الإثنين 29 ابريل 2024

"مجـتـمـع بـلا إدمـان".. نص خطبة الجمعة اليوم

خطبة الجمعة

تحقيقات19-1-2024 | 09:59

محمود غانم

تنشر بوابة "دار الهلال" نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان -مجـتـمـع بـلا إدمـان- حيث تتناول الخطبة تحريم الخمر وتأكيد الإسلام على حفظ العقل، وبيان ذلك من خلال الآيات القرآنية والنصوص الدينية.

 نص الخطبة

مجـتـمـع بـلا إدمـان

المخدرات طريق الهلاك

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن من أجل نعم الله تعالى على الإنسان نعمة العقل، فهو آلة الفهم، وأساس الفكر والتأمل والتدبر، ومناط التكليف، وسبيل الهداية، حيث يقول الحق سبحانه: {قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون}، وبالعقل كرم الله تعالى الإنسان، وميزه عن بقية المخلوقات، يقول سبحانه: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم

من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا }.

لذلك كان حفظ العقل أحد الكليات الست التي أكد على حفظها الشرع الحنيف، فجاء الأمر المشدد بصيانة العقل من كل ما يؤدي إلى إفساده والإضرار به، وتحريم كل ما يؤثر عليه، أو يخرجه عن وعيه وإدراكه كالخمر، والمخدرات، وسائر المسكرات، والله سبحانه وتعالى يقول: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (لا ضرر ولا إضرار). وقد وضع الشرع الحنيف سياجا منيعا لحفظ العقل يشمل تحريم كل ما من شأنه أن 

يضر به، مهما استُحدث له من أسماء، ومهما كان قليلًا أو كثيرًا، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، ويقول (عليه الصلاة والسلام): (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)، وعن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: "نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن كل مسكر ومفتر".

ولا شك أن الإدمان سم قاتل، وداء عضال، يفتك بأبناء مجتمعنا، فيجعلهم أجسادا منهكة، وعقولًا خاوية، وقلوبا فارغة، لا يستطيعون الإسهام في رفعة دينهم وتقدم وطنهم، الدفاع عن أرضهم وعرضهم، بل إن الواقع في داء الإدمان ينسلخ من إنسانيته، ويتحول إلى معول هدم لنفسه وأسرته ووطنه وأمته، ويصبح وبالاً ونقمة على المجتمع الذي يعيش فيه.

كما أن الإدمان يميت المعاني الفاضلة، ويشيع روح الكسل والعجز، والشقاق والعداوة والبغضاء، ويفضي إلى تبديد الأموال والإمكانات التي تتقدم بها الأمم وترتقي الأوطان، يقول الحق سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد

الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}.

ومما لا شك فيه أن مواجهة التعاطي والإدمان وتجارة المخدرات مطلب شرعي وواجب وطني، وواجبنا متضامنين أن نحمي المجتمع وبخاصة الشباب من وباء

الإدمان الذي يشكل خطرا كبيرا على الفرد والأسرة والمجتمع، حيث يقول الحق سبحانه: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين إن مواجهة الإدمان تكون بمزيد من التوعية والمتابعة الأسرية، فعلى الأسرة واجب كبير نحو إعداد النشء وتربيته وفقا للقيم الإسلامية والإنسانية، وإرشاده إلى الصحبة الصالحة التي تدله على الخير، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (...والرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها)،

ويقول (صلى الله عليه وسلم): (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)،

ويقول (عليه الصلاة والسلام): (مثل الجليس الصالح ومثل جليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة،

ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة).

كما يجب مواجهة الإدمان من خلال الإجراءات القانونية الحاسمة والرادعة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن المجتمع وأمانه واستقراره، أو بعقول أبنائه وشبابه.

على أننا نؤكد أن الإتجار في المخدرات من أشنع الجرائم وأخطرها على البشرية، وأن أموالها سحت وسم قاتل يهلك صاحبه في الدنيا والآخرة، حيث يقول

الحق سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف تصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (كل جسد ثبت من سخت فالنّار أولى به).

اللهم احفظ شبابنا وبلادنا، وارفع رايتها في العالمين

Dr.Randa
Dr.Radwa