تستعد مصر للريادة في صناعة السيارات إقليميا ودوليا بإجراءات غير مسبوقة لفتت الأنظار ، بل جعلت معظم كبار مصنعي السيارات في العالم يتسابقون لحجز أماكن لهم في صناعة السيارات في مصر مثل بي إم دبليو ، جنرال موتورز ، نيسان ، تويوتا ، وكلمة السر "إيباز " أكبر مدينة متخصصة لصناعة السيارات في الشرق الأوسط في سيناء والمؤهلة لتكون قلعة صناعة السيارات في المنطقة بأثرها وتنافس مثيلاتها في العالم .
فما هي حكاية مدينة إيباز المصرية لصناعة السيارات ، ومتي تبدأ إنتاجها ، وماهي الشركات المتعاقدة للصناعة فيها ، وكيف ستؤثر علي مبيعات السيارات في مصر ، ومتي تنتهي ظاهرة إل " اوفر برايس " للأبد ؟
الحكاية بدأت في أول ٢٠٢٢ عندما وقعت مذكرة تفاهم رباعية بين القطاع العام والخاص لإنشاء مشروع مدينة إيباز العالمية لتصنيع السيارات بغرض إنشاء مدينة متخصصة لمصانع السيارات والصناعات المكملة لها فقط لإضافة ٢٤٠ ألف سيارة سنوياً لقدرة مصر الإنتاجية ، والأطراف الأربعة الموقعين للاتفاقية هم عمالقة وهو ما أعطي ثقل وموثوقية ونجاح مبكر من قبل البدء فيه وبسبب الأربع أطراف الموقعين على الاتفاقية أدى إلى تسارع كبريات الشركات لحجز أماكن لهم في أرض مشروعات المدينة والبداية كانت تويوتا وبي ام دبليو ونيسان .
وأطراف الاتفاقية الأربع هم : الاول المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لأن المدينة تقام على أرضها في المنطقة الصناعية بشرق بورسعيد المصممة لصناعة السيارات من البداية والبنية التحتية مهيئة لتكون قادرة علي مساحة مليون متر مربع تقريبا في المرحلة الأولى .
وإيباز قريبة من ميناء شرق بورسعيد وتم تجهيزها بمحطة كاملة roro محطة لاستقبال المركبات بمختلف أنواعها طولها ٦٠٠ متر إجمالي مساحة ١٧٠ ألف متر مربع بتكلفة ١٨٠ مليون دولار ومساحة ٢٢٥ آلف متر مربع مساحة لوجستية والتي اشتغل عليها تحالف فرنسي ياباني ، وبذلك تكون المنطقة وفرة الأرض ومنافذ الإستيراد والتصدير أهم عامل من عوامل نجاح المشروع
الطرف الثاني : هو صندوق مصر السيادي وهو من طالة الشائعات الفترة الماضية رغم أن غرضة هو تشغيل أصول مصر المعطلة بطريقة تضمن تنميتها وتعظيم قيمتها ودورة توفير جزء من التمويل ويسخر إمكانياته لإنجاح المشروع .
أما الطرف الثالث في توقيع الاتفاقية هو المتوفر لديه القدرة على الإدارة والخبرة الفنية هي الشركة المصرية العالمية للسيارات وهي شركة مصرية خاصة أي هي قطاع خاص وهي واحدة من أكبر شركات موزعي السيارات في مصر ووكيل عدد من العلامات التجارية الكبرى مثل رينو ، وكيا ، وفولفو وهي شركة عريقة في تجميع وتوزيع السيارات في مصر والتي تأسست عام ١٩٧٩ وهي من أنجح شركات السيارات في مصر وهي واحدة من شركات ألكان القابضة التي أسسها رجل الأعمال محمد محمود تصير عام ١٩٧٤والتي تعمل في ١٧ دولة عربية وأفريقية وأنشطتها تشمل خمس تخصصات هي تكنولوجيا المعلومات ، والخدمات المالية ، والقطاع العقاري ، والتصنيع وخصوصا في الغزل والنسيج ، والسياحة ، والتوزيع والتجارة و لها ١٣ شركة منها الشركة العالمية للسيارات الموقعة على العقد كما أنها شريك في المدينة .
والطرف الرابع شركة الاستشارات المصرية bec وهي رائدة فى دراسة الجدوى والسوق ولها تجارب عديدة مع الحكومة المصرية وشركات القطاع العام .
أي أن التجربة مصرية خالصة بين شركات ومؤسسات مصرية بين القطاعين العام والخاص لأول مرة في مصر هذا النوع من الشراكة ، والإدارة الحالية تطوره عن طريق أدواتها الجديدة مثل الصندوق السيادي المصري وهذا النمط من الشراكة أثبت فاعليته بدرجة كبيرة ونجح من قبل في شركة نرسك التي حولت مصر من مستوردة لعربات القطارات لمصدرة لها.
الشعور بالراحة والأمل كان بالنجاح المبكر للمدينة بتعاقد كبار المصنعين للتواجد فيها ليس من الشركاء المؤسسين فحسب بل جاء من السوق المصري نفسة بسبب ضخامته ومن ناحية أخرى العطش الذي يواجهها في صناعة السيارات والصناعات المكملة لها ، ونلاحظ ذلك في مبيعات السيارات في مصر خلال ٢٠٢٢ في اسوء أحوالها بسبب ضغوط الدولار ، ورغم ذلك المبيعات وصلت١٧٥ الف سيارة منهم ١٢٨ الف سيارة ملاكي تم بيعهم وسط الأزمة بأسعار مبالغ فيها للغاية مع انتشار ظاهرة "اوفر برايس ".وقد انخفضت تلك الأرقام بعد وصولها في ٢٠٢١ لحوالي ٢٥٠ ألف سيارة تقريبا منهم ٢٠٠ ألف ملاكي في ظل هذا السوق الكبير والطلب العالي كان إنتاج السيارات في مصر في تراجع بسبب عدم التنظيم والاهمال التي كان يعاني منه القطاع لفترات طويلة لعدم وجود نهج محدد ومستديم للتعامل مع الصناع ، لذلك انخفض الإنتاج من ١١٦ ألف سيارة بعد يناير ٢٠١٠ الي ٢٣ الف سيارة في ٢٠٢١ مما تسبب في وجود "أوفر برايس " بسبب قلة الإنتاج من المعروض مع زيادة الطلب.
