تحل اليوم ذكرى ميلاد الأديب العربيّ الذي لمع نجمه واشتهر في الغرب وخاصةً في أمريكا كما اشتهر في الشرق، وهو من أدباء وشعراء المهجر، حمل كلمته كرسالة بكل جرأة، وعبّر عن رأيه بحزم وثبات، وله العديد من المؤلفات الأدبية التي ساهم من خلالها بتطوير الأدب العربي الحديث، حيث اتبع فيها المذهب الرمزي، وأسلوب التشكيل الفني، هو الشاعر جبران خليل جبران الذي ولد في 6 يناير 1883م.
استخدم «جبران» في كتاباته اتجاهان، أحدهما يأخذ بالقوة ويثور على عقائد الدين، والآخر يتبع الميول ويحب الاستمتاع بالحياة النقية، وعبر عن الاتجاهين معًا في قصيدته «المواكب» التي غنتها المطربة اللبنانية فيروز باسم «أعطني الناي وغنّي».
كما تفاعل «جبران» مع قضايا عصره، وكان من أهمها التبعية العربية للدولة العثمانية والتي حاربها في كتبه ورسائله، وبالنظر إلى خلفيته المسيحية، فقد حرص جبران على توضيح موقفه بكونه ليس ضِدًا للإسلام الذي يحترمه ويتمنى عودة مجده، بل هو ضد إضفاء الطابع السياسي للدين سواء الإسلامي أو المسيحي.
ولم يلتزم «جبران» بلونٍ أدبي وحيد، فكتب في جميع الألوان الأدبية، حيث نظَمَ الشعرَ وألَّفَ الروايةَ والقصةَ القصيرة، وكتَبَ كذلك المقالةَ التي تميزت بتنوع موضوعاتُها ما بينَ الاجتماعي، والسياسيِّ والفكريِّ والفلسفي.
"جبران" أحد الأدباء العرب القليلين الذين كان لهم إنجازات باللغتين العربية والإنجليزية، حقق نجاحًا كبيرًا في التأليف باللغة الإنجليزية، وأصدر عدداً من الكتب وصل عددها إلى ثمانية كتب خلال ثمانية أعوام.
ولم يتبع الأسلوب الشعري التقليدي المحافظ المعروف في زمن العشرينات، ويُلاحظ منه تأثره بالثقافة والأدب الغربي، وكانت قصائده تطرح مجموعة من الأفكار، عكس فيها الظلم والعبودية في المجتمع ودعا إلى الحرية والتمرد والقضاء على العادات التي تقضي على حقوق الإنسان وتكبله من التمتع بالحياة، وكان للرومانسية نصيبٌ في أشعاره.
كانت تدور قصائد «جبران» حول أكثر من موضوع كالوقوف على الأطلال، والوصف، والحكمة، والتقرير.
وتميز أسلوبه الأدبي كذلك بسلاسة الألفاظ، والبساطة في التعبير، وتوظيف كلّ الصيغ والأساليب اللغويّة، وأهم ما يميز أعمال جبران الأدبية الإبداع في فن التصوير، فنجد الكثير من الصور الفنية الجميلة الخيالية المليئة بالمعاني والعبارات العميقة تتغطى على أعماله الأدبية؛ لأنه فنان ورسام كان في البداية يصور الفكرة ثم يبدع في صياغتها.
وأبدع "«جبران» في فن الرسالة، فترك مجموعة من الرسالات التي تعج بالأساليب الأدبية والمواضيع المتنوعة، وامتلك أسلوبًا أدبيًا تميز به كثيرًا عن غيره من شعراء وأدباء عصره، كان أسلوبًا مبتكرًا وجديدًا غير مألوفًا، وصفه البعض بالغموض، كما وصَفَ أسلوبه مجموعة من زملائه في المجال الأدبي مثلُ مي زيادة وصلاح لبكي وغيرهم الكثير:
مي زيادة وصفت أسلوب جبران خليل حيث قالت: «يلخص الجملة والمعنى رسمًا على هامش القرطاس، أو يشرحه في صورة عجيبة"»
قال صلاح لبكي عن الأسلوب الأدبي لجبران خليل: «تنكب عن المألوف من الجناس والمجاز، ومحاولة لتحميل الكلمات فوق ما تعودت جملة من المعاني، ولتجريدها من التفاهة والفضول».