تُعدّ الثقافة الشعبية من المداخل الأساسية لدراسة الشعوب، حيث تعكس الجوانب النفسية والعاطفية في حياة المجتمعات، وتعتبر الأمثال الشعبية أحد أبرز عناصر هذه الثقافة، إذ تمثل حجر الزاوية لفهم الشعوب.
والمثل هو حكمة تتجسد في كلمات مسجوعة أو غير مسجوعة، تنطوي على رمز يحمل نقدًا أو علاجًا لأحد جوانب الحياة المتنوعة. والحكمة في جوهرها قديمة، هي نتاج الروح وثمار تجربتها، تتشكل من نعم الحياة وابتلاءاتها، نادرًا ما تخلو أمة أو قبيلة من قول الحكمة في أمثال تتداولها، وقد تتجاوز هذه الأمثال حدودها إلى أمم أخرى، إذ إن النفوس البشرية، رغم اختلاف درجات تطورها، تشترك في العديد من جوانب الحياة، وقد تتسم هذه الحكمة بالرقي، لتصبح جزءًا من ثقافة الأمة ومعرفتها العميقة، ويعكس ذلك مستوى تطور الأمة ونضوجها.
خلال أيام شهر رمضان المبارك، نعرض معًا مجموعة من الأمثال الشعبية المصرية التي تناولت موضوعات حياتية يومية متنوعة.
واليوم نناقش الأمثال التي تدور حول "القرد في عين أمه غزال"
يعود أصل المثل الشعبي "القرد في عين أمه غزال" إلى قصة قديمة كتبت في "خرافات أيسوب" في العصر الروماني.
في أحد الأيام، أمر حاكم روماني بإقامة مسابقة جمال للحيوانات، دُعي أبرز الحيوانات جمالًا للتنافس، على أن يُعلن الفائز في نهاية اليوم.
تقدّم الطاووس وابنه، والغزالة وابنتها، والزرافة وابنتها، وبدأ كل منهم يستعرض جماله أمام الحاكم، وقبل إعلان نتائج المسابقة بدقائق، تقدمت قردة بابنها للمشاركة في المسابقة، حاول الجميع إقناعها أن ابنها لا يملك مقاييس الجمال المناسبة، لكنها أصرت على المشاركة.
طلب الحاكم من حاشيته أن يتركوها تشارك، وقال: "القرد في عين أمه غزال."، ومنذ ذلك الحين، انتشر هذا المثل ليُقال حتى يومنا هذا، ليعبّر عن حب الأم لأبنائها وتقديرها لهم مهما كان مظهرهم أو قدراتهم. يعكس المثل قيمة الجمال في نظر المحبة، وليس في المقاييس المادية.