طيب القلب .. يتسم بالصراحة والوضوح .. إلى حد البساطة المتناهية .. وقد يبدو أحيانا شديد الجهامة والفظاظة عكس تلك السماحة التى تغلف كيانه.. ويعود هذا الوجه العابر إلى ذلك التوتر المحفور على خلاياه.. بحثاً عن الاجادة والانجاز السريع.. لأنه مثالى فى العمل.. لا يرضى بأنصاف الحلول .. وفى سبيل الجودة والإتقان .. قد يتملكه الغضب أحيانا- ولكنه سرعان ما يصفو ويعود إلى طبيعته السمحة والمرحة أيضا.. لأنه شخصية محببة.. ينفذ إلى القلب .. لا تفارقه الابتسامة والقفشة الساخرة.. معطاء يمد يده إلى الجميع.. يبذل أقصى ما يستطيع .. بل فوق ما يستطيع.. محب يأبى أن تسكنه الكراهية.. وإذا ما تسللت بعض من تلك الكراهية إلى زاوية بعيدة فى نفسه.. فسرعان ما تذوب وتتلاشى .. أمام ذلك الحب المتدفق للكون وللإنسانية .. مقدم على الحياة محب لها.. عنيد فى مقاومة صدماتها.. يتلقى الصدمة.. التى يظن من حوله أنها النهاية.. لكنه ينتفض بكل العناد.. ليواصل طريقه.. فطموحاته لا تحد.. وأحلامه عملاقة.. تتلخص فى حتمية أن يترك علامة وبصمة واضحة المعالم على جدران الثقافة المصرية. واستطاع أن يحقق حلمه .. بما يمتلكه من رجاحة العقل والذكاء الاجتماعى.. مع موهبة إبداعية ونقدية شديدة التميز.. يعرف أهدافه.. ويخطط بدقة شديدة لتحقيق تلك الأهداف.
إنه محمد سمير جابر سرحان (د. سمير سرحان) .. والذى لم يعرف أن اسمه محمد إلا عند دخوله المدرسة الابتدائية.. حيث كان الجميع ينادونه سمير .. وقد أصر والده عند ولادته أن يسميه محمداً.. وأصرت الأم على تسميته سمير .. واتفقا على أن يكون الاسم المركب محمد سمير هو الذى يرضى الطرفين.
ولد سمير سرحان فى الخامس من ديسمبر 1941.. فى منطقة تحمل كل سمات مصر الشعبية والتاريخية والدينية.. وذلك بالقرب من ميدان باب الخلق.. وبالقرب من شارع محمد على .. شارع الموسيقيين والعوالم والفرق النحاسية الشعبية مثل حسب الله وغيرها .. وينتهى الشارع بمسرح الأزبكية (المسرح القومى) .. وسور الأزبكية الشهير ببيع الكتب فى ميدان العتبة .. وفى الناحية الأخرى شارع تحت الربع .. أعرق شارع فى مصر الإسلامية.. والذى كان أيام محمد على يضم صناع السلاح والحدادين والمهنيين .. والذى ينتهى بجامع الحاكم بأمر الله .. حيث شهدت مصر الفاطمية أوج مجدها.. وقد كتب سرحان بعد سنوات طويلة من مولده مسرحية (ست الملك) عن الحاكم بأمر الله.. مستلهماً طفولته فى هذه المنطقة.. وتم تقديم المسرحية على المسرح القومى.. بطولة نور الشريف وسميحة أيوب وإخراج عبدالغفار عودة.
وقد عمل هذا المكان بكل عبقه الدينى والتاريخى على تشكيل تكوينه النفسى والوجدانى .. وخاصة شارع الخليج .. الذى يمتد من قبل دار الكتب بباب الخلق حتى مسجد السيدة زينب.. ويضم مدرستين عريقتين .. مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية والتى التحق بها فى المرحلة الابتدائية.. ومدرسة الخديوية الثانوية.. وهى إحدى المدارس العريقة فى تاريخ التعليم المصرى الحديث.. وكان سمير سرحان أحد طلابها البارزين .. كما كان شارع الخليج يضم عدداً كبيراً من المكتبات الشهيرة.. التى تبيع الكتب القديمة والحديثة.. وأشهرها مكتبة الآداب .. التى نشرت كل أعمال توفيق الحكيم وغيره من كبار الكتاب.. وينتهى هذا الشارع المهم بالصرح الدينى مسجد السيدة زينب.. الذى يتوسط الميدان الشهير .. ليضم شارع الخليج كل قيم التعليم والثقافة والدين .. وكان البيت الذى ولد فيه سمير سرحان يقع فى مواجهة دار الكتب.. وهذه الخريطة ليست مكانية فقط.. ولكنها خريطة وجدانية من الطراز الأول.. وقد قرأ الفتى فى طفولته كثيراً فى دار الكتب حيث تكونت ثقافته الأولى.. ونمى بداخله الكثير من الوعى الدينى والتاريخى.. من خلال ارتياد المساجد الكبيرة مثل السيدة زينب والحاكم بأمر الله .. وأيضا ارتياد الأماكن التاريخية مثل سور القاهرة القديمة .. وباب النصر وباب زويلة حيث يتحول المكان إلى فكر وثقافة وسلوك.. وعناصر حضارية تسكن الوجدان .. عملت على تشكيل الإطار المرجعى عند المبدع والمثقف سمير سرحان.
