الجمعة 10 مايو 2024

الصحافة الإلكترونية وقضايا الأمن القومي المصري (1)


د. شريف درويش اللبان

مقالات17-7-2023 | 22:12

د. شريف درويش اللبان

سعت رسالة ماجستير الباحث محمد صلاح الغريب التي تم إعدادها تحت إشراف د. نجوى كامل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة وشاركتُ في مناقشتها مؤخرًا إلى رصد دور الصحافة الإلكترونية في إمداد شباب الجامعات المصرية بالمعلومات حول قضايا الأمن القومي، وأثر ذلك في وعي المبحوثين بتلك القضايا.

وبناء علي ذلك فقد استخدمت الدِّرَاسَةِ المنهج المسحي، حيث قام الباحث بتطبيق أداتين للدِّرَاسَةِ لجمع بياناتها من عينات مُختلفة والتي قد تمثلت في "صحيفة تحليل المضمون لجمع بيانات الدِّرَاسَةِ التحليلية من الموضوعات الصحفية التي تتناول قضايا الأمن القومي (عينة الدراسة) على مواقع الصحف الإلكترونية المصرية (بوابة أخبار اليوم، بوابة المصري)، خلال الفترة من أول يناير 2021 حتى نهاية ديسمبر 2021 وصحيفة استبيان لجمع بيانات الدِّرَاسَةِ الميدانية من (300 مُفردة) من طلاب الجامعات المصرية (جامعة القاهرة، جامعة الزقازيق، جامعة 6 أكتوبر، جامعة الأهرام الكندية) والذين يُتابعون قضايا الامن القومي المنشورة في مواقع الصحف الإلكترونية المصرية.

وقد انتهت الدراسة التحليلية لعينة من المواقع الصحفية المصرية بجملة من النتائج، وذلك على النحو التالي:

أولاً: قضية الأمن المائي "سد النهضة":

قامت التغطية لهذه القضية على تصريحات وتحركات السفير سامح شكري وزير الخارجية مما يجعل الملف سياسي بامتياز. وقد لوحظ تكرار المعلومات المنشورة دون تطوير، مع غياب وضع العديد من الأخبار والتقارير في سياقاتها، حيث تبدأ التغطية عند برامج " توك شو" التي تبث عبر مختلف الفضائيات وتستضيف نفس الشخصيات التي تقول نفس التصريحات يعقب ذلك نشر هذه التصريحات بالصحف. وقد لمس الباحث بعد قراءة وتحليل مضمون المواد المنشورة غياب للخطة التحريرية التي تمكن الصحيفة من بث المعلومات التي يحتاج اليها القارئ ليكون فكرة واضحة عن القضية التي تتناولها التغطية الصحفية، حيث جاءت التغطية عشوائية معتمدة بشكل أساسي على اجترار ما ينشر في الوسائل الأخرى فظهرت الصحيفة الالكترونية ككيان صحفي ضعيف.

بعد متابعة المعلومات والتحليلات التي وردت في الموضوعات الصحفية الخاصة بسد النهضة في صحف الدراسة وجد الباحث أن جانبا كبيرا من الآراء التي تداولت كانت غير دقيقة كما أن التحليلات التي وردت على لسان العديد من المتخصصين والخبراء جاءت بغرض الحديث لوسائل الاعلام وليس تقديم معلومات ذات قيمة من شأنها إثراء معلومات أفراد المجتمع وتشكيل رأي عام واع، فعلى سبيل المثال الحديث عن الوساطة الجزائرية التي ظهرت واختفت دون تأثير يذكر في ملف سد النهضة، اضافة الى الحديث الذي تداوله العديد ممن تحدثوا في قضية السد حول امكانيات انهيار السد وكلها بنيت على تخمينات، حيث أقرت كل من مصر والسودان أن الجانب الأثيوبي لم يزود الدولتين بأي دراسات تمس أمان السد كما أن أثيوبيا لم تظهر أي دراسات حول التأثيرات البيئية الخاصة بالسد على الأمدين القصير والطويل، أضف الى ذلك الاصرار على فشل عملية الملء الثاني للسد بناء على نفس الطريقة دون ظهور أي معلومات موثقة من الجانب الإثيوبي يدل على ذلك، وعلى سبيل المثال هذا العنوان المنشور يوم 12 أغسطس في بوابة أخبار اليوم " أستاذ موارد مائية: إثيوبيا تسرعت في انشاء السد.. مشروع قومي فاشل"، على الرغم من أن مشروع سد النهضة مشروع قديم أشارت بعض المصادر التاريخية أنه احدى مخرجات بعثة أمريكية لإيجاد مشاريع مائية نكاية في مصر خلال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر وهو مشروع يهدف في الاساس الى التحكم في مصدر المياه الاساسي الذي تعيش عليه مصر لأسباب كثيرة لا تخفى على أحد وان صح كلام استاذ الموارد المائية يكون كل ما تقوم به مصر والسودان ما هو الا جهود ضائعة كونها تحارب مشروع فاشل لا قيمة له وهذا ينافي ما تعلن عنه البلدين في كل مناسبة ومحفل دولي.

بعد قراءة الموضوعات الصحفية المنشورة في صحف الدراسة حول قضية سد النهضة وجد الباحث أنها تناقش جوانب فنية وسياسية ولم تتطرق الى الجانب الأهم وهو تأثيرات السد على حياة المواطن المصري والعمل على توعيته بالطرق الواجب اتباعها لتلافي التأثيرات المحتملة وخصوصا في ظل التأكيد على أن مصر من الدول شديدة الجفاف وأنها دخلت حيز الفقر المائي.

أعلنت السودان على لسان وزير الري في 25 أغسطس 2020 أن مياه الفيضان في ذلك العام لم تتأثر بسد النهضة وهو ما لم تعلنه مصر، وهو ما يراه الباحث قصور يضاف الى ما سبقه في التغطية الاعلامية لهذه القضية الحساسة اذ أغفلت وسائل الاعلام ايضاح موقف مصر من هذا الاعلان الهام، كما لم تقم الصحافة بدورها المنوط بها في متابعة مثل هذه الأخبار وصنع الخبر من خلال تقديم استفسارات الى الجهات المعنية عن هذا التصريح الذي خرج به السودان وما مدى صحته وتأثيرات ذلك على مصر.

لاحظ الباحث أن التغطية تركز في جانب منها على أن سد النهضة ليس ذا جدوى كما أنه لم يؤثر على حجم المياه المنسابة في النهر والتي وصلت الى السودان ومصر في الوقت الذي تعمل فيها الأجهزة الرسمية على بيان مخاطر السد على دولتي المصب وهو ما يعد تضارب في المعلومات التي تقدم للجمهور فأيهما يصدق هل السد ذو تأثير على حصة مصر أم أنه غير ذلك؟ وهو ما يراه الباحث تشويشًا.

لاحظ الباحث التغاضي عن تنقيح خلفيات الأخبار التي نشرتها صحف الدراسة من خلال اضافة المستجدات وحذف ما تقادم منها، فعلى سبيل المثال ما تم نشره يوم 3 سبتمبر 2021 تحت عنوان "إثيوبيا.. مقتل واصابة 120 في الهجوم على سد النهضة" وأعيد نشره في 6 سبتمبر 2021 تحت عنوان " إثيوبيا تعلن تفاصيل جديدة في الاعتداءات على سد النهضة"، ورد في هذين الخبرين " وينص مشروع القرار الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس على أن مجلس الأمن يطلب من كل من " مصر وإثيوبيا والسودان" استئناف مفاوضاتهم بناء على طلب كل من رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة.. إلخ"، ولم يلحظ الصحفي أن العالم أجمع قد اطلع على مشروع القرار بعد اصداره، وأن الفاصل الزمني بين اطلاع فرانس برس على القرار عندما كان مازال في أروقة مجلس الأمن وما نشره محرر بوابة أخبار اليوم يصل الى شهرين تقريبا وهو فاصل زمني كبير جدا بمقياس المنتج الصحفي سريع التلف.

