الجمعة 3 مايو 2024

لبنان وطن تخلى عنه الكثيرون في ليل حالك لكنه «راجع يتعمر»

مقالات23-8-2023 | 12:09

لبنان وطن عشقته كل الشعوب العربية لجماله و بهائه وسحره الطبيعي، كان يموج بالطاقة الحيوية، ومركزا للأناقة العربية والفنون والفكر بكل أطيافه ومركزا لكل صاحب قضية وفكر وساحة لكل الأحرار، اليوم تتقاذفه أمواجا سوداء ورياحا عاتية من كل حدب وصوب بفعل سوء الإدارة السياسية والاقتصادية التي أوصلت البلاد الى طريق صعب.

أشخاصًا لعبوا أدوارا سلبية وأيادي خارجية وانتماءات من الداخل والخارج.
فأصحاب المصالح الخاصة جعلوا البلاد والعباد تحت رحمة الدين وتحت رحمة دولار خسف بالليرة اللبنانية وطرحها أرضا، وتواكب ذلك مع تقلص فرص العمل وتراجعها مقابل زيادة نسب البطالة إلى 40% للرجال مقابل 50% للنساء بحسب تأكيد رئيس اتحاد العمال بلبنان، أن العمال في وضع كارثي في ظل انهيار سعر صرف الليرة وانهيار القدرة الشرائية والاستمرار بالأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار".
فكيف تحول وطن غالي على قلوبنا جميعا من مركز إشراق في كافة مجالات الحياة إلى مجرد نهيبة بنظر المنتفعين والفاسدين ينهبون خيرها ويدمرون اقتصادها ويخربون عملتها فلا يجد المواطن لقمة عيشة ولا ثمن علاجه ولا تكاليف تعليم أبنائه.
فكيف تحولت جهود عمل سنين طويلة للمواطنين ترجموها في ودائع عملتهم الوطنية في لحظة  فقدت قيمتها فلم تعد تساوي قيمة الورق المطبوع بها؟!!!
وفقدان الليرة اللبنانية 90% من قيمتها، كارثة بكل المقاييس، ولذلك صنف البنك الدولي، الأزمة اللبنانية ضمن " أكثر الأزمات حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن 19 "، ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف أن ينكوي المواطن بنيران الأسعار المرتفعة في المواد الغذائية والخدمات كالكهرباء والمياه والغاز  لا أنكر أبدًا أن هناك طبقة اجتماعية تعيش براحة و طبقة أخرى تضاهي في غناها وأسلوب حياتها أغنياء العالم العربي والغربي إلا أن حال المواطن الفقير هو العدم و الطبقة الوسطى قد انهارت هي الأخرى ولم تعد قادرة على الوقوف على قدميها، ناهيك عن تدهور الخدمات لمن هم يعتمدون على مرافق الدولة الحكومية و لا يستطيعون التعاطي مع القطاع الخاص .
وأنا هنا لا انتقد شعبا طيبًا عرف بالنظافة والحضارة والأناقة، لكني أعبر عما يختلجه قلبي من أسى على لبنان الحبيب، وأدعوه لمقاومة الإحباط واليأس، ربما بدءً من التخلص من كل ما يعيق الجمال والنظافة والصحة، والتعاون المجتمعي في إزالتها اذا تقاعس المسئولين عن القيام بدورهم في التخلص بطرق صحية مثل القمامة او المجاري وعدم إلقائها بالمجاري المائية او البحر او النهر او تحت الشجر والخضار حتى لا تنتشر الأمراض والأوبئة.
نعم لبنان للأسف صار مرتعا للتلوث السياسي والاقتصادي والبيئي، ولكن شعبها الجميل قادر على البدء بمعالجة هذا التلوث انطلاقا من تكاتفهم معا في التخلص من التلوث البيئي.
وكم أدمى قلبي انتشار الفقراء والمتسولين  بلبنان التي كانت قبلة فكرية للعرب، وما آل إليه أوضاع أهله بفعل مؤامرة قتل العملة الوطنية، لكني بالمقابل هناك رجال شجعان لان (الكرم شجاعة) يحاولون مساعدة الناس؛ فقد قابلت رجلا  لبنانيا  يدعى ياسين فواز  و يلقب بال (كنج) قدم من أمريكا لمساعدة الفقراء والمعوزين بشوارع لبنان خاصة الأطفال المتسولين وللنساء وكبار السن، بل انه يكاد ان يلاحقهم مقدما لهم ما يحتاجونه من مال وطعام.
هنا وجدت نافذة يمكن للبنانين  أن ينفذوا منها للإنقاذ ولو المؤقت متمثلا في الدور الذي يمكن أن يقوم بها لبناني المهجر في مساعدة ذويهم بالوطن الأم وتقديم مساعدات عاجلة لهم كحل مؤقت لان لبنان يجب ان يعاود الوقوف على قدميه مجددا متكلا على نفسه و مرتكزا على معطياته من زراعة و صناعة و سياحة مع الانتباه الى عدم الإهدار في ما هو ليس ضروريا فإهدار الطاقة و المياه و الطعام حتما من مسببات القلة والحاجة ليس فقط الغلاء و الضرائب و انخفاض العملة.
وقد يتشدق البعض  بكلمات لتشويه من يقدم العون  لأهل لبنان، سواء ياسين فواز او ان كان هناك احد يفعل مثله بمساعدات  فردية، خاصة وانه كم من المليارديرات الفاسدين ولا يفكرون في أطعام الجوعى والمساكين.
أنها دعوة للبناني المهجر  كي يسرعوا بتقديم العون لذويهم بلبنان هذه المرة ليس بإرسال الأموال بل بفتح المصانع و عمل الاستثمارات و تشجيع المستثمرين الاجانب 
كما انه يجب ن يكون هناك دورًا للمثقفين و المفكرين و خاصة في مجال الاقتصاد ان يقدموا المقترحات و الحلول المناسبة 
بكيفية خروج لبنان من الموت وإنعاشه بأفكار وتصورات اقتصادية جديدة يتم التفاهم بها مع المنظمات الدولية والعربية لمساعدة لبنان على تجاوز ازمة الديون وتوقيع الليرة والوطن على ألا تكون الحلول مؤقته بل حلول جذرية تستأصل الورم قبل التفشي في ربوع الوطن الجميل الذي لا يشبهه بجماله بقعه على سطح الأرض بجباله الخضراء وبحره الأزرق و سمائه الصافية وأبنائه المتمسكين بالحياة حبا و تفاؤلا هذا الشعب الذي هدوا له وطنه ألف مرة وعمروه بكل مرة عن ألف مرة.

سارة طالب السهيل

Dr.Randa
Dr.Radwa