى ضوء المحاذير الكبيرة التى تولدت لدى المجتمع من عمل بعض هذه الجمعيات خلال السنوات الماضية. وأوضح أنه تم التصديق على قانون الجمعيات الأهلية الجديد احتراماً للإطار الدستورى وسلطة مجلس النواب، مضيفاً أنه لم يتم البدء فى تطبيق أحكام القانون بعد، وأنه يجرى حالياً إعداد لائحته التنفيذية من أجل التوافق حول آليات تطبيقه بما يضمن عدم وضع العراقيل أمام عمل الجمعيات الأهلية.

 الشئ المميز فى التواجد المصرى بنيويورك هذا العام هو التفاف الجالية المصرية بالولايات المتحدة حول الرئيس وهو ما ظهر من حرصهم على استقباله فجر الأحد الماضى فى وقفات تأييد، لدرجة أن نيويورك استيقظت على هتافات تحيا مصر والترحيب بالرئيس السيسى التى رددها المصريون المقيمون فى الولايات المتحدة الذين جابوا شوارع نيويورك من الخامسة فجرا واستمر تواجدهم فى الشوارع حتى السادسة مساء وهو ما أبهر زوار وقاطنو نيويورك.