الأحد 24 نوفمبر 2024

د. أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فى حوار الأسبوع : المشهد العربى بالغ السوء.. ومصر أقوى دولة فى المنطقة دون منازع

  • 22-2-2017 | 14:02

طباعة

أعدّت ورقة الحوار: نجوان عبد اللطيف

أعدّ الندوة للنّشر: شريف البرامونى وشنودة سعد

المنطقة العربية مشهد مرتبك، مفتوح على مصراعيه. خلافات محتدمة هنا، وأزمات مشتعلة هناك، وحروب تدور على أرض أكثر من دولة عربية، ونعرات طائفية بدأت تجد طريقها لصدارة المشهد فى دولة تلو الآخرى، إلى جانب تنظيمات إرهابية، تعلن عن نفسها بـ»التفجيرات»فى بلد ما، واقتناص مساحات من الأرض فى بلد آخر، والدفاع عن مكتسبات لها فى مكان ثالث.

الملفات العربية الملتهبة تلك، وضعتها «المصور» على طاولة الحوار مع د. أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذى استضافته فى ندوتها الأسبوعية، والتى شارك فيها السفير د.عزمى خليفة، أحد كُتاب «المصور».

د.»يوسف»، الذى يمتلك خبرة كبيرة وعميقة فى تحليل ملفات القضايا السياسية خاصة العربية فيها وهو الذى أسس معهد الدراسات العربية سابقاً لسنوات طوال، قدم قراءة واضحة وصريحة لكافة الأمور، تحدث فى البداية عن رؤيته للوضع الداخلى فى مصر، وأكد على تفاؤله بما تحرزه البلاد من تقدم ستجنى ثماره خلال الفترة المقبلة.

ومن الداخل المصرى، انطلق أستاذ العلوم السياسية، إلى الواقع العربى، حيث تحدث عما يأمله من القمة العربية المنتظر انعقادها فى نهاية مارس المقبل، كما ألقى الضوء على ما يمكن وصفه بالملفات الشائكة، فى العلاقات المصرية، بالعالم الخارجى، حيث تحدث عن حقيقة الأزمة المصرية السعودية، وقدم تحليلا تاريخيا لشكل العلاقة بين القاهرة والرياض.

ومن الملف السعودى، انتقل أستاذ العلوم السياسيّة، إلى الحديث عن الملف السورى، والدور العربى بوجه عام فى هذا الملف، كما قدم تحليلا للموقف المصرى منه، ثم انتقل إلى الملف التركى، وتحدث عن المبادرة المنتظرة من جانب «أنقرة» للتصالح مع القاهرة، وأبدى وجهة نظره فى الأمر.

إيران.. هى الأخرى كانت حاضرة على طاولة الحوار، حيث كشف، أستاذ العلوم السياسية، تفاصيل خطة الهيمنة، التى تسعى طهران لتنفيذها فى الداخل العربى، كما تحدث عن الموقف المصرى من عودة العلاقات معها، وأوضح الدور الذى يجب أن تلعبه القاهرة فى المستقبل القريب.

سوريا.. كان لها نصيب من الحوار، حيث تم إلقاء الضوء على طبيعة الأوضاع هناك، وتقديم قراءة متأنية ومحايدة لكل جوانب الملف الملتهب، والأمر ذاته حدث مع الملف الليبى، الذى تحدث فيه «د.أحمد» باستفاضة، حيث أكد أن مصر متواجدة بقوة فى إدارة الملف، ثم انتقل إلى القضية الفلسطينية والموقف المصرى من الفصائل هناك، سواء حركة حماس، أو حركة فتح، أو الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبو مازن».. فإلى تفاصيل حوار الأسبوع:

 

المصور: نحن على أعتاب قمة عربية، والوضع بشكل عام فى المنطقة منقسم ما بين صراعات سياسية ومواجهات مع الإرهاب إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المتردية.. وسط هذا المشهد ماذا يمكن للقمة أن تقدم من أجل الخروج من هذا الوضع شديد التعقيد؟

 د.أحمد يوسف أحمد.. أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: فى البداية أحب أن أتوجه بالشكر لمؤسسة دار الهلال، ومجلة المصور على هذه الدعوة الكريمة، وأحب أيضا أن أسجل إعجابى الشديد بالنقلة النوعية التى شهدتها مجلة المصور فى الآونة الأخيرة.

ثانيا: فيما يخص موضوع الندوة وهو اقتراب عقد القمة العربية خلال الأسابيع القليلة المقبلة فى الأردن، وتحديدا يوم ٢٩ مارس، حيث يأتى إنعقادها فى ظروف بالغة السوء والتعقيد على المستوى السياسى والاقتصادى، نتيجة التحديات التى يعرفها الجميع، ومن جانبى سوف أحاول أن أقدم صورة واضحة وشاملة للأوضاع فى المنطقة العربية، لكى يعى الجميع طبيعة التحديات التى تواجه الشعوب العربية، أولا يجب الإشارة إلى حالة التحول فى المنطقة العربية من مرحلة العجز إلى مرحلة التفكك، خاصة بعد ما يسمى بالربيع العربى، فالجميع يعلم حالة العجز، التى كانت تمر بها الأنظمة العربية، وأكبر مثال حى على هذا غياب موقف موحد واضح من المسألة الفلسطينية فى ظل توغل العدو الإسرائيلى من خلال سياسات التوسع الاستيطانى وغيرها من الممارسات والانتهاكات ضد الشعب الفلسطينى.

وحتى لا نظلم الثورات العربية ففى حقيقة الأمر بدأت مرحلة التفكك منذ الغزو الأمريكى للعراق، وما نتج عن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة، والتى ساهمت بشكل كبير فى حالة التفكك المتمثلة فى تغذية الطائفية والنزعة الانفصالية وكان هذا عام ٢٠٠٣ ونتج عنها تفكك الأوضاع فى العراق وهيمنة لصالح دولة إيران.

بعد الغزو الأمريكى جاءت أحداث الربيع العربى، التى يمكن أن نقول إنها بدأت مع نهاية عام ٢٠١٠ وكانت هناك أمالا كبيرة فى أن تحقق تلك الثورات النهوض والتوسع فى الديمقراطية وإيجاد المزيد من الوحدة العربية، تلك الثورات التى يمكن أن نقول إنها استطاعت أن تصل إلى مرحلة السيطرة على الأوضاع الداخلية بشكل سريع مثل تونس ومصر، لكن الأمر يختلف تماماً عما حدث فى سوريا واليمن وليبيا، فلا يزال الصراع شديد الخطورة ويساهم فى حالة التفكك.

والأمر هنا لا يتعلق بتفكك الوحدة العربية، أو ضعف الأنظمة فى خلق وحدة عربية بين الدول فى المنطقة مثل ما حدث خلال حقبة الستينيات، لكن الأمر هنا يتمثل فى تفكك الدولة الوطنية، والخطورة لن تقع فقط على الدولة المعرضة لهذا التفكك بشكل مباشر مثل سوريا واليمن وليبيا، لكنها سوف تطول بعض الدول وتحديدا الدولة التى لعبت دورًا فى تأجيج الصراع نتيجة تدخلها فى الشؤون الداخلية مثل ما حدث فى سوريا.

المصور: هل يمكن أن توضح أكثر ما تعنيه بقولك «التفكك سيطول الدول التى لعبت دورا فى تأجيج الصراعات».. وما هى الدولة التى أشرت إليها فى إجابتك السابقة؟

 د.أحمد: ليس لدى رغبة فى الخوض بتفاصيل تلك الأزمة وتوجيه الاتهام بشكل مباشر، فالكل يعلم ما يحدث فى سوريا، لكن الأهم من ذلك أن غالبية الدول العربية لديها مشكلات طائفية وعرقية، والتدخل فى شؤون سوريا بهذا الشكل خطر شديد على تلك الدولة، مع الأخذ فى الاعتبار أن الدول التى تمارس التدخل بها تلك المشكلات والتى يمكن أن تنفجر فى أى لحظة، فهى أيضا عرضة لخطر التفكك.

النقطة الثانية تتمثل فى اختلاف طبيعة الصراع فى المنطقة العربية عن حقبة الستينات، على سبيل المثال فالصراع خلال تلك الفترة كان بين الدول، التى لديها منهج مختلفة بالنسبة الوحدة العربية، وكان الصراع الداخلى فى تلك الدول لا يرتقى إلى حد خلق أى نوع من أنواع الأزمات أو الخطر، أما الوضع الآن متمحور بشكل كبير فى الصراع الداخلى والتدخلات الخارجية سواء من الدول العربية فى المنطقة أو ١٪ قليمية أو الدول الأجنبية.

 أما النقطة الثالثة والمتمثلة فى بروز الطائفية بشكل واضح فى المنطقة العربية، وتحديدا على خلفية حرب الولايات المتحدة الأمريكية ومحاولات إيران فرض هيمنتها، إلى جانب النعرة السياسية التى أصبحت ظاهرة بشكل كبير مثل الحلف السنى فى مواجهة التدخلات الشيعية من إيران إلى جانب الصراع الشيعى السنى فى اليمن، والوضع الآن أصبح وكأن الدول العربية تحاول حماية السنة، وليس حماية الدولة، صحيح أنه فى الماضى كانت المسألة الطائفية موجودة، لكن فى مقابل هذا كانت الشعوب العربية لديها المقدرة على العيش دون مشكلات، وهناك أنظمة قامت على الشكل الطائفى مثل الوضع فى لبنان، لكنها كانت قادرة على التعايش بشكل جيد دون نزاع أو صراع يهدد وحدة الدولة الوطنية.

