السبت 8 يونيو 2024

أكتوبر 73 في الصحف العالمية .. (تقرير)

5-10-2017 | 16:00

"سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسى، وسيظل باقيًا معى على الدوام, كان التفوق علينا ساحقًا من الناحية العددية سواء من الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال.. كنا نقاسى من انهيار نفسى عميق.. لم تكن الصدمة فى الطريقة التى بدأت بها الحرب فقط، ولكنها كانت فى حقيقة أن معظم تقديراتنا الأساسية ثبت خطؤها" هكذا تحدثت "جولدا مائير" رئيسة وزراء إسرائيل أثناء حرب أكتوبر عام 1973, بقيادة الرئيس الراحل "محمد أنور السادات", التي فكرت في الإنتحار بعد هزيمة إسرائيل أمام القوات المصرية في 73 طبقا لما قالته في حوار لها تم نشره في صحيفة "يديعوت آحرونوت" الإسرائيلية, واعترف وزير الدفاع في حكومتها آنذاك "موشيه ديان" فى ديسمبر 1973 بأن حرب أكتوبر كانت بمنزلة زلزال تعرضت له إسرائيل..

ليس فقط رجلي الحرب الأقوى في إسرائيل من إنحنت كلماتهم أمام نصر أكتوبر 73, فقد تحدثت الصحف العالمية أيضا عن هذه المفاجأة التي هزت حسابات الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام..

في نوفمبر عام 1973, قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية

 "قد أعلن الجنرال "إسحاق رابين" بأن لدي إسرائيل خططا عسكرية لمواجهة جميع الاحتمالات بما في ذلك احتلال القطب الشمالي؛ ولكن على ما يبدو إن احتمال الهجوم المصري الكاسح ظهيرة السادس من أكتوبر لم يكن واردا في احتمالات الإسرائيليين ولهذا دفعوا ثمنا غاليا.. وفي العدد التالي أشاد تقرير لأحد العسكريين الإسرائيليين بالتفوق المصري قائلا :"إن البحرية المصرية تفوقت على البحرية الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر و خاصة في مجال الصواريخ"..

في تاريخ نوفمبر عام 1973, قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية

أن صفارة الإنذار التي دوت في الساعة الثانية إلا عشر دقائق ظهر السادس من أكتوبر 1973 كانت تمثل في معناها أكثر من مجرد إنذار لمواطني إسرائيل، حيث كانت بمثابة الصيحة التي تتردد عندما يتم دفن الميت وكان الميت حينذاك هو الجمهور الإسرائيلي وعندما انتهت الحرب  بدأ العد من جديد، وبدأ تاريخ جديد فبعد ربع قرن من قيام دولة إسرائيل ، باتت أعمدة ودعائم إسرائيل القديمة حطاما ملقي علي جانب الطريق.. هذه الحرب جرحا عميقا لن يلتئم أبدا  

وفي حقيقة الأمر, فإن الهجوم المصري أزال هيبة إسرائيل أمام الدول الكيان المصري والتي كان يصدرها للجمهور والسياسيين على حد سواء جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الموساد".. وهذا ما نشرته صحيفة "بمناحيه الإسرائيلية", قائلة "أن حرب أكتوبر قد هدمت الثقة بالنفس لدي نخبة الأمن الإسرائيلية, وتسببت بقدر معين في هدم إفتراضات أمنية قامت عليها الاستراتيجية الإسرائيلية لفترة طويلة, ومن ثم تغيرت بعض العناصر الرئيسية في نظرية الأمن القومي التي تبلورت في العقد الأول من قيام الدولة علي أيدي "ديفيد بن جورين", أول رئيس وزراء إسرائيلي ..

في أكتوبر 1973, نشرت الصحف البريطانية عدة مقالات عن قدرة الجندي المصري التي فاجئت العالم, قائلة :"الصورة التي قدمتها الصحافة العالمية للمقاتل العربي عقب حرب 67 هي صورة مليئة بالسلبيات وتعطي الانطباع باستحالة المواجهة العسكرية الناجحة من جانب العرب لقوة إسرائيل العسكرية وعلي ذلك يمكن ان نفهم مدي التغيير الذي حدث عقب ان اثبت المقاتل العربي وجوده وقدراته، إن المصريين و السوريين يبدون كفاءة عالية و تنظيما و شجاعة لقد حقق العرب نصرا نفسيا ستكون له أثاره النفسية بعد أن تحطمت معه أوهام الإسرائيليين بان العرب لا يصلحون للحرب.. اليوم ينتاب الإسرائيليين إحساس عام بالاكتئاب لدي اكتشافهم الذي كلفهم كثيرا ان المصريين والسوريين ليسوا في الحقيقة جنودا لا حول لهم ولا قوه, فهناك دلائل على أن الإسرائيليين كانوا يتقهقرون علي طول الخط إمام القوات المصرية و السورية المتقدمة..

في تل أبيب كانت الكلمات تتناثر فوق رؤوس الإسرائيليين جنبا إلى جنب مع الرصاص المصري, ففي وكالو "رويتر" في تل أبيب, نشر تقرير عن الغطرسة التي أبداها "ديان" الذي أكد بأنه كانت لديه معلومات عن ميعاد الحرب ولكنه لم يتصور أبدا أن العرب يمكنهم خوض حرب قال :" لقد اتضح أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة كما كانوا يحسبون من رجال لا يقهرون، إن الثقة الإسرائيلية بعد عام 1967 قد بلغت حد الغطرسة الكريهة التي لا تميل إلي الحلول الوسط وهذه الغطرسة قد تبخرت في حرب أكتوبر، وذلك يتضح من التصريحات التي أدلي بها المسئولون الإسرائيليون بما فيهم موشي ديان نفسه".. نظرية الحدود الآمنة التي تبنتها إسرائيل منذ إنشائها حتي الآن بغرض التوسع، قد انهارت تماما، ويجب على العقلية العسكرية الإسرائيلية إن تتغير في ضوء حرب أكتوبر. إنها أسطورة نفسية قد تحطمت هذه المرة .