الأحد 5 مايو 2024

‎في أكتوبر حينما زار البارزاني القاهرة وبورسعيد

مقالات9-10-2023 | 21:53

‎التاريخ يمجد العظماء الذين عملوا وجاهدوا في سبيل حقوق شعوبهم وأوطانهم وبناء مجتمع ديمقراطي، هم خالدون على مر العصور و تتوالى سير كفاحهم على أذهان ومسامع الأجيال المتعاقبة.


‎قبل 65 عاما وفي 5 أكتوبر 1958 حل الزعيم الكردي الخالد مصطفى البارزاني ضيفا على جمهورية مصر العربية بدعوة من الزعيم الراحل خالد الذكر جمال عبدالناصر، وهكذا بدأت العلاقات الكردية – المصرية في التاريخ المعاصر، فالزعيم الكردي زار مصر في طريق عودته من منفاه الاختياري في الاتحاد السوفيتي السابق بعد التصدي لجيوش أربع دول، حيث استطاع في ملحمة بطولية أن يصل إلى الاتحاد السوفيتي مع عدد من رفاقه عابرا السهول والجبال والوديان و الأنهار.


‎كان الزعيم عبدالناصر أول زعيم عربي يستقبل شخصية وقائد كردي على أرض الكنانة، لإيمانه بالقوميات وحقوق الشعوب الأخرى، وبنى عبدالناصر موقفه من الكرد على أساس معرفته بحق كل شعب في أن يعيش حرا آمنا في وطنه، وكان يرى أن الكرد الذين يعيشون ضمن محيط الوطن العربي لهم ما لإخوانهم العرب من حقوق قومية ودستورية، ومن هذا المنطلق استقبل الزعيم الكردي البارزاني، كما وافق على بث إذاعي للكرد وقضيتهم لمدة أربع ساعات عبر إذاعة صوت العرب من القاهرة.
‎لم يكن الكرد بغافلين عن مجريات الأحداث في مصر و ما تعرضت له من عدوان ثلاثي بعد تأميمها لقناة السويس، وتعبيرا عن دعمهم مصر و شعبها بعث الزعيم الخالد مصطفى بارزاني برسالة إلى الزعيم عبدالناصر عام 1956 على أثر العدوان الثلاثي، أعلن فيها استعداده هو ورفاقه للتطوع للدفاع عن مصر وشعبها، وشكره الزعيم عبدالناصر على هذا الموقف.
‎كان الزعيمان ناصر و بارزاني قد وضعا اللبنة الأولى لتطور ونمو العلاقات الكردية المصرية على أرضية سياسية مباشرة واسعة النطاق، وخلال زيارة البارزاني لمصر في أكتوبر 1958 شكر الزعيم الكردي رفيقه وصديقه العربي القومي جمال عبد الناصر على مواقفه تجاه الشعب الكردي وقضيته، وضمن زيارته إلى مصر تجول بارزاني في مدينة بورسعيد التي شهدت العدوان الثلاثي ليسجل شهادته بحق المناضلين من أهلها أصحاب أروع مقاومة عربية في ظروف ملتبسة.
‎هكذا أصبحت هذه الزيارة تاريخية للقاهرة قبلة القوميات وبورسعيد رمز المقاومة والصمود، ونواة لعلاقات مستمرة حتى يومنا هذا، و الموقف المصري تجاه الشعب الكردي وحقوقه ظل محل تقدير و احترام، مرورا باستقبال الرئيس الراحل حسني مبارك للزعيم الكردي مسعود بارزاني، ووصولا لتأييد الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ قبل أربع سنوات للحقوق الكردية الكاملة، وهذا أساس يرسخ لمتانة العلاقات الممتازة المشتركة ويبنى تصورات جديدة لآفاق تعاون كبير في كافة المجالات بين أربيل والقاهرة، تتسع معها فرص التنمية والتبادل الاقتصادي وكذلك الإحساس المشترك بالدور المسؤول عن حماية أمن المنطقة.