كتبت : إيمان الدربى - جلال الغندور
الارتقاء بالمستوى التعليمى للمرأة، وتوعيتها بحقوقها الدستورية، ووضع حد لمعاناتها من قوانين الأحوال الشخصية التى بحت الأصوات من المطالبة بتغييرها، محاور ثلاثة لتمكين المرأة اجتماعيا والتى تضمنتها استراتيجية تمكين المرأة 2030، لكن ما أبرز المشكلات التى تمثل عائقا أمام الارتقاء بالمستوى الاجتماعى للمرأة، وآليات التغلب عليها؟ وكيف يمكن تغيير نظرة المجتمع تجاه بعض العادات التى تضر بالمرأة والطفل؟ هذا ما حاولنا التعرف عليه خلال السطور التالية..
فى البداية تقول آمال عبد الهادي، الناشطة الحقوقية والنسائية، وعضو مؤسسة المرأة الجديدة: تعد قوانين الأحوال الشخصية حجر الزاوية في تمكين المرأة بوجه عام وتمكينها اجتماعيا بوجه خاص، ورغم ما أدخل عليها من تعديلات كقانون الخلع ومحاكم الأسرة إلا أن الأساس مازال واحدا منذ قرن من الزمان، حيث يمنح الرجل حق منع المرأة من التعليم والعمل والخروج من المنزل، كما أن مطالب الرائدات منذ عشرينيات القرن الماضي كجعل الطلاق أمام القاضي ومنع تعدد الزوجات لم تتحقق بعد، بالإضافة إلى أن هذه القوانين تلعب دور البطولة في مناهضة العنف ضد المرأة، فغالبية أحداث العنف ضدها تقع داخل الأسرة سواء من الزوج أو الأشقاء الذكور، وليس مقبولا أن يظل ضرب الزوج لزوجته عرفا مجتمعيا ونحن فى عام المرأة.
وتابعت: أثبتت الدراسات الاجتماعية الحديثة أن أكثر من 30% من الأسر تعولها النساء بالإضافة للأسر التي تساهم فيها السيدات اقتصاديا، وبالرغم من ذلك يقع عليها الدور الأكبر داخل المنزل، حيث تقضى المرأة أكثر من 40 ساعة عمل منزلي أسبوعيا من تنظيف ورعاية أطفال والاهتمام بالأسرة والمنزل في الوقت الذى لا يتعدى عمل الرجل الأسرى 7 ساعات أسبوعيا، وبالرغم من ذلك فإن قانون الأحوال الشخصية الحالي يمنح الرجل حق الطاعة المطلقة، لذلك يجب أن يكون القانون قائما على المساواة، كتقسيم الثروة المعمول به في معظم الدول المتقدمة، وتوثيق الطلاق أمام المحكمة.
وتضيف: أدعو الدولة إلى رفع الظلم الواقع على المرأة من خلال توفير الخدمات التى تمكن الأم من تعليم أولادها، وسن القوانين التى تضمن قيام العلاقة الزوجية على المساواة عند الزواج والانفصال، كما يجب وضع أسس علمية وقانونية تحد من التحايل على القانون، ففي الميراث نجد أن كثيرا من الأسر تلجأ لتقسيمه قبل الوفاة لضمان حق الفتيات فى إرثهن الشرعى، كما تلجأ معظم الأسر إلى قائمة المفروشات لضمان حق الزوجة، فإذا كان هناك قانون عادل يحفظ الحقوق ويعاقب المعتدين عليها لن يكون المجتمع فى حاجة إلى هذه الأساليب لضمان حق الفتاة سواء فى الزواج أو الميراث.
تغيير نظرة المجتمع
وترى د. رشا عبد السميع، أساتذة علم الاجتماع أن التعليم مفتاح التمكين الاجتماعي للمرأة، لافتة إلى أن المجتمعين الريفى والصعيدى لا يهتمان بتعليم الفتيات، لافتة إلى أن الاهتمام بالتعليم ورفع جودته سيؤدى إلى الارتقاء بالمستوى الاجتماعى للمرأة، قائلة: لا يوجد أب مثقف سيقبل بالمساس بحقوق بناته الاجتماعية، كما لن تقبل سيدة متعلمة بسلبها حقوقها، أما عن قضية الختان فالبرغم من تجريمه وتغليظ عقوبته إلا أن هناك العديد من الأسر لا تزال متمسكة بتلك العادة بسبب أن الحملة التي تبنتها الحكومة طوال السنوات الماضية ركزت جهودها على الضرر الطبي الواقع على الفتاة أو الجانب الديني متجاهلة جانبا أهم وهو النظرة الدونية للفتاة، فكيف لمجتمع ينظر للبنت باعتبارها مخلوق أدنى أن يحرص على تجنيبها الأضرار النفسية الحاصلة جراء عادة خاطئة، لذا أدعو الحملات المقبلة إلى التركيز على تغيير نظرة المجتمع للمرأة، وإعطائها حقوقا متساوية مع الرجل.
تغير ملحوظ
من جانبها أكدت د. ميادة عمر، الأستاذ المساعد بقسم تنظيم المجتمع بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية أن هناك تغير ملحوظ بين الماضى والواقع الذى يعيشه المجتمع، قائلة: فى الماضى كانت معظم الأسر تقبل على ختان بناتها، لكن اليوم باتت هذه العادة مرفوضة من قبل الكثير، كما أصبحت المرأة أكثر وعيا بحقوقها بعد المجهودات الملحوظة من قبل مؤسسات المجتمع المدنى ما جعلها على دراية بالتصرف السليم حال تعرضها لعنف سواء داخل أو خارج المنزل، وبعد أن كانت الفتاة تخشى الاعتراف بتعرضها للتحرش أصبحت أكثر جرأة على الشكوى واللجوء للجهات المعنية لردع المتحرش وإنفاذ القانون.
وتابعت: لا شك أن المرأة استطاعت حصد النسب الأكبر من الأوائل والمتفقين فى مختلف المراحل التعليمية، كما نجحت فى تولى مناصب كانت محرمة عليها كالقاضية والعمدة والمحافظ .
ومع الاهتمام بتفعيل مبادى الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة وبالأخص فيما يتعلق بالجانب الاجتماعى ستشهد هذه الأوضاع تطورا أكبر