السبت 18 مايو 2024

تحقيق: قذيفة إسرائيلية قتلت صحفيًّا وأصابت آخرين في لبنان

قصف إسرائيلي

عرب وعالم7-12-2023 | 13:31

دار الهلال

خلص تحقيق أجرته وكالة رويترز إلى أن دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي قتلت صحفيا من رويترز وأصابت ستة صحفيين في لبنان يوم 13 أكتوبر بإطلاق قذيفتين في تتابع سريع من داخل إسرائيل بينما كان الصحفيون يصورون قصفا عبر الحدود.

وأدت الضربتان إلى مقتل الصحفي عصام العبدالله (37 عاما) من وكالة رويترز، وإصابة مصورة وكالة فرانس برس كريستينا عاصي (28 عاما) بجروح خطيرة على بعد كيلومتر واحد من الحدود الإسرائيلية بالقرب من قرية علما الشعب.

وتحدثت رويترز مع أكثر من 30 من المسئولين الحكوميين والأمنيين والخبراء العسكريين والمحققين في الطب الشرعي إلى جانب محامين ومسعفين وشهود للتوصل إلى رواية مفصلة عن الحادث.

وراجعت وكالة رويترز لقطات فيديو مدتها ساعات من ثماني وسائل إعلام كانت في المنطقة في ذلك الوقت ومئات الصور التي التقطت قبل الهجوم وبعده، وتشمل صورا عالية الدقة بالأقمار الصناعية.

وفي إطار تحقيقها، جمعت رويترز أيضا أدلة من مكان الحادث وحصلت عليها، بما في ذلك شظايا على الأرض وأخرى في سيارة رويترز وثلاث سترات واقية من الرصاص وكاميرا وحامل ثلاثي القوائم وقطعة معدنية كبيرة.

وفحصت المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي (تي.إن.أو)، وهي مؤسسة بحثية مستقلة تختبر وتحلل الذخائر والأسلحة لصالح عملاء مثل وزارة الدفاع الهولندية، تلك المواد لصالح رويترز في مختبراتها في لاهاي.

كانت النتائج الرئيسية التي توصلت إليها المنظمة الهولندية هي أن القطعة المعدنية الكبيرة كانت عبارة عن جزء من ذيل قذيفة دبابة عيار 120 مليمترا وأطلقها مدفع دبابة متمركزة على بعد 1.34 كيلومتر من المراسلين عبر الحدود اللبنانية.

وعرضت رويترز على الجيش الإسرائيلي النتائج التي توصلت إليها بأن قذيفتي الدبابة أطلقتا من داخل إسرائيل وطرحت أسئلة تفصيلية إضافية منها ما إذا كانت القوات الإسرائيلية على علم بأنها تطلق النار على الصحفيين.

وقال اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيخت المتحدث الدولي باسم الجيش الإسرائيلي "نحن لا نستهدف الصحفيين". ولم يقدم المزيد من التعليقات.

وكانت المجموعة مؤلفة من سبعة صحفيين من وكالة فرانس برس والجزيرة ورويترز وارتدوا سترات زرقاء واقية من الرصاص وخوذات، وكتب على معظمها كلمة "برس" أو صحافة بأحرف بيضاء. وكان هناك مراسلون من سبع وسائل إعلام أخرى على الأقل في علما الشعب ومحيطها في ذلك اليوم.

وقالت أليساندرا جالوني رئيسة تحرير رويترز "الأدلة التي لدينا الآن والتي نشرناها اليوم تظهر أن طاقم دبابة إسرائيلية قتل زميلنا عصام العبدالله".

وأضافت "نندد بمقتل عصام. ندعو إسرائيل إلى توضيح كيف حدث هذا ومحاسبة المسئولين عن مقتله وإصابة كريستينا عاصي من وكالة فرانس برس، وزميلينا ثائر السوداني وماهر نزيه، والصحفيين الثلاثة الآخرين".

وتابعت قائلة "كان عصام صحفيا لامعا وشغوفا، ومحبوبا جدا في رويترز".

ومن جانبها، قالت وكالة فرانس برس إن الأدلة التي جمعتها رويترز تؤكد تحليلها الخاص للحادث. وقال مدير الأخبار العالمية لوكالة فرانس برس فيل شتويند "من الضروري للغاية أن تقدم إسرائيل تفسيرا واضحا لما حدث. استهداف مجموعة من الصحفيين الذين تم تحديدهم بوضوح على أنهم إعلاميون أمر لا يمكن تفسيره وغير مقبول".

ويحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات على الصحفيين لأن العاملين في وسائل الإعلام يتمتعون بالنطاق الكامل من الحماية الممنوحة للمدنيين، كما لا يمكن اعتبارهم أهدافا عسكرية.

وفي الأيام التي تلت الهجوم، قال الجيش الإسرائيلي إنه يتحقق مما حدث لكنه لم يعلن عن أي نتائج.

وقالت خبيرة القانون الجنائي الدولي كارولين إدجيرتون، التي عملت في قضايا جرائم الحرب في البلقان، إن تصوير مواقع الدبابات الإسرائيلية على الحدود ربما كان يعد تهديدا للجيش الإسرائيلي إذا اعتبرت هذه المعلومات "ذات قيمة في عملية الاستهداف للقوات في لبنان".

واستطردت في ردود مكتوبة على أسئلة رويترز قائلة إن إطلاق قذيفتين متتاليتين على مجموعة من الصحفيين تم تحديد هويتهم بوضوح "يمثل انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي وقد يرقى أيضا إلى مستوى جريمة حرب تتمثل في مهاجمة مدنيين".

واستهداف المدنيين أو الأهداف المدنية بشكل مباشر محظور تماما بموجب قوانين النزاعات المسلحة مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 والتي صدقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ولم توقع إسرائيل ولا لبنان على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تقبل دولها الأعضاء البالغ عددها 124 اختصاصها في المحاكمة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

كان الهجوم هو الأول من اثنين سقط فيهما قتلى في غضون ستة أسابيع على صحفيين في لبنان يغطون الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي جماعة حزب الله على طول الحدود في أعقاب هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

وقُتل صحفيان من قناة الميادين اللبنانية في ضربة يوم 21 نوفمبر في أثناء قيامهما بالتصوير بالقرب من الحدود مع إسرائيل. وحملت قناة الميادين الجيش الإسرائيلي مسئولية مقتلهما. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنها كانت منطقة خطيرة للوجود فيها بسبب "الأعمال العدائية النشطة".

وقال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري "أعتقد أن قتل الصحفيين هو جزء من الاستراتيجية العسكرية لإسرائيل حتى يقتلوا الحقيقة".

وأضاف أنه بعد تحقيق رويترز، تدرس الحكومة رفع دعوى بشأن الانتهاكات الإسرائيلية، بما في ذلك مقتل عصام، أمام محكمة دولية. ولم يحدد المحكمة لكنه أقر بأن المحكمة الجنائية الدولية ليست خيارا لأن لبنان غير موقع على نظامها.

وأشار مكاري إلى أن قتل الصحفيين في غزة ولبنان دليل على أن إسرائيل تستهدف الإعلاميين عمدا.

وفي اليوم التالي للهجوم، قالت قوات الأمن اللبنانية إنها أجرت تقييما فنيا في الموقع، والذي يشير إلى تورط إسرائيل. ولم يستجب الجيش اللبناني ولا المخابرات العسكرية لطلبات للاطلاع على التقييم الفني.

ومنحت رويترز الضوء الأخضر للصحفيين للذهاب إلى المنطقة خارج علما الشعب لأنه قبل 13 أكتوبر لم تشهد المنطقة أي تصعيد كبير ولم تكن حينها شديدة الخطورة.

وقالت رويترز في بيان "لم يكن عصام في منطقة قتال نشط عندما أصيب. كان هو وزملاؤه إلى جانب صحفيين من وسائل إعلام أخرى في منطقة بعيدة عن الصراع النشط".

ولم يخطر فريق رويترز الجهات المسلحة في ذلك الجزء من لبنان، وهي الجيش اللبناني وحزب الله وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، أو الجيش الإسرائيلي بوجوده. ولم يطلب أي من تلك الأطراف مثل هذا الإخطار.

وقالت وكالة رويترز "ليس من الممارسات المعتادة إبلاغ الأطراف المسلحة بالمواقع الدقيقة لمراسلينا. ومع ذلك، طلب الجيش اللبناني من الصحفيين الحصول على إذن للعمل في جنوب لبنان، ولذلك تم إبلاغهم بأسماء صحفيينا العاملين في المنطقة العامة".

وقال نزيه (53 عاما) مصور رويترز، وهو مقيم في بغداد، إنهم اختاروا الموقع لأنه كان على قمة تل في منطقة مفتوحة لا يوجد بها غطاء من الشجر أو أي مبان أخرى تحجب الصحفيين عن المواقع العسكرية الإسرائيلية القريبة.

وأضاف نزيه أنهم شعروا بالأمان نسبيا لأنه من الواضح أنهم صحفيون وعلى مرأى من الجيش الإسرائيلي سواء على الأرض أو جوا.

ويتفق مع ذلك مصور فرانس برس ديلان كولينز (35 عاما) الذي أصيب بشظية من الضربة الثانية.

وقال كولينز "لم نكن نختبئ بين الأشجار أو أي شيء من هذا القبيل. كان من الواضح جدا أننا كنا سبعة صحفيين بدلائل واضحة، نرتدي سترات صحفيين وخوذات، ومعنا سيارة عليها كلمة "تلفزيون"، ونقف في منطقة مفتوحة في مقابل موقع للجيش الإسرائيلي ربما على بعد كيلومترين أو كيلومتر ونصف الكيلومتر من موقعنا إلى الغرب وإلى الشرق منا أبراج مراقبة متعددة".

وأضاف "كانوا يعرفون أننا كنا هناك لأكثر من ساعة".

 

الاكثر قراءة