النقطة الرابعة.. تتمثل فى بزوغ الحركات الإرهابية بشكل غير مسبوق، فمصر كدولة مركزية فى المنطقة واجهت الإرهاب منذ ثورة ٢٣ يوليو١٩٥٢، وما قام به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من مواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين، ثم الرئيس السابق حسنى مبارك، خلال فترة التسعينيات من القرن الماضى مع الجماعات الاسلامية المتطرفة الإرهابية، لكن الوضع الآن حدث له تطور غير مسبوق خلال عام ٢٠١١ فأصبح لدينا دولة إرهابية فى المنطقة وليس عصابات إرهابية.

المصور: ما الأسباب التى دفعتك لاستخدام مصطلح «دولة إرهابية»، والتخلى عن وصف «عصابات أو جماعات إرهابية»؟

د.أحمد: نعم لدينا دولة، وهذا هو التطور غير المسبوق بعدما أصبح لها إقليم محدد تسيطر عليه، فالمعارك فى العراق من أجل تحرير الأرض من حركة داعش شديدة الصعوبة ودموية، والانتصار فيها أمر ليس بالسهل، وكذلك الأمر فى اليمن وسوريا، نتيجة هذا التطور والسيطرة على إقليم محدد، فالوضع مختلف تماما عن مواجهات الماضى التى كانت مع مجموعة عصابات تمارس الكر والفر لكنها لم تستطع السيطرة على مساحة من الأرض تمارس عليها مفردات ومعنى الدولة مثلما يحدث الآن.

النقطة الأخيرة فى المشهد العربى الحالى متعلقة بالتدخلات الخارجية، سواء من قوى إقليمية مثل تركيا وإيران أو تدخلات أجنبية من قوى عالمية، وفى الماضى لعبت مصر دورا كبيرا فى التصدى للتدخلات الأجنبية فى المنطقة، وتحديدا خلال فترة مد حركة القومية والعربية، لكن الوضع الآن مختلف تماماً فعلى سبيل المثال الوضع فى سوريا والتدخلات الكبيرة لروسيا وإيران وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية، ولكى أكون أكثر وضوحا .. التسوية فى سوريا هل ستكون قائمة بين بشار الأسد والمعارضين للنظام أم ستكون هناك تسوية مشروطة مرتبطة بمطالب الدول، التى دخلت وشاركت فى هذا الصراع؟

فى نهاية الأمر، ومن مجمل تلك الأوضاع، يمكن القول أن المشهد العربى الآن بالغ السوء.

المصور: ما المعطيات التى دفعتك لأن تعلن بصراحة أن التناقض بين الدول العربية يعتبر السبب الرئيسى فى ضعف قدرة الجامعة على اتخاذ مبادرة أو موقف واضح من سوريا، مع الأخذ فى الاعتبار أن الحديث يدور الآن حول عودة مشغل المقعد السورى الشاغر مرة أخرى فى الجامعة؟

 د. أحمد: عدم قدرة الجامعة على اتخاذ قرار لا ينبع من ضعف الأمانة العامة، لكن الأمر جاء نتيجة التناقض فى مواقف الأنظمة العربية، فهناك ما يعرف بتوازن القوى، والذى يلعب دوراً كبيراً فى حسم الاختلافات، والتباين بين مواقف دول الخليج من الشأن السورى والموقف المصرى وبعض البلدان العربية الأخرى يجعل التوحد حول موقف موحد للدولة العربية من القضية السورية أمر مستبعد فى الوقت الراهن، ففى أغلب المنتديات العربية واللقاءات هناك محور يميل إلى التسليم بأن الأوضاع فى سوريا واليمن وليبيا سوف ينتج عنها متغير جديد أى أن تلك الدول لن ترجع إلى حالها قبل بدء الصراع، ومن وجهة نظرى أرى أنها نظرة انهزامية، فلا تزال أمامنا فرصة للرجوع مرة أخرى، لذلك دعوت القيادة المصرية من خلال مقال لى نُشر فى صحيفة الأهرام مؤخرا، إلى إطلاق مبادرة مصرية قوية خاصة بالشأن السورى يكون لها زخم عربى كبير، وذلك لأهمية دور مصر، فصحيح نحن ضد بشار الأسد، لكننا نقف مع بقاء سوريا موحدة، وهذا الزخم على مستوى الأنظمة والمثقفين سيكون له تأثير غاية فى الأهمية، صحيح ليس لنا دور ملموس فى الصراع إلا أن مصر يمكن لها أن تلعب دوراً كبيراً فى هذا الشأن.

 المصور: بعد ثورتين فى مصر والأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها.. هناك نظرة تشاؤمية تشير إلى أن مصر لا تستطيع ن يكون لها دور مؤثر فى المنطقة فهل هذا صحيح؟.. وهل يجب علينا الاهتمام بالشأن الداخلى ومحاربة الإرهاب أكثر من الالتفات للشأن الإقليمى أو العربى؟

 د.أحمد: أولًا.. أنا شديد التفاؤل فيما يخص قدرة مصر على العبور من أزمتها الاقتصادية، ومصدر تفاؤلى عدة اعتبارات، فى مقدمتها المشروعات الكبرى التى قامت بها مصر، والتى يجب أن يكون لها مردود، ثانيا العائد من السياحة بغض النظر عن الموقف الروسى، والذى يحمل العديد من علامات الاستفهام، ثالثا التحرر الاقتصادى وسياسة التعويم، والتى بدأت تجنى ثمارها من انخفاض سعر الدولار، كل هذه العوامل تجعلنى متفائلاً تجاه تحسن أوضاع الاقتصاد المصري.

ثانيًا.. مصر من أهم وأكبر الدول فى المنطقة دون منازع من حيث قوتها العسكرية، والتى يمكن استدعاؤها فى أى وقت إذا وصلت الأمور إلى أسوا من ذلك، وأتذكر هنا موقف الدول العربية من مصر خلال الحرب بين العراق وإيران عام ٨٦ عندما سيطرت إيران على «الفاو«، ففى القمة العربية عام ٨٧ تم دعوة الدول العربية التى ترغب فى عودة العلاقات مع مصر بعد الانقطاع عقب اتفاقية كامب ديفيد.

أضف إلى ذلك الخبرة الاستراتيجية التى تتمتع بها مصر على المستوى الدبلوماسى، والتى لعبت دوراً فعالاً فى العديد من القضايا مثل ليبيا والقضية الفلسطينية عبر عقود طويلة.

المصور: مصر تلعب دوراً فى محاولة حل الخلاف بين الفصائل داخل ليبيا لكنها لم تستطع التوصل إلى حلول نهائية.. من وجهة نظرك هل هناك من يحاول عرقلة جهود الدور المصرى فى المنطقة؟

د.أحمد: ما قامت به مصر من تسوية للأوضاع داخل ليبيا يعد إنجازا حقيقيا، فمن المعروف أن مصر تؤيد الجيش الوطنى فى ليبيا، أى أنها تؤيد «حفتر»، رغم ذلك توالت لقاءات الفصائل الليبيةفى القاهرة وجاء رئيس المجلس الرئاسى الليبى مؤخراً قبل أيام، وشارك فى تلك المفاوضات، ولكن هناك قصوراً لدورها، والسبب فى ذلك الرغبة فى عرقلة الدور المصرى، والتى تصل فى بعض الأحيان إلى الأمر المضحك، فقد شاهدت سياسيين ومثقفين على شاشة b.b.c ينتقدون تلك الاجتماعات، على أساس أن رئيس المجلس الرئاسى الليبى فايز السراج ليس له دور حتى يشارك فى المفاوضات، فكيف ذلك وهو أحد مخرجات الحوار أو اتفاق الصخيرات فى المغرب؟!.. إلى جانب بعض المواقف المحلية، وهى ليست محلية بالمعنى الدقيق للكلمة، مثل موقف جماعة الإخوان المسلمين الموجودة فى عدد من الدول العربية، وموقف دولة قطر وأيضا تركيا، والتى تحاول عرقلة الدور المصرى بشكل واضح وهذا هو التحدى.

  السفير عزمى خليفة.. متدخلا فى الحوار: فى البداية أود تقديم بالغ الشكر لـ«د. أحمد» على العرض السابق، وأحب أن أضيف على ما سبق وأن ذكره، بداية أنه لا يمكن الحديث عن نظام عربى قائم فى مصر والعالم العربى بشكل كامل، فبالتالى لا يمكن الحديث عن نظام عربى يمثل كافة الدول العربية تعبر عنه الجامعة العربية، والوضع القائم حاليًا هو دول عربية تعبر عن نفسها بشكل فردى وهو فى تقديرى سبب من أسباب ضعف الدول العربية، وتحد حقيقى يواجه الأمين العام للجامعة.