عرف الفتى سمير سرحان الطريق إلى مقاهى المثقفين فى سن مبكرة جدا فذهب أولا إلى مقهى عبدالله فى الجيزة .. ليجلس فى حضرة أدباء ومثقفين .. عاشوا ودرسوا وكتبوا من الحياة الشعبية المصرية والموروث الشعبى.. مثل زكريا الحجاوى وأحمد رشدى صالح - نجيب سرور - د. عبدالقادر القط - د. لويس عوض - صلاح عبدالصبور - أنور المعداوى - أحمد عبدالمعطى حجازى - رجاء النقاش ومحمود السعدنى .. الخ .. وفى المدرسة الثانوية شارك فى فريق المسرح.. وجسد شخصية نابليون بونابرت.. وتقمص الشخصية تماما .. ولكنه ترك التمثيل ليولد الكاتب المسرحى بعد ذلك من ضلع الممثل.
وفى السادسة عشرة من عمره انتهى من تأليف أول كتاب بعنوان (سبعة أفواه) .. وربما يشير هذا العنوان إلى أسرته .. التى كانت تعيش فى درجة أقل من المتوسطة .. ومكونة من الأب والأم وخمسة أبناء .. وذهب الفتى الصغير بكتابة إلى دار الفكر العربى .. واحدة من أكبر دور النشر المصرية والعربية .. وقدم كتابه لصاحب الدار.. فأشترط عليه وجود مقدمة لواحد من كبار النقاد حتى يجازف بنشر الكتاب.. فعاد سمير سرحان إلى مقهى عبدالله وقدم الكتاب إلى الناقد الكبير أنور المعداوى .. والذي قال له لو أعجبني ما كتبته سأكتب المقدمة.. وبعد أسبوع كان المعداوى قد انتهى من كتابة المقدمة .. وحصل سرحان على 12 جنيها مكافأة نشر هذا الكتاب.. سارع بإعطائها إلى أمه التى كانت فى أشد الاحتياج لهذا المبلغ من أجل مسئولية أولادها الخمسة.
وفى السادسة عشرة من عمره دخل الجامعة.. وأختار كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية .. وأثناء الدراسة قرر أن يعمل صحفيا .. وتم تكليفه بعمل موضوع عن رحلة صيد البط فى بحيرة قارون.. فعاد من الرحلة مقرراً اعتزال الصحافة.. لأنها لا تلبى ما بداخله من إبداع أدبى .
حصل على الليسانس بتفوق كبير عام 1961 .. ولكن أحد المعيدين جعله يفقد الأمل فى التعيين بالجامعة.. فقبل العمل بالتدريس لمساعدة أسرته.. وذهب إلى إحدى المدارس الثانوية فى مجاهل الريف.. لتتوالى عليه الصدمات ففى اليوم الأول عرض عليه مدرس أول اللغة الإنجليزية أن يشاركه فى شراء بقرة.. كما عرض عليه الزواج من ابنته .. وقبل أن ينتهى اليوم كان يقف فى حوش المدرسة .. وفوجىء بالناظر ينهال على ظهره بالعصا صائحا لماذا لم تدخل فصلك يا ابن .. ظنا منه أنه أحد الطلاب.. ولم ينقذه إلا المدرس الأول .. وعلى الفور قرر تقديم استقالته من وظيفة لم يمارسها بعد ..
أرسل إليه د. رشاد رشدى رئيس قسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة .. وعند ذهابه إلى الكلية قابل صديقه محمد عنانى الذى تم تعيينه معيداً.. ونصحه عنانى بعدم لقاء د. رشدى.. حيث سمعه يقول (سمير شيوعى ولن يتم تعيينه مهما كان تفوقه).. وكانت المفاجأة أن د. رشاد رشدى قد سافر إلى لندن فى أجازة الصيف.. فقرر سمير سرحان أن يرسل إليه رسالة طويلة .. تحمل رؤية نقدية حول مسرحيته (الفراشة) .. وبعد شهر وصله خطاب من د. رشدى أول جملة فيه (ولدى الحبيب) .. وتطورت العلاقات بينهما بعد أن تم تعيين سمير سرحان معيداً .. وفيما بعد ستصبح هذه العلاقة بين الدكتور رشدى وتلميذه أكبر المآخذ التى أخذها المثقفون على د.سرحان .
بدأت مواهبه الإبداعية تتفجر بعد حصوله على الليسانس.. وراح يكتب أولى مسرحياته وهو يعد رسالة الماجستير .. وبعد الحصول على الرسالة حصل على بعثة لنيل الدكتوراه من جامعة اندريانا الأمريكية .. والتقى بزوجته الأولى الكاتبة المسرحية نهاد جاد فى هذه الجامعة.. حيث ذهبت للدراسة .. إلى جانب كونها صحفية بمجلة صباح الخير .. وقد عاملته فى البداية بجفاء شديد .. ثم صارا صديقين .. وفسرت له سبب الجفاء الأول .. والذى جاء من د. يوسف إدريس الذى ذهب إلى أمريكا - وعند عودته حذرها من التعامل مع كل الدارسين المصريين .. وخاصة سمير سرحان .. وفسر لها سرحان سبب هذه الموقف الغريب من إدريس .. الذى أصدر مسرحيته الفرافير .. وتمت ترجمتها إلى الإنجليزية .. وتلقى دعوة من الجامعة الأمريكية لإلقاء بعض المحاضرات .. وقبل وصوله قدم سمير سرحان المسرحية لواحد من كبار أساتذة الدراما فى قسم المسرح بالجامعة .. فلم يرى فيها سوى عمل ساذج .. وعندما التقى د. يوسف إدريس أخبره برأى الأستاذ الأمريكى قثار ثورة عارمة .. وأخذ هذا الموقف من سرحان .. واستطاع سمير سرحان الحصول على درجة الدكتوراه.. ليعود إلى مصر فى عام 1968 مدرسا فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية آداب القاهرة .. وسرعان ما ذهب إلى المملكة العربية السعودية .. ليعمل أستاذاً للأدب الإنجليزى فى جامعة الملك عبدالعزيز فى مدينة جدة .. وكان معه صديقه د. عبدالعزيز حمودة .. وترأس الجامعة زميلهما فى الدراسة بأمريكا د. محمد عبده يمانى.. الذى تولى وزارة الإعلام السعودية فيما بعد .. وعمل د. سرحان بجامعة الملك عبدالعزيز لمدة أربع سنوات .. كتب خلالها مسرحية باللهجة السعودية بعنوان (يارويكب) عن رحلة الحجيج من جدة إلى مكة .. ولكنه بعد ذلك أسقط هذه المسرحية من قائمة إبداعاته .. وعاد إلى مصر ليواصل تفوقه وترقياته .. ليصبح رئيساً لقسم اللغة الإنجليزية وآدابها فى عام 1979 .. واستطاع من خلال تفوقه وإبداعه أن يلفت أنظار وزير الثقافة الأسبق منصور حسن .. والذى طلب من د. حسين نصار رئيس أكاديمية الفنون فى ذلك الوقت أن يتولى د. سرحان عمادة معهد المسرح .. وصدر القرار الذى أستقبله أساتذة المعهد والأكاديمية بكثير من الحساسية .. نظراً لتخطيهم فى تولى منصب العمادة .. فاستشعر د. سرحان الحرج من هذا الوضع.. واكتفى بعام دراسى واحد .. اعتذر بعده وعاد إلى جامعة القاهرة .. ليلتقى بعد أسابيع قليلة بوزير الثقافة الجديد محمد عبدالحميد رضوان.. مصادفة فى مسرح السلام والذى حدد له موعداً فى اليوم التالى مباشرة .. وعندما ذهب سرحان إلى مبنى وزارة الثقافة .. فوجىء بالوزير يعرض عليه أن يختار المكان الذى يريد أن يترأسه فى مؤسسات الوزارة .. وكانت المفاجأة كلبرة للوزير عندما أختار سرحان هيئة الثقافة الجماهيرية .. فالرجل أستاذ للأدب الإنجليزى و (شكله خواجة) ورغم ذلك وافق رضوان ليتولى سرحان أمر أهم هيئات الوزارة لمدة أربع سنوات من (82- 1985) .. لتظهر جلية قدرات سمير سرحان فى مجال (الإدارة الثقافية).. والأهم فهمه لطبيعة الدور الاستراتيجي التى تقوم به الثقافة الجماهيرية .. ذلك الدور الذى وضع رؤيته الزعيم جمال عبدالناصر فى عام 1958 ، عندما قام بتكليف د. ثروت عكاشة بتولى وزارة الثقافة لأول مرة .. فعمل د.سرحان على نشر الثقافة فى كل أقاليم مصر كما عمل على تقديم إبداعات الاقاليم فى قلب القاهرة.. فأهتم بالقوافل الثقافية وأقام لأول مرة مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم.. والذى يعقد بشكل سنوى حتى الآن.. وقام بتنظيم أهم حدث مسرحى فى تاريخ مصر المعاصر عندما قام بتنظيم مهرجان المائة ليلة مسرحية وأتى بكل الفرق المسرحية من المحافظات المختلفة لتقدم عروضها على مسرح السامر فى قلب القاهرة.
وبعد هذا النجاح الكبير فى إدارة الثقافة الجماهيرية صدر القرار الجمهورى بتعيين د. سمير سرحان رئيسا للهيئة العامة للكتاب عام 1985 وقد سبقه إلى هذا المنصب عدد من الأسماء الكبيرة (د.سهير القلماوى- د.محمود الشنيطي- سعد الدين وهبة- صلاح عبدالصبور- د. عزالدين اسماعيل) وقد ذهب سرحان إلى هيئة الكتاب بعد أن أصبح أحد كبار المثقفين والأكاديميين.. فى الحياة الثقافية والجامعية المصرية.. وقد تولى أيضا فى ذات الوقت دار الكتب ..
وقد أنطلق د.سرحان إلى العمل الثقافى العام من منظور.. أن الاستاذ الجامعى يجب ألا يقصر نشاطه داخل أسوار الجامعة على التدريس والبحث فقط فعليه أن يمتزج امتزاجا شديدا بحركة المجتمع وأن يكون جزءً من هذه الحركة.. حتى لا يصبح مثل الشجرة العقيم.. التى لا تنبت أى ثمار وانطلق أيضا إلى العمل العام الثقافى من مفهوم خاص للمثقف الحقيقى والذى يتحمل مسئولية مساءلة القيم.. لأن الثقافة هى خلاصة الروح.. والفنان الحق هو ضمير هذا العالم.. وهذا لا ينفى أن المثقف هو الانسان.. الذى يظل على خلاف دائم مع مجتمعه استشرافا لمستقبل أفضل وإذا توافق المثقف مع المجتمع توقف عن الحلم ليصبح بلا رؤية محددة أو موقف .. لأن المثقف ليس مجرد مجموعة المعارف التى يحشو بها رأسه فالدور الحقيقى للثقافة والأدب هو الدعوة إلى التغيير للأفضل.. ودعوة للخلاف مع الواقع بحثا عما هو أفضل للمجتمع وللإنسانية بشكل عام.
ومن هذا المنطلق جعل سمير سرحان سياسته فى إدارة هيئة الكتاب ترتكز على تعدد الاتجاهات الفكرية وضرورة إعطائها جميعا الفرصة للتعبير عن نفسها فى حيدة تامة دون مصادرة لأحد لا على المستوى الشخصى أو المستوى الفكرى ولم يكن سمير سرحان منتميا إلى تيار سياسى بعينه ويحسب له أنه ذهب إلى أمريكا وعاد من دون أن يتحول إلى (موظف علاقات عامة) يعمل على الترويج للنموذج الأمريكى حيث سار على درب الكبيرين د. أسامة الباز ود.عبدالوهاب المسيرى ورغم ذلك كان سمير سرحان متهما خاصة من وجهة اليسار- بأنه (يمينى) وذلك لأنه تلميذ د.رشاد رشدى وقد كان د. رشدى مستشارا للرئيس السادات لشئون الأدب والفن وهو الذى كتب كتاب (البحث عن الذات) وترجمة إلى الانجليزية د. محمد عنانى وكان سرحان يدين بكثير من الفضل والامتنان لأستاذه رشاد رشدى ويرى فيه المعلم الاستاذ والصديق والأب الذي فتح امامه عوالم الإبداع والجمال فهو الذى احتضنه منذ بداية عمله الأكاديمى ومنحه فرصة العمل فى مجلة المسرح مع زميله محمد عنانى.. وكان يرى فى الدكتور رشدى النموذج الاعظم لأستاذ الجامعة الذى يمتلك القدرة على صناعة تلميذ بمعني كلمة تلميذ وكان يؤمن بالاختلاف ويرفض التلقين ودفع طلابه إلى عالم البحث ومتعة الاكتشاف ورغم كل هذا ارتضى د. رشاد رشدى أن يكون دائما على يمين السلطة ولذلك كان مرفوضا من الغالبية العظمى للمثقفين وانسحب هذا الرفض فى الموقف من سرحان فى بداية توليه مسئولية هيئة الكتاب إلى أن اثبت أنه ليبرالى يؤمن بالتعددية يحترم اليسار ويحترم اليمين ما دام كل منهما يتسم بالموضوعية ويرفض فقط تشدد التيار الدينى وقد لا يعلم الكثيرون أن سمير سرحان قد انتمي فى بداية حياته إلى جماعة الإخوان وتدرب معهم على استخدام السلاح فى الجبل الأصفر وسرعان ما تركهم رفضا لتوجهاتهم ثم دخل حركة (حدتو) الشيوعية على يد عبدالمنعم صبحى مدير تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون الأسبق .. وسرعان ما تركها هى الأخرى ليصبح أقرب ما يكون إلى (المثقف التكنوقراط) الذى يتسم بكثير من الليبرالية وإذا كان أستاذه رشاد رشدى يمينيا فقد تتلمذ أيضا على يد د. محمد مندور اليسارى د.