الجمعة 22 نوفمبر 2024

مقالات

العلاج الإشعاعى للسرطان

  • 23-7-2023 | 13:27
طباعة

مع التقدم التكنولوجى أصبحت معدلات البقاء على قيد الحياة للمصابين بالسرطان فى تحسن مستمر وهذا التحسن ينطبق على العديد من أنواع السرطان، بفضل التحسينات في فحوصات الكشف عن السرطان وعلاجه والوقاية منه العلاج الإشعاعي radiotherapy علاج للسرطان يستخدم جرعات عالية من الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية وتقليص الأورام.

هناك أكثر من 200 نوع من السرطان، ويمكننا تصنيف نوع السرطان وفقا للمكان الذي يبدأ فيه في الجسم، مثل سرطان الثدي أو سرطان الرئة. ويمكننا أيضا تصنيف السرطان وفقا لنوع الخلية التي يبدأ فيها، فهناك سرطان يبدأ في الجلد أو في الأنسجة التي تبطن أو تغطي الأعضاء الداخلية؛ وسرطان يبدأ في العظام والغضاريف والدهون والعضلات أو الأوعية الدموية؛ وسرطان يبدأ في الأنسجة التي تصنع خلايا الدم البيضاء مثل نخاع العظام؛ وسرطان يبدأ في خلايا الجهاز المناعي؛ وسرطان يبدأ في خلايا الدماغ والحبل الشوكي.

تتكون أجسامنا من مليارات الخلايا. الخلايا صغيرة جدا بحيث لا يمكننا رؤيتها إلا تحت المجهر. تتجمع الخلايا معا لتكوين أنسجة وأعضاء أجسامنا.

يحدث السرطان بسبب تغيرات (طفرات) في الحمض النووي داخل خلايا الجسم. الحمض النووي داخل الخلية به عدد كبير من الجينات الفردية. الجين الواحد يحتوي على مجموعة من التعليمات، هذه التعليمات تحدد وظائف الخلية الطبيعية التي يجب القيام بها، وكذلك كيفية النمو والانقسام. فإذا حدث شيء ما، وتسبب في صدور تعليمات خاطئة، في هذه الحالة تتوقف الخلية عن وظيفتها الطبيعية، وقد تتحول إلى خلية سرطانية.

لذلك فالسرطان ينتج عن تطور خلايا غير طبيعية، تنقسم بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ولديها القدرة على اختراق أنسجة الجسم الطبيعية وتدميرها. غالبا ما ينتشر السرطان في جميع أنحاء الجسم.

هناك طرق عديدة للتعامل مع الأورام السرطانية، ويعتبر الإشعاع أحد التكنولوجيات الهامة في الكشف عن السرطان وعلاجه ولتشخيص وتقييم الخلايا السرطانية وتحديد مدى انتشارها، وهو بديل عن الجراحة الاستكشافية.

للتشخيص تستخدم مواد مشعة سائلة، تعطى عن طريق الفم أو الحقن وبكميات قليلة، وذات مستوى إشعاعى منخفض جدا، وذلك لتجنب احتمال حدوث حساسية أو آثار جانبية. تنتشر المواد المشعة في أنسجة الجسم، ومن خلال تتبع انتشار المواد المشعة بأجهزة تصوير خاصة، يتم رصد صور واضحة للأورام السرطانية من زوايا مختلفة، ومن خلال الكمبيوتر تتحول إلى صور ثلاثية الأبعاد.  كما يمكن الحصول على تصوير تليفزيونى يوضح ديناميكية وظائف أعضاء الجسم ونشاطها، وكذلك نشاط أنسجة الجسم، وإلى أي مدى تأثرت بالسرطان.

هناك أنواع عديدة من علاج السرطان. تعتمد أنواع العلاج على نوع السرطان ومدى تقدمه. قد يكون الإشعاع هو العلاج الوحيد الذي يحتاجه مريض السرطان، مثل بعض حالات سرطان البروستاتا وسرطان الحنجرة، أو قد يستخدم كعلاج ثانوي يضاف إلى إحدى طرق العلاج الأخرى.

في العموم يستخدم العلاج الإشعاعي مع علاجات السرطان الأخرى، مثل الجراحة أو العلاج الكيميائي، قد يكون أيضا مع العلاج المناعي أو العلاج الهرموني، في حالة علاج سرطان الثدي قد يستخدم العلاج الجراحي والإشعاعي والكيميائي مجتمعاً. لا توجد أولوية في استخدام العلاج الإشعاعي مع العلاجات الأخرى، قد يكون قبل أو أثناء أو بعد العلاجات الأخرى لتحسين فرص نجاح العلاج. هناك بعض الحالات يستخدم العلاج الإشعاعي قبل الجراحة لتقليص حجم الورم، وهناك حالات يستخدم فيها العلاج الإشعاعي بعد الجراحة، لكبح نمو الخلايا السرطانية المتبقية بعد استئصال الورم.

مع التطور التكنولوجى نجد أن تكنولوجيا علاج السرطان بالإشعاع أصبح متاحاً، ومتاحاً داخل مصر. هناك مميزات كثيرة للعلاج بالإشعاع، مثل أنه علاج غير مؤلم، ويحافظ على الأنسجة الطبيعية المحيطة بالورم، من خلال إعطاء جرعة عالية من الإشعاع مركزة على الورم، ويتم ذلك باستخدام جهاز كمبيوتر لتحليل صور الورم وحساب كمية الجرعة. قد يؤثر العلاج الإشعاعى على الخلايا السليمة القريبة من الورم السرطانى، مما يتسبب في تلف الخلايا السليمة، ويتسبب في حدوث آثار جانبية.

الجرعات العالية من الإشعاع، تستخدم لإتلاف الحمض النووي للخلايا السرطانية بشكل لا يمكن إصلاحه، ويؤدى ذلك إلى أن تتوقف الخلايا السرطانية عن الانقسام أو أن تموت. وبذلك نستطيع القول، أن العلاج الإشعاعى إما أن يستخدم لتخفيف أعراض السرطان، أو أن يعالج السرطان ويمنعه من العودة أو أن يوقف أو يبطئ نموه.

توقيت العلاج الإشعاعي يعتمد على نوع السرطان، وما إذا كان الهدف من العلاج الإشعاعي هو علاج السرطان أو تخفيف الأعراض. في الحالات المتقدمة من مرض السرطان، يستخدم الإشعاع لتقليص حجم الأورام السرطانية، بهدف تخفيف أعراض السرطان التي يعاني منها المريض.

تختلف مدة دورة العلاج بالإشعاع تبعا لحالة المريض. وإتلاف الحمض النووي بالإشعاع يتطلب وقتاً، ولضمان الإتلاف الذى يؤدى إلى موت الخلايا السرطانية، فإن ذلك يتطلب عدة جلسات ربما تستغرق أياماً أو أسابيع. كما أن فترة العلاج الإشعاعي تكون على مدى فترة طويلة لضمان أن الخلايا السليمة للمريض تكون أقل تضرراً من الإشعاع. وتختلف فترة علاج السرطان طبقا لنوع السرطان. ففترة علاج سرطان البروستاتا، تختلف عن فترة علاج سرطان الثدي، وتختلف عن فترة علاج سرطان الرئة.

ويعتمد نوع العلاج الإشعاعي على عوامل كثيرة، مثل عمر المريض والحالة الصحية للمريض ومنها الأمراض المزمنة؛ ومكان الورم السرطانى في الجسم ونوعه وحجمه، ومدى قربه من الأنسجة الحساسة للإشعاع.

الآثار الجانبية نتيجة العلاج بالإشعاع، تختلف من شخص لآخر، أي تعتمد على الحالة الصحية للمريض، وتعتمد على جرعة الإشعاع وعدد جلسات العلاج وصحة المريض العامة، وتختلف باختلاف مكان السرطان، وغالباً ما تزول الآثار الجانبية بعد انتهاء العلاج.

هناك حالات يظهر عليها بعض الآثار الجانبية أثناء العلاج، مثل الإعياء واضطرابات البشرة وتساقط الشعر وفقدان الوزن والغثيان، وبعض الآثار الجانبية نتيجة العلاج في الرأس والرقبة، مثل تقرحات الفم أو التهاب الحلق أو جفاف الفم وفقدان الشهية وصعوبة البلع تجعل من الصعب تناول الطعام، وبعض الآثار الجانبية نتيجة العلاج في الصدر، مثل السعال وضيق التنفس. يمكن علاج معظم الآثار الجانبية عن طريق الطبيب المعالج، وكذلك عن طريق أخصائي تغذية، فمن المهم أن تتناول ما يكفي من السعرات الحرارية والبروتين للحفاظ على الوزن أثناء العلاج. احتمال ظهور آثار جانبية بعد عدة سنوات من العلاج، مثل هشاشة العظام واضطرابات في القلب والرئة.

هناك علاج إشعاعي موضعى، بمعني أنه يعالج جزءاً معينا من جسمك، وعلاج إشعاعي شامل، بمعنى أن العلاج يكون عن طريق بلع سائل من مادة مشعة، تنتقل من خلال الدم إلى أنسجة جسم الانسان، لتدمير الخلايا السرطانية.

العلاج الإشعاعي الموضعي يستخدم في علاج العديد من أورام السرطانات، مثل، سرطان الرئة، وسرطان الثدي، وسرطان الرحم وعنق الرحم، وسرطان الجلد، وسرطان البروستاتا، وسرطان الرأس والعنق، وسرطان الشرج.

العلاج الإشعاعي الموضعى، قد يتم بواسطة تسليط الإشعاع من خارج جسم الإنسان على الورم السرطانى من عدة اتجاهات بواسطة جهاز الأشعة، دون باقى جسم الإنسان. وقد يتم العلاج الإشعاعي الموضعى بواسطة زرع مصدر إشعاع صغير في حجم السمسمة، في الورم السرطانى أو بالقرب منه، داخل جسم الإنسان، وهذا المصدر إما أن يكون مؤقتاً أو دائماً، حسب الحالة.

العلاج الشامل، يستخدم مواداً مشعة سائلة، تعطى عن طريق الفم أو الحُقن أو عن طريق الحَقن في الوريد. ومع الوقت تخرج المواد المشعة من الجسم عن طريق البول والعرق. هناك أمثلة على ذلك، مثل العلاج باستخدام مادة "اللوتيتيوم" lutetium-177 ومادة اليود المشع I-131.

ملحوظة: النظير الاصطناعي لللوتيتيوم وهو "اللوتيتيوم-177"، يستخدم تجريبيا في العلاج بالنويدات المشعة لعلاج أورام الغدد الصم العصبية وتخفيف آلام العظام.

في حالة سرطان البروستاتا المتقدم، يتم العلاج باستخدام مادة مشعة تعرف باللوتيتيوم، ويستخدم المصطلح PSMA، الذى يعني "أنتيجين الغشاء الخاص بالبروستاتا"، وهى مادة تحفز إنتاج الأجسام المضادة. مادة اللوتيتيوم تقوم بتدمير بروتين PSMA الموجود على سطح الخلايا السرطانية في البروستاتا، أو في الأماكن الأخرى من الجسم. العلاج باللوتيتيوم، يعتبر الوسيلة الأخيرة في علاج سرطان البروستاتا، أي في حالة إذا لم تنجح جميع العلاجات الأخرى بشكل فعال. لا يتوقع عادة الشفاء بعلاج اللوتيتيوم، ولكنه قد يبطئ من نمو الورم السرطانى، ويخفف من شكاوى المريض.

كما يستخدم اليود المشع لعلاج سرطان الغدة الدرقية، والخلايا السرطانية المنتشرة فى العقد الليمفاوية وأماكن الجسم الأخرى. العلاج الإشعاعي الجزيئي هو نوع من العلاج الإشعاعي الشامل، وهو علاج بالنويدات المشعة، لعلاج بعض المرضى الذين يعانون من سرطان البروستاتا المتقدم أو ورم الغدد الصماء للجهاز الهضمي والبنكرياس

العلاج بحزم الإشعاع الخارجي EBRT، يستخدم فى العلاج الموضعى، أي يعالج منطقة في جسم الإنسان، مثل علاج ورم الرئة أو الثدى أو العقد الليمفاوية بالقرب من الترقوة أو أسفل الذراع أو بالقرب من عظمة الصدر. يقوم الجهاز بتوجيه حزم عالية من الطاقة على الورم السرطانى، بهدف تدمير المادة الوراثية للخلايا السرطانية. بعد فترة تتراوح بين عدة أيام وأسابيع من جلسات العلاج، تبدأ الخلايا السرطانية - التى دمرت مادتها الوراثية بواسطة الإشعاع - في الموت.

أجهزة حزم الإشعاع تطلق طاقة من جزيئات فائقة الشحن. تطلق حزمة من الإشعاع تخترق الخلايا السرطانية لتدميرها. هناك أجهزة تستخدم الفوتونات، مثل الأشعة السينية وأشعة جاما. الفوتونات يمكنها اختراق الأنسجة، وتدمير الأورام السرطانية، والعلاج بالفوتونات منتشر الاستخدام. وهناك أجهزة تستخدم البروتونات، وهى جسيمات ذات شحنة موجبة، وتعتبر أحدث من أجهزة الفوتونات. العلاج بالبروتونات غير متاح على نطاق واسع. وهى تحت الدراسة، وخاصة دراسة التأثيرات البيولوجية لكيفية تفاعل البروتونات مع الخلايا الطبيعية. وهناك أجهزة تستخدم الإلكترونات، والإلكترونات هي جسيمات ذات شحنة سالبة، ولا يمكنها التغلغل بعمق، لذلك فهى تستخدم في حالات سرطان الجلد أو الأورام الموجودة قريبة من سطح الجلد.

عادة ما يتم توزيع العلاج على مدار عدة أيام لإتاحة الوقت للجسم للشفاء بين الجلسات.

أجهزة حزم الإشعاع الخارجي تستخدم المعجلات الخطية لتسريع الجسيمات وإرسالها إلى الخلايا السرطانية. هناك أنواع من العلاج بحزم الإشعاع الخارجي، منها أولا: العلاج الإشعاعي التوافقى ثلاثي الأبعاد: هنا العمل يتطلب صورا دقيقة للجسم لتحديد مكان وحجم وشكل الورم. طرق التصوير متعددة، منها التصوير بماسح التصوير المقطعى المحسوب CT scan، أي باستخدام الحاسبات الآلية، وهى تعنى الأشعة المقطعية، وهى الأكثر شيوعا، وهى تعتمد على الأشعة السينية (أشعة إكس)، وتستخدم في تكوين صورة ثلاثية الأبعاد لأعضاء الجسم الداخلية. كما يمكن استخدام التصوير المقطعي بانبعاثات البوزيترون (PET) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI). يستخدم الكمبيوتر معلومات الصور الملتقطة ويقوم بوضع نموذج ثلاثي الأبعاد للورم السرطانى، ومن النموذج ثلاثى الأبعاد يمكن تحديد حزم الطاقة المطلوبة للتعامل مع الورم السرطانى.

ثانيا: العلاج الإشعاعي المعدل الشدة IMRT: وهو شكل متطور من العلاج الإشعاعي ثلاثي الأبعاد، ويستخدم التصوير وبرامج الكمبيوتر قبل العلاج الأول لضمان توجيه حزم الطاقة المخصصة إلى الورم. لكن كل حزمة طاقة تحتوى على عدة حزم صغيرة ذات شدة أو قوة متغيرة.

ثالثا: العلاج الإشعاعي الموجه بالصور (IGRT): في هذه الطريقة يتكرر التصوير وتحليل الصور خلال كل جلسة علاج. التصوير المستخدم والأكثر شيوعا هو التصوير بالأشعة المقطعية، وماسح التصوير مركب على آلة العلاج. جرعة العلاج بالإشعاع بواسطة حزمة الطاقة تتغير من جلسة لجلسة بناء على التغييرات التي تطرأ على الورم أثناء العلاج.

رابعا: الجراحة الإشعاعية باستخدام سكين جاماGKS : جراحة سكين جاما ليست جراحة، لكنها كناية عن أنها تقدم نتائج دقيقة تشبه الجراحة الفعلية. جراحة سكين جاما هي علاج غير مؤلم موجه بالكمبيوتر يقدم إشعاعا شديد التركيز لعلاج أورام الدماغ والتشوهات الشريانية الوريدية، والتهاب العصب الثالث، وورم العصب السمعي.

خامسا: الإشعاع أثناء الجراحة (IORT): في حالة التدخل الجراحى لإزالة ورم سرطانى، واتضح استحالة إزالة الورم بأمان، في هذه الحالة يتم توجيه الإشعاع إلى الورم السرطانى فقط، مع حماية الأنسجة السليمة المحيطة بالسرطان.

يعتبر العلاج بحزم الإشعاع الخارجي EBRT الشكل المناسب للعلاج الإشعاعي لمعظم أنواع السرطان الموضعي. كلمة "موضعى" تعني أن خلايا سرطانية معزولة داخل جزء معين من الجسم.

الاكثر قراءة