الأربعاء 19 يونيو 2024

حوار مع صديقة مثقفة

3-10-2017 | 16:07

بقلم : إقبال بركة

سألتنى صديقة مثقفة: ماذا نفعل فى الفتاوى الشاذة التى تصدمنا من وقت لآخر وتثير بيننا جدلا واسعا وآخرها ممارسة الجنس مع الزوجة المتوفاة, وكارثة تحليل النوم مع البهائم, ومن قبلهما زواج الطفلة ورضاع الكبير.. الخ؟!

أجبتها: نتجاهلها ما دام العقل والمنطق يرفضانها..

قالت: ولكن المشكلة ليست فينا أنت وأنا وكل من نعرف, المشكلة فى البسطاء الذين شاهدوا الشيخ وهو يدلى بفتواه على الشاشة الصغيرة فى برنامج يتابعه الملايين فى كل أنحاء الوطن العربى وبعض الإسلامى.. بعض المشاهدين يعتبرون كلام الشيوخ مقدسا، ومؤخرا قرأنا عن احتفال بعض الأسر فى مصر بتزويج بناتهم بين سن السادسة والتاسعة ولا أستبعد أن يتفشى بعد ذلك الاستمتاع بالزوجة المتوفاة ووطء البهائم..

قلت لها: واجب الجمعيات النسائية والمجلس القومى للمرأة أن يفندوا كلام الشيوخ ويقوموا بتوعية الأسر مستندين إلى حجج قانونية وعلمية.

قالت: ولكن الحجج الشرعية هى التى تسود فى الريف وبين الأميين وأنصاف المتعلمين، وهؤلاء هم الأغلبية ولا ينصتون إلا لمن يردد "قال الله وقال الرسول"!

قلت لها: معك حق ولذلك لن نتقدم أبدا ما دامت نسبة الأميين بيننا لا تنخفض, ومروجوا الفتاوى الشاذة ليسوا فقهاء بالمعنى السليم ولكنهم لصوص يسطون على فتاوى فلان وعلان من قدامى الفقهاء, وهؤلاء بشر مثلنا وفتاواهم اجتهادات ولا قداسة لها.

تساءلت متعجبة: وهل يعقل أن فقيها حتى ولو عاش منذ ألف عام يجيز مواقعة البهائم ويزعم أنها لا عقاب عليها فى الدين؟!

قلت: الأغلبية العظمى من الفقهاء لا يعيشون الواقع وبعيدون تماما عما يفرزه العلم من حقائق تتجدد كل يوم ولا علاقة لهم بالعلوم الاجتماعية كالتاريخ والجغرافيا والاجتماع أغلبهم يتحرك فى دائرة ضيقة من المنبر إلى البيت والعكس.

قالت صديقتى المثقفة: هذا يفسر تعسر المهمة التى كلف الرئيس بها الأزهر منذ فترة وهى تجديد الخطاب الدينى فلم نسمع أية أخبار عنها مؤخرا.

قلت: رأيى المتواضع أن تجديد الخطاب الدينى مهمة شاقة لا يمكن أن يطلع بها رجال الأزهر وحدهم، بل لا بد من مشاركة خبراء فى العلوم الحديثة والتاريخ والسياسة والاقتصاد ومفكرين وكتاب معروف اهتمامهم بالموضوع وملمين بالثقافات الأجنبية والفكر العالمى مثل مهاتير محمد الماليزى ومصطفى بوهندى المغربى وغيرهم..

قالت صديقتى المثقفة: ما تتحدثين عنه حلم صعب التحقق، إذ كيف ستتغلب اللجنة على عقبة تعدد المذاهب بين مالكى وحنفى وشافعى وحنبلى ليس فقط بين أعضائها بل بين الأقطار الإسلامية التى يتبع كل منها مذهبا مختلفا.

قلت: فلنعتبر هذا التنوع ثراء للفقه الإسلامى ومن حق اللجنة أن تغترف ما تراه الأنسب لعصرنا الحاضر والأقرب للقيم والروح الإسلامية من كل المذاهب.

قالت: ولكن هذا سيتطلب وقتا طويلا جدا ومناقشات مستفيضة وخلافات لا حصر لها.

قلت: المهم أن يستقروا فى النهاية على شريعة جديدة تناسب إنسان القرن الواحد والعشرين ولا تجعل المسلم كائنا شاذا مذموما بين كل البشر، بل قدوة تثير احترام الآخرين وتشجع الغير على اعتناق الدين الحنيف, ولنبدأ قبل أن يجرفنا طوفان الإلحاد وتتوه الأجيال الجديدة فى دهاليز الأفكار المغتربة والفتاوى الشاذة.