الأربعاء 15 مايو 2024

سميح القاسم.. حمل وطنه وشعبه في كلماته فأخرس بارود الاحتلال

سميح القاسم.

ثقافة19-8-2023 | 20:05

همت مصطفى

ارتبط اسمه ارتباطًا قويًا ووثيقًا بشعر الثورة والمقاومة، وقدم الكثير من صائده في هذا الاتجاه منها: قصيدته «تقدموا» والتي خاطب فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي، و«منتصب القامة أمشي» التي لحنها وتغنى بها المطرب والموسيقار اللبناني مارسيل خليفة، ومن أشهر ما كتب شاعر المقاومة أيضًا قصيدة «الانتفاضة».. هو الشاعر الفلسطيني وأحد ثالوث صوت المقاومة الشاعر والأديب الكبير سميح القاسم، والذي يعد واحدًا من أبرز شعراء الفلسطينيين.

الميلاد  والنشأة

وُلد سميح القاسم في مدينة الزرقاء الأردنية 11 مايو 1939 وعاش طفولته في بلدة الرامة بفلسطين، ودرس بها وفي الناصرة واعتقل عدة مرات وفرضت عليه الإقامة الجبرية من قبل القوات الإسرائيلية بسبب مواقفه.

 مواقف عصيبة 

قاوم سميح القاسم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها، وكان والده القاسم ضابطًا برتبةِ رئيس في قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم، وحينَ كانت عائلة سميح القاسم، وهو طفل، في طريق العودة إلى فلسطين في القطار، في غمار الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعرَ الركَّاب وخافوا أنْ تهتدي إليهم الطائرات الألمانية! وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى آن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، ولما كبر وحينَ رُوِيَت الحكاية لسميح فيما بعد تركَتْ أثرًا عميقا في نفسه: «حسنا لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لنْ يقوى أحدٌ على إسكاتي».

مدرسا وناشطًا سياسيًا

وعمل سميح القاسم أستاذًا في إحدى المدارس في فلسطين، ثم اتجه مع ميوله السياسية وعمل كناشط في الحزب الشيوعي، ومن بعدها تفرّغ للأدب والشعر، ولعمله الأدبي.

قاوم المحتل بالكلمات

كان الوطن لسميح القاسم وشعبه الذي عانى من المحتل جلّ همه، وكتب فيهم الشعر كثيرًا، وألف العديد من القصائد، وميزها تناولها الحماسي لما عايشه، وكانت كلماته فيها حماسية مؤثرة، لتعبر عن أوضاع بلاده ووطنه الصعبة والتي يعرفها الجميع ويعيشها الفلسطينيون لعقود وعقود، فكانت كلماته تهز الفلسطينيين، وتثير الحماسة في شبابها، مما جعله عرضة للسجن لأكثر من مرة.

الصحفي الأديب

وساهم سميح القاسم في تحرير صحف «الغد و«الاتحاد»، ثمَّ ترأس تحرير جريدة «هذا العالم» عام 1966، وعادَ للعمل مُحررًا أدبيًا في «الاتحاد» وأمين عام تحرير «الجديد» ثمَّ رئيس تحريرها.

وأسَّسَ منشورات «عربسك» في حيفا مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ فيما بعد «المؤسسة الشعبية للفنون» في حيفا،  وترأّس اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما، وترأّس تحرير الفصلية الثقافية «إضاءات» التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم. وكان رئيس التحرير الفخري لصحيفة «كل العرب» الصادرة في الناصرة.

غزارة الإنتاج

وتميّز سميح القاسم خلال رحلته الإبداعية ومسيرته الأدبية بغزارة إنتاجه الأدبي وتنوّعه وتميزه، وشملت أعماله الأدبية النثر والشعر والقصص والأعمال التوثيقية وكتب الرواية والمسرحيات أيضًا.

وتميّزت أعماله بتأثّره بالنكبة والانتفاضة الفلسطينية، ولكن تميزه وشهرته الأكبر كان بمجال الشعر، فقد كتب القاسم ما يزيد عن ثلاثين ديوانًا من الشعر في مسيرته الأدبية.

الانتشار عالميًا

وتُرجِمَ سميح القاسم عددٌ كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى العديدة، ومن بين اهتماماته كان همه إنشاء مسرحٍ فلسطيني يحمل رسالةً فنيةً وثقافيةً عالية، كما يحمل في الوقت نفسه رسالةً سياسيةً قادرةً على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.

وصَدَر لسميح القاسم أكثر من 60 كتابًا في المجالات المختلفة، إلى جانب الشعر كالقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله في سبعة مجلّداتٍ عن دور نشرٍ عدّة في القدس وبيروت والقاهرة ويتناول القاسم في شعره الكفاح والمعاناة الفلسطينيَين، وفي سن الثلاثين من عمره كان قد نشر ست مجموعاتٍ شعرية حازت على شهرةٍ واسعة في العالم العربي.

وفي مجال الشعر تنوعت أعمال  سميح  القاسم، ما بينَ الشعر، وهي مجموعةٌ شعرية، وأغاني الدروب، وهي مجموعة شعرية كذلك ودمي على كفِّي (مجموعة شعرية) ودخان البراكين مجموعةٌ شعرية

سميح القاسم مؤلفًا مسرحيًا

وقدم سميح القاسم عددٌ من المسرحيّات أهمها قرقاش وكتب مجموعاتٌ قصصية قصيرة أهمها «إلى الجحيم أيها الليلك» والصورة الأخيرة في الألبوم»

مؤلفات نثرية

وقدم سامح القاسم، أيضًا مجموعات نثرية أهمها : «عن الموقف والفن» و«الرسائل» و«ومن فمك أُدينك»، ومجموعة سربيّات أهمها «مراثي سميح القاسم و«إلهي إلهي لماذا قتلتني» و«ثالث أكسيد الكربون»  وله كتابٌ توثيقي حمل عنوان «الكتاب الأسود، يوم الأرض» ونشر القاسم أيضًا بحثًا توثيقيًّا بعنوان «مطالع من أنثولوجيا الشعر الفلسطيني في ألف عام »  و«الأعمال الناجزة» في سبع مجلدات،  بالإضافة إلى «الراحلون»، وغيرها الكثير.

رحيل وأثر باق

وعندما رحل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، في مثل هذا اليوم، 19 أغسطس فقد الشعر العربي أضلاع ثالوث ما عرف بـ«شعراء المقاومة» في فلسطين؛ توفيق زيّاد ومحمود درويش إضافة إلى سميح القاسم. ففي الثلاثينيات من القرن الماضي سيطر ثالوث شعري على الحياة الشعرية في فلسطين تكون من إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود وعبدالكريم الكرمي «أبو سلمى»، ولكن في مرحلة الستينيات وما بعد ظهر ثالوث آخر قوامه محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زيّاد.