ثانيا.. بخصوص الخمس نقاط سالفة الذكر فهى محور اتفاق بينى وبين د.أحمد يوسف، ولكن هناك أمرا غائبا دائمًا ما يتم إغفاله فى المنطقة العربية وفى مصر على وجه التحديد، وهو المتعلق بمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وما أحدثته من تغييرات على الساحة السياسية بشكل عام وهى مرحلة تجاوزها العالم تمامًا، فالعالم اليوم تغير وبدأ الحديث عن مرحلة الثورة العلمية وما بعد الإنسانية، حيث الدمج بين الإنسان والآلة، وبالتالى يجب أن ننتبه لمخاطر هذه المرحلة والحرب التى تتبعها على الأبعاد السياسية والاجتماعية فى المنطقة العربية، وبالتالى فكرة التفاعل السياسى اختلفت تمامًا بفضل التكنولوجيا الموجودة حاليا وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة، وبالتالى أصبح الصراع الحالى والمواجهة، كما أشرت فى السابق داخلية أو صراع بين الإنسان والشبكة، التى ينتمى إليها، فنحن فى مرحلة جديدة خرج فيها الصراع من النطاق الجغرافى إلى النطاق الاجتماعى، وهذا ما شهدناه فى الداخل المصرى من خلال عمليات الإرهاب، والذى أصبح المجتمع جزءا منه بمعنى أنه من يقوم بعمليات الإرهاب أصبحوا من داخل المجتمع وليس من خارجه، وبالتالى لا نستطيع أن نميز هؤلاء، وهذا ما فرض علينا تحديا من نوع آخر على الدولة وعلى العالم العربى والمجتمع الدولي.

 أيضا.. هناك أمر مهم يجب أن نوضحه، يتعلق بالنظم العربية، وهو أنه أى تغيير فى نظام يمكن أن يؤدى إلى انهيار الدولة، وهو أمر غير حقيقى بالمرة، فنحن نستطيع أن نحقق التغيير سواء فى نظام أو الحكومة أو بنية الإدارة دون أن يحدث شيء، وبذلك نستطيع تحقيق فاعلية وليس تراجعاً كما يظن آخرون، هذه النقطة فى غاية الأهمية لأن المجتمع استطاع أن يسبق النظم خاصة فى تشكيل الشبكات، وهذه المشكلة تواجه مصر والعالم العربى، فمفهوم الشرعية ومفهوم السيادة اختلف تمامًا عن الماضى، وبالتالى النظام العربى يواجه معضلة بسبب تأكل تلك المفاهيم القديمة.

وكما ذكر «د.أحمد» فى معرض حديثه عن التغييرات السياسية، التى طرأت على المنطقة، هناك أيضا وما حدث من تغيرات فى البيئية الاستراتيجية للدولة الوطنية بمعنى كيف تتفاعل الدولة مع النظام الدولى، وكيف تتواصل الدولة مع مواطنيها، وكيف تقيم علاقتها مع دول الجوار، وعلى سبيل المثال مبدأ الحوكمة، والذى ينطلق من مبدأ الشفافية، ومسألة السلطة فى بعض الأحيان، فاليوم نحن أمام عصر جديد بمفاهيم جديدة ونظام جديد، ولذلك نحن فى حاجة إلى تغيير شامل، لأنه ثبت بالفعل أن المعلومة أصبحت أحد روافد القوة وليس القدرات العسكرية فقط، ولكى نحقق ذلك فنحن فى حاجة ماسة لمفهوم القوى الناعمة والقوى الذكية، هذه الأشياء تستطيع أن تنتج مقاومة داخلية لمواجهة هذه التغييرات مختلفة.

النقطة الثانية فى تقديرى والتى ساهمت فيما وصلت إليه المنطقة العربية ليس ثورات الربيع العربى كما يسمى، ولكن نقطة التحول بدأت منذ عام ٢٠٠٣ مع الغزو الأمريكى للعراق، وهى بداية حقيقية للتغيرات، التى جددت بعد ذلك على توجهات الدول العربية بما فيها مصر، وبالتالى نحن فى حاجة ماسة أيضا لنمط جديد فى مفهوم الدبلوماسية المصرية، دبلوماسية تتفاعل مع العالم الخارجى وفق مفاهيمه الحالية، وعلينا أن ندرك أن هذه المرحلة أضافت مفهوما جديدًا، وهو العولمة سواء قبلت بها أو لم تقبل فالعولمة متزايدة وسواء وافقت أو لم توافق فهناك حوكمة، إذن بدل الانعزال عن تلك الأفكار باعتبارها تهدم للدولة، فالأولى لنا أن ننفتح عليها وأن نسير فى ركبها ونأخذ منها ما هو ضرورى بعد إضافة وجهة النظر المصرية.

 وبعد إضافة هذه المفاهيم الحديثة يمكننا أن نقدم تحليلا ليس فقط للدول والعالم سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى، وخاصة العالم العربى على المستويين، تحليل انعكاسات هذه السياسات وتفاعلاتها على كل القياسات، من ذلك نستطيع أن ننتقل إلى مستوى آخر وهو الشرق الأوسط ومنها إلى المستوى العالمى، بدليل ما يحدث اليوم من حديث على مستوى العالمى وتأثير القوة الجديدة للمنطقة العربية، فاليوم بدأ الحديث يأخذ مجرى دفاع القوى العربية مع مبدأ سنى ضد شيعى، وهو محور طائفى لا يجب أن تنجرف إليه مصر تحت أى شكل من الأشكال، فمصر التى دافعت عن مفهوم الدولة فى سوريا واليمن وليبيا يجب أن تستمر فى الدفاع عن هذه المبدأ تحت أى ظرف من الظروف، فالدفاع عن وحدة الأراضى العربية أساس موقف مصر فى السياسية الخارجية، مع الأخذ فى الاعتبار مفهوم التغييرات، التى حدثت فى العالم العربى وما أنتجته ثورات الربيع العربى، لأنه أصبح من الضرورى التفاعل مع الثورات العربية، فهذا الوضع نتج عنه تفاعل خاص بين الحكومات والشعوب، وبالتالى لا تستطيع أى حكومة الاستمرار دون الأخذ فى الاعتبار احتياجات تلك الشعوب.

 ولذلك يجب أن نأخذ فى الاعتبار منهجين فى التعامل أثناء التحرك، خلال الفترة المقبلة، سواء قبلت الدول العربية أم لم تقبل لأنه لم يعد هناك ما يعرف بالقوة السوبر.. أولًا التغيير فى المفاهيم وثانيا التغيير فى التحركات، لأن هذه المفاهيم طرحها العصر الشبكى، الذى نعيش فيه، فاليوم تستطيع دولة صغير على الخريطة تغيير شكل النظام العالمى، ولذلك يجب أن نلتزم بتلك المبادئ وندافع عنها فى هذه المرحلة.

 د. أحمد: بالطبع هذه إضافة قيمة، لكننى أود التعليق على بعض النقاط حول جوهر حديث السفير عزمى خليفة، وإن كنت أتفق تماما مع جوهر المداخلة، بالطبع أصبح دور الجامعة العربية محدود، وبالتالى بدأ دور كل دولة يظهر بشكل منفرد، وأحيانا بعض الدول العربية المنفردة تخضع لبعض الدول التى لها تأثير مالى، ويظهر ذلك عبر بعض القرارات، التى توافق عليها الدولة الأضعف، ومثال على هذا الحديث قرار قمة نواكشط الأخيرة باعتبار حزب الله كيانا إرهابيا، لكن فى حقيقة الأمر لا يوجد أى تأثير لهذا القرار بدليل نجاح مرشح حزب الله فى الانتخابات اللبنانية الرئاسية، وتم مباركة هذا المرشح من كل الدول العربية وخاصة الخليجية، وهذا ما يؤكد أن الجامعة العربية أحيانا تصدر قرارات تحت تأثير أو ضغط ما لكنها لا تؤتى ثمارها.

 وفيما يتعلق بالحديث عن الثورة العلمية والثورة التكنولوجية، أرى أنه حديث صحيح، ولست متخصصاً فى ذلك حتى أدلى بدلوى فى هذا الأمر، لكن لدى ملاحظة توضحيه فى شأن بعض التصورات التى تقول بأن أى تغيير فى نظام الدولة يؤدى إلى الانهيار، فهذا الأمر غير صحيح تمامًا، لكن فى الواقع الملحوظ هناك بعض التغييرات تسببت فى انهيار للدول، وقد يكون هذا الأمر مقصوداً، وعلى سبيل المثال ما حدث فى الدستور العراقى، ولا أحد ينكر دور الفيدرالية، وهى مطلوبة، لكن ما حدث بالعراق ليس نظاماً فيدرالياً، كما هو واقع الأمر فى أمريكا وبعض الدول الأوربية، لكن ما يحدث فى العراق مقصود منه إحداث تأثير عكسى لإضعاف كيان الدولة، وإذا نظرنا مثلا إلى الوضع فى سوريا والاستفتاء على حق تقرير المصير وجمعيات الإدارة المحلية، كما هو قائم فى مشرع الدستور الروسى المطروح، إضافة إلى الإيحاءات بوجود قوة مسلحة بجوار الجيش السورى، هذه الأشياء تدفع بوجود فيروسات غير معلومة، وبالتالى قد تحدث خللاً فى الدولة وهو مقصود وتوحى بالتفكك، وليس معنى حديثى الخوف من التغيير، لكن معرض حديثى هنا يأخذ فى الاعتبار أنه بعض المحاولات، التى تؤدى للتغيير قد تُحدث تفككاً، ولن أُكثر فى الحديث عن هذا الأمر لأنه حال تم التفكك هو فى مصلحة إسرائيل.

أيضا فيما يتعلق من الانتقال من المستوى الشرق أوسطى إلى المستوى العالمى فهذا شيء منتهى، وهنا سأضيف شيئا هو أن هناك بعض المحاولات لإحلال نظام شرق أوسطى محل النظام العربى، وهذا أمر مرفوض، لأنه يعنى دخول إسرائيل وتركيا حتى يكون بداية لصراعات من نوع جديد وهو نظام مفتعل، لكن فى واقع الأمر لا بد أن تكون هناك علاقة بدول الجوار، وأذكر عندما كان عمرو موسى أمين عام لجامعة الدول العربية، طرح مشروعاً يجمع بين الدول العربية ودول الجوار من أجل ان يكون هناك حوار بينهم، بالطبع رفضت الفكرة بسبب الخشية من إيران، لأنه حتى يكون هناك نظام شرق أوسطى جيد لابد أن يكون هناك نظام عربى جيد وهو ليس موجودا الآن، وعلى أقل تقدير لا بد أن يكون هناك حد أدنى من التماسك العربى يساعد على فهم طبيعة المرحلة الجديدة، التى ستكون.

