أكد مساعد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية للشراكات الاستراتيجية والتميز والمبادرات، أن الدولة المصرية تواصل جهودها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، على الرغم مما يشهده العالم في الأعوام الأخيرة من تحديات جيوسياسية غير مسبوقة، وذلك من خلال تنفيذ الدولة لرؤية مصر 2030.
جاء ذلك خلال مشاركة السفير هشام بدر، ممثلًا عن وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة هالة السعيد، بفعاليات المؤتمر السنوي الرابع للتنمية المستدامة بمدينة الأقصر، والمنعقد تحت عنوان "التنمية المستدامة في عالم متغير: مسارات نحو مستقبل مستدام"، والذي نظمته جمعية الأورمان بالتعاون مع اتحاد الصناعات المصرية، بمشاركة رئيس قطاع التخطيط الإقليمي بالوزارة د. هبة مغيب، وعددٍ من الوزراء ورؤساء البنوك والشركات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى.
وقال بدر، إن تحقيق التنمية الشاملة يتم أيضا من خلال تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي يستهدف تحويل مسار الاقتصاد المصري ليصبح اقتصادًا إنتاجيًا يرتكز على المعرفة ويتمتع بقدرات تنافسية في الاقتصاد العالمي، من أجل تشجيع النمو الاحتوائي وخلق فرص عمل لائق ومنتج، وتنويع وتطوير أنماط الإنتاج، وتوطين الصناعة المحلية وزيادة تنافسية الصادرات المصرية، بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص.
وأضاف إن ذلك يتم من خلال تسهيل وتطوير حركة التجارة، وخلق بيئة داعمة للمنافسة وتنظيم الشراكات التنموية مع القطاع الخاص، مع توفير الآليات التي تعزز ذلك، مشيرًا إلى صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية، وتنفيذ وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، التي توضح للمستثمرين دور الدولة في مختلف القطاعات كمنظم للنشاط الاقتصادي وفق آليات السوق، وكيفية تخارج الدولة من الأنشطة التي سيتولى القطاع الخاص الدور الأكبر كشريك فاعل مع الدولة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأشار إلى أن الدولة لم تتوان عن حشد الجهود وإطلاق المبادرات التي تعظم مساهمة القطاعات المختلفة في العمل نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، الأمر الذي اتضح من خلال عدد المبادرات التي عكست التفاعل الإيجابي بين مثلث التنمية من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، كالمبادرة الرئاسية (حياة كريمة)، والتي تعتبر أكبر مبادرة تنموية على مستوى العالم، حيث تستهدف ما يقرب من 60% من سكان مصر، وتغطي أهداف التنمية المستدامة كافة.
وأوضح أن مبادرة (حياة كريمة) تعكس أحد أوجه النجاح للشراكة التنموية بين كل جهات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، الأمر الذي ساهم في إدراج المبادرة على منصتي "مسرعات تحقيق أهداف التنمية المستدامة" و"أفضل الممارسات في تحقيق التنمية المستدامة" التابعتين للأمم المتحدة.
ولفت إلى جائزة مصر للتميز الحكومي والتي جاءت كدليل آخر على اهتمام الحكومة المصرية بإشراك القطاع الخاص في مختلف جهودها التنموية، حيث تحرص الجائزة على تحقيق الجودة والتميز في أداء الأعمال والخدمات بالجهاز الإداري للدولة، لتأتي توجيهات القيادة السياسية بضرورة التوسع في تطبيق الجائزة لنشر ثقافة التميز وتحفيز التنافس الإيجابي بين كل قطاعات الدولة، لذلك تم إطلاق جائزة "تكافؤ الفرص وتمكين المرأة" على مستوى القطاع الخاص ضمن جوائز التميز المؤسسي، بهدف تحفيز القطاع الخاص على تبني سياسات داعمة لتمكين المرأة وقياس مدى تحقيق تلك الجهات لمبدأ المساواة بين الجنسين، وذلك بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة.
كما تطرق بدر إلى المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، والتي تعد مثالا آخر على العمل التشاركي بين كل القطاعات لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تمتاز بتمكين كل الفئات في جميع محافظات مصر لابتكار حلول خلاقة لمواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ.
وأضاف أن المبادرة تحرص على تبني الأفكار التي تدفع بالتحول للاقتصاد الأخضر في مصر، وذلك لتطويرها والتوسع في تطبيقها من خلال الشراكات المتعددة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية والحكومية المختلفة، متابعًا أنه على مدار دورتين متتاليتين فتحت المبادرة الباب أمام المشروعات من ست فئات، للمشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والناشئة وغير الهادفة للربح والمتعلقة بالمرأة، لتتلقى حوالي 12 ألف مشروع، حيث فاز 36 مشروعا على المستوى الوطني، وقامت بتمثيل مصر في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ بدورتيه السابعة والعشرين والثامنة والعشرين، محققة بذلك عددا من الشراكات الاستراتيجية مع جهات وطنية ودولية.