والملاحظ هنا أن المدينة الجديدة ستضيف عشرة أضعاف الطاقة الإنتاجية الحالية مرة واحدة ٢٥٠ ألف سيارة سنوياً والبداية ب ٧٠ ألف سيارة في ٢٠٢٥ وأحد اسرار تسابق الشركات العالمية لتصنيع السيارات ومكملاتها في حجز اماكن فيها هو انفرادها بميزتين غاية في الأهمية كان من معطيتها ١- أن مصر تفادت أخطاء الماضي وأطلقت استراتيجيتها لتصنيع السيارات والتي تستهدف أربعة محاور لحوافز رئيسيه:
الأول عدد السيارات المنتجة الثاني نسبة المكون المحلي في السيارات المنتجة والثالث نسبة الحوافز الضخمة أما الرابع حوافز خاصة لسيارات الكهربائية والصديقة للبيئة وهنا المدينة تتحصل علي المزايا الأربعة للمستحقين فيها لأن الشغل فيها على إنتاج عدد كبير من السيارات والعمل أيضاً في المدينة علي انتاج السيارات الكهربائية بنسبة كبيرة من إنتاجها.
وعندما تكون الاستثمارات ضخمة تستفيد من الدعم الحكومي وتكون منتجاتها لها القدرة التنافسية محليا بشكل كبير وبذلك تتحقق الميزة الأولي .
ثانيا : وجود المصنع في مصر يعطي مجموعة من المميزات التنافسية مع التصدير لأن مصر موقعة ٨ اتفاقيات دولية تبادل تجاري حر وهو ما يعني دخول منتجاتها تقريباً بصفر جمارك مع تجمعات اقتصادية مهمة تشكل أهم الاقتصاديات الناشئة والنامية والمتقدمة في العالم ، بداية من اتفاقية الشراكة المصرية الأوربية مع دول الاتحاد الأوروبي ال ٢٧ ، واتفاقية " المركوسور " مع دول أمريكا اللاتينية ، واتفاقية التجارة الحرة الأفريقية ( كوميسا) ، اتفاقية المناطق الحرة ( الكويز ) مع للولايات المتحدة الأمريكية ، واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى ( جافتا ) ، واغادير مع المغرب وتونس والأردن ، ومع دول رابطة الدول الحرة منهم سويسرا ، ايسلندا ، والنرويج (إفتا ).
وبالتالي فإن السيارات التي تصنع في مصر ستدخل تلك الأسواق دون جمارك مما يشجع الكثير من المصدرين للقدوم لسوق مصر للتصنيع في إيباز وخاصة الآسيويين من الصين واليابان وكوريا وماليزيا والاستفادة بالمزايا ويكتمل بوجود المصنع بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي تضيف مزايا أخري مثل عدم دفع جمارك علي جميع المواد المطلوبة لأنشاء وتشغيل المشروع كما لا يوجد ضريبة قيمة مضافة من الاستيراد من السوق المحلي أو الخارج الي المنطقة الاقتصادية بما فيها جميع احتياجات الشراء للتصنيع والإنتاج والتشغيل منه مواد خام ومكونات وقطع غيار وخلافه بالإضافة إلي انخفاض نفقات الاستيراد والتصدير لأن المصنع مطل علي قناة السويس اي علي طريق ٢٠% من تجارة الحاويات في العالم تمر فيه .
و يتضح من ذلك أن هذا المشروع جاء لينجح فقط جاء ليضاعف قدرات الإنتاج المصرية عشرات اضعافها في خلال أقل من ثلاثة سنوات ويقربها من الدول التي سبقتها بسبب غياب التخطيط والهرجلة وعدم وجود الاستراتيجيات الحكومية خلال العقود الماضية.
وأكد المسؤولين أن الدفعة الأولى ستكون بتويوتا ،نيسان، بي ام دابيو ، جنرال ماتورز، ومن المتوقع والمنتظر أن يأتي ربع مليون سيارة سنويا بداية من ٢٠٢٥وهذا الرقم أكبر من احتياجات السوق المحلي المصري كله وهو ما يعني أنه بمجرد بداية إنتاج مدينه صناعة السيارات ستكون هناك وفرة في المعروض مما يؤدى إلى تقليل الأسعار بشكل كبير وينهي دور ظاهره "اوفر برايس " التي وجدت بسبب الخلل بين المعروض والطلب ، لتتواجد مصر في خريطة تصنيع السيارات عالميا وخصوصا الكهربائية، والمخطط لها احتلال المرتبة الأولي خلال العشر سنوات القادمة .
كما تحتاج الصناعات المغذية مثل كراسي السيارات ووصلاتها الكهربائية والبطاريات إلى اليد العامله وخلق ملايين من فرص العمل وبذلك تكون مصر قطعت خطوات جادة لتوطين الصناعة والتنمية.. حفظ الله مصر وشعبها وجعلها كما تستحق في مصاف الأمم.