الأربعاء 3 يوليو 2024

د. أحمد فخري: الصعود لكأس العالم يرفع معدلات سعادة المصريين “النفسية.. ١٠٠فى المائة”

14-10-2017 | 00:30

 

تقرير: محمود أيوب

وكأن الشارع المصرى كان ينتظر ضربة الجزاء التى سددها اللاعب محمد صلاح فى مرمى منتخب “الكونغو” ليفرح.. وكأن السعادة كانت تقف على أعتاب بيوت المصريين فى انتظار صافرة الحكم معلنة انتهاء “ماتش كورة” يمنح المحروسة بطاقة سفر إلى روسيا، للمشاركة فى بطولة غاب العلم المصرى عن التحليق فى سمائها منذ ٢٨ عامًا.

الآلاف التى خرجت بالأمس بعد ضمان منتخب الفراعنة الصعود لـ”كأس العالم”، لتعلن عن فرحتها، أكدت أن كرة القدم، لا تزال واحدة من أهم أدوات السعادة فى مصر.. مفتاحا رئيسيا لــــ”بسمة أهل مصر”.

التحليلات التى خرجت بعد المباراة، غالبيتها - إن لم يكن جميعها- التزمت بتحليل الجانب الرياضى، التنبؤ بما سيكون عليه الأمر فى “موسكو”، وتجنبت فى الوقت ذاته الحديث عن “أخطاء الماتش” من باب “مش وقته”، غير أن هذا الأمر لا يعنى استبعاد قراءة صورة “فرحة المصريين” من زاوية “النفسية”، حيث أكد خبراء فى علم النفس أن الشعوب التى لها جذور حضارية كالشعب المصرى لها كتالوج خاص عن بقية الشعوب الأخرى، وهذا يظهر فى وقت الأزمات، مؤكدين أن الكرة هى السياسة الناعمة التى تحفز على إفراز الهرمون المخصص للبهجة والسعادة.

بداية قال د. أحمد فخري، استشارى علم النفس وتعديل السلوك بـجامعة شمس: المشاعر الإنسانية هى مشاعر بالعدوى سواء كانت بالإيجابية أو بالسلبية وهذا كثير جدًا، فروح الحماس والانفعالات القوية جدا نجدها دائمًا فى التجمعات الكبيرة من البشر، وهذا يضفى على المكان نوعا من الإيجابية والطاقة بشكل كبير جدًا.

وتابع: المصريون بطبيعتهم شعب عاطفى وشعب تحركه أكثر سياسة اللعب على المشاعر والعواطف، والوقت الحالى كثير ا جداً من المصريين ينظرون بأعينهم لأى شيء يدخل على قلوبهم البهجة والفرحة،خاصة لو كان هذا الشىء يعبر عن مصر وعظمة مصر، ومنها دائماً كرة القدم، بما أن جماهيرها عريضة وهى التى توحد كثير من قلوب المصريين، والكرة نفسها ترمز إلى التوحد لأننا مع اختلاف أعمارنا ننسجم جداً مع فكرة التشجيع للكرة وروح التنافسية ما بين الأفراد، ولكن ما نتحدث عنه فكرة الكرة من الناحية القومية، وهذا يتجسد بشكل كبير جداً حتى مع من لا يشجع الكرة.

وأضاف: المباريات التى تمثل الطابع القومى نجدها بشكل كبير أكثر إسعادًا للمواطن، فالكرة هى السياسة الناعمة، ودائما تحفز الهرمونات المخصصة لإفراز البهجة والسعادة عندما تكون هناك أحداث قوية، وهذا ينعكس فى اليوم الثانى من خلال الشحنة الإيجابية على سلوك المصريين فى أخلاقياتهم فى الشارع وفى أماكن العمل، وهذا ما نلاحظه بشكل كبير، ويدل على أن فكرة الإنجاز والالتفاف حول الروح الوطنية بشكل حماسي، كما أنه يعطى نوعا من القدرة على التعامل مع الصعاب والمواقف الصعبة.

وأوضح أستاذ علم النفس، أن الشعوب التى لها جذور عريقة فى التاريخ كالشعب المصرى نجد أن الجينات الحضارية لها كتالوج خاص عن بقية الشعوب الأخرى، وهذا يظهر فى أوقات الأزمات، كالأزمات التى مرت على مصر، وفى أوقات غلاء الأسعار وتوحد الشعب حول فكرة واحدة “ نهضة مصر” ، وظهر أيضا فى وقت النكسة “يونيه ٦٧” عندما وجدنا المصريين يطلبون من الزعيم جمال عبدالناصر الاستمرار رغم الهزيمة، والجين الوراثى الحضارى لا يظهر إلا فى أوقات الأزمات، فيظهر كأنه شعب غير عادي، شعب فعلا لديه انتماء ووطنية تظهر وقت المحن بشكل كبير جداً.

بدوره قال د. جمال فرويز، استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية العسكرية: منذ سنوات أذاعت الإذاعة الإسرائيلية حديثا “ لموشى ديان” قال فيه: أعطوا المصريين مباراة كرة وسمعهم أم كلثوم وأكلهم فول مش هيتكلموا” وهذه طبيعة شعب لا يمكن الاختلاف عليها وليس الشعب المصرى فقط الذى يعشق الكرة، فهناك شعوب كثيرة تفرحهم الكرة ولديها هوس منها فى دول أوربية وفى آسيا، وما يثير الدهشة أن هناك دولا لا تمتلك منتخبات، ومع ذلك لدى شعوبها هوس بالكرة مثل الهند وباكستان وبنجلادش، فليس عيبًا أن يتعلق الشعب المصرى بالكرة.

وأضاف: فرحة المصريين بفور المنتخب وصعوده لكأس العالم ليست تناقضية كما يصورها البعض، فالشعب لا ينسى الأزمات التى يمر بها من ارتفاع فى الأسعار وغيرها من المشكلات اليومية التى يمر بها، لكن هناك شيئا ما جلعه يفرح فهل من الطبيعى أن يخفيها، خاصة عندما تكون هذه الفرحة جماعية وليست مقتصرة على شخص بعينه، فهى فرحة لكل المصريين.

وقال: هذا فى علم النفس يسمى مصدرا من مصادر السعادة للمجتمع، فالكرة لدى المصريين مصدر أساسى من مصادر السعادة، لكن فرحة الكرة ليست إحلالية لما يمر به الشعب وإنما هى إحلالية مؤقتة لكنها تخفف من وطأة الضغوط التى يمر بها المواطن.