لويس عوض اللبيرالى وانطلاقا من كل هذه الخبرات والمعارف استطاع تحويل هيئة الكتاب من مؤسسة حكومية إلى مركز إشعاع حضارى ونافذة لكل صاحب قلم وفكر أيا كان هذا الفكر وهنا يكمن الفرق الشاسع بين الثقافة كمهمة إبداعية وبين كونها مجرد وظيفة فالمهمة الإبداعية تجعل صاحبها يمتلك بصيرة ثقافية ملهمة واتساعا فى الرؤية يجعله لا يضع الحواجز بين المثقفين ولا يصنفهم إلى مؤيدين للنظام ومعارضين وقد وضع سمير سرحان أساسا ثابتا للنشر لكل الكتاب والأدباء فقيمة الكتاب هى التى تحدد أولوية النشر والاختيار ومن هذا المنطلق كان الرجل يرحب بالخلاف الفكرى الحقيقى ويرفض الهجوم الشخصى الذى يهدف الى الابتزاز وكان يرد على مثل هؤلاء قائلا (اشعر أني خدمت كل الناس فى مصر من المبدعين والمثقفين والمفكرين ونسيت شخصا واحدا هو أنا) حيث رفض أن ينشر كتبه ومسرحياته ضمن مطبوعات الهيئة وقد أنجز الكثير للحياة الثقافية المصرية على حساب إبداعه الشخصى انطلاقا من معرفته لمعاني الثقافة وأقدار المثقفين وقد أدى انغماسه فى العمل العام الثقافى إلى خسارة إبداعه الذاتى فى المسرح والادب واستحق مقابل ذلك أن يحمل لقب ساحر الإدارة الذى عمل تطوير مطابع هيئة الكتاب وتطوير دار الكتب وإنشاء دار الوثائق المصرية كما عمل على تعدد سلاسل النشر فى الهيئة لتستعيد القاهرة مكانتها كعاصمة للنشر العربى كما كانت دائما .
واستطاع أن يقفز بمعرض القاهرة الدولى للكتاب قفزات عملاقة فإذا كاد د.ثروت عكاشة هو الأب الروحي للمعرض ود.سهير القلماوي هى الأم التي ولد على يديها هذا المعرض..
فالدكتور سمير سرحان هو الأب الشرعي لهذا المعرض بعد أن نجح فى تحويله من مجرد سوق للكتاب إلى أكبر وأهم ملتقى ثقافي عربي ونموذج يهتدي به في النجاح دفع غالبية الدول العربية إلى تطوير معارض الكتب التى تنظمها ولكن ظل معرض القاهرة الدولي هو العرس الثقافي الكبير الذى يقدم إلى جانب الكتاب الندوات الفكرية والأمسيات الشعرية والغنائية والمسرحيات والأفلام وكان حريصا على استضافة كبار المفكرين والشعراء والأدباء فى ندوات عامة نذكر من هؤلاء الكبار (محمد حسنين هيكل- نزار قبانى- محمود درويش- أدونيس -الطيب صالح- عبدالوهاب البياتي.... إلخ) ويكفى للتدليل على نجاح تلك الندوات ما قاله نزار قباني (هذا الجمهور جعلني أولد من جديد) ومن بين أكثر من أربعمائة معرض كتاب فى العالم احتل معرض القاهرة المرتبة الثالثة بعد فرانكفورت وموسكو ثم أصبح فى المرتبة الثانية بعد فرانكفورت حيث تحول هذا المعرض إلى مهرجان ثقافى حضاري يحتفل بمكانة القاهرة كعاصمة ثقافية دولية كما استطاع معرض الكتاب على يد سمير سرحان تحويل مصر إلى كعبة للمثقفين العرب الكبار فى عودة رائعة لما كانت عليه الثقافة المصرية فى الخمسينيات والستينيات والتى تراجع دورها العربى بعد القطيعة مع العرب نتيجة اتفاقيات كامب ديفيد ومن أهم أسباب تلك العودة العربية إلى أحضان الثقافة المصرية ذلك الشعار الذي رفعه سمير سرحان (على جثتي أن تشارك إسرائيل فى المعرض) ليعيد معرض الكتاب مصر لتكون مرة أخرى القلب الثقافي النابض للوطن العربى وكان الكيان الصهيونى قد شارك لمرة واحدة عام 1981 بضغوط هائلة من السادات على صلاح عبدالصبور وكانت هذه المشاركة سببا فى الهجوم الشرس على عبدالصبور.. ذلك الهجوم الذى أدى إلى اصابته بأزمة قلبية حادة ووفاته.