وعندما نتحدث عن التداعيات السلبية، التى حدثت فى دول الربيع العربى، فهذا لا ينكر وجود هذه الثورات، لكن ما حدث من تداعيات على أرض الواقع، وعدم تحقيق هذه الثورات لأهدافها وما ترتب عليها من صراعات أهلية وتهديد للدولة الوطنية، فالموقف ليس من الثورة فى حد ذاتها، ولكن عدم تحقيق أهدافها، وأتصور أن هذا الأمر يدفعنا للحديث عن «ترامب» الرئيس الأمريكى الجديد.

المصور: قبل الحديث عن دور الولايات المتحدة و«ترامب» يجب أن نمر على العلاقات العربية من الخليج إلى المحيط.. كيف ترى احتواء ما يحدث الآن فى المنطقة.. وما الذى يجب اتخاذه لتوحيد الموقف من الأحداث، التى تمر بها سوريا واليمن وليبيا؟

 سوف أبدأ الحديث عن العلاقات المصرية الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية، وسوف أمر على بعض الملاحظات الخاصة بالمملكة من خلال تتبع تاريخ العلاقات المصرية السعودية، والذى يؤكد أن هذه العلاقة بنيت على شكل تعاونى، رغم فترات الصدام، التى دائمًا ما انتهت بتعاون مثمر فى فترات شديدة الحرج.

وهنا سأستعرض هذا النموذج فى الفترات التاريخية، فأول دولة دعمت موقف الرئيس الراحل جمال بعد الناصر ضد حلف بغداد كانت المملكة العربية السعودية، ومن المفارقة أيضا كانت المملكة المتوكلية اليمنية، لأنه كان لديهم بعض القضايا المتعلقة بالجنوب ضد الإنجليز والسعودية دعمت الموقف المصرى ضد هؤلاء، إضافة لموقفها الداعم لمصر ضد العدوان الثلاثي.

بدأ الانقسام حين بدأ المشروع العربى يخرج إلى النور، وظهر من خلال مشروع الوحدة مع سوريا، ورغم ذلك السعودية ومصر توافقتا حين هدد عبد الكريم قاسم الكويت عام ١٩٦١ فيما عُرف بأزمة استقلال دولة الكويت، وكان لهذا التفاهم الفضل فى المفاوضات، التى أجريت فى الجامعة العربية لحل الأزمة سريعا على عكس مجلس الأمن الذى تباطأ متعمدا تسبب الخلاف ما بين الاتحاد السوفيتى، والذى كان يؤيد العراق فى ذلك الوقت وبريطانيا التى كانت تؤيد الموقف الكويتى، وحين عجز مجلس الأمن قام بترحيل الأزمة للجامعة العربية، التى استطاعت إنهاء الأمر بفضل التوافق المصرى السعودى رغم الخلاف السياسى فى ذلك الوقت، حيث تفاهما على ضرورة حفظ الأمن فى المنطقة العربية.

أيضا الموقف من اليمن والذى تباين بين الدولتين فى ذلك الوقت حين دعمت كل دولة موقف معاكس للآخر بين الثوار الجمهوريين والملكيين فى ذلك الخلاف تصاعدت الحرب الأهلية وجفت العلاقات بين الدولتين، رغم ذلك لم تستخف مصر بحجم ودور المملكة العربية السعودية، بدليل زيارة الرئيس جمال بعد الناصر إلى جدة عام ١٩٦٥ ، والتى ترتب عليها اتفاق جدة مع الملك فيصل فى ذلك الوقت.

وأريد القول هنا بأن من تسبب فى تعطيل اتفاق جدة، وهو موضوع رسالتى للدكتوراه، كانت الأطراف اليمنية المحلية وليس خلاف (مصرى - سعودي) لأن كلا الطرفين كان لهما مصلحة فى إعادة السلام إلى المنطقة، واستمر الخلاف إلى أن جاءت حرب ١٩٦٧ وقبلها بأيام كان الصراع على أشده، ورغم ذلك حضرت المملكة العربية السعودية لمؤتمر الخرطوم لدعم مصر فى مواجهة الكيان الصهيونى، وتطوعت المملكة فى ذلك الوقت هى والكويت وليبيا فى ذلك الوقت بدعم المجهود الحربى، الذى كان له دور فى إنجاز حرب أكتوبر، والذى استخدمت فيه السعودية ودول الخليج سلاح النفط للتأثير على الموقف الدولى لدعم الموقف المصري.

وهناك أيضا الموقف المصرى والسعودى الموحد من حرب العراق وإيران، والتى كانت تمثل خطرا على منطقة الخليج وكان تأييد موقف العراق، بعد ذلك الموقف من غزو الكويت عام ١٩٩٠، ويعود الفضل لإعادة الحياة للعمل العربى للتفاهم، الذى نتج فى ذلك الوقت بين مصر والسعودية والتفاهم، الذى نتج عن لقاء (مبارك، فهد، والأسد الأب) وعقدت على إثره القمة العربية عام ١٩٩٦ فى البحرين.

وأخيرا الموقف الحالى من دعم ثورة ٣٠ يونيه من الملك عبدالله، فالدولتان فى حاجة لبعضهما البعض، وهذا ما يعكس التاريخ الطويل للبلدين.

أما فيما يتعلق بالموقف من الوضع فى سوريا والصراعات التى تمر بها المنطقة، فالموقف المصرى له دلالة مستقلة، فى عدم استخدام القوة المسلحة للإطاحة ببشار الأسد، والموقف المصرى معروف، لأن الإطاحة بالأسد بهذه الطريقة ستساهم فى خلق عراق جديد فى المنطقة.

وفيما يتعلق بالموقف من اليمن، مصر استجابت للموقف السعودى وأرسلت قوات بالفعل لحماية «باب المندب « بسبب ظروفها الخاصة لأن مصر تواجه تحديًا أمنيا آخر، وهى لا تستطيع أن تشارك بقوات برية، لكنها شاركت عبر الجو بشكل معين وقيل أن ذلك لم يكن كافيًا بالنسبة للمملكة العربية السعودية، ثم جاء الموقف الأخير من الجزيرتين تيران وصنافير.

ومن جانبى أرى أنه يجب على الدولتين الحفاظ على علاقات استراتيجية، مع فتح حوار مستمر حول طبيعة المواقف المختلفة بين الجانبين، إضافة إلى توضيح وجهات النظر حول طبيعة الصراع فى ليبيا وسوريا واليمن، من ناحية أخرى فلو كان للمملكة بعض التحفظات على مصر، فإن لمصر تحفظا آخر على الموقف فى وأد مشروع القوة العربية الموحدة، إلى جانب الموقف السعودى من تركيا، التى تتبنى حركة الإخوان المسلمين، التى تقود حركة الدولة المصرية، إضافة إلى وقف تزويد مصر بالنفط، وهناك انتقادات سعودية على مصر لمستها شخصيًا من النخبة حيث التقيت ببعض الخبراء السياسيين فى أحد المؤتمرات وهى كيف لمصر أن تذهب إلى العراق الحليف القوى لإيران للتزود بالنفط قلت لهم وماذا على مصر أن تفعل بعد أن تفعل بعد أن أوقفت السعودية مدها بالبترول فهذا موقف غريب لأن السياسة مصالح.

كما أننى فى غاية الحرص على عودة العلاقات وأتوقع أنه إذا زاد الرشد فإن العلاقات ستعود مما لا شك فيه، فمصر لا يمكن أن يتم تجاهلها، ولا يمكن لأحد أن يتزعم المنطقة منفردًا وكلا الطرفين يدرك ذلك، وإذا ساد هذه الفهم أعتقد أن العلاقات ستعود سريعًا.

المصور: هل تعتقد أن المبادرات التى تقودها الإمارات من خلال ولى عهد أبو ظبى من أجل إصلاح الموقف بين السعودية ومصر يمكن أن تنجح ويحدث التقارب بين الدولتين؟

فى تقديرى .. دولة الإمارات مؤهلة لذلك، وهى دولة قريبة لمصر ولها علاقات قوية بين الطرفين، أيضا الكويت لعبت دورًا فى تقارب وجهات النظر بين الخليج وإيران فى السابق، ولكن بدون إرادة وتفهم موقف كل طرف للآخر سيكون الأمر متعسراً، لأن كل طرف له وجهة نظره، وأعتقد أن الإمارات كان لها غرض فى تحقيق التقارب عبر دعوة الملك سلمان والرئيس السيسى فى العيد القومى لاستقلال الإمارات، لكن هذا لم يحدث فبمجرد مغادرة الرئيس السيسى جاء الملك سلمان. 