لا حظ الباحث تضارب المعلومات حول الحدث الواحد في القضية، ففي حين تؤكد الجهات الرسمية في مصر على أن البيان الرئاسي لمجلس الأمن بشأن السد ملزم لإثيوبيا يخرج الاعلامي عمرو أديب بوجهة نظر أخرى في الموضوع المنشور عبر بوابة أخبار اليوم في 17 سبتمبر 2021 تحت عنوان " عمرو أديب يكشف تفاصيل جديدة عن مفاوضات سد النهضة " وجاء بالنص في التقرير " وأضاف أديب خلال برنامج "الحكاية" المذاع على فضائية MBC أن البيان الرئاسي لمجلس الأمن بشأن سد النهضة  ليس ملزما، ولكنه أداة ضغط دولية، ووضع محرج لأثيوبيا، مشيرا الى أن مجلس الأمن لم يتخذ قرارا لأن هناك دول كبرى داخل مجلس الأمن لا تريد حسم مشاكل المياه في إطار دولي، وداخل المجلس". وهو ما ينافي على سبيل المثال لا الحصر تصريح وزير الخارجية السفير سامح شكري المنشور أيضا عبر بوابة أخبار اليوم في يوم 25 سبتمبر 2021 تحت عنوان " شكري:  مصر تتطلع لاتفاق قانوني يحقق مصالح الدول الثلاث بقضية سد النهضة " وجاء فيه " وأكد وزير الخارجية ان مصر دائما تتطلع لاتفاق قانوني ملزم يحقق مصالح الدول الثلاث مصر ، السودان ، أثيوبيا وينهى هذه الأزمة، لافتا إلى أن قرارات مجلس الامن لها صفة إلزامية تقتضى أن تنخرط الدول الثلاث تحت قيادة الاتحاد الإفريقي والوصول لاتفاق"، كما ينافي أيضا تصريح أخر لوزير الخارجية السفير سامح شكري نشر في بوابة أخبار اليوم في يوم 25 سبتمبر تحت عنوان " وزير الخارجية:  قرارات مجلس الأمن حول سد النهضة إلزامية ".

وقوع المحررين في أخطاء مهنية خلال التغطية، فعلى سبيل المثال التصريح المنشور في بوابة المصري اليوم بتاريخ 6 يوليو 2021 تحت عنوان " تحذير ألماني : أثيوبيا تنتهك القوانين الدولية والملء الثاني لسد النهضة يؤجج الأزمة" وجد الباحث أن العنوان لا علاقة بالمتن الذي هو عبارة عن تصريح للدكتور حسام المندوه عضو مجلس النواب، العجيب أن هذا التصريح اشترك في تحريره ثلاثة من الصحفيين لم يراجع أي منهم الموضوع ويطابقه مع العنوان، كما لاحظ الباحث أن عناوين جانب من الموضوعات المنشورة تظهر وكأن الخبر أو التقرير أو التصريح عن قضية سد النهضة وعند قراءة الموضوع نجد أن قضية السد هي ملف واحد من مجموعة كبيرة من الملفات التي تم استعراضها خلال الموضوع فعلى سبيل المثال لا الحصر ما نشر في بوابة المصر اليوم يوم 12 يوليو 2021 تحت عنوان " تحرك مصري جديد بشأن سد النهضة .. وزير الخارجية يطالب باتفاق عادل وملزم"، مع أن العنوان من الناحية المهنية غير مفهوم حيث ما هو التحرك، وما هي الجهة التي يطالبها وزير الخارجية بالاتفاق الملزم؟، إلا أن الباحث عندما قرأ الخبر من أجل تحليل مضمونه وجد أن وزير الخارجية عقد جلسة مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لاستعراض عدد من الملفات وتضمنت ملف اللاجئين والهاجرين ودور مصر فيها، ملف حقوق الانسان، ملف سد النهضة، القضية الفلسطينية، دونما التطرق الى التفاصيل.

لاحظ الباحث نشر 4 مواد صحفية لنفس الحدث بنفس النص لنفس المصدر تحت عناوين مختلفة وعند مقارنة المتن مع العنوان وجد الباحث أن هناك خطأ وقع فيه المحرر 3 مرات متتالية حيث نشرت بوابة المصري اليوم في يوم جلسة مجلس الأمن بخصوص سد النهضة يوم 8 يوليو 2021 وبفارق دقائق بين كل موضوع تحت عناوين هي: " مندوبة أمريكا بالأمم المتحدة: ملتزمون بدعم جهود تسوية أزمة سد النهضة"، بتوقيت 22:18 ، ثم " سد النهضة .. مندوبة الأمم المتحدة : الاتحاد الأفريقي المكان الأنسب لمعالجة الأزمة" بتوقيت 22:42، ثم "مندوبة الأمم المتحدة : نحث أطراف سد النهضة على مواصلة التباحث" بتوقيت 22:44، ثم " مندوبة الأمم المتحدة بجلسة مجلس الأمن : ملتزمون بضمان استئناف مفاوضات سد النهضة " بتوقيت 22: 46، كل الموضوعات المنشورة تتحدث عن كلمة مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية خلال جلسة مجلس الأمن ومع ذلك كاتب الموضوعات ذكر صفة المتحدث مرة واحدة صحيحة من بين 4 مرات، اضافة الى أن الخلفية التي تتبع الموضوع لم تتغير في كل مرة وكانت تتحدث عن أن مجلس الأمن سيعقد جلسة لمناقشة أزمة سد النهضة، مما يجعل هذه الحالة من وجهة نظر الباحث نموذج على عدم الرقابة والمتابعة لما ينشر عبر البوابة الالكترونية، وذلك اذا أضفنا ما تقدم من نماذج ذكرت آنفا.

