يعتبر الإسكندراني سيد درويش الذي ولد في الإسكندرية عام 1892 وتوفي في 15-9-1923 في نفس يوم رجوع سعد زغلول لمصر من المنفي والذي لم يمهله القدر أن يراه عند عودته رغم حبه الشديد له فذهبت روحه إلى خالقها.. كانت البداية في الإسكندرية وتحديدا كوم الدكة.. الإسكندرية نافذة مصر علي البحر المتوسط فكان قدرهما ان يقرن اسمه به فنان الشعب سيد درويش.. بدأ تعلقة بالغناء منذ صغره فأحب سماع الشيخ أحمد ندى و الشيخ إبراهيم الأزهري و بدأ و هو طفل ان يغني فوق سله مقلوبة وسط أصدقائة ثم إلتحق بالمعهد الإيطالي و كانت بداية تعلمه للنوتة الموسيقية .... والدته الحاجة ملوك كانت الحافذ الأول له و كانت تشجعة و أصرت أن يحفظ القرآن ويتعلم السيرة النبوية ...في حي كوم الدة وسط شوارعها الضيقة نشأ سيد درويش وعلي مقاهيها بدأ الغناء ...عندما بلغ 13 سنه تم فتح المعهد الازهري في المرسي أبو العباس و وقدم طلب و التحق به سيد درويش و نجح في سنه اولي ولكنه اضطر ان يعمل لظروف العائلة الاقتصادية الصعبة ... امتهن سيد درويش مهن كثيرة منها عامل بناء مع مقاولين و هو في سن صغير وكان هذا سبب كبير في التأثير في شخصيته و إندماجة مع طبقات كثيرة في المجتمع و مختلفة جعلته يشعر بهم و بمشاكلهم و إحتياجتهم و بأفراحهم و أحزانهم .... في يوم و هو كان يعمل في إحدى البنايات لاحظ المقاول ان إنتاجية العمل تزيد عندما يغني سيد درويش ويغنون وراءه باقي العمال فقرر المقاول ان يفرغ سيد درويش للغناء للعمال و يعطية اجره كامل علي ذلك .... في يوم كانوا أمين وسليم عطالله (منتجين) جالسين علي قهوة بالقرب من البناية التي يعمل بها سيد درويش و سمعه غنائة و أعجبه به فما كان منهم الا إنهم بعتوا له و أتفقوا معه الانضمام إلي فرقتهم و السفر معهم إلي الشام وكان ذلك عام 1908 ووافق سيد درويش ولكنهم عادوا بعد 9 شهور لفشل الحفلات هناك ثم عادوا مره أخرى للشام عام 1913 و أستمر هناك سنتين و نجحوا هذه المره و كان سفره للشام أثر كبير في التطور الذي أحدثه للموسيقي المصرية بعد ذلك . في القاهرة بدأ رحلته مع المسرح الغنائي و منها (فشر – البروكة – أش – راحت عليك – عبد الرحمن ناصر ) كل تلك المسرحيات كانت من إنتاجه ...و اعتقد ان طفولة سيد درويش و عمله المختلف بين أطياف مختلفة في المجتمع و سفرة الشام كانوا السبب الرئيسي في الطفرة الموسيقية التي ابدعها سيد درويش من التطريب الي الي التعبير الصادق......جليلة في حياة سيد درويش هي ملهمته الروحية إتعرف عليها في أحد الأفراح ضحكتها كانت السبب في حبه لها من اول نظرة تلاقت الاعين فغنى لها بإرتجال "خفيف الروح بيتعاجب برمش العين خفيف الروح" ...جليلة كانت من الأسباب دخوله في التعبير اللحنى عن التعبير الطربي مثل أغنيته " أنا هويته و إنتهيته وليه بقي لوم العزول "  من تأليف يوسف القاضي...