 المصور: فى تقديرك.. هل تعتقد أن الخلاف بين الدولتين له مؤيدون فى الداخل السعودي؟.. ولماذا انتهجت السعودية سياسات من شأنها إرهاق الشعب المصرى ولم تنتهج السياسات التى كانت تحدث فى السابق مع الرئيس عبد الناصر؟

فى الحقيقة أود شرح وجهة النظر بشكل عام دون المرور على التباينات داخل المملكة، وقد وقفت على حقيقة الأمر فيما يتعلق بالمزاج السعودى العام، الواضح من خلال النخبة ودوائر الأكاديمية والإعلامية فى المملكة وهو يشير إلى أن السعودية أصبحت الزعيم الأوحد بلا منازع فى العالم العربى والإسلامى، وهناك مؤشرات تقول بأن السعودية لها دور عالمى ومهم داخل النظام العالمى، وهنا أريد أن أستشهد بقرار مجلس الأمن ٢٢١٦، هذا القرار طبق الأصل من وجهة النظر السعودية، حتى روسيا التى تختلف إلى حد ما امتنعت عن التصويت، طبعا هذا الوضع اختلف الآن عما سبق بسبب ظروف موضوعية.

أيضا هناك بعض المثقفين وكتاب الرأى فى السعودية - ولهم شأن كبير- يقولون صراحة لماذا لا تريد مصر أن تفهم أنها كما كانت تقود العالم العربى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى فإن السعودية تقوم بهذا الدور وما هى المشكلة؟.. وهذا المزاج طالما بقى ستظل هناك عقبات فى استعادة العلاقات، فمصر خرجت من احتكارها للقيادة لتعدد القيادة فى جميع الوطن العربى، ومصر مهما كانت تمر بأزمة اقتصادية أو إرهاب فهى دولة لا يمكن أن تُؤمر تحت أى شكل.

والأمر مختلف فيما يتعلق بتبنى مشروع للتحرر الوطنى العربى وبين تبنى سياسة تدخل فى الشئون الداخلية، وهنا أضيف أمرا آخر، أن بعض التصرفات السعودية كان لها صدى سلبى عند الرأى العام المصرى الداخلى، منها وقف تزويد مصر بالنفط، وزيارة المسئولين السعوديين لسد النهضة وإثيوبيا، كل هذه رسائل ولم ترد عليها مصر بأى كلمة سلبية على الإطلاق، فلم يخرج مسئول مصرى واحد للرد على مثل هذه الرسائل.

ورغم ذلك أشعر أن هناك نوع احتواء التصعيد من قبل المملكة على سبيل المثال اختيار مصر ضيف شرف للدورة الـ٣١ لمؤتمر الجنادرية، وضيافة وزير الثقافة، أيضا رد الفعل السعودى على حكم محكمة الإدارية العليا لتيران وصنافير لم يكن بالحدة، التى كنت أتصورها، ولعل ما نطالب به هو أن يكون هناك حوار عقلانى يحدث.

المصور: لا نزال فى ملفات المنطقة.. ماذا تريد إيران من المنطقة والخليج .. وهل القضية هى دعم الشيعة على حساب السنة فقط أم أنه هناك أبعادا أكبر من ذلك؟

 د.أحمد: المشروع الإيرانى مثله مثل المشروع التركى فى الهيمنة، وإن كانت إيران أكثر نجاحًا من تركيا فى تنفيذ هذا المشروع، وهناك تصريحات خرجت كثيرًا من القيادات الإيرانية لتؤكد على ذلك، ومنها على سبيل المثال مستشار الرئيس الإيرانى، الذى قال أن إيران أصبحت إمبراطورية وعصمتها بغداد وأنه أصبحت هناك أربع دول خاضعة لهم، وأيضا تصريح لرئيس أركان القوات البحرية الإيرانية بأن هناك اتجاها لإنشاء أربع قواعد عسكرية فى المنطقة يمكن أن تكون فى اليمن أو سوريا، وهذا أمر يمثل تهديدا للمنطقة والدول العربية، وبالتالى مصر فى الخندق المضاد لهذا المشروع، وللأمانة إيران تحاول دائمًا مغازلة مصر لأنها تعلم قدر الدور المصرى جيدا، ويظهر ذلك بوضوح من خلال الدعاية الإيرانية ضد مصر وهى تحاول دائمًا أن تكون هادئة، وذلك عبر الموقف من حزب الله، وأيضا الموقف من سوريا، وهنا الموقف مختلف فرغم الصداقة بين السعودية ومصر استطاعت مصر أن تأخذ موقفا مختلفا تمامًا.

وهنا لى عتاب على بعض النخب العربية، وتحديداً الخليجية التى قلقت من تزويد مصر من النفط من خلال العراق، وقتها قيل لى ما الأمر؟.. هل مصر فى طريقها إلى الانضمام إلى التحالف الإيرانى السورى الروسي؟.. وتم إيضاح الأمر بأن مصر تحتاج إلى التزود بالنفط وليس أكثر، وأنها دائما تسعى إلى مصالحها الوطنية، ولكن هذا لا ينفى ادراك مصر خطورة المشروع الإيرانى وأن له بُعدا طائفيا ويزيد من التقسيم والتفكك فى المنطقة.

 المصور: إذن مصر لها تحفظ على التوسع الإيرانى وفى الوقت ذاته لها دور فى الحفاظ على أمن الخليج.. ومصر لم تتخل عما قاله الرئيس مسافة السكة.. ما تقديرك لكل هذه الأمور؟

  د. أحمد: نعم أؤيدك فى هذا التحفظ الملحوظ من الجانب المصرى، وكنت فى نقاش عن هذا الموقف وكان ردى أنه حين قطعت السعودية العلاقات مع الجانب الإيرانى لم يحدث وإن دولة عربية واحدة قطعت مع العلاقات، ومصر لم يكن لديها علاقات بالأساس مع إيران على عكس بعض الدول العربية الأخرى، التى لها علاقات قوية مع الجانب الإيراني.

وحين سؤالى عن الموقف من مقولة «مسافة السكة» كان ردى أن هناك فهما خاطئا لمقول الرئيس، لأنه ليس معناه الانجرار وراء أى سياسة خليجية حتى ولو كانت دولة عربية، لكنها تعنى الأمن القومى العربى فى حال تعرضت السعودية أو البحرين أو الإمارات لأى خطر حقيقى، وليس تنفيذ سياسة دولة ما ضد دولة أخرى سواء كانت سوريا أو اليمن أو ليبيا.

المصور: لا نزال فى الملف الإيرانى.. ماذا الذى يضير مصر حال مد علاقات مع إيران.. مع الأخذ فى الاعتبار أن غالبية الدول العربية لها علاقات بالجانب الإيرانى؟

 هذا دليل على أن مصر لها تحفظات خاصة بها قد يكون مبالغًا فيها، على سبيل المثال المد الشيعى خوفا من التوسع وخوفا أيضا من السياحة الإيرانية قد يفهم هذا أنه توجه جديد.

كما أن موضوع إعادة العلاقات أرى أنه لا يمكن أن يكون بقرار من مصر، لأننا لدينا حليف موثوق به ودعمنا كثيرا، يسمى دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتالى من حسن الإدارة السياسية ألا تخرج مصر بقرار منفرد لإعادة العلاقات، حيث أن الأمر وقتها، سيفهم وكأن هناك توجها جديدا، ولذا أتمنى أن تقوم مصر بالدور الذى قامت به الكويت فى المبادرة للدعوة إلى إجراء حوار إيرانى عربى، ولا بد أن يكون هناك تنسيق مع الإمارات بشكل خاص ولا بد أن يكون هناك مدخل عربى، وأن تسعى مصر فى هذا الصدد بكل الطرق، فليس من مصلحة أحد أن يزداد توتر العلاقات الإيرانية.

 السفير عزمى خليفة.. متدخلا فى الحوار: من حوالى ٤ أعوام قدمت اقتراح بأن تعيد مصر العلاقات مع إيران فى إطار خليجى أولا، عربى ثانيا، ثم إيرانى عربى فى الجامعة العربية، هذا الاقتراح تم مهاجمته بشدة فى الدولة، التى كنت أعمل بها وهى كانت دولة البحرين، وبعد مرور شهرين قابلت أحد أصدقائى، وأبلغنى بأن الاقتراح عرض فى إحدى الندوات بكل تفاصيله، وتم الترحيب به ونشر فى إحدى الصحف أيضا.

المصور: وفقا لخبراتك فيما يتعلق بالشأن الإيرانى.. هل يمكن القول بأن طهران لديها مشروع هيمنة تسعى لتنفيذه؟

د.أحمد: بالفعل.. وهو مشروع هيمنة فى المنطقة وهذا المشروع منذ سنوات طويلة، ولا يمكن التعامل معه كونه «وليد اللحظة».

إيران متجهة إلى منطقة الخليج والسياسة المهيمنة لابد أن تكون فى الخليج، لأن سياستها فى منطقة آسيا الوسطى أصعب منها بمراحل خاصة فى ظل استمرار التماس مع باكستان النووية وهناك عدة مشاكل بينهم.

بصفة عامة سياسة إيران الخارجية تجاه دول الخليج لها عدة أبعاد.. على سبيل المثال إيران هى الدولة غير العربية الوحيدة، التى تطل على الخليج.

كما أن الشيعة المتواجدين فى إيران لهم امتداد صحيح، إنما باقى شيعة الخليج لهم ارتباط ببلدهم، ارتباطهم بإيران يكون عند خروج الخموس»الزكاة»، وهناك أقاويل على أن المشروع النووى الإيرانى رغم الحصار نجح واستمر بقوة دعم مال الخموس أو الزكاة.

وهذه منطقة مهمة فى الإقليم ولابد أن تكون لمصر علاقات معها فلا يمكن الوقوف صامتين كل هذا الوقت، فدول الخليج نفسها لديها علاقة بها وليس فقط علاقات سياسية، إنما أيضا علاقات اقتصادية فهناك بعض دول الخليج حجم التجارة الدولية بينهم مليارى كل عام، وبالرغم من أنها تحتل ٣ جزر من الإمارات إلا أن العلاقات مستمرة..

