الأحد 19 مايو 2024

يضم كُتبا نادرة ولوحات زيتية ووثائق بخط اليد وصورًا وتماثيلمتحف قصر العينى.. هُنا بدأ تاريخ الطب

23-2-2017 | 11:09

تقرير: أشرف التعلبى

هُناك معالم تاريخية كثيرة شاهدة على سنوات من العمل والإنجاز.. ومن هذه المعالم متحف قصر العينى أو متحف الطب بكلية طب قصر العينى جامعة القاهرة، الذى يضم مقتنيات طبية وأثرية، التى تُعد منارة لتاريخ التعليم الطبى فى مصر الحديثة منذ عهد محمد على باشا.

«المصور» تجولت داخل المتحف وقلبت فى أوراق وسجلات التاريخ.. ويضم المتحف كتبا أثرية وتاريخية مثل كتابى «وصف مصر» و»تذكرة داود»، فضلا عن فرمان الإنعام على كلوت بك، وتذكرة الكحالين لـعيسى بن على.. وكذا لوحات زيتية لكلوت بك ولمدرسة ومستشفى أبو زعبل وللمستشفى الأهلي.

«أقسم بالله العظيم ونبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على أن أكون أمينا حريصا على شروط الشرف والبر والصلاح فى تعاطى صناعة الطب، وأن أسعف الفقراء مجانًا، ولا أطلب أجرة تزيد عن أجرة عملي.. وإنى إذا دخلت بيتًا فلا تنظر عيناى ماذا يحصل فيه، ولا ينطق لسانى بالأسرار التى يأتمنوننى عليها، ولا أستعمل صناعتى فى إفساد الخصال الحميدة.. ولا أعاون بها على الذنوب ولا أعطى سمًا ولا أدل عليه ولا أشير به، ولا أعطى دواءً فيه ضرر على الحوامل، وأكون موقرا وحافظا للمعروف مع الذين علموني، ومكافئا لأولادهم بتعليمى إياهم ما تعلمته من آبائهم، فما دمت حريصا على عهدى وأمينا على يمينى فجميع الناس يعتبروننى ويوقرونني، وإن خالفت ذلك فأكون المذل المحتقر.. والله شهيد على ما أقول».. هذا مخطوط قسم الأطباء موجود عند مدخل متحف قصر العيني.

وأعلى القسم وضع شعار شعلة يلتف حولها ثعبان، وكتب بجانبها مُجدد العلوم فى الديار المصرية ولى النعم محمد علي، وعلى الجانب الآخر تاريخ تأسيس مدرسة الطب فى غرة ذى الحجة عام ١٢٤٢هـ.

إيمان صابر أمينة المتحف، قالت إن صاحب فكرة إنشاء المتحف هو الدكتور محمود المناوى أستاذ النساء والتوليد بقصر العيني، حيث كان حريصا على جمع وتسجيل تراث كلية الطب، وتم افتتاح المرحلة الأولى للمتحف فى ٣ مارس ١٩٩٨ والمرحلة الثانية فى ١٨ مارس ١٩٩٩.

وتضيف: يعد هذا المتحف هو أول متحف متخصص لهذا النوع من المقتنيات الطبية التى تخدم وتؤرخ لتاريخ الطب فى مصر، لافتة إلى أن الدكتور محمود المناوى تولى جمع المقتنيات الطبية المعروضة فى المتحف منذ عام ١٩٧٦ وحتى تم افتتاح المتحف عام ١٩٩٨.

يقع المتحف بالطابق الأرضى بجوار قاعة المؤتمرات الخاصة بكلية طب قصر العينى، ويتكون المتحف من قاعتين قاعة رئيسية وقاعة فرعية، إلى جانب قاعة جانبية ثالثة تستخدم فى إجراء ترميمات المرحلة الثالثة من المتحف.

وتتنوع مقتنيات المتحف من لوحات زيتية, ووثائق أصلية كتبت بخط اليد, وصور وتماثيل برونزية ومخطوطات طبية وكتب نادرة، هذا بالإضافة إلى بعض الأدوات التى استخدمها «كلوت بك وبلهارس والدكتور محمود المناوي» فى عملياتهم الجراحية والأجزخانات الطبية التى كانت تستعمل فى تركيب الدواء وإعداده.

ومن الكتب ذات القيمة الأثرية والتاريخية التى يحفظها المتحف نسختان أصليتان من كتاب «وصف مصر» من إعداد علماء الحملة الفرنسية والنسختان مطبوعتان فى باريس ١٨٣٠، وكتاب «تذكرة داود» وهو كتاب مكتوب بخط اليد به وصفات طبية مُعتمدة على الأعشاب ويرجع تاريخه إلى ٩٨٦هـ.

ويضم المتحف مجموعة من الوثائق المهمة فى تاريخ الطب المصري، مثل «فرمان الإنعام» على كلوت بك برتبة لواء من قبل رئيس مجلس شورى الأطباء، حرر فى ٩ ربيع الأول سنة ١٢٥١هـ. وملف يتضمن مجموعة وثائق خاصة بكلوت بك، وأمر إنشاء مدرسة الطب فى عهد محمد على باشا مكتوبا باللغة التركية. ووثيقة بخط كلوت بك بها دعوة لحضور أول احتفال لتوزيع الجوائز على الطلبة النابغين بمدرسة أبو زعبل فى مارس ١٩٢٨م. وصفحة من دفتر الزيارات الرسمية لمدرسة الطب إهداء من الدكتور دوبن أستاذ أمراض النساء والتوليد.

