أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الرابع للسنة الثانية من "المجلة الدولية للسياسات العامة في مصر".
استعرضت المجلة في هذا العدد، من خلال الباحثين، عدداً من الدراسات منها دراسة بعنوان "دور البنوك المركزية في مواجهة التغير المناخي ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر" للدكتور هبة الباز أستاذ الاقتصاد المساعد ورئيس قسم السياسات المالية والنقدية بمركز السياسات الاقتصادية الكلية، حيث أوضحت الدراسة أنه يمكن لتغير المناخ وما قد يصاحبه من مخاطر أن يؤثر بالسلب على كل من الاستقرار السعري والمالي اللذين تسعى البنوك المركزية سعيًا حثيثًا نحو الحفاظ عليهما، وكذلك قد تؤدي السياسات والإجراءات التي يتم اتخاذها بهدف التحول نحو الاقتصاد الأخضر إلى استحداث أنواع جديدة من المخاطر يمكنها أن تؤثر هي الأخرى على الاستقرار المالي والاقتصادي، ومن ثمَّ يستلزم الأمر أن تأخذ البنوك المركزية في اعتباراتها تلك المخاطر المختلفة وتتحوط منها، حتى تتمكن من الحفاظ على استقرار الأسعار وضمان الاستقرار المالي.
وأشارت إلى أنه يمكن للبنوك المركزية وباستخدام أدوات السياسة النقدية المتنوعة أن تلعب دورًا فاعلًا ومؤثرًا في تشجيع المؤسسات المالية على توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل الاستثمارات الخضراء ودعم التحول الأخضر.
وأضافت أن الدراسة تهدف إلى تحليل الدور الذي يمكن أن تلعبه البنوك المركزية في ضوء التفويض الممنوح لها وباستخدام أدواتها المختلفة في مواجهة تلك المخاطر ودعم التحول الأخضر، بالإضافة إلى استعراض وتحليل أبرز التحديات التي قد تواجهها في ذلك الصدد.
وخلصت الدراسة إلى أن البنوك المركزية تملك العديد من الأدوات التي يمكن أن تستخدمها لمواجهة المخاطر المصاحبة لتغير المناخ ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، لافتة إلى أن حجم الدور الذي يمكن أن تلعبه وطبيعته تظل مرهونة بالتفويض الممنوح لها بموجب القوانين وما قد ينطوي عليه من اختصاصات، وينبغي أن يتم تحديد أبعاد هذا الدور بحذر وذلك حتى لا تؤثر المسؤوليات الإضافية المتعلقة بدعم التحول الأخضر على فعالية البنوك المركزية في تحقيق أهدافها الأساسية.
وانتهت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات جاء من أبرزها، أنه يستلزم الأمر من البنوك في إطار سعيها للحفاظ على الاستقرار السعري أو المالي أن تسعى لتضمين المخاطر المالية التي يمكن أن تتعرض لها النظم المالية من جراء حدوث تغير في المناخ وغيرها من التغيرات البيئية والتي تشمل (المخاطر المادية، ومخاطر التحول، والمخاطر المتعلقة بالمسؤولية) في أطر السياسات الخاصة بها والتحوط منها، كما يمكن للبنوك المركزية تشجيع المؤسسات المالية لتوفير الموارد المالية اللازمة لتمويل الاستثمارات الخضراء ودعم التحول نحو اقتصاديات ذات انبعاثات كربونية منخفضة والحد من تمويل الاستثمارات الملوثة للبيئة.
وأشارت الدراسة إلى أنه ينبغي قبل أية تعديلات في الأطر الرقابية السائدة وضع تصنيف واضح للأصول الخضراء وتحديد المعايير اللازم توافرها في الأصل المالي ليصنف كأصل مالي أخضر، ويفضل للوصول إلى نتائج أفضل المزج بين أدوات البنك المركزي (الخضراء) المختلفة على غرار ما فعله البنك المركزي الصيني، وذلك بدًلا من التركيز على أداة واحدة، ويحدد التفويض الممنوح للبنوك المركزية ملامح وحدود الدور الذي يمكن أن تلعبه في مجال مواجهة تغير المناخ ودعم التحول الأخضر، فالتفويض ذو النطاق المحدود - الذي يحصر دور البنك المركزي في تحقيق هدف الاستقرار السعري أو المالي، دون إسناد أي أهداف ذات صلة بالاستدامة أو الحفاظ على البيئة للبنك - يجبر البنوك المركزية على لعب دور محدود في مجال دعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، بحيث ينحصر دورها في الأساس في مواجهة الآثار السلبية لمخاطر تغير المناخ على كل من الاستقرار السعري والمالي، بينما يمكن للبنوك المركزية، التي تتمتع بتفويض يسند إليها مهمة تحقيق أهداف ذات صلة بالاستدامة والحفاظ على البيئة، أن تستغل أدواتها بشكل أكبر لتوفير التمويل الأخضر ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر.