حقك المشروع في هذه الحياة أن تسير في اتجاه يدفع بك نحو طريق تتمكن فيه من تحقيق ذاتك والحفاظ على سلامك النفسي، إنك ترى تزايد الأحداث وتواليها بتنوعها واختلافها وهى تتسلل إليك من مختلف المصادر راغبة في الاستحواذ عليك وعازمة على استيطان ذاتك، تعتزم على عدم تركك إلا وأنت غارق في بحار أحزانك وتتباهى بقدرتها على اصطحابك في ظلمة لياليها والنيل منك متى وحيثما تريد.
تتأثر بها وتصاحبها في رحلة لا تمتلك خارطتها ولا بوصلتها وفي النهاية ستجد أنك لم تعثر على شيء مما تمنيته أو أردته مما يجعلك تتجه إلى باب من أبواب السماء لا تمتلك عنده إلا الدعاء، لا تنزعج وتظن أن محاولاتك العديدة للحفاظ على سلامك النفسي تعد نكرانًا لإنسانيتك فاعتزالك للمحبطين رحمة فحقك في تحقيق سلامك النفسي غاية وضرورة، تذكر أن حكمة الله فيما يقع من أقدار يعود إليه جميعه ليفصل فيه برحمته ورأفته سبحانه وتعالى.
تعودنا أن نحكم على الأمور بنظرياتنا المحدودة وبخبراتنا الضحلة، نسينا أن الأمر كله لله، مهما تعددت الأسباب علينا أن ندرك محدودية تفكيرنا وعدم تمكننا من احتواء المشهد بأكمله، لقد نهانا الله عن الإلقاء بأنفسنا في التهلكة ودعانا إلى الدفاع عن الحق بخطوات معلومة ومرتبة، خطوات قد نجدها متجمعة بداخلنا وقد نجد أحدها قابلًا للتنفيذ دون غيره وأول هذه الوسائل وأهمها: الدفاع عن الحق قد تكون جميعها بين يديك وقد تجدها في لسانك، وقد تقنع بقدراتك المحدودة للغاية وتعلم بأنك لاتملك سوى حق واحد للدفاع وهو الدعاء وهذا أضعف الإيمان.
لا تصنع من إخفاقاتك الناتجة عن تجاربك السيئة وسيلة لإلقاء المزيد من اللوم على نفسك، لا تدعها تدفع بك نحو خط النهاية فالسباق ماض ولم ينته بعد، قم بمناقشة الأمر بدقة وابحث عن كثب جميع خرائطك التي يمكنك أن تسلكها لتصبح راضيًا عن نفسك دون أن تهتم بآراء الآخرين ودون أن تكترث لأحكامهم الجائرة الظالمة؛ فما يدور بداخلك ملك لك وحدك؛ لا يعلم حقيقته ومنتهاه إلا الله، إنه وحده الذي سيلتمس لك الأعذار ويرفق بك فهو خالقك الذي يعلم مدى استطاعتك وهو المطلع على رقة قلبك وحسن نواياك.