إذن العالم بأكمله أصبح منفتحا والنظام العالمى قائم على تعدد الرؤوس فكل دولة لها مدخل لقوة معينة، فلابد أن تكون العلاقات متوازنة وألا نهمل دولة على حساب دولة أخرى.

فلابد أن تكون هناك نظرة للمستقبل وللحوار العربى المصرى بصفة عامة وليس حوارا عربيا خليجيا فقط، فى المرحلة الأولى يمكن أن يكون حوارا عربيا خليجيا إنما من المؤكد أن فى المرحلة الثانية هناك حوار عربى مصرى مع كل الدول العربية حول العلاقات مع إيران فى المستقبل.

المصور: من إيران إلى تركيا كيف تقرأ العلاقات المصرية بالجانب التركى؟

د.أحمد: فيما يتعلق بالمصالح المصرية، تركيا أسوأ بكثير من إيران، لأن الأخيرة لديها مشروع أهدافه مباشرة، كما أوضحنا من قبل وهو الخليج، بالنسبة لتركيا لها نفس الهدف، وهو مشروع الهيمنة الإقليمية، وإيران توظف ورقة الشيعة وتركيا أيضا تسير على نفس الاتجاه بتوظيف ورقة أخرى وهى «ورقة السنة».

تركيا فى البداية كانت تتبنى مواقف جيدة تجاه إسرائيل، وهذه الورقة احترقت بعد المصالحة الأخيرة، وبعدها كانت هناك الورقة الثانية، والخاصة بأن تحتضن تنظيم الإخوان المسلمين الرافض للنظام الحالى فى مصر، وتوفر له الملجأ الجغرافى، والمكان المطلوب لإطلاق قنواته الإعلامية، ولا نعلم هل هذا التمويل من قطر فقط أم أن تركيا تساهم فى هذا التمويل.

بالتأكيد تركيا لديها رؤية لمشروع الهيمنة وله جذوره العثمانية، وكما كان هناك تصريح لمستشار الرئيس الإيرانى بخصوص الامبراطورية الإيرانية، هناك تصريح شهير فى الاحتفال بالذكرى المئوية لمعركة «جناق قلعة» لـ»»وداوود أوغلو« كان له تصريح شهير - وقتها- قال فيه «بأن الانتصار فى هذه المعركة كان انتصارا مهيبا شارك فيه رعاية الدولة العثمانية من حلب وبغداد والشام والمشرق العربي»، وكان هذا التصريح نوعا من الفضيحة لأنه كان هناك رد من المؤرخين الاتراك بأن هذا لم يحدث وأن الشباب العربى فى ذلك الوقت كانوا فى السجون، وكانوا يناضلون ضد الهيمنة العثمانية، والغرض من هذه التصريحات إعطاء رسالة بأنهم أصحاب تاريخ، خصوصا بعد الفشل التركى فى الانضمام إلى الاتحاد الأوربى.

وعلى خلفية الفشل هذا، أصبح المجال الأكثر سهولة للدخول هو المجال العربى، إلى جانب الاتجاه إلى آسيا الوسطى، ولديهم روسيا بالتأكيد.

وفيما يتعلق بالمشروع التركى الخاص بمصر، بالفعل هناك مشروع تركى بالنسبة لمصر يأخذ شكل الإضرار بالنظام الحالى الموجود فى مصر، وبالتالى العلاقة مع تركيا سيئة، فمصر لم توجه أى إساءة لتركيا، فدائما تجد تصريحات من تركيا خارجة عن السياق، ومع ذلك تكون الردود من مصر مهذبة ودبلوماسية، وأرى أنه إذا كان هناك حديث عن إصلاح العلاقات المصرية التركية، لا بد أن تكون المبادرة من تركيا، لأننا لم نفعل شيئا ضارا لكى نتراجع عنه.

المصور: ماذا عن التحرك التركى الخليجى؟

د.أحمد: تعاون تركيا وقطر فى دعم جماعات وحركات مسلحة معينة، ودعم الإخوان المسلمين كان واضحا للغاية، كما أن العلاقات السعودية التركية جيدة للغاية، رغم أن تركيا أعطت ظهرها للسياسة السعودية فى سوريا، ومع ذلك توتر العلاقة الذى حدث بين مصر والسعودية بسبب الموقف المصرى من سوريا.

السفير عزمى خليفة معقبًا: فى البداية أتفق مع د. أحمد فيما يتعلق بعودة العلاقات مع تركيا، بأن المبادرة لا بد أن تأتى من تركيا، ثانيا من خلال زياراتى إلى تركيا، وخصوصا منطقة قطاى على الحدود السورية شاهدت مناظر داعمة للإرهاب وداعمة لداعش، وبالنسبة للمشكلة مع مصر فيكمن وصفها بـ«النفخة التركية» بمعنى عامل نفسى من الدرجة الأولى، فتركيا لا تريد أن تعتذر لمصر.

النقطة الثانية تتمثل فى التخوف من الاعتذار بشكل رسمى لدولة مصر فى العلن، الأمر الذى سيترتب عليه علو قيمة مصر.

وأريد أن أشير هنا إلى أنه هناك اتجاهين فى تركيا اتجاه يؤيد المبادرة واتجاه يرفضها، واتجاه الرفض يقوده «أردوغان» شخصيا، وذلك لأنه كان لديه تخوف شديد من المؤسسة العسكرية، ونجح فى إخضاعها للحكم المدنى وفسر ما حدث فى ٣٠ يونيه أنه انقلاب، وبالتالى هو لا يعترف بذلك خوفا من تشجيع العسكريين لفعل أى شىء.

وأرى أنه هناك قنوات اتصال كثيرة فى مصر من أجل إعادة العلاقات، لكن الأهم من ذلك وقف التصريحات غير اللائقة فى حق مصر حتى تحقق هذه الاتصالات هدفها، فهناك تصريح غاية فى الأهمية لأحد مستشارى الرئيس التركى للشئون العربية فى أحد القنوات التابعة لجماعة الإخوان، والذى قال فيه: أن الحديث عن حجم تواجدكم فى الشارع المصرى غير حقيقى، ولا يوجد لديكم تواجد وعلاقتنا بمصر أهم منكم، ونحن بصدد إرجاع علاقتنا بمصر».. وهذا التصريح يمكن القول أنه بداية حراك جيدة، لكنه لم ينفذ، ما أعطى مصر انطباعا بأنه لا تتوافر الجدية فى الأمر.

ومن المهم إعادة العلاقات، لأن تركيا لها دور فى سوريا وفى الخليج، فلا يمكن نتجاهل تلك الأدوار تحت مسمى لا يوجد تحدث بيننا وبين بعض.

د.أحمد: السبب الوحيد فى الأزمة بين مصر وتركيا هو النظام التركى، وعلى الرغم من ذلك فهناك زيارات وقنوات بصفة مستمرة من أهمها زيارة وفد رجال الأعمال، وهذا بالتأكيد تم بمعرفة «أردوغان» وهى زيارة لها قيمتها، وآن الأوان لمصر أن ترسل رسالة لتركيا تحمل مضمون أننا نريد أن تكون العلاقات طيبة وتعاونية، ولكن يجب التوقف عما يتم فعله، خصوصا دعم جماعة الإخوان المسلمين.

ورغم كبرياء «أردوغان»، إلا أن تركيا اعتذرت لعدد من الدول منها روسيا، كما أنها تقاربت مع إسرائيل، وإلى جانب هذا وذاك لها تواجد عسكرى مرفوض فى العراق، ولها وجود عسكرى فى سوريا بدأ يستنزفها، وتركيا الآن دولة مهزومة، وعلى العقلاء أن يفهموا أن أى مبادرة مع مصر ستكون نقلة نوعية فى السياسة التركية، وهذا معناه التخلى عن مشروع حماية الحركات الإسلامية فى المنطقة.

المصور: إذن ماذا عن الموقف فى سوريا والعراق؟

د. أحمد: الموقف شديد التعقيد فى العراق، وصلنا إلى صراع داخل المعسكر الشيعى نفسه، فهناك قانون اسمه «تفكك المفكك» أو انقسام المقسم وهذا ما يحدث الآن، موضوع الشيعة فى العراق أحدث خطرا انقساميا كبيرا هناك، أيضا أكراد العراق منقسمون على أنفسهم، وأكراد العراق على غير توافق مع أكراد سوريا، وهكذا الحال لا يختلف كثيرا فى سوريا بسبب التدخلات العربية والإقليمية والدولية وكثرة عدد الفصائل، وأعتقد أن السيناريو الأفضل هو أن النظام السورى يبقى مع إصلاحه ديمقراطيا وبعدها تسير الأمور فى سيرها الطبيعى.

المصور: هل هناك اتجاه فى الأزمة السورية بتنحى الأطراف العربية واستبعادها؟

د. أحمد: حاليا مستبعدة، وهذا يدل على أن التدخل الخارجى جاء على حسابنا تماما.