أنا هويــــته وانتهيــــت

وليه بقى لوم العــــــزول

ليه يحب انى اقـــول ياريت

الحـــب ده عنى يــــزول

ما دمت انا بهجره ارتضيت

خلى بقى اللى يقول يقول

انا وحبيبى فى الغـرام

مافيش كده ولا فى المنام

احبه حتى فى الخصام

وبعـده عنى يا ناس حرام

ما دمت انا بهجره ارتضيت

منى على الدنيــا .. على الدنيا الســـــلام

كانت ثورة سيد درويش الحقيقية في الموسيقي من خلال إدخال مفهوم التعدد الصوتي و الهارموني لفن الغناء المصري و العربي و جعله مادة غناء جماعي وحوار بين شخوص مختلفة وقاد نموذج السيمفونية العربية للغناء الجماعي والخروج عن اللحن المفرد وعمل تعدد الحان و توزيع أي لحن فوق لحن ... سيد درويش قطع طريق طويل وكان السبب الحقيقي في تطز ويلا الاوبرا فقد قام بتغيير بعض الايقاعات مثال أغنية " قوم يا مصري " عام 1919 كلمات بديع خيري

قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك

خد بنصرى نصرى دين واجب عليك

يوم ما سعدى راح هدر قدام عينيك

عد لى مجدى اللى ضيعته بأيديك

شوف جدودك فى قبورهم ليل نهار

من جمودك كل عضمة بتستجار

صون أثارك ياللى دنست الاثار

دول فاتولك مجد و أنت فوت عار

شوفت اى بلاد يا مصرى فى الجمال

تيجى زى بلادك اللى ترابها مال

نيلها جى السعد منه حلال زلال

كل حى يفوز برزقه عيشته عال

يوم مبارك تم لك فيه السعود

حب جارك قبل ما تحب الوجود

ايه نصارى و مسلمين قال ايه و يهود

دى العبارة نسل واحد مـ الجدود

ليه يا مصرى كل أحوالك عجب

تشكى فقرك و أنت ماشى فوق دهب

مصر جنة طول ما فيها أنت يا نيل

عمر أبنك لم يعيش أبدا ذليل

يوم مبارك تم لك فيه السعود

حب جارك قبل ما تحب الوجود

ايه نصارى و مسلمين قال ايه و يهود

دى العبارة نسل واحد مـ الجدود

المصريين الان بيتزوجوا علي الإيقاع الذي ألفه سيد درويش و هي الزفة المصري قبل ذلك كان الزفاف علي أي إيقاع راقص .....و هذه الزفه المصري رصخها سيد درويش من خلال إحياءة لحفلات الزفاف .. كان الشيخ سيد درويش ملقب بفنان الشعب وذلك لانه كان صاحب الفضل الأول في ربط الغناء المصري بالحياة اليومية لاطياف و افراد الشعب المختلفة مما أدى الي إنزال الغناء العربي من القصور الي الشارع.. فأخذ غنى الناس في الشارع وذلك كان سبب حب الناس له  مثال أغنية "عطشان يا صبايا " للشاعر احمد فؤاد نجم