لاحظ الباحث استخدام ألفاظ عامية مبتذلة من شأنها الهبوط بذائقة المتلقي الى مستوى يبتعد كثيرا في هبوطه عن سمو اللغة الصحفية الرصينة، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما نشرته بوابة المصري اليوم بتاريخ 6 يوليو 2021 تحت عنوان " عمرو أديب لرئيس وزراء إثيوبيا: " أنت بتستعماني يا هرم"، وكذلك ما نشرته بوابة المصري اليوم بتاريخ 4 يوليو 2021 تحت عنوان " عمرو أديب: مش مستنيين حاجة من مجلس الأمن بشأن سد النهضة.. بنشهد العالم إنه عدانا العيب وأزح".

وفيما يمس شخصية الصحيفة الالكترونية، اكتفت الصحافة الالكترونية بلعب دور التابع الذي ينقل عن الوسائل الأخرى ولا يشارك في صناعة الحدث، حيث افتقرت التغطية للأخبار والموضوعات الصحفية الحصرية التي تميز الصحافة عن غيرها من وسائل الاعلام الأخرى.

اعتمدت التغطية على نقل التصريحات عن الوسائل الاعلامية الأخرى، التي كانت السمة البارزة في تناول قضية سد النهضة، وقد لاحظ الباحث خلال فترة التحليل تشابه مواقع الدراسة في تناولها للمادة الخبرية المتعلقة بهذه القضية، كما اعتمدت التغطية على التقرير والخبر كشكل تحريري، مع ملاحظة ضعف الصياغة الصحفية في جزء غير قليل من المواد المنشورة مع ارتباك الفكرة الرئيسية التي يدور حولها الموضوع، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول تدريب الصحافيين ومتابعتهم وكذلك دور بقية هيئة التحرير في الموقع الالكتروني الذي من المعروف أنه منفصل عن الاصدار الورقي.

لم يتوقف الأمر على الصياغة الركيكة للموضوعات المنشورة والأخطاء الإملائية ولكنها تخطت ذلك لتكرار فقرات ضمن المادة في على سبيل المثال التقرير المنشور عن الكلمة التي ألقاها وزير الري ضمن فعاليات المنتدى العربي الخامس للمياه بدبي يوم 22 سبتمبر 2021 تحت عنوان " وزير الري: تصدير عداوات خارجية لمصر بشأن سد النهضة تفكير خاطئ" حيث تم تكرار فقرات كاملة من الكلمة ضمن التقرير مما يشير الى عدم مراجعة الصحفي كاتب التقرير لمادته الصحفية كما لم يراجعها أحد أخر قبل نشرها ولم يتم تدارك الأمر تماما ربما حتى الآن، أضف الى ذلك عدم اجراء قراءة للمادة الصحفية والعمل عليها بشكل حرفي يقدم من خلاله للقارئ أبرز ما جاء في كلمات المسئولين التي تضمنها التقرير من أفكار ومعلومات حيث تم وضع الجميع في سلة واحدة.

تكرار نشر التصريحات لنفس المصادر لكن في وسائل مختلفة كأن يكون التصريح مذاع على "اكسترا نيوز" وينتقل الضيف الى "النهار" ثم " صدى البلد"  أو غيرها من القنوات، مثال تصريحات محمود بسيوني، الدكتورة أماني الطويل، الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة، الدكتور مفيد شهاب وغيرهم .

اتسمت التغطية بكثرة النقل عن برامج الـ"توك شو"، واستخدام مقدميها كمصدر للمعلومات المبني عليها التقرير الاخباري مثل: نشأت الديهي وأحمد موسى وابراهيم عيسى وعمرو أديب وغيرهم من مقدمي البرامج الحوارية في مختلف القنوات، فعلى سبيل المثال "هل تسعى إثيوبيا لتقاسم مياه النيل لبيعها؟.. نشأت الديهي يوضح "وقد استوقف الباحث مثل هذا العنوان طويلا، الذي يجعل من مقدم برنامج حواري مصدر لمعلومات صحفي زميلا له، فضلا عن عدم تقديم معلومات جديدة في التقرير ويرجح الباحث من واقع خبرته الصحفية ذلك الى أن التغطية على شاكلة هذا التقرير انما هي ملء فراغ ومجرد عدد يعتد به الصحفي ذاته عند رئيسه المباشر وأمام الصحيفة التي يعمل بها وليس من باب تقديم تغطية صحفية مهنية للقارئ.

الاعتماد على النقل عن وسائل الاعلام الأخرى لا يقلل من مكانة الصحافة المكتوبة اذا كان في اطار توفير فرصة للقارئ للاطلاع على مزيد من المعلومات ولكن مع الحفاظ على المنافسة، ولكن عندما تلعب الصحافة المكتوبة دور الناقل عن وسائل الاعلام دون وجود ما يميزها يضع الصحافة المكتوبة في موضوع المتلقي والتخلي عن الدور التاريخي لهذه الوسيلة العريقة التي تعد أول وسيلة اعلام جماهيرية، كما أنها الوسيلة التي قامت الوسائل الأخرى على عاتقها حيث أن الرعيل الأول في الاذاعة والتلفزيون كانوا من الصحفيين، ربما يكون لعمل الباحث كصحفي تأثير في هذا الحكم.

لاحظ الباحث أن تكرار نشر المواد حول قضية سد النهضة تحت عناوين مختلفة ومصادر مختلفة كان من أبرز سمات هذه التغطية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، "البرلمان السيراليوني: ندعم موقف مصر ويجب حل أزمة سد النهضة" الذي نشر في بوابة الأخبار بتاريخ 25 أغسطس 2021، ثم نشر نفس الموضوع تحت عنوان " أزمة سد النهضة تتصدر لقاء " أفريقية النواب" مع وفد برلمان سيراليون" في نفس يوم نشر سابقه 25 أغسطس 2021، وأيضا تم نشره في نفس اليوم وتحت عنوان " زعيم الاغلبية ببرلمان سيراليون: ندعم موقف مصر في قضية سد النهضة"، وكذلك ما تم نشره يوم 3 سبتمبر 2021 تحت عنوان " إثيوبيا.. مقتل واصابة 120 في الهجوم على سد النهضة" ثم أعيد نشره في 6 سبتمبر 2021 تحت عنوان " إثيوبيا تعلن تفاصيل جديدة في الاعتداءات على سد النهضة"، دون اضافة أي مستجدات تستدعي اعادة نشر الخبر، وكذلك ما تم نشره يوم 26 سبتمبر 2021 تحت عنوان " سفير السعودية: ندعم مصر والسودان في ملف سد النهضة"، وأعيد نشره في نفس اليوم تحت عنوان " السعودية تؤكد على ضرورة الوصول لاتفاق ملزم وقانوني في أزمة سد النهضة" دون تغيير يذكر في المتن، وكذلك ما نشر في تاريخ 25 سبتمبر تحت عنوان " وزير الخارجية: قرارات مجلس الأمن حول سد النهضة إلزامية"، وما نشر في نفس اليوم تحت عنوان " شكري: مصر تتطلع لاتفاق قانوني يحقق مصالح الدول الثلاث بقضية سد النهضة"، وكذلك ما نشر بالمصري اليوم بتاريخ 11 يوليو 2021 تحت عنوان " الدكتور علي جمعة : سنسمع كل يوم عن هبوط عجيب لأرض سد النهضة وانهياره" ثم أعيد نشره في نفس اليوم تحت عنوان " الدكتور علي جمعة يرد على بيان مفتي إثيوبيا حول أزمة سد النهضة : لم تفهم ولم تطلع"، وذلك على سبيل المثال لا الحصر في صحف الدراسة، ما يشير الى عدم وجود مراجعة للمواد قبل اجازة هذه المواد للنشر أو متابعة المواد بعد نشرها عبر البوابة وهي ميزة توفرها الصحافة الالكترونية للصحافيين ولكنها في هذه الحالة غير مفعلة كما يجب.

غابت عن التغطية الاشكال الصحفية التحليلية التي توفر للمتلقي الخلفيات وتضع الأخبار في سياقاتها المختلفة ما يعزز فهم المتلقي لهذه الاخبار ضمن سياقاها الاجتماعي والسياسي العام.

ونستكمل عرض الدراسة في المقال التالي بإذن الله.

د. شريف درويش اللبان

 

Dr.Radwa
Egypt Air