وأوضح السفير هشام بدر أن الدولة المصرية تتخذ كل الإجراءات لتحقيق تنمية شاملة وعادلة، لتحقق مبدأ "عدم ترك أحد خلف الركب"، حيث تعكف وزارة التخطيط على تقديم التقارير الطوعية على المستويين المحلي والوطني للمجتمع الدولي؛ لضمان تكثيف جهود التنمية بالمناطق والقطاعات الأكثر احتياجاً.
وتابع أنه بالإضافة إلى التقرير الوطني الطوعي الذي يرصد التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر على مستوى الجمهورية، فقد دعمت وزارة التخطيط ثلاث محافظات مصرية لإطلاق تقاريرها الطوعية المحلية: وهي "بورسعيد والبحيرة والفيوم"، للتأكيد على اهتمام الدولة المصرية بتوطين أهداف التنمية المستدامة، لما لها من أثر في تحقيق النمو الاحتوائي والمستدام، مشيرًا إلى تأكيد الوزارة أن تلك التقارير هي "تقارير دولة" وليست تقارير حكومية، حيث يتم إعدادها بنهج تشاركي يدمج جميع أطياف المجتمع.
وأشار السفير هشام بدر إلى إطلاق وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية لأول منصة إلكترونية لإدارة وتنظيم المسئولية المجتمعية للشركات وجهود المجتمع المدني في مصر تحت مسمى منصة "شراكات من أجل التنمية المستدامة" خلال النسخة السابقة لمؤتمر الأقصر، والتي تهدف إلى الرصد والتوثيق الفعال لكل جهود التنمية على المستويين المحلي والوطني، مما يؤدي إلى تضمين كل الجهود الوطنية في التقارير الدولية عن الوضع التنموي في مصر والتنسيق بين الخطط والمشروعات التنموية التي تنفذ على المستوى الوطني والمحلي بما يعظم العائد على المجتمع.
وأكد بدر، إيمان وزارة التخطيط بأن المسئولية المجتمعية للشركات تعكس التزامها تجاه البيئة والمجتمع وتظهر التفاعل الإيجابي بين القطاعات كافة؛ لتحقيق تنمية شاملة وتحسين جودة حياة المواطن، حيث تم إصدار قرار وزاري بتشكيل اللجنة الوطنية للمسئولية المجتمعية لتتكون من ممثلي مجتمع الأعمال والجهات الحكومية والمجتمع المدني، على أن تكون معنية بصياغة استراتيجية وطنية للمسئولية المجتمعية في مصر لتعظيم الاستفادة منها وتوجيهها للمناطق الأكثر احتياجًا من أجل تقليص الفجوات التنموية، مشيرًا إلى تعاون الوزارة مع مختلف الجهات لإعداد تلك الاستراتيجية، لتشجيع الشركات على دمج المسئولية المجتمعية في استراتيجياتها.
وتناول بدر، الحديث حول دور اللجنة المسئولة عن إعداد وتنفيذ استراتيجية المسئولية المجتمعية للشركات في مصر، موضحًا أنها تتولى عددًا من المهام يتمثل أبرزها في تقييم الوضع الراهن وتحديد التحديات تمهيدا لإعداد الاستراتيجية الوطنية للمسئولية المجتمعية للشركات، والتي تعد بمثابة إطار تنظيمي متكامل لحوكمة المسئولية المجتمعية في مصر، مع تعزيز قيام الشركات بمسئوليتها المجتمعية وضمان توزيع تلك الجهود في كافة قطاعات التنمية وأيضاً ضمان استدامتها.
إلى جانب تنويع مصادر التمويل لمشروعات التنمية التي تستهدفها الدولة، وعمل قاعدة بيانات وحصر للمشروعات التنموية التي يتم تنفيذها سنويا من قبل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ضمن المسئولية المجتمعية للشركات وربطها بأهداف التنمية المستدامة بهدف تحديد الفجوات والاحتياجات وتوجيه شركاء التنمية نحوها، فضلًا عن وضع حزمة من الحوافز الإجرائية والمالية والتقديرية لتشجيع الشركات على المشاركة أو زيادة حجم مشاركتها في المسئولية المجتمعية، وإعادة النظر في الإطار التشريعي الخاص بالمسئولية المجتمعية للشركات.
وأكد السفير هشام بدر، أن التعاون والعمل الجماعي بين جميع الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية هو حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة كونها مسئولية مشتركة بين قطاعات المجتمع المصري كافة، إلى جانب الدور المهم الذي يلعبه القطاع الخاص في المساهمة في الارتقاء بمستوى المجتمعات التي يعمل في ظلها من خلال مبادرات المسئولية المجتمعية.