عطشان يا صبايا وأنا عاشق ع السبيل

عطشان والماية ببلدي على عكس ما يجري النيل

والنخل العالي مطاطي والجذع الواطي ذليل

والريح العاكس كابس والريح العاطي بخيل

والنسمة اتعكر لونها من هم الناس يا خليل

عطشان والنيل في بلدنا والزرع أخضر وجميل

وانا كنت امبارح خالي واليوم ده صبحت عليل

عطشان ودواي حبيبي يسقيني العشق دليل

ودليل الحب عمايل وكلام الحب قليل

و أغنية "سالمة يا سلامة " كلمات صلاح جاهين

ســــالمة يا ســـلامة رحنا وجينا بالسلامة

صفر يا وابور واربط عندك نزلنــــى فى البــــــلد دى

بلا امـــــيركا بلا اوربـــــــا مافى شئ احسن من بلدى

دى المركب اللى بتجيــــــب احســن من اللى بتــــودى

يا اسطى بشندى

سـالمة يا سلامة

شفنا الحرب وشفتا الضرب وشــــفنا الديناميت بعنــينا

ربك واحـــد عمرك واحــد ادى احنا رحـــنا وجيــــنا

ايه خس عليــنا

سالمة يا سلامة

صلاة النيى ع الشخص منا فرصـــة ميه بلا قافيــــــة

اللى ف جـــيبه يفنجــــر به والبركة فى العين والعافية

ح تـــاخد ايه م الدنيــا غيـر الستر يا شيخ خليها ماشـية

دنيـــا فانيــــــة

ى الغربـــــــة ياما بتــــــــــورى بتخــــــلى الصــــنايعى بيـــرطن

مطـــــرح ما يـــروح المصــــرى برضــه طـــول عمــره ذو تفنــن

وحيـــــــاة ربنـــــــــا المعبـــــــود وى ار فرى جود ياسطى محمود

قــدها وقــدود

من هنا بدأ يأخذ من فلكلور الناس الي متعلمة المصريين من الجدور و يعمله عمل مسرحي ... سيد درويش صاحب الدوور و الطائطوقة و أيضا صاحب المسرح والتعبير ... الموسيقي الكلاسيكية المصرية في المرحلة الاولي سنة 1850 في عهد الخديوى إسماعيل كانت موسيقي مستقرة هادئة الأركان متوازنة ثم جاء سيد درويش و عمل لحن " كان الشيكان" من أوبريت البروكة كلمات بديع خيري الذي قال عنه الموسيقين في وقتها انه اسرع لحن في الموسيقي العربية

كان الشيطان بيعزم يوم على إبن الناس

عايز يجيب له نحس البوم من الديل للراس

ضرب نفير فى نار السعير ابو مين يطير

جريوم عليه يشوفو إيه و بين إيديه وقفم كده

كان ننى عينهم يا ساتر بيطق شرار

جه راح باعتهم بأوامر من حاكم النار

نزلم على الارض جماعه ملو الهوا كله فى ساعه

سموم حسدهم لداعه وخدنها من عين الشيطان

جه ربنا أكبر منهم بعت ملايكه تجننهم

هبطو من الجنه فى إيدهم حظ و غنى و رحمه و غفران

فقرا هى تغنينى مرضى هيا تشفينا

و إلي مراته بحبوحه بتغجر ولا لحوحه

و عايز يتخلص منها بالراحه نبعده عنها

دى حكايه تاريخيه و روايه أزليه

وخدها من أخويا و ورثها عن أبويا

شوف بختك فى مراتك

زى اختك و حماتك

قلت لهم عملوها سعادتهم لقيوها

مالناش أبدا غير باروكتنا هى حيلتنا

كان سيد درويش من طليعة التنويرين الذين إستحضروا روح المصريين... فكان يقف بأغنيته لمواجهة الامراض الاجتماعية الشائعة وفي الدعوة للتقدم و الرقي و النهوض بمصر و بالصناعه المصرية و الانسان المصري ....سيد درويش غنى أغاني كثيرة يدافع بها عن المرأة المصرية وينادي بتحررها فلم يكن أقل عزيمة من قاسم أمين في ذلك الوقت ومن هذه الأغاني

البنت تفضل محبوسة
قال جوه بيتها يكون أظبط
لحد ما تبقى عروسة
بدال ما تفضل تتنطط
العفو العفو
يا سلام
يا سلام يا إخوانا دي العبرة
ماهيش فى جوة و لا برّة
عمر الحرة ما تبقى عرّة
عمر العرّة ما تبقى حرة
يا سيدي إنت
باردون يا فندي بالذمة
إيه بس عيب المصرية
الدنيا ضاقت بيك لما
ماتاخدش غير الأفرنجية
افهم
و اعقل
يا اهبااال
يا اهبل ليه غيرنا يفارقنا
ماتخلي زيتنا فى دقيقنا
دي المصرية تبيض وشك
الأفرنجية عينها فى قرشك
يا سيدي إنت

وذهب سيد درويش إلى الإعلاء من قيمة التعليم وتعليم المرأة على الخصوص محقًرا من الجهل وحث المجتمع علي تعليم بناتهم مثال
اللى ماتكتبش و تقرا
الدجالين قالعين عنها
وتو ما تقع البقرة
مالحق ما تكتر سكاكينها
اخه اخيه ..إخييييه
تفوا عالجهل ميت تفة
يالا نكسر وراه شقفة
من تعليمنا اهلنا خايفة
واقعين ليه من قعر القفة
يا سيدي إنت