كما يضم مجموعة من الكتب والمخطوطات، منها تذكرة الكحالين لـ عيسى بن على، نسخ فى ٩٤١هـ. وتشريح العين لشمس الدين محمد بن الحسن الكحال، ونسخة باللغة الفارسية صدر الدين محمد بن أحمد بن محمود الحسين عام ٨٦١هـ. وورقتين من مجلة يعسوب الطب تتضمن وصفات طبية طبعت فى ٩ ربيع الآخر ١٢٨٢هـ. بالإضافة إلى قسم أبو قراط. وكتاب تذكارى بمناسبة مرور ٩٠ عاما على إنشاء جامعة القاهرة بعنوان «حكماء قصر العيني» للدكتور محمود فوزى المناوي، وأيضا أطلس طبى مصور من علم الأمراض وعلم التشريح.

كما يضم المتحف مجموعة من اللوحات الزيتية منها لوحة زيتية لكلوت بك ترجع إلى عام ١٨٢٧، ولوحة زيتية لمدرسة ومستشفى أبو زعبل، ولوحة زيتية للمستشفى الأهلى بالأزبكية، ولوحة زيتية للدكتور بلهارس مكتشف مرض البلهارسيا، ولوحة لتكية البختاشين والتى تم بناؤها بجوار قصر العيني، ولوحة دروس التشريح وترجع إلى ٢٠ أكتوبر ١٨٢٨م وغيرها من اللوحات.

ومن ضمن مقتنيات المتحف مجموعة من الصور، منها صورة شخصية للدكتور على باشا إبراهيم أول عميد لكلية الطب بالانتخاب عام ١٩٢٩م، ومجموعة من الصور التذكارية للأطباء والممرضين، ومجموعة من الصور الشخصية لخريجى كلية الطب من مختلف الجنسيات، وصورة للدكتور محمد شافعى بك أول مدير لمدرسة الطب، وصور للدكتور محمد على باشا البقلى ثانى مدير مصرى لمدرسة الطب، وغيرها من الصور.

ومن الأدوات الطبية، صيدلية خشبية تستخدم لحفظ الأدوية خاصة بخورشيد باشا والى مصر فى الفترة من ١٧٩٧ إلى ١٨٠٥م، وهى مصنوعة من الخشب المبطن بالساتان الأحمر وتتكون من ثلاثة أدراج مدعمة بحليات نحاسية وتركز على قاعدة من الخشب الفاخر.. وكذلك أجزاخانة الخديو إسماعيل لإعداد وحفظ الأدوية المركبة، ومجموعة أدوات طبية خاصة بكلوت بك، وجهاز أشعة وهو من أوائل الأجهزة التى دخلت مصر، وهو هدية من أبناء الدكتور قاسم عبد الخالق وحالته جيدة ويرجع تاريخه إلى عام ١٩١٤، ويوجد بعض المقتنيات والجوائز الخاصة بالدكتور محمود المناوى من أدوات خاصة بفحص الأسنان وكذلك منظار نساء.

كما يوجد بالمتحف تمثال نصفى من البرونز لكلوت بك، وتمثال من البرونز للدكتور على باشا، وختم خاص بمدرسة الطب.

ومن الرواد الأجانب الذين أسهموا فى النهضة العلمية الطبية الحديثة فى مصر حفظ لنا المتحف صورا لشخوصهم وآثارهم الدكتور كلوت بك ومن الأدوات الطبية القديمة التى يحفظها المتحف مجموعة جراحية لكلوت بك الطبيب الفرنسى والمعلم الأول فى مدرسة الطب بــ «أبو زعبل»، وهى عبارة عن مجمو عة من الآلات الجراحية والقواطع والمشارط المعدنية التى تستعمل فى الجراحات المختلفة وهى جميعها بمقابض من العظم المنقوش بدقة وإتقان، وعددها ثمانى قطع ومحفوظة داخل علبة خاصة بها من الخشب, وهناك أيضا مجموعة أخرى من الأدوات الطبية الخاصة بالدكتور كلوت بك عبارة عن مجموعة من المقصات والجفوت مختلفة الأشكال والأحجام والاستعمال، ومجموعة أخرى من القواطع والمشارط المعدنية بمقابض بيضاء من العظم، وجميعها محفوظة فى علب خشبية كل مجموعة فى العلبة الخاصة بها.

وللدكتور الألمانى تيودور بلهارس هناك لوحة زيتية كبيرة بالمتحف ومجموعة من آثاره العلمية، مُهداة من أسرته تمثلت فى كتاب ضخم له يضم رسوما ملونة وتعليقات بخط يده. وقد ساهم «د. بلهارز» بالتدريس فى مدرسة طب قصر العينى فى منتصف القرن التاسع عشر، ولكن الفضل الكبير الذى قدمه للعالم ومصر على وجه الخصوص هو اكتشافه لدورة البلهارسيا ودورة حياتها والآثار المرضية الخطيرة التى تسببها للإنسان، وكيفية الوقاية والعلاج منها، وهذا الكشف فى حد ذاته أنقذ حياة الملايين فى العالم، وخصوصا فى مصر التى كانت وما زالت بها أكبر نسبة من مصابى البلهارسيا ومضاعفاتها المرضية أغلبهم من الفلاحين الفقراء، الذين تضطرهم ظروفهم إلى الخوض فى المياه الضحلة التى تعيش فيها ديدان البلهارسيا.

أما الدكتور الكبير على باشا إبراهيم أشهر الأطباء والحكماء والجراحين المصريين فقد احتفظ له المتحف بأكثر من لوحة زيتية، وأكثر من صورة فوتوغرافية، وأكثر من تمثال لشخصيات، وقد ذخر المتحف فى كافة جوانبه بلوحات وصور لحكماء أجانب ومصريين أسهموا فى نهضة مصر العلمية والطبية، وحملوا على عاتقهم التدريس والبحث فى كلية طب قصر العينى العريقة.. ناهيك عن إجرائهم للعمليات الجراحية والتطبيب العلاجي.