أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، موقف المملكة الأردنية الهاشمية الثابت والواضح تجاه القضية الفلسطينية والعدوان على غزة، وقال إنه لا تراجع عن مواقفنا، وسنعمل بقوة وبصوت عال من أجلها.
وشدد الملك عبدالله الثاني - خلال لقائه قيادات دينية مقدسية وأردنية في قصر الحسينية، اليوم الأربعاء - على ضرورة "الوقوف متحدين" في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس.
وجدد العاهل الأردني، بحضور الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، والأمير غازي بن محمد كبير مستشاري الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي له، تأكيد أن الأردن سيواصل دوره التاريخي في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس.
وحث على تكثيف التعاون والتنسيق مع الأشقاء في فلسطين للوقوف على التحديات على الأرض بهدف المساعدة على حلها وتقديم الدعم اللازم لهم.
وفيما يتعلق بغزة، شدد العاهل الأردني، على أن أي هدنة يجب أن تفضي إلى وقف إطلاق النار وعودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات بهدف إيجاد حل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، الذي يلقى إجماعًا دوليًا.
وعبر الملك عبدالله الثاني، عن رفضه وإدانته للاستهداف العسكري لدور العبادة من مساجد وكنائس في غزة، مشيرًا إلى أن هناك من لجأ إليها طلبًا للحماية، وهم يحتاجون إلى مساعدات يسعى الأردن لإيصالها بكل الطرق.
وأشار إلى استمرار الجهد الإغاثي والإنساني الذي يقوم به الأردن من خلال المستشفيات الميدانية بخاصة في غزة، التي سيتم تزويدها بشكل مستمر بالمواد اللازمة، بالتوازي مع الضغط من أجل فتح المعابر أمام المساعدات بشكل دائم وكاف.
وحذر الملك عبدالله الثاني، من خطورة تداعيات الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي، وفي القدس والضفة الغربية نتيجة الاعتداءات المستمرة على الأهالي فيهما.
كما حذر من التضييق على المسيحيين خلال قداس عيد الميلاد المجيد في بيت لحم، مؤكدًا أن الأردن سيبذل جهودًا مع المجتمع الدولي لتمكينهم من أداء شعائرهم.
من جانبه، استعرض نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، جهود الأردن في دعم الأشقاء الفلسطينيين، مؤكدًا أن أولوياتنا واضحة تاريخيًا، ومواقفنا ثابتة ورسالتنا صارمة بأن نصرة أهلنا في فلسطين وتلبية حقوقهم السبيل الوحيد لتحقيق السلام.
ولفت إلى الجهود التي قادها الملك منذ اليوم الأول للحرب على غزة لكشف عبثية وعدمية هذه الحرب الإسرائيلية ونتائجها الكارثية ليس فقط على الشعب الفلسطيني الشقيق لكن على المنطقة برمتها.
وأوضح أن الموقف الدولي بدأ يتغير تجاه ما يجري في غزة، وهو ما نحتاجه للوصول إلى هدفنا في إنهاء هذه الحرب، مشددًا على أن الأولوية بالنسبة للأردن هي الوضع الإنساني، وإمكانية إدخال المساعدات إلى غزة والضفة الغربية، التي تعاني أيضًا من تصعيد خطير.
وقال إن الأردن قدم لمحكمة العدل الدولية مرافعة شاملة لم تقتصر فقط على الضفة الغربية لكنها تعاملت أيضًا مع ما يجري في القدس من محاولات لخرق الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية ومن محاولات لتهجير الفلسطينيين المقدسيين من بيوتهم وهدم المنازل.
وأضاف أن هذه المرافعة قد تكون هي الأشمل التي قدمت وبالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية.
وتابع الصفدي أن الملك عبدالله الثاني حذر من خطورة أي مقاربات أمنية بعد وقف الحرب تكون استمرارًا لما شهدته الضفة الغربية، مشددًا على أن أي مقاربة لغزة يجب أن تكون جزءًا من مقاربة شمولية بحيث تكون غزة والضفة الغربية وحدة واحدة.
في السياق ذاته، ثمن رئيس مجلس أوقاف القدس الشيخ عبدالعظيم سلهب جهود الملك المستمرة في دعم الشعب الفلسطيني ودعم صموده وحقه في العيش حرًا أسوة بشعوب العالم، مقدرًا وقوف الشعب الأردني إلى جانب أشقائهم في فلسطين.
وأشار إلى الاعتداءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، مضيفًا: "نتمسك بالرعاية والوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، باعتبارها صمام الأمان في الحفاظ على الوضع الراهن التاريخي في المدينة المقدسة، ونرفض أي مساس بهذه الوصاية أو التغول عليها".
وأشاد البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن، بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وبحرص الملك عبدالله الثاني المستمر على الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة المقدسة، مشيرا إلى التقدم الكبير في المرحلة الثانية من مشروع الترميم الشامل لكنيسة القيامة، ضمن الإعمار الهاشمي للمقدسات المسيحية.
وأكد البطريرك ثيوفيلوس أهمية حماية التعايش التاريخي بين المسلمين والمسيحيين في الأراضي المقدسة، مشددًا على أنه لا يمكن اللجوء إلى حل عسكري لتأمين مستقبل الأراضي المقدسة والشرق الأوسط برمته، مؤكدًا أن رؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة يدعون إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة للتخفيف من آثار الأزمة الإنسانية التي تستمر بالتفاقم بشكل يومي وضمان إيصال المساعدات الحيوية للأبرياء الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات العيش الكريم.
ودعا البطريرك ثيوفيلوس إلى إنهاء دوامة العنف والبناء على القيم والتطلعات المشتركة بين الشعوب، للوصول إلى مستقبل يعيش فيه الشعب الفلسطيني بكرامة كغيرهم من شعوب العالم.
وأشاد بجهود الأردن، بقيادة الملك، لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى غزة وكسر الحصار على القطاع، فضلا عن إنشاء المستشفيات الميدانية هناك وفي الضفة الغربية.
وثمن البطريرك بيرباتيستا بتسابلا، بطريرك اللاتين في القدس دور الدبلوماسية الأردنية المميز، بقيادة الملك، في الضغط لوقف الحرب على غزة وبناء السلام الحقيقي المبني على العدل وتعزيز كرامة الإنسان.
وأعرب عن تقديره للدور الإغاثي الإنساني الذي يقوم به الجيش الأردني من خلال المستشفيات الميدانية في غزة والضفة الغربية، وما تقوم به الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية في إيصال المساعدات، مبينا أنه كان "لمؤسساتنا الكنسية شرف التعاون مع الهيئة للمساعدة في أعمال الإغاثة".
وأضاف مخاطبا الملك عبدالله الثاني أننا معكم نسعى بكل الوسائل لحث العالم والمجتمع الدولي للوقف الفوري للحرب، ومن المؤكد أن تدخل المجتمع الدولي سيكون ضروريا للمساعدة في إيجاد منظور جديد وواقعي لمستقبل غزة والفلسطينيين، ولا يمكن تحقيق هذا المنظور دون الدور المركزي للأردن ولكم.
وتابع: "إنكم صوت قوي في جميع المحافل الإقليمية والدولية من أجل الحفاظ على هوية المدينة المقدسة وعلى الوضع الراهن وضمانة التنوع الديني والثقافي في الأماكن المقدسة"، مبينا أن البابا فرنسيس والكرسي الرسولي يقدران عاليا شخصكم والمملكة الأردنية الهاشمية التي وبفضل قيادتكم الحكيمة جعلت من المجتمع الأردني العزيز أنموذجا حيا للاستقرار في منطقتنا.
وثمن مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الشيخ "محمد عزام" الخطيب التميمي جهود الملك في الدفع بوقف الحرب على غزة، وتحذيره من تبعاتها الخطيرة ورفضه للتهجير، فضلا عن تقديم الدعم للشعب الفلسطيني من خلال المستشفيات الميدانية الأردنية في قطاع غزة والضفة الغربية، والتي تقف شاهدة على ذلك.
وخاطب الملك عبدالله الثاني قائلا "أنتم أصحاب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، فأنتم السند والنصير، كنتم ولا زلتم قيادة هاشمية حملت في أعناقها صون كرامة الأمة والدفاع عن مقدساتها ودينها وعروبتها، وأثبتم للقاصي والداني أنكم حماة للأمة تتسم مواقفكم بالوضوح والصلابة والثبات في الحرص على مصالحها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، واعتبرتم ذلك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها".
واستعرض إمام وخطيب المسجد الأقصى الشيخ يوسف أبو سنينة واقع الحال للمسجد الأقصى، في ظل الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، مؤكدا أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، في حماية هذه المقدسات والحفاظ على هويتها والوضع التاريخي لها.
وأشار إلى صمود المقدسيين في المسجد الأقصى، وقال "رغم الصعوبات، فإن أهل صلاة الفجر موجودون، وأهل القرآن ثابتون، ودروس الوعظ والعلم مستمرة".
وأكد مفتي عام المملكة الدكتور أحمد الحسنات دعم الأردنيين لمواقف الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني العادلة وحصوله عليها وقيام دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني.
ولفت إلى دور الوصاية الهاشمية في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وهويتها التاريخية، باعتبارها خط الدفاع الأول عنها.
وبين الحسنات، طبقا لبيان الديوان الملكي، أن ما يمارس على إخوتنا وأشقائنا في فلسطين وفي قطاع غزة تحديدا يشكل انتكاسة في تاريخ الحضارة الإنسانية، وتشويها لمعالم الشرائع السماوية، حيث رأينا وحشية منقطعة النظير يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتله للأبرياء، واستهدافه للمدنيين، وإعدامه للأطفال والشيوخ دون إظهار لأي من معاني الرحمة ولا أدنى اعتبار لمعاني الكرامة الإنسانية، ولا حتى التقيد بالقواعد الأخلاقية في الحروب.
وقال: "إننا في المملكة الأردنية الهاشمية في أرض بني هاشم نعبر عن ألمنا لمصاب أهلنا في غزة هاشم"، مثمنا جهود الملك في رفع الظلم والعدوان عن أهل غزة وإيصال المساعدات الغذائية والدوائية بجميع الوسائل والطرق للأهل هناك.
وقدر رئيس مجلس رؤساء الكنائس في الأردن المطران خريستوفوروس عطا الله عاليا جهود الملك في الدفع لوقف الحرب على قطاع غزة وسعيه الدؤوب لضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية للأشقاء في القطاع، وتأكيده المستمر بضرورة التوصل لحل الدولتين وتأمين مستقبل دولة فلسطين في أرضها وعاصمتها القدس الشرقية، ومحاربة أي مشروع تهجير قسري للفلسطينيين.
ووصف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي، شاجبا استمرار إسرائيل باعتداءاتها في الضفة الغربية، وفي مدينة القدس.
وبين أن روح الشر والكراهية وأدواته، تفتك بالأبرياء المدنيين في قطاعِ غزة، وتقصف الأطفال في مشاهد مروعة، (وكأن فِعلة هيرودوس في مجزرة أطفال بيت لحم تتكرر بأبشعِ صورها)، والآن تجاوزت في قساوتها فظائع حروب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، في ظل صمت دولي رسمي عام وانسلاخٍ عن الواقع المؤلم الإنساني المستحيل في غزة.
كما ثمن جهود الملك عبدالله الثاني في الحفاظ على الوجود المسيحي وثباته في المنطقة.
حضر اللقاء رئيس الديوان الملكي يوسف حسن العيسوي، ومدير مكتب الملك، الدكتور جعفر حسان، ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة، وقاضي القضاة الدكتور عبدالحافظ الربطة، والسفير الأردني لدى فلسطين عصام البدور.
كما حضره أعضاء مجلس كنائس القدس، ومجلس أوقاف القدس الشريف، وشخصيات مقدسية، ورؤساء كنائس الأردن.