المصور: كيف تتوقع الوضع فى اليمن؟

د. أحمد: الوضع فى اليمن يمكن أن يحل إذا حدث تقارب فى الوضع العربى الإيرانى، وأيضا قد يساعد فى ذلك إذا اتبع دونالد ترامب سياسة رشيدة فى عدائه لإيران، لأنه إذا اتبع سياسة حمقاء، فإن إيران ستزداد تشددا، والوضع الآن فى اليمن من الناحية العملية هناك انقسام، والشرعية اليمنية تسيطر على معظم اليمن ولكن العاصمة وما يحيط بها فهو فى يد صالح والحوثيين، أيضا «عاصفة الحزم» موظفة أقصى قدر من القوة العسكرية، لكن واضح أن الحوثيين صامدون، هناك معضلة فنية فى موضوع التسوية أن قرار مجلس الأمن ينص على أن الحوثيين يسلمون ما لديهم من أسلحة وينسحبون من المواقع التى تم الاستيلاء عليها، وفى الحقيقة هذا حق، ولكن المشكلة أن موازين القوة لا تسمح بهذا، لأن الحوثيين إذا انسحبوا وسلموا أسلحتهم قد يؤدى هذا إلى نهايتهم، وبالتالى الموقف فى اليمن شديد التعقيد، وأخشى إذا لم تحدث تسوية قريبة ستكون هناك مشكلات، وسيناريو الانتصار العسكرى الكاسح للشرعية يبدو شديد التعقيد، يمكن عمل تسوية سياسة ومصر سيكون لها دور هام فى هذا الشأن بما لديها من خبرة فى هذا الملف، وللأسف يتعين علينا أن نتجاوز قليلا قرار مجلس الأمن لأنه يعطى كل شىء للشرعية.

المصور: هناك من يرى أن التحالف غير قادر على حسم الأمر؟

د. أحمد: هناك استنزاف هائل للموارد، وأعتقد أن هناك حدودا لإمكانية استمرار العمليات العسكرية.

مشكلة اليمن مثل مشكلة العراق ومشكلة سوريا، أننا لو وافقنا على تفكك الدولة اليمنية، وقتها سيكون تفكك أكثر وأكثر داخل اليمن، وعلى سبيل المثال حضرموت تعتبر أن لها الحق فى تكوين الدولة بما لديها من إقليم كبير وبترول وحضارة، أيضا بدأت نغمة المشيخة، والتى بلغ عددها قبل الاستقلال حوالى ١٩ مشيخة، وتم توحيدهم عن طريق الجبهة القومية بمناسبة الاستقلال، الآن هذه النغمات بدأت فى العودة مرة أخرى، فإذا لم نسع إلى وجود تسوية عادلة فى اليمن فسيكون هناك خطر شديد.

المصور: قرار الرئيس السيسى بعدم إرسال قوات برية إلى اليمن كان قراراً صحيحاً؟

د. أحمد: بالتأكيد، والتدخل المصرى فى اليمن فى الستينيات كان عملية تاريخية مشرفة أنقذت الثورة، وبعدها بـ ٦ سنوات الحكومة اليمنية ساعدتنا فى إغلاق مضيق باب المندب بمناسبة حرب أكتوبر، فالاعتبار الأساسى الذى يقال لكل معترض على قرار الرئيس أن مصر لها هواجسها الأمنية الخاصة بها، وهى فعلت ما لديها، أرسلت قطعا من أسطولها لكى تحمى المضيق، وأرسلت قوات جوية، أما على صعيد القوات البرية فهناك تحد أمنى فى شمال سيناء، وهناك تحد أمنى خطير على الحدود الغربية، وهناك احتمالات ما على الحدود الجنوبية، وبالتالى لسنا فى الوضع الذى يمكننا من أن نسرف فى توظيف القوات، ففى هذا الصدد يتم التصرف بحكمة شديدة.

المصور: هل هناك خطط لبعض الدول للسيطرة على البحر الأحمر وتحويله إلى بحيرة إقليمية، وهل البحر الأحمر سيكون منطقة صراع؟

د. أحمد: من المؤكد أن هناك طموحات فى موضوع البحر الأحمر فهناك عدد من دول المنطقة العربية يسعى الآن لإنشاء قواعد عسكرية على البحر الأحمر، بمعنى أن هناك دولا لا تطل على البحر الأحمر تسعى إلى الوصول إليه، وهناك طموح لعدد من دول المنطقة، كقطر لها محاولاتها، والسعودية لها محاولاتها، وإسرائيل أيضا، والأسطول الجنوبى ليس إلا رسالة للدول التى تفكر فى السيطرة على البحر الأحمر.

المصور: هل ممكن أن يكون هذا الأسطول رسالة لإثيوبيا؟

د. أحمد: تصلح أن تكون رسالة لإثيوبيا، وأنا من ضمن الرافضين للمعالجة العسكرية فى موضوع سد النهضة تمامًا.

المصور: إذن.. كيف ترى حل مشكلة سد النهضة؟

د. أحمد: بالطريقة الدبلوماسية والطريقة القانونية وأن نوفر بدائل علمية للأزمة.

المصور: كيف ترى الوضع فى ليبيا؟

د. أحمد: تعتبر ليبيا من أخطر الصراعات على الأمن المصرى، لأن سوريا لا توجد بينها وبيننا حدود مباشرة واليمن كذلك، أما ليبيا فتربطنا بها حدود مباشرة، فإذا كان داعش يتمدد فى ليبيا أو أن الحكومة الشرعية فى شرق ليبيا انهارت، فإن ذلك كان سيمثل خطرا جسيما علينا، ومصر لا تحتمل أن تتدهور الأوضاع أكثر فى ليبيا، وفى الحقيقة أن أكثر الصراعات العربية التى شاهدت فاعلية مصرية فى محاولة التسوية هو الصراع الليبى، ومصر كانت شديدة الوضوح والفاعلية، واستخدمت فيها القوة الدبلوماسية، ولكنها أيضا استخدمت القوة الخشنة ولكن بشكل غير مباشر، وبالتالى الرسالة أصبحت واضحة أن مصر ليست مستعدة للتهاون فى هذا الملف، ويعجبنى جدا أن الموقف المصرى أصبح مسلما به، فكافة الأطراف الإقليمية والدولية اعتبرت مصر شيئا هاما لا يمكن تجاوزه فى الصراع الليبى.

المصور: بالحديث عن الحدود.. كيف ترى الوضع فى السودان وجنوب السودان؟

د. أحمد: النظام الموجود فى السودان مغاير للنظام المصرى فهو يعتمد على نوع من أنواع تنظيم الإخوان، وربما الجوار الجغرافى والعقلانية السياسية هى التى تجعل الأمور لا تؤدى إلى الانفجار، وهو نفس النموذج الموجود مع حماس إلى أن تم إصلاح الأوضاع، فالسودان فى السنوات الأخيرة كانت لها مواقف والقيادة المصرية تعاملت معها بحكمة بالغة، وما يهمنى أن أقوله إن السودان لم تكن بجوارنا فى سد النهضة والشىء الآخر أنه بين الحين والآخر كانت تثير ملف حلايب وشلاتين، ونحن لا ننفعل ونسير الأمور وننتهز أى فرصة لتعزيز العلاقة مع السودان، وفى نفس الوقت لا بد من قمة الحذر لأى شىء يمكن أن يضر مصلحة مصر.

أما عن جنوب السودان، فسياسة مصر على أعلى مستوى من الامتياز معها، وتحرص دائما على العلاقات الطيبة وتقدم مساعدات فنية، وهذا الموضوع هام لأن جنوب السودان دولة من دول الحوض وهى ورقة هامة للغاية.

المصور: ماذا عن المغرب وعلاقتها بمصر؟

د. أحمد: مصر ليس لديها موقف مؤيد للجزائر، وهذا أكثر شىء يثير أعصاب الدولة المغربية، وعلاقة مصر بالمغرب حتى نهاية عصر الرئيس مبارك كانت علاقة جيدة للغاية، ولكن بعد ذلك لا أدرى ما الذى أدى إلى تعكير العلاقة، فربما تكون بعض الممارسات الإعلامية الخاطئة والتى اضرت كثيرا العلاقة مع المغرب العربى سواء المغرب أو الجزائر، وعلى سبيل المثال أتذكر المذيعة التى أساءت إلى المغربيات، وأيضا ايام مباريات الكرة كانت هناك بعض المبالغات إلى آخره، ولكن بصفة عامة شعب المغرب محب لدولة مصر للغاية، أيضا كان من ضمن الأسئلة المطروحة هل المغرب استاءت من أن مصر لم تنسحب مع الذين انسحبوا من مؤتمر ماناغوا؟.. فى تصورى هذا كان قرارا مبالغا فيه وكأن مصر تعترض على وجه النظر المغربية، فالانسحاب من مؤتمر ماناغوا كان من شأنه تخريب المؤتمر، فلماذا الاستهانة بالعلاقات العربية الإفريقية إلى هذا الحد، وأتصور أن مصر لم تخطئ فى هذا الشأن، ولابد من الحرص مع العلاقات الطيبة بين البلدين، والأمر كذلك مع الجزائر ليس هناك أى مشاكل مع الجزائر.

المصور: ماذا عن العلاقة مع تونس؟

د.أحمد: علاقة الرئيس التونسى «السبسى» بمصر علاقة طيبة ولكنه ليس الفاعل الوحيد فى تونس.

المصور: هل فى الجزائر خلافات على الأزمة الليبية؟

د. أحمد: ليس من المفروض أن تصل الأمور إلى توتر فى العلاقات، وهناك أقاويل بعقد قمة ثلاثية مصرية تونسية جزائرية.

المصور: هل هناك مشاكل بسبب أن رئيس الوزراء يتبع تيارا إسلاميا؟

د. أحمد: ربما يكون هذا عاملا لتحسين العلاقات فلا توجد أى مشاكل نتيجة هذا العامل، والمغرب من أكثر الدولة بها أحزاب ومؤسسات.