كانت الثقافة على قمة اهتمامات الزعيم جمال عبدالناصر واستطاعت القوة الناعمة المصرية التأثير فى محيطها العربي والإقليمي وكانت مصر الدولة الأكثر اصدارا للكتب خلال فترة الخمسينيات والستينيات وبعد فترة التراجع الثقافي خلال حكم السادات كتب توفيق الحكيم مقالا عن مشروع مكتبة الأسرة.. وظلت هذه الفكرة أمنية لدى غالبية المثقفين حتى ولدت فى 1994 خلال مهرجان القراءة للجميع واستطاعت مكتبة الأسرة أن تحقق نجاحات عملاقة لسببين الأول أنها كانت تصدر تحت رعاية حرم الرئيس مبارك والآخر الإدارة الحكيمة لهذا المشروع من قبل د.سمير سرحان والذى أنقذ ملايين القراء من نيران (الغلاء الثقافى) بعد أن تولد عن ذلك الغلاء أزمة ثقافية كبيرة أوشكت أن تقضي تماما على قدرة شراء الكتب عند عشاق الثقافة والمطالعة والمتابعة الفكرية وقد نجحت مكتبة الأسرة فى نشر آلاف العناوين تضمنت العديد من الموسوعات مثل (قصة الحضارة تأليف ول ديورانت- مصر القديمة تأليف سليم حسن- وصف مصر تأليف علماء الحملة الفرنسية - دائرة معارف الطفل....الخ).
كما أصدر أول دائرة كاملة للمعارف الإسلامية وقاموس المسرح وأمام هذا النجاح المبهر لمشروع مكتبة الاسرة.. طالبت منظمة اليونسكو بتعميم هذه التجربة فى كل دول العالم الثالث وقد أنصف مشروع مكتبة الاسرة المبدعين والكتاب معنويا وماديا حيث تم النشر لكل صاحب إبداع أو فكر حقيقى وقد نشرت شخصيا ستة كتب فى هذا المشروع التنويرى الرائد رغم أنى لم أكن من المقربين من د.سمير سرحان وعندما كتبت مقالا يؤكد أن هذا المشروع يعمل على إحداث التوازن النفسى لدى المواطن المصرى ففى ظل غلاء الأسعار الذي يجعل غالبية المواطنين يعجزون عن شراء ما يشتهونه يأتي هذا المشروع ليجعل المواطن يشتري أهم وأغلى سلعة وهى الثقافة والكتب بجنيهات قليلة وعندما كتبت ذلك فؤجئت بالدكتور سمير وقد أرسل الموضوع إلى التلفزيون لتتم قراءة غالبيته فى أحداث 24ساعة وهى نشرة إخبارية متخصصة.
وقد نجح د.سمير سرحان فى تبوأ هذا الموقع الثقافي الرفيع وهو موقع ملئ بالمشاكل الضاغطة حيث يطلب الجميع ممن يتولاه تقديم حلول سحرية لمطالبهم ومشاكلهم ولكن الرجل كانت لديه قوة الأعصاب والقدرة على الصبر واحتمال النقد ورحابة الصدر وطول البال والابتعاد التام عن الاستسلام عند ردود الفعل العنيفة أو الدخول فى عداوات.. حتى ضد الذين يعلنون الحرب عليه.. رغم أنه كان يعيش حالة دائمة من القلق الداخلى للفنان.. وقلق الباحث والإدارى.. ولم يمنعه هذا القلق من أن يضع أمامه أهدافاً ويسعى إلى تحقيقها.. من خلال العمل الدؤوب والمستمر.. وكم تحمل الكثير من النقد القاسى.. مثل ما أطلقه عليه الناقد فاروق عبدالقادر (قائد مارينز الثقافة المصرية).. أو ما كان يتردد كثيراً عن أنه (رجل السلطة).. وكان يرد على ذلك قائلاً (أنا رجل السلطة الثقافية القوى.. ولست رجل السلطة السياسية.. والسلطة الثقافية يحملها كل صاحب قلم فى الإبداع والصحافة).. وفى هذا الإطار كان يقول أيضاً (السياسى يجب ألا يقود المجتمع بمعزل عن المثقف والفنان.. فالسياسة متغيرة.. والفكر والأدب ثابت.. وهذا الثابت يجب أن يقود المتغير)..
وهناك أيضاً الكثير من الانتقادات التى طالت شخص وأداء د. سمير سرحان.. ومنها قبوله العمل كمستشار لدار سعاد الصباح للنشر.. وإصداره كتاباً بعنوان (شمس الدين الفاسى.. قطب الصوفية فى القرن العشرين).. وقد أثير لغط كثير حول الفاسى.. وبالطبع كان على د. سرحان ألا يتورط فى هذين العملين.. ومن الانتقادات الطريفة والغريبة التى تعرض إليها أنه كثير السفر والترحال.. والحقيقة أن سمير سرحان لم يكن إلا (تذكرة سفر دائمة).. السفر لديه ليس انتقالاً فقط فى المكان.. ولكنه انتقال فى الوجدان.. رحلة داخلية إلى عالم جديد ومثير يلهب الخيال.. ويثرى الروح ويغير رتابة الأيام العادية.. ويغسل ما قد يترسب فى الوجدان من أحزان أو أشجان.. ويضيف إلى العقل ما قد يكون قد اكتشفه الآخرون من معارف جديدة.. كما أن السفر شوق ولوعة إلى الوطن وترابه.