سيد درويش أدرك مبكرا أهمية تعلم أصول الموسيقي الحديثة وكان ينتوى السفر الي إيطاليا لتعلمها وقال جملته الشهيرة "لقد أدركت أن الموسيقي بدون الكونترابونتا ليست شيء" ...طلعت باشا حرب طلب من الشيخ سيد تلحين أوبرا شمشون و دليلة فطلب سيد درويش 1000 جنيه فأعترض طلعت باشا فقال له انا اريد الفلوس للسفر لإيطاليا و التعلم هناك و عمل اوبرا مصرية لكنه رفض و اسند العمل لداود حسني الذي اخذ 70 جنيه فقط ... تشارك الرؤي بين سيد درويش و بديع خيري وحبهم لمصر ومحاولتهم لتنوير و تعليم و تثقيف المجتمع ليكونوا في افضل حال وحب سيد درويش لتحسين أوضاع الطبقة العاملة ساعد على إنتشاره و حب الناس له.... مثال اغنية "شد الحزام على وسطك" من مسرحية قولوا له عام 1919

شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك

لابد عن يوم برضه يعدلها سيدك

إن كان شيل الحمول على ضهرك بيكيدك

أهون عليك يا حر من مدة إيدك

ما تياللا بينا انت وياه

و نستعين ع الشقا بالله

و اهو اللى فيه القسمه طولناه و اللى ما ميجيش ان شا الله ما جاه

مادام بتلقى عيش وغموس يهمك ايه تفضل موحوس

ماتحط راسك بين الروس لا تقول لي خيار و لا فاقوس

يللا بنا يللا نلحق الاكسبريس اهـه ع الرصيف

وادى احنا يا دوبك لسه ما عملناش بحق رغيف

كل المحطـات قبــــلى و بحـــرى بقت لفاليـــف

يتـوب عليـنا من دى العيشــه يا لطيف يا لطيف

ما قطعو لنا التليفونــــات و عطلو التلغرافـــــــــــات

عمركش سمعت الدلنجات بيسافرو لها بالباسبورتات

غلب حمار اللى له حمار يحمـل له ست انفــــــــار

و اهو السفر فى الايام دى صار ع البهايم ليل و نهــار

أقول لك إيه و أعيد لك إيه كله له آخر

دى خبطه جامده وجت على عينك يا تاجر

يا وحستك دلوقت لا وارد ولا صادر

يحلها الفين حلال ربك قادر

قول لي فى عرض النبي يا حسين رايحين نلاقيها منين و منين

و الاس متجوز اتنين يا دنيا روقى جاتك البين

شوفو البخيل يفضل منحوس ولو علقوا على بابه فانوس

فلوس دي ايه اسكت يا جاموس هيه السعاده فى غنى النفوس

قرب شيلني شيل عمر الشده ما تطول قرب شيلنى شيل بكره نهيص زى الأول

لا تقول لي كتير و قليل بكره نهيص زي الأول لا تقول لى كتير و قليل عمر الشده ما تطول

هيلا هيلا هيلا هيلا هيلا هيلا هيلا ليصه

الشيخ سيد درويش كان عاشق للوطن محب للناس كانت الإنسانية تخرج من طي ألحانة وحبه لمصر و لشعبها كان محاوط لكلماته فأصبح النشيد الوطني لنا الذي تعلمنا و حفظناه و حفظه أولادنا من تأليف و تلحين الشيخ سيد درويش

بلادي بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي

مصر يا أم البلاد

أنت غايتي والمراد

وعلى كل العباد

كم لنيلكِ من أيادِ

بلادي بلادي بلادي

لكِ حبي وفؤادي

مصر أنتِ أغلى دُرَّة

فوق جبين الدهر غُرَّة

يا بلادي عيشي حُرَّة

واسلمي رغم الأعادي

بلادي بلادي بلادي

لكِ حبي وفؤادي

مصر يا أرض النعيم

فزت بالمجد القديم

مقصدي دفع الغريم

وعلى الله اعتمادي

بلادي بلادي بلادي

لكِ حبي وفؤادي

مصر أولادك كرام

أوفياء يرعوا الزمام

نحن حرب وسلام

وفداكِ يا بلادي سوف تحظى بالمرام باتحادهم واتحادي

بلادي بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي