الإثنين 6 مايو 2024

في ذكرى رحيل نازك الملائكة.. أول من كتبت الشعر الحر

نازك الملائكة

ثقافة20-6-2023 | 17:20

عبد الرحمن عبيد

حفلت الثقافة العربية منذ قديم الأزل بشخصيات أدبية مؤثرة، حفلت بكثير من الاهتمام والتقدير، ويعد مجهودها الأدبي والفكري ثورة في العقل العربي، والأمثلة كثيرة لا تحصى مثل: "أبو نواس، والمتنبي، والبحتري، وعروة بن الورد، وولادة بنت المستكفي، والخنساء" ومن هذه الشخصيات المؤثرة في تاريخ الأدب العربي الحديث، الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة والتي تحلُّ اليوم ذكرى رحيلها 16.

 

 

وتعد نازك الملائكة رائدة في تجديد الشعر العربي، ومَن أوائل من خاضوا تجربة التجديد في النصف الأول من القرن العشرين، نشأت نازك الملائكة وترعرعت في بيت كله شعراء: فأبوها شاعر وأمه شاعرة، وأخواها شاعرًا، وكتبت قصيدة الأولى وهي في سن العاشرة، سماها والدها نازك تيمنـًا بالمناضلة السورية نازك العابد، والتي قادت الثوار السوريين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة.

 

 

 

ومع قبل مشروع نازك الملائكة  الأدبي يجب علينا أن ننظر أوضاع العالم العربي في النصف الأول من القرن العشرين كيف كانت، حيث تعرضت الأوطان العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، إلي غزو أوربي كبير يتكون من: "إنجلترا، وفرنسا، إيطاليا، إسبانيا"، وكانت الإمبراطورية العثمانية والتي عرفت في ذلك الوقت بالرجل المريض، قد عثت في الوطن العربي جهلًا وظلامـًا، واستغلته واستنزفته استنزافـًا، حتى قال الدكتور جمال حمدان في حقهم: "كل مظاهر الاستعمار الاستغلالي الابتزازي لا تنقص الدولة العثمانية، فقد كانت تركيا دولة استعمارية تعتصر موارد وخيرات الولايات بلا مواربة، لتحشد في خزانة السلطان، الذي ينفق منها على نزواته الشاذة"، إذًا كان لا بُد من ثورة مضادة على هذا الوضع، فيظهر مثلًا: سلامة موسى ذي الخلفية الاشتراكية -الفابية-، وفرح أنطون ذي الخلفية العلمانية، وميشيل عفلق ذي الخلفية القومية، ومحمود أمين العالم ذي الخلفية الشيوعية" وكذلك ظهرت الشابة نازك الملائكة والتي غيرت دافة الشعر العربي منتصف القرن العشرين، بقصيدتها "الكوليرا".

 

 

ويعتبر النقاد قصيدة "الكوليرا"، المنشورة عام 1947 هي أول محاولة لكتابة الشعر الحر، بل ويعتبر البعض أن نازك هي أول من كتبته، وثاني من كتبه الشاعر العراقي بدر شاكر السياب، وكانت المناسبة التي دعت نازك لكتابة القصيدة هي وباء الكوليرا الذي اجتاح مصر أربعينيات القرن الماضي وراح ضحيته الكثيرون، حيث تقول: 

يا شبَحَ الهيضة ما أبقيتْ

لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ

الموتُ، الموتُ، الموتْ

يا مصرُ شعوري مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ

 

 ولم تقتصر عَلاقة نازك بمصر بقصيدة الكوليرا بل امتدت إلى ما هو كبر من هذا، فقد أهدت كتابها النقدي والذي عنوانه: "قضايا الشعر المعاصر" للزعيم جمال عبد الناصر، حيث قالت: "إلى السيد الرئيس جمال عبد الناصر.. تقديرًا لإيمانه بالأمة العربية وجهاده في سبيلها"، بل إن وفاتها كان بمصر في إحدى مستشفيات القاهرة.

 

 

ولدت نازك الملائكة في 23 أغسطس سنة 1923، تخرجت في دار المعلمين العليا سنة1944، دخلت معهد الفنون الجميلة وتخرجت في قسم الموسيقى سنو 1949، حصلت على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة "ويسكونسن-ماديسون" في أمريكا سنة 1959، وعينت أستاذة في جامعة بغداد وجامعة البصرة ثم جامعة الكويت، قضت بقية حياتها في القاهرة منذ 1990 في عزلة اختيارية، حتى توفيت في 20 يونيو 2007 عن عمر ناهز 83 عامـًا إثر هبوط حاد في الدورة الدموية.

 

 

ويبقى المنتج الفكري والأدبي لكل أديب ومفكر، هو الإرث الحقيقي الذي يتركه بعد رحيله، ويكون هو سببـًا في خلود اسمه في ضمير الأمم والجماعات الإنسانية، وقد صدر لنازك الملائكة عدَّة دواوين منها: "عاشقة الليل": صدر سنة 1947، وهو أول دواوينها وأبرزها، " شظايا ونار": صدر سنة 1949،  "قراءة الموجة": صدر سنة 1957، "شجرة القمر": صدر سنة 1968."يغير ألوانه البحر" صدر سنة 1970، كما صدر لها في القاهرة مجموعة قصصية بعنوان: "الشمس وراء القمة"

 

 

ومن أعمالها النقدية والفكرية:قضايا الشعر المعاصر (1962)، "التجزيئية في المجتمع العربي": صدر سنة 1974، وهي دراسة في علم الاجتماع.،  "سايكولوجية الشعر": صدر 1992، "الصومعة والشرفة الحمراء": صدر سنة 1965، "مآخذ اجتماعية على حياة المرأة العربية": صدر سنة 1973.

Egypt Air