وبعيداً عن البصمة شديدة التميز.. التى تركها سمير سرحان فى عالم الإدارة الثقافية.. فقد كان (سبيكة مواهب وقدرات).. فهو الأستاذ الجامعى.. والناقد الأدبى.. والمترجم.. والباحث.. والكاتب المسرحى.. إلخ.. وتتوهج مواهبه ليلاً.. لأنه كائن ليلى.. يعشق الليل لأنه الوقت الذى يدعو إلى التأمل.. بعد عناء يوم طويل.. وهو الواحة التى يركن الإنسان إليها.. بعد يوم ملئ بالأنواء والمشكلات والعذاب والعمل الشاق.. وهو الفرصة السانحة للقراءة والتأمل والجلوس مع من تحب.. كما كان يرى فى أن الليل أكثر رقة وعذوبة من النهار.. فالنهار غابة الحياة.. التى ينهش فيها الناس بعضهم بعضاً.. والليل هو واحة الحياة.. حيث موسيقى الكون والأفلاك والنجوم.. تعزف داخل الروح لحن الخشوع لقدرة الله وجمال الكون.
وتتسم كتابات د. سمير سرحان بالحس الساخر والكوميديا..والثقافة الشعبية.. كما يمتلك عقلاً مرتباً وحساً نقدياً.. ويستخدم المفارقة التى تعمل على توالد السخرية.. ولذلك فهو دائماً الساخر الضاحك الناقد.. عكس ما كان البعض يرى أنه إنسان فظ ثقيل الظل.. بينما العكس هو الصحيح.. حيث كان محباً للنكتة والقفشة والضحكة الصافية.. ويؤمن بأن الحياة قد وهبت لنا لنملأها عملاً وإبداعاً.
وقد أبدع عدداً محدوداً من الأعمال المسرحية.. ولكنها أعمال شديدة التميز تم تقديمها على المسرح من خلال كبار المخرجين والممثلين.. وقد بدأ إبداعه المسرحى بمسرحية (ملك يبحث عن وظـيفة) عام 1972.. وتم تقديمها على مسرح الحكيم من إخراج أحمد عبدالحليم.. ثم مسرحية (ست الملك) عام 1978.. ثم (امرأة العزيز).. التى أخرجها كرم مطاوع عام 1982.. وقام ببطولتها سهير المرشدى وأمين الهنيدى وسمير حسنى.. ثم مسرحية (الكذب) كما اشترك سمير سرحان مع صديقه د.محمد عنانى فى كتابة عدة مسرحيات توثيقية أهمها (طه حسين 1979 – محمد فريد 1980 – صباح الخير يا وطن (على مبارك) 1993 – رحلة التنوير 1999).. وقد شغلته الأعمال الإدارية عن إنجاز مسرحيته (عصا موسى).. التى خطط لها.. وكتب بعض أجزائها ولكنها لم تخرج إلى النور.
كما أنجز العديد من الكتب فى النقد المسرحى (تجارب جديدة فى الفن المسرحى – دراسات فى المسرح الإنجليزى – دراسات فى الأدب المسرحى – نحو مسرح فقير تأليف جروتوفسكى – النقد الموضوعى – الشعوب كمان تضحك – الشعر والأخلاق – فصول فى النقد الأدبى – مبادئ علم الدراما) كما قام بترجمة العديد من المسرحيات مثل إيفيتا تأليف تيم رايس – ومسرحيات تشيكوف ويوجين يونسكو – البؤساء تأليف فيكتور هوجو - شبح الأوبرا – كما أنجز عدة كتب فى مجال الكتابة الفكرية والسيرة الذاتية.. منها كتابان يمثلان سيرته الذاتية (على مقهى الحياة 1998 - أيام العمر الجميل 2003).. وعدة كتب أخرى منها (حرب الثقافة – صعود وانهيار إمبراطورية الأخلاق – حكاية أولا حارتنا – مصر بين الدولة الدينية والمدنية).. كما أبدع عدة قصص قصيرة شهد النقاد بمستواها المتميز ومنها (دفتر التليفون – قهوة الصباح).. وكانت إبداعاته تنطلق من إيمانه بأن داخل كل كاتب (حكاء).. يريد أن يحكى.. والقصة القصيرة تحديداً.. حكاية أو قصة من الحياة.. بينما الكتابة للمسرح.. تتطلب تكنيكاً وصنعة أكثر تعقيداً من القصة أو الشعر.. ولذلك كانت مقولة د. سرحان (عندما أعجز عن التركيب الدرامى.. أتحول إلى التركيب القصصى).. وقال أيضاً (عندما أكتب للمسرح أكون شاهداً على عصرى).. كما كان يدعو كتاب المسرح إلى البحث عن لغة جديدة.. تختلف عن اللغة الواقعية.. التى كانت سائدة