المصور: ماذا عن القضية الفلسطينية؟

د. أحمد: القضية الفلسطينية فى حالة صعبة، والسبب فى ذلك حالة الانقسام الموجودة، فحماس التى ترفع شعار المقاومة لا تقاوم ولا تستطيع أن تقاوم، وفتح التى رفعت شعار التسوية دون أى فائدة أو نتيجة حتى الآن، والمشكلة أن القضية الفلسطينية ليست محلك سر ولكن الاستيطان يتوغل بها ويتقدم، وبالتالى لو حدث حل للدولتين فأين هو إقليم الدولة الفلسطينية بعد كل هذه الاختراقات الهائلة للضفة الغربية؟، ولدى تعليق على ترامب بأنه مشوش خصوصا فيما يتعلق بقضايا العلاقات الدولية بصفة عامة، بمعنى أن معرفته غير دقيقة والدليل على ذلك يوم حفل تنصيبه كان الخطاب مرتجلا، ولكن عندما تحدث عن القضية الفلسطينية كان ينظر إلى ورقة، وهذا معناه أنه غير ملم بالموضوع ، بالإضافة إلى أنه كان يقول كلاما غير محدد، وعندما حدث موضوع الاستيطان وصدر قرار مجلس الأمن قبل توليه، كان له تصريح «وهو علينا الصبر حتى ٢٠ يناير»، وبعد مجيئه البيت الأبيض قال إن التوسع فى الاستيطان قد لا يكون إيجابيا، هذا كل ما فعله.

فى هذه المرحلة ترامب مشوش ويبدو أنه غير ملم بالقضايا، وقيل أن الملك عبدالله الثانى أفهمه أن نقل السفارة أمر خطير، ونحن الآن فى مرحلة تتشكل فيها سياسة جديدة، وباختصار شديد فإن المشكلة فى القضية الفلسطينية ليست ترامب، وإنما المشكلة فى القوى الفلسطينية المنقسمة على نفسها، والشىء الآخر أنه لا يوجد ظهير عربى للفلسطينيين، وأتمنى من قمة عمان المقبلة أن تتبى موقفاً دبلوماسياً قوياً، فنحن فى وضع لا يمكننا فيه التهديد، ولكن على الأقل يكون هناك موقف دبلوماسى قوى يظهر أى مخاطر سياسية أمريكية ضالة فيما يتعلق بالصراع العربى الإسرائيلى.

المصور: وماذا عن مصر ودعمها للقضية الفلسطينية؟

د. أحمد: مصر فى إطار علاقة السلام مع إسرائيل لا تستطيع إلا أن تتبنى الأسلوب الدبلوماسى وتستطيع أن تسهم فيه إسهاما جيدا.

المصور: كيف ترى علاقة مصر بحماس؟

د. أحمد: حدث تطور إيجابى فى الفترة الأخيرة، وأعتقد أن حماس فهمت قواعد اللعبة بأن مصر لا يمكن أن تتهاون فى أمنها والمهم هو احترام الأمن المصرى، والعلاقات المصرية مع أبو مازن ليست على ما يرام بسبب مقاطعته للجنة الرباعية العربية، بالإضافة إلى تنسيق قطر وتركيا، وبشكل عام حساباته غير مستقرة.

المصور: لماذا هذا التوتر بين مصر وحركة فتح؟

د. أحمد: ما يبدو من أن تقبل مصر إعطاء الساحة لدحلان لكى يتصرف مع أنصاره، كان نتيجة رد فعل تجاه مواقف غير طيبة من الرئيس عباس أبو مازن فى تحركاته السياسية الخارجية.

المصور: رد الفعل المصرى على الرئيس أبو مازن بأنه سمح لدحلان وأنصاره بالدخول إلى مصر هل تراه فعلا غريبا؟

د. أحمد: كان لدى إحساسى بدون أى وثائق أو معلومات بأن الدوائر المصرية الرسمية غير راضية عن سلوك الرئيس عباس، ربما بسبب علاقته بقطر وتركيا، فكان السماح لدحلان بعقد مؤتمره والدليل أنه عقد اجتماعا فى القاهرة، وأيضا كان هناك مؤتمر فى العين السخنة فهم البعض منه بأن مصر تحشد لدعم دحلان ولكن لم يكن هناك أى شىء من هذا القبيل، ومصر لم تكن من قبل ضد الرئيس عباس وإنما كانت غير راضية عن سلوكه.

المصور: هل يمكن أن يترتب على المصالحة مع حماس مصالحة مع الإخوان فى الداخل ؟

د. أحمد: تحسين العلاقة مع حماس يرجع إلى اهتمامات أمنية، فحماس لا تريد أن تكون مصر فى موقف عدائى معها، وكما قلت مصر تحترم الجميع ولكن بدون المساس بالأمن المصرى، لكن لا أتصور أن يكون ذلك تمهيدا لأى مصالحة مع الإخوان.

المصور: ماذا عن القرار بعدم دخول بعض العرب إلى أمريكا؟

د. أحمد: ترامب ظاهرة جديدة ويحمل مواقف فى صالحنا مثل محاربة الإرهاب وكان له مواقف إيجابية، ولكن هناك مشكلة بأن هذه المواقف قد تؤدى إلى إحراجنا، مثل عدم دخول البعض إلى أمريكا والحديث على الإرهاب الإسلامى، كل ذلك يسبب لنا إحراجا، والرئيس السيسى فى زيارته سينقل وجهة النظر الحقيقية والمتكاملة فى هذا الصدد.

المصور: هل زيارة الرئيس السيسى إلى أمريكا سيكون لها تأثير فى العلاقات المصرية الأمريكية؟

د. أحمد: بالتأكيد وهناك تطور إيجابى فى العلاقات وهذه الزيارة سيكون لها أثر فعال، والمطلوب أن تكون المواقف المصرية واضحة حتى لا نفاجأ بأشياء تحرجنا.

المصور: ماذا عن الموقف الروسى؟

د. أحمد: العلاقة منذ البداية كانت تحمل كل معانى الخير ومنذ حادث الطائرة الروسية كان هناك موقف بحظر السفر إلى مصر، وبعدها كان هناك وفود أمنية متكررة إلى المطار لتفقد عملية التأمين، وفى النهاية خرج تصريح أخير بعدم عودة السياحة الروسية إلى مصر إلا بعد أن تلبى القاهرة الاشتراطات، ربما يكون السبب فى هذا هو أن هناك تعثرا فى موضوع الضبعة، وآن الأوان أن نعيد العلاقة مع روسيا ولكن على أساس الصراحة ومن هنا أتوجه برسالة إلى الرئيس الروسى ما هى الجريمة التى فعلناها حتى تكون العلاقات بهذا الشكل ولماذا كل هذا التعسف، فمصر ترحب بالجميع من كل أنحاء العالم، فتركيا حدث بها عملية إرهابية من الطراز الأول، والعلاقات على ما يرام مع جميع الدول.

المصور: كيف ترى مصر فى المرحلة المقبلة وما مدى نجاح القمة العربية القادمة؟

د. أحمد: لا يوجد مجال لنجاح القمة العربية فى إحداث نقلة نوعية، سيكون هناك قرارات طيبة وقرارات دبلوماسية تتحدث عن وحدة وكيان الدول العربية وعن القضية الفلسطينية، ودائما حديثى عن الفاعلية وهذا ما أقصده وأتمناه.

المصور: من يقوم بهذه الفاعلية عربيا؟

د. أحمد: لا بد أن تقوم مصر بمبادرة فى هذه القمة، وليس الغرض منها أن تقبل ويصفق لها، ومن ضمن التقاليد العربية عندما تكون هناك أشياء لا تقبلها دولة أو أخرى فيقال فيها «نعم» من باب الحرج، كما حدث فى القوة العربية الموحدة، والرئيس السيسى فى الجلسة المغلقة فى القمة دافع دفاعا موضوعيا عن هذه الفكرة وقال بمنتهى الصراحة أن مصر ليست فى احتياج لهذه القوة، وأن مصر تكفى أبنائها بنفسها، وهذه القوة مصلحة عربية، فتم الاتفاق عليها وبعدها حدث ما حدث وتم تجميد المشروع.

المصور: هل المشروع تم تجميده أم أنه تمت محاربته من البعض؟

د. أحمد: تم تجميده، ففى ليلة التوقيع السعودية طلبت التأجيل، وعندما يبادر الرئيس السيسى باتخاذ إجراءات شاملة لإصلاح الأوضاع العربية لا تتم الموافقة عليها بسهولة، وحتى ولو تمت الموافقة عليها وخرجت فى البيان يتم تجميد تنفيذها، وعلى مصر أن تبدأ فى مخاطبة الدول التى تبدو صغيرة أو متوسطة، وأيضا عليها مخاطبة النخب من أجل حشدها لعمل حقيقى وجاد، ومخاطبة الجماهير والنخب العربية.

المصور: هل المطلوب من الرئيس السيسى أن يفعل كما فعل جمال عبد النصر عربيا؟

د. أحمد: تاريخيا الظرف تختلف، جمال عبد الناصر كان أمامه مشكلة استعمار، وكان راعيا لمشروع له تأييد كاسح من الشعوب العربية والنخب العربية، ونُفذ مشروع عبد الناصر من خلال هؤلاء النخب والشعوب، واليوم المشروع الذى يمكن أن يحظى بقبول عربى هو مشروع الديمقراطية والتنمية، وبالتالى تحتاج مصر أن تقف على قدميها فى هذا الصدد، لتقدم النموذج كما كانت فى الماضى.

المصور: شكراً للدكتور أحمد يوسف أحمد على هذه الرؤى السياسية والتحليل والأفكار.

    الاكثر قراءة