الخميس 2 مايو 2024

«المشهد الصحفي».. مهنة في خطر

مقالات22-6-2023 | 16:01

الصحافة مهنة تعكس حالة المجتمع، وهي دائمًا في حالة اشتباك مع السلطة، وهي المنوط بها حمل هموم و أوجاع المجتمع إلي السلطة، بل في بعض الأحيان تطرح الحلول، و الصحفي أشبه بالجراح الذي يقبض علي مشرطه، كلاهما لا يمكنه إجراء جراحة للمريض ناجحة إلا تحت شروط وقواعد تنظمها مهنة كلاهما، لا يمكن إجراء الطبيب للجراحة إلا داخل غرفة عمليات معقمة و طبيب يملك العلم و الخبرة، كذلك الصحفي لا يمكنه القيام بدوره إلا تحت مظلة من الحرية، و امتلاك قدره علي تعلم الأدوات الجديدة، والتقنيات الحديثة فيها و إلا أصبحت الصحافة مهنة في خطر.

طالعت خلال الأسبوع الجاري تقرير «الأخبار الرقمية 2023» الصادر عن «معهد رويترز لدراسة الصحافة» والذي ترجمة الزميل عمرو الأنصاري، ونشر على شبكة الصحفيين الدوليين خلال الأسبوع الماضي، تناول التقرير مجموعة من النقاط الهامة والتي تؤثر بشكل كبير في المشهد الصحفي الآن.

وعرض التقرير تأثير الانكماش الاقتصادي والتضخم وتجنب الأخبار على إيرادات القراء، واستكشاف اهتمامات الجمهور وفهم نمط استهلاك الشباب منه للأخبار، بالإضافة لرصد اتجاهات ورؤى صعود الفيديو والبودكاست، من خلال 6 قارات و46 سوقًا صحفيًا وإعلاميًا

وكان من أبرز النقاط التي توقفت أمامها «اتجاهات الفيديو»، حيث يشير التقرير، إلي تزايد استهلاك الفيديو بنسبة 62% مقابل 28 % عند تصفح موقع إخباري أو تطبيق إخباري.

وهنا يجب أن نقوم بدراسة ماذا تعكس تلك النسبة، في اعتقادي أنه بالنسبة للمستخدم هو الأكثر مصدقيه وتوثيقًا وأكثر دقة من النص المكتوب الذي يمكن اختزاله لظرف المساحة في الصحافة المطبوعة، إلي جانب المؤثرات التي يتاح استخدامها عند عرض القصة الصحفية.

ومن بين نتائج التقرير التي توقفت عندها «لا يزال فيسبوك ويوتيوب من أكبر منافذ الفيديو عبر الإنترنت مع الفئة العمرية أقل من 35 عامًا، بينما لم يعد «تيك توك» بعيدًا عن الركب، واقترب من الوصول.

وذلك يعني بشكل واضح و لا يجعل هناك أدني مجال للشك أن المؤسسات الصحفية يجب أن تتواجد علي كافة المنصات و الشبكات الاجتماعية، وبشكل متخصص بما يتناسب مع طبيعة المنصة الاجتماعية و يتناسب و السياسية التحريرية لتلك المؤسسة.

بمعني أكثر دقة يجب أن يعاد هيكلة المؤسسات الصحفية في سياق يسمح بالعمل بشكل رقمي يتناسب الوضع الراهن منذ مناقشة الفكرة الصحفية، واختيار القالب المناسب لنشرها و الذي يمكنه أن يصل إلي الجمهور المستهدف، بمعني أكثر دقة هناك قصة يمكن معالجتها بالفيديو و تناسب قناة اليوتيوب و يمكن نشرها عبر فيسبوك وآخري تتناسب والبودكاست، و هو الأمر الذي سوف يلقي  بظلاله علي هيكل المؤسسات الصحفية.

علينا إدراك أن المهارات الصحفية الجديدة أصبحت ضرورة لغرفة  الأخبار و أعضائها، وأعضاء المؤسسات الصحفية.

ومن اللافت للانتباه ما أشار له التقرير من أن البودكاست الإخباري مستقر مع جمهور مخلص، موضحًا أن استهلاك الأخبار الصوتية، شهد نموًا في السنوات الأخيرة مدفوعًا بتغيير تفضيلات الجمهور الأساسية، ومحتوى عالي الجودة، وتحقيق دخل أفضل.

ما يقارب من الثلث (34٪) يستمعون إلى البودكاست شهريًا، مع تفضيل، 12%  البرامج المتعلقة بالأخبار و الشؤون الجارية.

هنا علينا إدراك أن تقديم محتوي جاد حقيقي يعبر عن المتلقي يمكنه أن يحقق انتشار وأرباح للمؤسسات الصحفية لكنه يحتاج وجود خطط جادة لجذب جمهور يمكنه الاستمرار كصديق مخلص للمنصة الصحفية، لكن الخروج عن ذلك النطاق و تقديم مواد ضعيفة من الناحية المهنية لكنها تقدم بأسلوب يخاطب الغرائز تضع المهنة علي حافة الخطر. 

 وينتهي التقرير إلي أن على المدى القصير، يواجه النمو تحديات شديدة بسبب التأثير المشترك لارتفاع التكاليف وانخفاض الإيرادات، فضلًا عن حركة المرور التي لا يمكن التنبؤ بها بشكل متزايد من الشبكات الاجتماعية القديمة مثل فيسبوك و تويتر، على المدى الطويل تشير البيانات إلى أنّ التحولات الكبيرة في سلوك الجمهور مدفوعة بالتركيبة السكانية الأصغر سنًا.

لقد أصبح لازمًا علي المؤسسات الصحفية والجهات المعنية إعادة تدريب الصحفيين لمواجهة التغيرات التي يموج بها المشهد الصحفي الآن.

Dr.Randa
Dr.Radwa