فى مرحلة الستينات.. وذلك بعد سيطرة الإعلام المرئى والبث المفتوح.. وبعد أن تحول المسرح فى السبعينات إلى مسرح النجم المضحك.. كما أن المسرح فن مركب يحتاج إلى تفرغ ذهنى ووجدانى كامل.. وعندما توقف عن الكتابة المسرحية.. استمر فى كتابة المقال الأدبى والكتب النقدية.. ويجد القارئ فى مقالاته.. الفكر الراقى والفن الرفيع.. حيث يجمع بين الواقع المعاش والثقافة المكتسبة من قراءاته الموسوعية.. التى جعلته يقف على أهم الروافد المتنوعة.. وشديدة الثراء فى الثقافة المصرية.. بجميع روافدها (الصحراوية – البدوية – الريفية – الساحلية).. كما خالط مبدعى الأقاليم.. وإذا كان الإدارى الناجح قد طغى على المبدع الموهوب عند سمير سرحان.. فقد عاش الرجل طوال حياته صاحب رؤية حقيقية فى الثقافة المصرية والعربية.. جعلته يؤكد على أن التقدم يضعه العلماء والمثقفون والمتعلمون.. وأصحاب الخيال.. ولا تصنعه الأموال.. ولذلك فإن إندثار الطبقة الوسطى.. أدى إلى إنحسار موجة الإبداع الحقيقى فى معظم الفنون والآداب.. وكان دكتور سرحان فى طليعة المحذرين من غياب العقل العربى العام.. أو الثقافة العربية الواحدة.. التى يمكن أن تكون فاعلة ومؤثرة فى بناء المجتمع العربى.. وظل يدعو طوال الوقت إلى تكوين موقف عربى موحد إزاء الثقافات الأخرى.. التى يستهدف بعضها النيل من الثقافة العربية.. ودعا أيضاً إلى الترويج لثقافتنا بأساليب عصرية.. بأن نضعها فى حوار دائم مع العالم من حولنا.. وذلك بتغيير الأساليب التقليدية.. إلى أساليب جديدة فى مخاطبة الضمير العالمى بالعقلية الغربية نفسها.. حتى لو لجأنا إلى شركات متخصصة فى هذا المجال.. وذلك لأن الإبداع الأدبى فى عصر المعلومات.. لا يستطيع أن يتجاهل ما يدور فى هذا العالم متسارع الإيقاع.. من قضايا اقتصادية وسياسية واجتماعية.. وتيارات عالمية مثل العولمة وغيرها.
وقد كان منصب الوزارة ضمن أحلام د. سمير سرحان على مدى سنوات طويلة - وهو يستحق هذا المنصب عن جدارة – ولكن نجاحات الوزير فاروق حسنى.. ووجود العديد من القيادات اللامعة والتى تستحق هى الأخرى منصب الوزارة مثل د. فوزى فهمى – د. أحمد نوار – د. جابر عصفور.. حالت دون تحقيق حلم الرجل.. الذى رضى بالدور العظيم الذى قام به.. حيث كرس حياته لمهمة نبيلة هى إعادة الكتاب إلى مائدة واهتمامات البسطاء.. وقد نجح فى أن يجعل الكتاب مكوناً مهماً فى حياة المجتمع المصرى.. وللأسف الشديد تراجع هذا الأمر تماماً.. بعد أن حالت القوانين دون استمرار سمير سرحان على رأس الهيئة العامة للكتاب.. ومشرفاً على مشروع مكتبة الأسرة.. حيث خرج من رئاسة الهيئة فى عام 2004 بعد التجديد له لثلاث سنوات بعد سن المعاش.. وقد حزن كثيراً عندما ترك محراب الكتاب.. الذى نذر له كل حياته ومجهوداته.. وأصيب فى ذات العام بسرطان الرئة.. الذى عانى منه لمدة عامين كاملين.. حتى رحل فى عام 2006.. رحل بعد أيام قليلة من فوزه بجائزة الدولة التقديرية.. التى جاءته متأخرة جداً.. ولكن الدور العظيم الذى قام به د. سمير سرحان فى نشر ورعاية الكتاب.. ذلك الدور الذى أعاد توهج القوة الناعمة المصرية التى كانت فى حقبة الستينات والخمسينات.. والتى جعلت مصر الدولة رقم واحد فى إصدار الكتب على مستوى العالم.. ومثل هذا الدور الذى قام به الرجل سيظل محفوراً على جدران الخلود.. ويكفى ما قاله هو عن نفسه (أعتبر نفسى أحد المناضلين الثقافيين .. ويظل جهدى الأهم متمثلاَ فى احترام الكتاب.. واسترداد عشق القراءة إلى البيت المصرى).